أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - زيارة السيدة العجوز ..!














المزيد.....

زيارة السيدة العجوز ..!


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3125 - 2010 / 9 / 15 - 07:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


. في أواخرعصر السادات كنت أذهب إلى إحدى الكليات الإقليمية التابعة لجامعة الأزهر لإعطاء محاضرات ، وكانت تقع في قرية بى العرب محافظة المنوفية ، ولكنها – أي الكلية – كانت تحتل مباني رائعة على الطريق السريع ، وقد اعتدت بعد الانتهاء من المحاضرات أن انتظر أتوبيس القاهرة أمام مبنى ريفى قديم مجاور للكلية عليه لافتة تقول انه جمعية زراعية ، كان يذكّرنى بمبنى الجمعية الزراعية فى قريتى بمحافظة الشرقية ..
. وفي إحدى المرات لاحظت أن مبنى الجمعية الزراعية قد بدأ طلاؤه باللون الأصفر، ثم بعدها لاحظت أن اللافتة المكتوب عليها عبارة الجمعية الزراعية قد تزحزحت إلى مكان بعيد يتوارى عن الأنظار وحل محلها لافتة جديدة تعلن أن المبنى هو جمعية للرعاية الاجتماعية..
وبدا لى في الأمر نوع من الغرابة ..
. وفي الأسبوع التالي فوجئت بلافتات الترحيب ترفرف على الطريق السريع قبل البلدة ، وتتكاثف بجوار مبنى الكلية وفوق مبنى الجمعية الزراعية الذي أصبح مبنى للرعاية الاجتماعية وقرأت في اللافتات أن سيدة مصر الأولى – جيهان السادات وقتها – ستأتي بعد أيام لتفتتح مبنى جمعية الرعاية الاجتماعية !!
. وتحول درس التاريخ الإسلامي في الكلية – إلى ندوة ألقيتها أوضحت فيها للطلبة عراقة البيروقراطية المصرية في فن النفاق وإقامة المواكب والموالد والاحتفالات قبل وبعد الثورة المصرية ، وكم من مشاريع وهمية وضعوا من أجلها أحجار الأساس وصوروا في سبيلها الأفلام والنشرات وكل ذلك لمجرد إقامة المواكب والاحتفالات ، ثم اعتادوا نسيانها ليظل حجر الأساس شاهد مأتم على موت الضمير.
. وكان عميد تلك الكلية يبدو على قدر من علو الهامة والاعتزاز بالنفس بحيث كنت اعتبره مختلفا عن باقي الأساتذة في نفس الجامعة . وكنت أحترمه من اجل ذلك ، وجال بخاطري أن اجلس معه ونتندر على ما يحدث بجوار الكلية من افتتاح خطير لمبنى قديم واستقدام سيدة مصر الأولى – وقتها – لقص الشريط ، بينما الموضوع كله لافتة وطلاء اصفر ، والتكلفة لهما لا تتعدى عشرات الجنيهات , أما تكلفة حفل الافتتاح فهو ألوف الجنيهات . وجلست مع العميد وبدأت في الحديث ففوجئت به يسكتني باشارة من يده ، وهو ينظر حوله خائفا .. !!
. وبدأت الاستعدادات لقدوم سيدة مصر الأولى – وقتها – تجري على قدم وساق , وكان يواكب تلك الاحتفالات تطور هام بدا في الظهور على شخص عميد تلك الكلية ، إذ اختفت البسمة وظهر مكانها الشعور بالأهمية والسيطرة ، وبدأ واضحا أن سيادته يريد أن يرفع راس الجامعة عاليا في ذلك الموكب الرخيص . وبدأت نظرتي نحوه تتغير، وأصبح لا يختلف في كثير أو قليل عن باقي الموظفين المنافقين الذين كثر تواجدهم حوله استعدادا لتلك المناسبة .
. ودخلت المحاضرة ففوجئت بالطلبة يخبرونني أنهم لن يحضروا غدا لأن الدراسة في الكلية ستتعطل احتفالا بقدوم سيدة مصر الأولى – وقتها – . ودخلنا في مناقشة ديمقراطية مفتوحة , انتهت بموافقة الطلبة على رأيي في انه من الامتهان لكرامتهم أن يشاركوا في ذلك الاحتفال أو أن يتركوا الدراسة في سبيله ، واتفقنا على أن يحضروا المحاضرة غدا لنثبت للجميع أن هناك في مصر رجالا يرفضون النفاق .
. ودخلت على العميد لأخبره بالقرار الجديد , وقد عزمت على أن تكون لهجتي معه رسمية , فغدا ليس أجازة ، وإنما هو يوم عمل ، وتعطيل الدراسة فيه لا يتفق مع شرف الجامعة ولا مع شرف الأساتذة ولا العلم . وتركني العميد أتكلم قليلا , ثم قال لي : ومن قال لك أننا سنوقف الدراسة غدا ؟ ومن قال لك أنني سأحضر ذلك الموكب ؟
. وسعدت سعادة بالغة ، ولكن خفت أن يتراجع العميد عن قراره فذهبت للطلبة وأخبرتهم بموقف العميد , وجاءوا معي إلى مكتب سيادته , وكان قد تجمع فيه بعض الأساتذة , وكان العميد يؤكد لهم بصوت عال أنه لن يحضر ذلك الموكب غدا مهما يحدث . واعترض على ذلك القرار المفاجئ بعض الأساتذة وذكروه بأن منصبه يحتم عليه أن يكون في شرف استقبال سيدة مصر الأولى ، وأن غيابه عن الموكب سيكون ملحوظا وسيفتح الباب أمام تأويلات وتخرصات لا داعى لها ، ولكن ستنال من مكانته على الصعيد الرسمى . وكنت على وشك أن أتدخل لتأييد موقف العميد وحفاظه على كرامته وكرامة الجامعة التي يمثلها , لولا أن سيادته قال بصوت متهدج : أيرضيكم يا أساتذة أن احضر ذلك الموكب وهم لم يوجهوا إلي الدعوة ؟ بينما أرسلوا الدعوات إلى ناظر المدرسة الابتدائية المجاورة , والمشرف الزراعي وسائر الموظفين عنده ؟ ..
وبدا على وشك البكاء !!
. وتبادلت مع الطلبة نظرات الحسرة . وانصرفنا .
وسألني الطلبة : ترى هل سيحضر العميد ذلك الحفل ؟ قلت لهم : نعم .. مهما ذرف من دموع !! .
. وفي اليوم التالي كنا في المحاضرة عن نفاق البيروقراطية المصرية بينما وقف السيد العميد ومعه السادة الأساتذة جميعا في الصف الثاني ينتظرون موكب الست ، يرفعون لافتات الترحيب و التأييد للست جيهان سيدة مصر الأولى ـ وقتها.
. وقلت للطلبة : وتعجبون من سقمى ؟
صحتي هي العجب !!



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسجد الضرار فى نيويورك
- الاسلام والمجتمع المدنى و سلطة الحاكم
- ولا يزال قاسم جغيته وزيرا
- البوليس السرى فى دولة احمد بن طولون
- ومن الجهل .. ما قتل ..!!
- الرقص على السّلم
- الحملات الصوفية الشعرانية
- هؤلاء الخلفاء ..وغرامهم بالنساء.
- تخرّ له الجبابر ساجدينا
- فلسفة الهجرة فى تاريخ الأنبياء
- أستر يا رب .!!
- لمحات قرآنية عن معركة وليس (غزوة ) بدر :
- بيان المركز العالمى للقرآن الكريم عن منع عبد اللطيف سعيد من ...
- إمسك حرامى
- السياسة الأموية والفلسفة الجبرية
- القرآن والواقع الاجتماعى (8 ) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ ؟
- رعاية الطفل فى الاسلام ( 2 / 2 ) : رعاية الطفل في تراث المسل ...
- رعاية الطفل فى الاسلام ( 1 / 2 )
- كتاب ( شخصية مصر بعد الفتح الاسلامى ) الخاتمة
- كتاب ( شخصية مصر بعد الفتح الاسلامى ) ف2 ثانيا :الإسلام ومصر ...


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - زيارة السيدة العجوز ..!