حسين محيي الدين
الحوار المتمدن-العدد: 3126 - 2010 / 9 / 16 - 20:44
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أنت في العراق ؟ أنت في حالة حرب . حرب دائمة , لا هوادة فيها . صباحك حرب . مسائك حرب . ويومك كله حرب . حرب تعيشها منذ أربعة عشر قرن .يستعر أوارها حينا وتبقى نيرانها تحت الرماد أحيانا . استعملت فيها كل أدوات الحرب من السيف والرمح حتى أسلحة الدمار الشامل وقتل فيها ملايين العراقيين بوسائل شتى الخنق والسم وسمل العيون والإعدام شنقا ورميا وسحلا وموتا جماعيا وفرديا . حرب بين علي ومعاوية وبين الحسين ويزيد ثم تلتها حروب وحروب لا يهم بين من ومن ! لكنها تدور رحاها في العراق ويدفع ثمنها العراقيين الأبرياء وغير الأبرياء . حتى وصلنا إلى مشارف القرن العشرين فاستعرت حرب جديدة تارة بين العراقيين والمحتل وأخرى بين العراقيين أنفسهم وثالثة بين العراق وجيرانه . شيعة وسنة عرب وأكراد مسلمين ومسيحيين قوميين وشيوعيين علمانيين وإسلاميين . من يختبئ وراء كل تلك الحروب والمجازر ؟؟ التعصب الديني والتعصب القومي وراء كل تلك الحروب . هذا يدعي أن الحق معه وذلك يعتقد بأنه لا يحيد عن الحق حتى أصبح العراقيين ينتحبون على هذا وذاك . غنائهم بكاء ورقصهم بكاء أعيادهم بكاء وكل شيء عندهم بكاء .
في رمضان المنصرم لبيت كل الدعوات الرمضانية في مجالس وندوات . الحديث لا يدور إلا عن الحرب . يختلف الناس حول مسبباتها ولا يعون مخلفاتها . متشنجين متوترين وكأنهم جزء من كل تلك الحروب التي دارت رحاها على ارض العراق منذ فجر الإسلام وحتى أفول فجر الاحتلال يعيشون في الماضي وكأنهم قادة فرق وفيالق لتلك الحروب كل متعصب إلى مذهبه أو دينه أو قوميته . حاولت أن أطرح موضوع جديد لعلنا نخرج نفسيا من أزمات كل تلك الحروب . وما خلفتها من دمار شامل في عقول ونفوس العراقيين فقلت (( ليست هنالك حروب عادلة وكل من ساهم فيها جانبه الصواب )) فلنترك الماضي ونصنع مستقبلنا بأيدينا في ظل السلام أو على الأقل لنعيش حالة من اللاحرب وإلا سلم . ثم نبني سلام دائم بين أنفسنا أولا وبيننا وبين جيراننا ثانيا وبيننا وبين العالم أجمع . استغرب الجميع مثل هذا الطرح . وكان ذلك في ليلة العيد وعندما سئلت كيف ؟ أجبتهم بأن نترك الماضي لأهله ونبتعد عن التعصب الديني والقومي ونحترم الآخر .
وبينما نحن على هذا الحال أفتى أحدهم بثبوت رؤية هلال شوال وأعلن غدا هو يوم العيد وبعد نصف ساعة من الحديث أعلن الأخر أن يوم غد آخر أيام رمضان وأن بعد غد هو أول أيام شوال فنشبت الحرب بين أنصار هذا وأنصار ذاك . وكأن الحرب هي أول خياراتنا والسلم أخر ما نفكر به أذا عرفنا كيف نفكر . فماذا تخبئ لنا كل هذه الحروب .
#حسين_محيي_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟