أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الحزب الاشتراكي الموحد - المغرب - الطريق هو اليسار...أولا وأخيراً .... الخمسي أحمد















المزيد.....



الطريق هو اليسار...أولا وأخيراً .... الخمسي أحمد


الحزب الاشتراكي الموحد - المغرب

الحوار المتمدن-العدد: 3124 - 2010 / 9 / 14 - 10:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


أولا: في المسألة الإيديولوجية

إن العودة للمسألة الايديولوجية لا تعني قط التشحم الكلامي الثرثار زائد عن الحاجة الحيوية لتجديد انطلاقة الحزب الاشتراكي الموحد. ولا تعني، بالتالي اجترار أسس التموقف النظري اليساري. وليست انحرافا يسراويا عن الخط السياسي حيث الحزب في كشكول اليسار المغربي ما بين اليسار الحكومي واليسار المعارض. لكنها عودة إلى تزييت مفاصل ماكينة الحزب. لتستطيع استعادة الدورة السياسية اليسارية الجديرة بتموقعه الايديولوجي وتموقفه السياسي. بدل الانتظارية وفقدان اللون والطعم والرائحة، تفصيلا، الذي كاد يصل درجة فقدان المناعة اليسارية جملة.
تهدف معالجة المسألة الايديولوجية إذن، إلى تدارك الفراغات التي تكاثرت بقعها واتسعت، إلى خطر أن يصبح، إن لم يكن قد أصبح، مجرد دكان حزبي ضمن أكثر من 30 حزبا بلا طائل. فقد كثرت مستجدات الأوضاع الطبقية والسياسية والاستراتيجية، بما أضفى على اليسار العالمي برمته حالة الأزمة البنيوية، إلى درجة التساؤل عن الهوية اليسارية من أساسها وبرمتها. وبالقدر الذي طفق اليسار يتناسى أسسه الأولى ببرغماتية وتكيف سلبي، بقدر ما تجاهل نقط التحول الموضوعي. مكتفيا بالرضى الإيديولوجي عن النفس. إلى درجة أن الملتحقين، على قلتهم، والمغادرين على كثرتهم، باتوا غير مهتمين بالأسس الايديولوجية المميزة لليسار عن الليبراليين وعن الأصوليين، بقدر ما أصبح الانتماء لليسار، كما لو أمسى مبادرة سهلة، تعفي المتلحق من تهمة الارهاب والمحافظة الفظة، في الوقت الذي لا تبتعد قناعاته كثيرا وسلوكاته الاجتماعية عن الوسط الأصولي المعتدل. كما يعفي الالتحاق باليسار الملتحق من تهم التهافت الموصوم بها الوسط الليبرالي. إضافة إلى كون اليسار لم يستهلك بعد كل حصيلته المعنوية من سنوات الرصاص. لكنه اليوم يعيش من رصيدها فقط. باستثناء بعض نقط الضوء المشتعلة هنا أو هناك دون خط رابط لأصحاب المبادرات تلك، المتفرقة. تهدف المعالجة للمسألة الايديولوجية، مواكبة مستجدات الوضع في عموميته وتفاصيله أيضا.
لقد تدارك الأصوليون والليبراليون، مفاتيح المنهجية اليسارية من حيث التحليل الملموس للواقع الملموس. وباتوا أقدر على إنتاج التكتيك المناسب في الوقت المناسب. فها هو عبد الاله بنكيران يصرح أنه يفضل في العمل التلفزيوني حنان الفاضلي، غير المحجبة في أعمالها (تصريح لأخبار اليوم خلال رمضان). وها هم ممثلو الأصالة والمعاصرة يقدمون اقتراحات عملية لتعديل الدستور عندما يتفقون على إمكان إقرار الحزب الجهوي في "الصحراء الغربية" في حالة التحاق جبهة البوليساريو بعين المكان تنفيذا للحكم الذاتي. بينما يبقى اليسار يقظا حارسا "أطراف لسانه" ليكرر مبادئ التعديل الدستوري. في حين يقترح ممثلو الأصالة والمعاصرة انتخاب رئيس منطقة الحكم الذاتي من طرف برلمان المنطقة بناء على مبدأ برلمانية السلطة هناك (الصباح، الثلاثاء 31/8/2010).
ويظهر لدى الأصوليين والليبراليين إنتاج الجرأة التكتيكية، المحركة للطابوهات في مجالات عملهم بما يظهر طول الحبال التي تحدد دوائر خطوطهم الحمر الايديولوجية. بينما فقد اليسار الحيوية الدنيا القادرة على إبداع الحضور السياسي المميز.
وإذا اتسع نظرنا إلى ما هو أوسع وأعلى وأعمق. سنجد – لو اطلعنا فعلا – في كتاب فرنسيس فوكوياما "نهاية التاريخ والإنسان الأخير"، أن المنظر المذكور اعتمد منهجية ماركس المادية ومنهجية هيغل التاريخية في تحليل أوضاع العالم عند سقوط الاتحاد السوفياتي وبروز قامة العولمة العملاقة.
وفي المقابل، نجد البلدان التي ما زالت تتبنى سيطرة الحزب الشيوعي على مقاليد السلطة (الصين، فييتنام، كوبا)، تنهج سلوكا في السياسة الاقتصادية محاذية (كوبا)، بل منخرطة تماما (الصين والفييتنام) في النظام الرأسمالي. في حين تتصف بالمعارضة الحادة له، كل من كوريا الشمالية وإيران على حد سواء، بينما تختلف الايديولوجيا الرسمية بينهما جذريا.
إن معالجة المسألة الايديولوجيا في الحزب الاشتراكي الموحد، في حد ذاتها ستميزه عن الأحزاب المحسوبة على اليسار. وبالتالي ستضيق له طريقا، مهما كان ضيقا، لكنه بالضرورة سيكون سالكا نحو الرأي العام السياسي في البلاد. وستفتح له شرايين عديدة بين الحزب وبين كثير من المتعاطفين على اليسار في المغرب.
لكن مبدأ معالجة المسألة الايديولوجية ليس كافيا في حد ذاته. فقد تتم المعالجة للعودة إلى القوالب الجاهزة وإلى الدغمائية. كما قد تلعب المعالجة دور الدرع المضلل للاتجاه نحو الانحراف اليميني الانتهازي. لكن رسم الخط السياسي البعيد عن الحدين النقيضين المذكورين رسم للفارق بين الحياة والموت في مستقبل اليسار. وهو البديل الممكن الوحيد لإنقاذ اليسار المعارض من حالة الموات والانتظارية المستدامة كما نرى. لو ادعينا أن اليسار باق بلا معالجة للمسألة الايديولوجية سنكون ضمن جوقة شهود الزور. وسنزكي حالة الأحياء/الأموات في حق أنفسنا. وسننتقل بعدها إلى حالة الغيبوبة/الكوما النهائية. فنسيان المسألة الايديولوجية أدخل اليسار في حالة الزهايمر. ولنا في سوابق بعض مكونات الحزب (م.ع.د.ش) حالة تفقأ العين وتبز اليسار لفائدة الحركة الأصولية (عضو "قيادي" سابق أصبح منظرا وفقيها في العدالة والتنمية: ام.ط). كما يشهد الترحال نحو حزب الأصالة والمعاصرة على نفس الزهايمر. والمسؤولية الأولى تسجل على اليسار نفسه. ومن الصعب أن يمسك الفرد بين عصاميته وعزة انتمائه. إلا من رحمت "ترابي الوالدين" وبعد النظر ودرجة عالية من التوازن العقلاني والنفسي والبيداغوجي. مع الذات وتجاه الغير.
فأولى نقط معالجة المسألة الايديولوجية هي استعادة أخلاق الشفافية والوضوح ونقد الذات. فتوصيف حالة الضعف التي يمر منها اليسار خطوة أولى على طريق "عودة الروح". وما دام الكل يعاين ضعف اليسار فلابد أن يستعيد اليسار جذوة الحقيقة. فالاعتراف بالحقيقة خطوة أولى على طريق استعادة المصداقية عند المطالبة بالحق. أما البقاء عند نقطة الظل دون التطابق مع الحقيقة، فتنعكس على الصوت المطالب بالحق الذي يفقد القدرة على الاقناع. فقوة الخطاب تتلخص فيما يحمله من حقيقة وحق.
النقطة الثانية من معالجة المسألة الايديولوجية، هي هدف استعادة القدرة على الاستقطاب. فبدل المكوث في حالة الاستنزاف وفقدان المناعة، يقتضي الهدف من الوجود التنظيمي والسياسي للحزب القدرة على الاستقطاب في مستوى التشخيص وإعطاء البديل. وبالتالي، قد يستخلص الحزب من تحليله للأوضاع حقائق إيديولوجية جديدة لا علاقة لها بالتوصيف الكلاسيكي لليسار. علما أن المنظومة اليسارية في التحليل العلمي والتموقف السياسي والتموقع الطبقي لم يكن يوما شبيها بالوحي المنزل. يكفي تمثل أسس العقلانية التي قادت مفكري الاشتراكية العلمية إلى القوانين العامة للتحليل الملموس للواقع الملموس موضوع التركيز الذهني للقوة السياسية المعنية. أما ما دون ذلك فقد سجل التاريخ لماركس الذي حطت أرجله فوق أرض الجزائر ولم يكن موقفه مع استقلال الجزائر بل كرس مركزية الانسان الأوربي. وكذلك حصل الأمر مع أنجلز حينما غطى إعلامية الحرب الاسبانية على المغرب ما بين سبتة وتطوان. وكذلك لم يوفق فريدريك أنجلز في اتخاذ الموقف لصالح المطالب المغربية. بل وقف مع المعتدي الاسباني في تلك الحرب (شتاء 1859/1860).
سبقت الإشارة إلى ما نبه إليه بعض مناضلي اليسار من حيث التحول في بنية الطبقة العاملة في الغرب، بعد ظهور الحاسوب وانتشار التكنولوجيا المعلوماتية في انجاز الكثير من الأعمال بديلا عن العمل اليدوي المباشر مقارنة مع الانتاج الصناعي في القرن 19 وأغلب عشريات القرن 20. لكن نزوع أحزاب اليسار نحو المشاركة السياسية، خصوصا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي أولا، ثم بعد ظهور شبح الأصولية المخيف، خلط الأوراق في العقل السياسي اليساري. فانشغل بسطحيات المشاركة السياسية، وبقيت القضايا الأصلية لليسار عائمة تحت تلك القشرة المتكلسة. تغيرت مكوناتها الكيميائية والفيزيائية ومجرياتها وتياراتها الرئيسية. بينما بقي اليساريون يعيشون حالة السكيزوفرينيا. من جهة نصف "الكونفورميزم" البراغماتي المتماشي مع واقع الحال. ومن جهة ثانية نصف التبني الاسمي لليسارية المجوفة.
النقطة الثالثة إذن المفيدة من معالجة المسألة الايديولوجية، هي الوقوف عند القاموس السياسي المستعمل ومصطلحاته من حيث المضامين المتداولة بعيدا عن التحليل الملموس للواقع الملموس. وأولى المفاهيم السياسية التي تهم العمل الحزبي من حيث المردودية لفائدة القضايا العامة والكبرى هي المشاركة السياسية. فالحقيقة الفاقعة اليوم هي انحسار المشاركة السياسية في المؤسسات الرسمية. والحال لم يعد كما كان قبل 30 سنة ناتجا عن الخوف والأمية واللاتسييس في عهد الرصاص. بل أصبحت عدم المشاركة سلوكا مناقضا لارتفاع في الوعي السياسي. غير أن ارتفاع مستوى الوعي السياسي لا يعني نزوع المجتمع لفائدة اليسار. ورغم ذلك، يقتضي الأمر التوقف عند الكوابح الرسمية التي تحول دون المشاركة السياسية. فأولى تلك الكوابح يرجع إلى ضيق دائرة الاستقلال في القرار السياسي للأحزاب. فقيادات الأحزاب المستفيدة من اللعبة السياسية لا ترفع كلمات الحقيقة والحق في وجه الدولة (عباس الفاسي بصدد تعديل الدستور واختصاصات الملك). فالحقيقة الفاقعة والتي تدين الدولة قبل غيرها هي التناقض بين الوعي العام المسيّس والمجال المؤسساتي المسيّج. فقد اتسعت دائرة التسييس بفضل التكنولوجيا الحديثة وانتشار المعلومة بسرعة ضوئية. بينما ارتفعت الأسيجة المتعددة في وجه أشكال المشاركة السياسية. وكادت الدولة والأحزاب "الكبرى" تحصر المشاركة السياسية في العملية الانتخابية. لما لها من وقع مباشر على تقارير الأمم المتحدة والغرب كأسلوب لتصنيف الأنظمة السياسية ووسيلة من وسائل الإثبات. فالمسؤولية في ساحة الدولة وليست في ساحة الناخبين والمواطنين عموما. لقد اهتدت الدولة إلى عتاد ناعم وأسلحة غير صادمة وبكاتم للصوت لمواجهة من لا تحبذ مشاركتهم في السياسة. منها قانون الأحزاب ونمط الاقتراع والخريطة الانتخابية والغرامات والتعويضات بموجب الأحكام القضائية الموجهة ضد الصحافة. فعلى الحزب أن يراجع مضمون المشاركة السياسية المكرس من طرف دائرة المستفيدين من شبكة التسييج للحقل السياسي الرسمي. وعليه أن يعلن انتماءه للحقل السياسي الفعلي حيث المواطن الممنوع من الجهر برأيه المخالف للدولة. ولا معيار علمي للعودة للمضمون الواسع للمشاركة السياسية والقادر على كشف حقيقة التسييج وشبكته الممخزنة سوى بالعودة إلى التحليل الطبقي والكشف عن المتضرر الأول من التسييج. إنها الطبقة المتوسطة بالذات.
وهنا نأتي إلى النقطة الرابعة من مراجعة المسألة الايديولوجية. إن المسألة الايديولوجية هي ما يعرف اليوم في علم الإعلاميات ب"قاعدة البيانات" ( la base de données ). والتحليل الطبقي وكشف الطبقة المتضررة الأولى من حيث منطق التناقضات وتمييز التناقض الرئيسي عن التناقض الأساسي. إن انتقال الرأسمالية من رأسمالية الانتاج التقليدي ( تحويل المواد الأولية الطبيعية الخام) إلى الانتاج الرمزي عبر الصناعة الرقمية وجدت نفسها أمام الطبقة المتوسطة التي تراكم الخبرة في ميادين وقطاعات اشتغالها. فانتقلت الطبقة العليا من الرأسمالية إلى فصل ما أصبح يعرف في العولمة ب"الصناعة المالية" عن باقي أنواع الانتاج في عالم الاقتصاد الفعلي (اقتصاد المنتوجات والخدمات). ف"الصناعة المالية" هي عالم المضاربات الرمزية التي تحتسب معدلات الفائدة والأرباح المالية من خلال عمليات بنكية رمزية. عبر التحايل على المقترضين الصغار بعدما ذهبت بعيدا في إلغاء الضرائب على تلك المعاملات المضارباتية وعلى أعتى الشركات المالية. وعبر اقتلاع الوحدات الانتاجية ونقلها بعيدا عن الوطن الأصلي للرأسمال، وعبر تسليع قطاعات التعليم والصحة ووضع قطاع السكن تحت رحمة السلطة المضارباتية البنكية وتوسيع دائرة البورصة وما تعنيه تجارة الأسهم، كله نقل حالة التهديد بالهشاشة والسقوط في البطالة وفقدان استقرار العمل إلى طبقة المهندسين والمحامين والأطباء والجامعيين والخبراء المحاسبين والتقنيين المختصين ومدراء الشركات ورؤساء الأقسام...بحيث أصبح الاستقطاب حادا وإكراهيا ضد المشروع المجتمعي المتبنى من طرف تلك الشرائح المذكورة.
علما أن المقاييس المشتركة بين كل الشرائح التي تحسب على الطبقة المتوسطة هي النقط الست التالية: - الاندماج في العمل بناء على اكتساب الخبرة المهنية على قاعدة تعليمية جيدة
- ممارسة الحياة المعيشية في المنزل بناء على التجهيزات الآلية (الطبخ والتنظيف والتبريد والتسخين والتصبين والتكييف )
- اعتماد التأمين الصحي لكل أطراف الجسم ولكل أفراد الأسرة
- اعتماد الوسائل الخاصة في التنقل
- القدرة على الادخار
- اعتماد برنامج سياحي في العطل السنوية
(عن مقال لوكالة الصين للانباء حول الطبقة المتوسطة).
إن طبقتنا الوسطى مهزومة معنويا من حيث كون النزهاء من بينها لا يكادون يغطون الحاجيات الأساسية لعيشهم من ممارسة المهنة. بينما يتجه التنظيم الرسمي للمهن نحو إغراق المهنيين في الفساد من زاوية بيع التواقيع والرخص والانصياع للأوصياء والرؤساء لفائدة ذوي النفوذ بالمال والسلطة الإدارية. من هنا لا تساعد البنيات المهنية على العطاء المبدع ولا على فرز نمط عيش حديث متنوع. بل تفرض الدولة أذواق رسمية لتخليد مجد الأكثر سلطة في الدولة.
وبالتالي من باب خطوة إلى الوراء خطوتان إلى الأمام على اليسار أن يعيد التفكير في المهام الموكولة إليه لمد يد السند السياسي والتنظيمي لفائدة الطبقة الوسطى.
إن الدولة تسعى للتوفر على أطر من فئات النساء و الخبراء والإعلاميون والشباب. ويمكن القول من باب التشبيه أنها تريد أن تحصل على قوة "الدفع الرباعي". وهنا نصل إلى النقطة الخامسة في معالجة المسألة الايديولوجية. فقد حلل لينين منذ 1905، المهام الملقاة على الاشتراكيين كونها مسبوقة بالمهام التي لم يتحمل مسؤولية حلها النظام وهي ذات صبغة ليبرالية، أي لا تفي سوى بنقل المجتمع من القرون الوسطى إلى التحديث الليبرالي المتوحش. بلا مساواة ولا عدالة. لذلك، التركيز على قضايا النساء والجهات عودة إلى أبجدية الدمقرطة والتي قفزت الليبرالية عليها من فرط ارتباط الرأسماليين بمصالحهم الطبقية لا غير. مع إبقاء أسقاع واسعة من العبودية داخل الأسرة (التضحية بالمرأة) وبين الأجيال (التضحية بالأكثر شبابا) وبين المناطق (التضحية بالمناطق القروية الأكثر فقرا والتي تنعدم فيها شروط التمدين). كما يبقى خبراء استعمال الحاسوب والاستفادة من تدفق معلومات الانترنت أقلية وسط مجتمع ما زال ثلث سكانه لا علاقة لهم بالمدرسة والتعليم، أي التربية العلمية للعقل الخام. بينما بدأ جان جاك روسو كتاب إميل حول ما تنتجه الطبيعة وما ننتجه نحن من خلال التعليم والتربية. واليوم والحزب الكبير كما قال الرفيق الساسي عبر الصحافة هو الحزب الالكتروني كيف يغيب عن قيادة الحزب خبراء الانترنت! ولنا في بعض رفاقنا مبحرون عبر الشبكة العنكبوتية من يجمعون حولهم ثلة أولية من المشاركين في النقاش حول قضايا التحضير للمؤتمر. كما لنا بين الرفاق أعضاء الحزب من هم خبراء في صناعة الصفحات الالكترونية وتقنيات التزويد بالصور وإعادة تركيب الإخراج من حيث الجينيريك وإلصاق المشاهد والمعطيات المرئية والمسموعة في فيلم متكامل.
ونحن نرى اليوم قنوات البيبيسي والجزيرة تعرض آراء رواد الانترنت. من كان يعرف سعيد جبلي (رئيس جمعية المدونين المغاربة) وغيره من مستوى اتحاد المدونين العرب ومواقع في الفكر السياسي والأخبار مثل الموقعين العلمانيين: الحوار المتمدن وأوان، على سبيل المثال لا الحصر. إن كسر التناقض بين الوعي العام المسيّس والمجال المؤسساتي المسيّج، مهمة إيديولوجية في التصور عن طبيعة التناقضات الأساسية والرئيسية والثانوية وفي التصور عن الوسائل المتحررة من قوالبنا الجامدة. بما يلائم ظروف العمل التواصلي الإشعاعي اليوم.
إن خلق الحدث يبدأ اليوم من مجرد عرض ثلاث دقائق مصورة ومسموعة في اليوتوب. ولنا من الطاقات المبدعة ما يمكن استثماره لنشر آراء الحزب في مجمل القضايا بل ولخلق الحدث من طرف الحزب. تلك القضية السادسة من القضايا الإيديولوجية التي تكون جزءا حيويا من وعي الحزب بقضايا وأساليب عصره الحالي. فالحزب الالكتروني والتنظيم الالكتروني مهمة عاجلة على المؤتمر أن ينظر فيها وعبرها.
أما التقدم فعلا في الحقل الدعائي بالمعنى العادل للقضايا والعلمي للإشكاليات، فيقتضي تتبع أجندة الدولة. تلك القضية السابعة لمعالجة المسألة الإيديولوجية. فللحزب ترسانة من الأكاديميين في مختلف فروع العلوم. وعلى الحزب أن يصبح "منظما جماعيا" لمكتشفي القارات المجهولة من المعطيات الدقيقة حول الققضايا المطروحة. إن صناعة حزب جاذب قادر على الاستقطاب، لا يتوقف عند مستوى تعبوي سطحي عبر إصدار البيانات مثل أية جمعية حقوقية أو أية هيئة نقابية. إن العمل الحزبي تركيبة معقدة من الدراسة والتفكير والتحليل والتركيب، قبل الوصول إلى مراحل المتابعة والتدبير واتخاذ التكتيكات الملائمة للمتغيرات السريعة. إن الدراسات الأكاديمية ضمن "قاعدة بيانات" الحزب ضرورة حيوية. وبالتالي لابد للحزب من أن يتوفر على مجموعة لصناعة الأفكار ( Think tank)، سواء عبر لجنة وظيفية مباشرة أو عبر معهد أو منتدى أو مؤسسة أو هيئة لها شخصيتها القانونية المستقلة. إنها القضية السابعة لمعالجة المسألة الايديولوجية للحزب.
إن الرفيقات والرفاق الاقتصاديين والجغرافيين والمؤرخين والسوسيولوجيين وعلماء النفس الحقوقيين والجمعويين، يعلمون جيدا درجة التحوير التي ينهجها الأصوليون والليبراليون للتأثير على الحقائق ولتكييف المعطيات ولتبرير القرارات والمواقف لتناسب مشاربهم الايديولوجية. يبدأون بالقاموس اللغوي لصناعة بلاغتهم الخطابية وفق نزوعهم الطبقي والفكري وتوجهاتهم السياسية.
إن للحزب تجارب عفوية عملية في المجالات المذكورة. لكن تحديث عمل الحزب وتقوية مردوديته يقتضي هيكلة التجارب السابقة المتفرقة في هيئات معلومة ومسؤولة، بناء على توزيع المهام والتنسيق التنظيمي بينها جميعا في سياسة حزبية متكاملة، وفق أجندة زمنية تناسب إعادة التأسيس أو إعادة البناء حسب الخلاصة السياسية المزمع الاتفاق حولها. إنها القضية الثامنة لمعالجة المسألة الايديولودية في الحزب. لأن التكيف مع الارتجال ومنطق الهامش لا يصنع حزبا سياسيا مناضلا ولا يصنع حزبا سياسيا محترفا ولا يصنع حزبا سياسيا منافسا ولا يصنع حزبا سياسيا مستقطبا للنخب وكوادر القطاعات الحيوية في الهيئات والقطاعات الحيوية في المجتمع والاقتصاد والدولة والعلاقات الخارجية.
أما وقد سطر المؤتمر خلاصات موحدة حول المقومات السابقة للعمل، فلا بد من إعداد وحصر حزمة قضايا جوهرية تمثل الأرضية التوجيهية للحزب. مهمة تلك الحزمة الفكرية تفصيل القوام الدقيق الذي يميز الحزب على صعيد اليسار المغربي. والذي يضع القضايا الكبرى المفروض في الحزب العمل من أجلها لتمييل موازين القوى قصد إقناع المجتمع والطبقة السياسية، ضمن القطب اليساري أولا ثم رفقة الليبراليين ثم ضمن إجماع يلائم التفاف الاصوليين أيضا عند الضرورة، حسب الظرفية والقضية والمصلحة العليا للبلاد. إنها النقطة التاسعة لمعالجة المسألة الايديولوجية في الحزب.
إن حرية الفرد والنسائية والعقلانية والعلمانية والجهوية والتعددية والمؤسساتية، مقترحات للمحتوى الايديولي الجهوي للحزب. على للمؤتمر سلطة التدقيق والترتيب ودراسة المحتويات والتوجهات المرحلية لكل قضية من القضايا الجوهرية المقترحة.
أما التعريف الايديولوجي للنقط التسع السابقة، رغم الطبيعة التقنية والتنظيمية والسياسية لبعضها، فالهدف منه مراجعة علاقة الاعضاء بها لتشكل الأسس الفكرية والذهنية والنفسية في التعامل معها، لتعيد توحيد التعامل المنهجي كموجهات حيوية في السلوك الحزبي الفردي يشكل مميزات الحزب الاشتراكي. وإن التعاطي العقلاني مع قضايا الحزب ومنهجيته يحرر الطاقات الفردية ويصهرها من جديد في بوثقة تنظيمية واعية، بلا انتقائية ولا دغمائية، بلا إذعانية رعوية عمياء ولا عجرفة ولا تمايز فئوي نخبوي. تلك النقطة العاشرة من معالجة المسألة الايديولوجية للحزب.
إن للحزب مادة خام من المناضلين "أولاد الناس" كما يقال. وبالتالي ليست هذه الورقة الايديولوجية سوى تأطير واعي منظم لسلوكات إنسانية وعقلانية رفيعة. لكن طابعها التوجيهي تحصين وتقوية لتحسين التعامل اليساري داخل مجتمع تمزقه نزعات المحافظة والنكوص من جهة ونزعات الليبرالية المشردة غير المبدئية من جهة ثانية. فجوهر التوجيه الايديولوجي اليساري هو في العمق تسلح بالروح الليبرالية الحداثية المسؤولة، رأس حربة التقدم في المجتمع والاقتصاد ومؤسسات الدولة. ضمن عالم معولم لن يتراجع نحو الوراء أبدا.
وفي جلسات النقاش داخل المؤتمر فسحة لمعالجة بياضات هذه الورقة. فالنقاش الجماعي هو الامتلاء الحقيقي باللحم والدم لأي وعاء أولي.


ثانيا: النقط البرنامجية

إن الانحدار الذي عرفه الحزب منذ نهاية 2008 إلى اليوم قائم على استنفاد الطاقة التي ضخها المؤتمر السابق سنة 2005. بحيث تشهد الوثائق الصادرة عن المكتب السياسي على الفتور الذي تلى التاريخ المذكور. بحيث فقد البوصلة السياسية مما أثر على الأداء التنظيمي.
كيف أساهم في المؤتمر؟
بأعين مفتوحة، وآذان صاغية، وعقل فاعل، وذاكرة حية، وبنقط برنامجية، بهدف التغيير، وبمنهجية للتدبير. وبالمساهمة في البناء. لكن التغيير هذه المرة في الظرفية والمرحلة والحيثيات الذاتية للحزب يبدأ من الحزب نفسه. إن النقد الموالي لا يعني الأفراد. بل يعني التوجه العام منذ الأعطاب التي أصابت الحزب بسبب السياسوية المرتبطة بالانتخابات مرتين: 2007 و2009. ودرك السياسوية الذي سقط فيه الحزب نتيجة درك السياسوية الذي سقط فيه الحزب نتيجة إجمالية لتوان امتد بعدما أخل الحزب بواجب المعالجة الفورية لما اعتراه من خسائر سياسية وتنظيمية فور فشل سياسة التحالفات المنتهجة.
وباعتبار المؤتمر ورشة لإنتاج الطاقة الدافعة للنضال، على قاعدة برنامج وضمن سلوكيات التضامن الاجتماعي وبناء على عمل فردي منتج يصب في الجهد الحزبي، في الساحات السياسية بما يفيد تقدم اليسار المغربي ككل. تقدم يربح الرهان تجاه الليبراليين والأصوليين معا، في استقطاب الطبقات المتضررة من الأوضاع. على أن يخرج خطاب المؤتمر متناغما مع حقيقة الأوجاع التي يعاني منها المجتمع بسبب تسلط الدولة ومؤسساتها باسم السياسة أو باسم السيادة. وأولى تلك الأوجاع ما يؤلم الحزب نفسه. ومعالجتها الجذرية رهان نجاح أو فشل المؤتمر.
1. طبيعة المؤتمر
1) عادي أم استثنائي؟
في ظل الأزمة العالمية لليسار (ربما باستثناء أمريكا اللاتينية!) لا يمكن لأي تنظيم يساري يوجد في الدرك الأسفل من التضاريس السياسية، إعادة ترتيب أوضاعه دون أن يعي اللحظة الاستثنائية. لذلك، له أو عليه أن يفكر في تعثرات البناء إن لم يقده التفكير إلى إعادة التأسيس.
2) متابعة الخط السياسي أم إعادة البناء أم إعادة التأسيس؟
منذ التجربة الحكومية التي كانت مخصصة لانتقال العرش (1998ـ 2002)، راهن الجزء الحكومي من اليسار على متابعة الإصلاحات(بعد 2002)، لكن التفكك الذي أصابه أحال موقعه الحكومي إلى متابعة التبوؤ في مواقع الكراسي الوزارية بكيفية مفردة. وها نحن نجد أنفسنا شهود زور ما بين مخزنة اليسار وبين انتظارية الدمقرطة والتحديث.
ولأن اليسار المعارض يراهن على موقعه على يسار "يسارالحكومة"، يسجل انتظارية الحزب الاشتراكي الموحد مثل باقي "أحزاب اليسار المعارض". فأي موقع معارض هذا الذي يتبوؤه الحزب الاشتراكي الموحد مقارنة مع باقي أحزاب المعارضة؟! وأية معارضة؟! ولأية أغلبية؟! إن الحكومة الهجينة المكونة من مختلف أطراف "الليبرالية" واليسارية، لا توفر المعيار السياسي الخالص للأغلبية البرنامجية البرلمانية. بل تنصاع للتوجيهات الملكية. مع بوليميك غير محترم لمن يركزون نقدهم لحزب الأصولية الدينية المعتدل!
لذلك، فأزمة الخط السياسي شاملة لكل الأحزاب الليبرالية واليسارية والأصولية. وحدها الملكية متحكمة في تحريك خيوط قواعد اللعبة السارية المفعول. الملكية وحدها المتحكمة في قواعد الخط السياسي المتبع من طرف الدولة والحكومة والبرلمان والقضاء. ولا معارض! أو لنقل انخفض مستوى المعارضة إلى الدرجة السفلى السلبية: تسجيل الموقف لا أكثر.
والصحافة المستقلة التي راهنت على تحريك النقاش وتهيئة الرأي العام لخلخلة سواكن الشأن العام، ووجهت بفن الغرامات والتعويضات المالية بلا ولا مقياس يحدد سقف تلك الخسائر المالية بنسبة تعتبر رقم أعمال تلك المقاولات المنتجة للنقاش الوطني حول القضايا الكبرى والمساعدة للدولة في غربلة القطاعات من الأتربة المؤكسدة الفاسدة، التي تعرقل ماكينات العمل السياسي والقضائي والإداري والاقتصادي والاجتماعي...
ولأن اليسار، ومنه الحزب الاشتراكي الموحد يدعي استقلاليته التامة عن المخزنة، مدعو للتفكير ملياًّ وعميقاً في خطه السياسي الحالي. وقد بلغته قهقرى الكسل الإيديولوجي حد اللايديولوجيا. فما هي نسبة الماركسية في خطه السياسي؟ وما هي نسبة الاشتراكية الديمقراطية في خطه السياسي؟ من هو اليساري اليوم؟ بم يتميز عن الليبرالي في الايديولوجيا؟ بم يتميز عن الأصولي في السياسة المعارضة؟ لا شيء تقريبا من فرط التكلس الثقافي والفكري. التكلس الحاصل، بل والمتراكم منذ سقوط الاتحاد السوفياتي.
3) ما هي المهمة المركزية للمؤتمر: إيديولوجية أم سياسية أم تنظيمية؟
كل مستوعب، ولو فقط (وهذا ادعاء أناني طبعا بالإضافة إلى محدوديته الموضوعية والموضوعاتية والتنظيمية) لما عرفته تجربة منظمة العمل في التساؤل عن الآفاق الإيديولوجية المفتوحة، سيجد أنه أمام تساؤلات ايديولوجية انحسر عنها النقاش وتوارت حيويتها، لما اكتنف العمل اليساري من سياسوية وانتخابوية. فقد تساءل الراحل عبد السلام المودن عن احتمال انتقال المهام الطبقية للعمال، من ذوي البذلة الزرقاء إلى ذوي الإلياقة البيضاء. والراحل المودن كما نعلم توفي أواخر سنة 1992 عن سن 42 عام قضى ثلثها في السجن. وبعده حصل الانشقاق سنة 1996(لأن السياسوية غزت أعلى قيادة منظمة العمل آنئذ و)لأن الحسم الإيديولوجي لم يتم. وسنة 2000، ردد الصديق محسن عيوش عبارة "الاقتصاد الجديد" ولم يستمع إليه أحد. أو لم يبذل الجهد الكافي لينبه إلى تحول اقتصاد التكنولوجيا الجديدة واحتمالات تأثيره على أشكال العمل السياسي والتنظيمي. ولأن الحسم الإيديولوجي غادر المكان وعوضته الزعاماتية والفردانية فقد عانت منظمة العمل من الأمرّين. فوجدت نفسها أمام الجدار سنة 2000. وبدل الاستقطاب وجدت نفسها أمام حيوية مطلب توحيد تيارات اليسار السبعيني. أي بدل الاستقطاب وجدت نفسها مضطرة للذوبان باسم التوحيد. ثم حصل التناقض الثالث أمام القناعة المنتشرة كون صندوق الاقتراع هو مؤشر الانتشار في المجتمع. فخسرت المنظمة بعد خسارة الحسم الايديولوجي وفقدان البوصلة الجماعية، خسرت رهان التوحيد سنة 2002.
ثم جاء التوحيد والاندماج. ومن حسن الحظ أن مجرد شعار التوحيد سار في اتجاه حل معضلة التشرذم. وهي المأثرة الأولى لفصائل اليسار ولجمعية الوفاء طيلة السنوات العشر الأخيرة. لكن المعضلة الايديولوجية استمرت. وبهتت الملامح اليسارية في مفاصل العمل الحزبي للاشتراكي الموحد. كان تفضيل الإبقاء على الاشتراكي بدل اليساري تسرعا نحو "كونفورميزم" الساحة السياسية المغربية. ثم جاء مطلب مأسسة التيارات مبدأ سديد وجديد في السياسة التنظيمية الحزبية، يفصّْل كنموذج لباساً لحزب كبير على قوام حزب صغير. مما أفقد "التيارية" لحمتها الاجتماعية. فلم تنعكس لا في الخطط النقابية ولا في البرامج الحقوقية. بل توحدت التيارات جميعا في موقع الجمود. بل استنكفت حتى عن تسجيل الموقف، تلك الدرجة السفلى من المعارضة السياسية. بل بقي كل تيار بلا سكريتاريا ولا ناطق رسمي ولا تقارير موازية للمكتب السياسي. وكأن "التيارية" مجرد ورقة للتوقيع قبيل المؤتمر. باستثناء تيار "الفعل الديمقراطي". علما أن العطب الأصلي مشترك بين كل المكونات بما فيها الأجهزة الرسمية للحزب. أي تخلف التدقيق في الأجهزة.
ساعتها ظهر للعيان وإلى اليوم أن الرهانات السياسية والتنظيمية، وهي باستمرار تعاني من النحافة والضمور، خاسرة بخسران الرهان الايديولوجي. وإلى اليوم ما زالت المهمة المركزية المطروحة مهمة ايديولوجية. فالمهمة المركزية المطروحة على المؤتمر مهمة ايديولوجية. ليست، كمهمة مركزية، لا سياسية ولا تنظيمية. وهذا لا يخلع على المؤتمر، ككل المؤتمرات الحزبية، صبغته السياسية والتنظيمية.
إن التعثر في النقط البرنامجية الروتينية، المؤسساتية والاقتصادية الاجتماعية، سيغرق المؤتمرين داخل كيس البطاطيس السياسية المغلق. سيكرس السياسوية والرضى عن النفس من طرف الأفراد الذين سيمكنهم المؤتمر من الحصول على الصفة القيادية. ليصبح المؤتمر تكريس للفردانية لا أكثر.
2. الظرفية والمرحلة
1) الظرفية الأزمة الشاملة للنظام العالمي
لم يعد خافيا عن المتتبعين كون الازمة المالية العالمية الأخيرة (2008ـ 2009) ضربت في الصفر كل رهانات الرأسمالية "المتحررة" أي المتوحشة وايديولوجية "المحافظين الجدد". الداعية بمحتوى الباطل، إلى ما نادى به في القرن 18،عن حق، من زاوية تقدمية في حينه، الاقتصادي الانجليزي الشهير آدم اسميت ب"حكومة الحد الأدنى". وتبعا لذلك، سقطت نظرية فوكوياما في الماء. نظرية نهاية التاريخ والإنسان الأخير. وقد عادت الكنزية (جون مينار كينز) وتدخل الدولة وتأميم الأبناك إلى الإدارة الأمريكية والبريطانية والفرنسية (في عهد ساركوزي نفسه) كإجراء استراتيجي لإنقاذ النظام الرأسمالي. تلك الظرفية التي سحبت من اليسار "المتطرف" الفرنسي نفسه (تيار بوزنسنو) البساط. وكذا من قيادة الحزب الاشتراكي الفرنسي نفسه بساط المضاربة السياسوية. والتي تركت الباب مفتوحا أمام اليمين مفتوحا بقيادة ساركوزي. رغم الأزمة الإعلامية الراهنة التي يعاني منها.
2) وبالتالي فالمرحلة مرحلة العولمة الرأسمالية. رغم تراجعها عن الربط الوثيق بين ازدهار التنمية الاقتصادية وبين الديمقراطية الليبرالية كميكانزم حافظ للنظام الرأسمالي الاقتصادي أداة لإعادة توزيع الثروة والإفلات من الانكسارات العميقة المؤدية إلى الأزمات في الأنظمة السياسية المحلية. وبالتالي بروز الرأسمالية الاستبدادية، بعدما توارت "الرأسمالية المروضة" مع تواري الحرب الباردة، أو ما كان يعرف بدولة الرعاية لمجتمع الرفاه، لتحل محلها دولة الجباية المحدود دورها في توسيع قاعدة الوعاء الضريبي على حساب الطبقات المتوسطة والسفلى.
3) الجديد بينهما بروز مثالين: مثال الصين الذي أسقط ورقة فوكوياما في الماء، ومثال ماليزيا التي حفظت نفسها مرتين من الأزمة برفض تعليمات البنك الدولي
4) فهل تملك الدولة المغربية مؤشرات التوجه نحو الرأسمالية الاستبدادية (الصين) أم الرأسمالية المستقلة (ماليزيا) أم تستنكف عن الإقلاع لفائدة تأبيد التخلف مثل باقي الأنظمة العربية؟
5) أم تستفيد الدولة المغربية من التجربة التركية عبر التصرف في هامش الحرية التي يتركها الغرب لمن يثق في تحالفاتهم معه (مثل المغرب) أم يستعيد المخزن مسلسل السير نحو السكتة القلبية بأنانية مفرطة في المخزنة؟
6) ما هي المسالك المفتوحة والقابلة للاقتحام من طرف اليسار للمساهمة في تغيير توجه الدولة نحو المجرى الفعلي للدمقرطة والتحديث؟
7) هل يوفر برنامج الدولة المعلن الحد الأدنى لانخراط اليسار في تقويم العمل من أجل الدمقرطة والتحديث؟
3. أهداف قابلة للتحقيق
1) من المفروض الإقرار كون للدولة أهداف تستوعب تطور كل من المجتمع (التزايد الديمغرافي ومستوى عيش الأفراد والطبقات) والاقتصاد (موازنة الحاجيات مع المنتوجات) والمؤسسات (لمواكبة نمو المجتمع والاقتصاد عبر التشريعات والمأسسة) ضمن أوضاع خارجية (فيها ثوابت ومتغيرات في موازين القوى) على قاعدة حل الإشكالات المزمنة في الداخل (الفقر والعجز الاقتصادي والكوارث الطبيعية...) وانعكاسات الإشكالات الخارجية ( السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية)
2) وللأقطاب الحزبية الثلاثة (الليبراليون والأصوليون واليساريون) أهداف منها المفوت ومنها المتجدد المتلائم مع العصر
3) وللمجتمع، من موقع كل طبقة، أهداف. في التنمية والدمقرطة والتحديث. وللمجتمع أوضاع متأزمة من حيث اختلال القوانين مع تيارات التحول ومن حيث اختلال إعادة توزيع الثروات بين الطبقات ومن حيث دوره (المجتمع) في الالتزامات الذاتية والجهوية والقومية والعالمية.
4) وللنخب السياسية دور في الإجابة عن حاجيات الطبقات المتضررة لملاءمتها مع حاجيات الطبقات الميسورة التي تواجه منافسات بينية وغيرية تجاه الخارج. كما عليها أن تفرز اختلالات مهام الدولة في رعاية أوضاع الطبقات الوسطى والسفلى والاقتصاد. لتقترح على المجتمع والدولة معادلة مركبة بين صفتها قوة اقتراحية وواجبها لتصبح في نفس الوقت قيادة موجهة للقوة الاعتراضية المناضلة. تلك المعادلة المركبة هي جماع الأهداف لترتيب أوضاع المجتمع ومهام الدولة. وكلاهما ضمن العصر والمنطقة والعالم.
5) ولليسار قبل التعامل مع الحاجيات الموضوعية الكبرى للمجتمع والدولة، تحديات المنافسة الايديولوجية تجاه الليبراليين الأكثر إقناعا للدولة وتجاه الأصوليين الأكثر إقناعا للمجتمع.
ولكن لليسار موقع اجتماعي يتوخى الدفاع عن مصالح الطبقات الموجودة في النصف الأسفل من الهرم الاجتماعي. وهو ما لا يمنع من الدفاع عن استراتيجيا شاملة إقلاعية لفائدة المجتمع كله. استراتيجيا تميز بين حصيلة المصالح الكبرى للطبقات المحظوظة ومطلب تدقيق المصالح العليا للمجتمع ككل.
إن صناعة مستقبل المجتمع المغربي ككل من طرف اليسار ممر إلزامي للوصول إلى إعادة توزيع الثروات لفائدة الطبقات المتضررة في المجتمع. ففرز أفضل الحلول لتوفير ادخار من حاصل الناتج الإجمالي للاقتصاد الوطني، يقتضي إغلاق ثقوب الفساد والرشوة والزبونية المستشرية في المعاملات الاقتصادية. إن في الصفقات أو في إجازة المشاريع. مما يحول الاقتصاد من بنية ريعية مفيوزية إلى بنية منتجية للقيم الفعلية المضافة.
4. وسائل مناسبة للعمل
1) هل نتذكر الإشعاع الواسع ليسار السبعينات؟
عندما كانت أفكار اليسار تشع في دائرة العالم العربي عبر "دليل المناضل". بحيث بتت السلسلة المذكورة وقد كانت مقروؤة على أوسع نطاق بما يشبه سعة "الحزب الالكتروني" (بتعبير الأستاذ محمد الساسي) اليوم؟! بتت أطروحات منظمة 23 مارس بصدد الرد عن الانفصال في الصحراء الغربية. كما ردت على أطروحة النظام بصدد تبسيطية الإلحاق القسري المتعسف على إرادة السكان والمتجلي اليوم عبر نقد ذاتي مبطن من الدولة من خلال مقترح الحكم الذاتي. تلك كانت جزءا من سياسة علاقات عامة لليسار السبعيني ولو بمصطلح مختلف عن "العلاقات العامة" المستعمل اليوم ضمن قاموس الرأسمالية المعولمة.
2) لم يتخل اليسار قط عن الأداة الإعلامية
كان اليسار مستميتا في إيجاد الأداة الإعلامية الذاتية، حيث يتمكن من نشر مواقفه متكاملة دون تأثير المؤسسات المحسوبة عن الخصوم السياسيين.
3) لم يتردد في اقتحام المواقع الفكرية
فاتحاد كتاب المغرب العربي واتحاد الكتاب العرب في سوريا والامتداات القومية في مصر والعراق. كلها كانت قنوات لتبليغ مواقف يسار السبعينات.
4) لم يهمل قط امتداداته في القطاعات المتعاطفة مع اليسار
5) زاحم دائما القوى اليسارية والوطنية الكبرى في الساحات النقابية والحقوقية
6) وبذلك ظل اليسار منجما لتوليد الطاقة الفكرية والاستراتيجيات الطبقية والتغييرية
7) وازن مناضلوا اليسار بين مستقبلهم الشخصي ووضعوا تألقهم الفردي في خدمة المجتمع باعتبارهم مناضلين يساريين، وهو المفصل الذي ربط بين الفاعلية الحيوية الفردية وبين حيوية اليسار كقطب للتغيير في المجتمع والاقتصاد والعلاقات الخارجية والدولة .

5. لائحة أولويات
6. تحالفات ضمن تصور شامل
7. جدول زمني لتنفيذ المهام

ملحوظة: هذه الورقة مفتوحة للتوقيع قصد استكمال مسطرة التقدم كورقة للمؤتمر. وسيسقط العمل بها من ذاتها إذا لم تتمكن من إقناع الرفيقات والرفاق بعدد 30 توقيعا قبل انصرام الأجل الذي يحدد الرفاق في الهيئة المسؤولة عن تحديد الأجل. رفيقكم أحمد الخمسي. فالتوقيع فيها مفتوح وعند مبادرة كل رفيقة ورفيق بالتوقيع المرجو البعث بالورقة موقعة الى الايمايل التالي:
[email protected]
[email protected]



#الحزب_الاشتراكي_الموحد_-_المغرب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرضية المستقبل :الإصلاح الحزبي أولا ، خطا و تنظيما..البصراوي ...
- وثائق المؤثمر الثاني للحزب الاشتراكي الموحد : مشروع أرضية ال ...
- الحزب الاشتراكي الموحد في مؤثمره الثاني : أرضية الهوية للرفي ...
- استعدادا للمؤتمر الثالث للحزب الاشتراكي الموحد / وجهة نظر: ا ...
- بلاغ سكرتارية المجلس الوطني الحزب الاشتراكي الموحد
- رسالة إلى الرفاق في الحزب الإشتراكي الموحد ( بمناسبة التحضير ...
- رسالة مضاءة بشمعة أمل إلى بنات وأبناء مغربنا الحبيب .الرفيق ...
- بيان الفرع المحلي للحزب الاشتراكي الموحد بأوطاط الحاج .
- مساهمة في التحضيرللمؤتمر الثالث للحزب الاشتراكي الموحد : مؤت ...
- في أفق المؤتمر الثالث : من أجل مغرب الديمقراطية والحرية والع ...
- فرع سيدي بيبي للحزب الاشتراكي الموحد يدين الفساد و الفوضى و ...
- بيان الفرع المحلي للحزب الاشتراكي الموحد يفضح التدبير الجماع ...
- النظام الأساسي للحزب الاشتراكي الموحد
- الحزب الاشتراكي الموحد يدين الأحكام الجائرة في حق المعتقلين ...
- احتفال حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية فرع القنيطرة بفعالي ...
- في أفق انعقاد المؤتمر الثالث للحزب الاشتراكي الموحد : الأزمة ...
- في أفق انعقاد المؤتمر الثالث للحزب الاشتراكي الموحد :مساهمة ...
- في أفق انعقاد المؤتمر الثالت للحزب الاشتراكي الموحد :مساهمة ...
- في أفق انعقاد المؤتمر الثالت للحزب الاشتراكي الموحد : عناصر ...
- الجهوية في المغرب من منظور الحزب الاشتراكي الموحد : الورقة ا ...


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الحزب الاشتراكي الموحد - المغرب - الطريق هو اليسار...أولا وأخيراً .... الخمسي أحمد