|
المكان المندائي..........!
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 3121 - 2010 / 9 / 10 - 13:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
((لقــد حــان أجـلـي وألتمـس الـذهـاب ، ويخيفـني الّرحيـل ، ولا أعــلم كـيف سيـكون طريقـي ؛فليس هناك أحـد تقـيا" كـان أم مسـيئا" غـادر ثم عـاد كـي أسألـه عـن الطـريق ، وكـيـف يـكـون ....)) سام بن نوح ـــ كتاب تعاليم ومواعظ النبي يحيى ع
في مقالة للباحث السوري الدكتور احمد عسيلي والموسومة ( عندما يتحول الدين الى قصيدة حب ) والتي يشير فيها على أهمية ما كتبته في كتابي عن تاريخ وغنوص الديانة المندائية والصادر عن دار نينوى في دمشق 2007 والموسوم ( الديانة المندائية من آدم ع حتى قراءة الخامنئي ) والذي نفدت طبعته الأولى من الأسواق السورية ، وكذلك نفدت كل النسخ التي شاركت فيها الدار في معرض الشارقة الدولي للكتاب، كان تأكيد الباحث على أن الديانة المندائية ديانة سورية وهي من اقدم ديانات المنطقة على أساس أن المندائيين الأوائل هم من سكن حران الواقعة في أعالي الفرات حيث سوريا اليوم ، وطالب الباحث من الدولة السورية بالاعتناء بتراث هذه الديانة والالتفات إليها وتأسيس مركز خاص بدراساتها وفق ما تقوم فيه الدولة من خلال الاهتمام بحضارات المنطقة الشامية ، وأنا أظن أن المندائية هي المجاور الحضاري لأقوام تلك المناطق من كنعانيين وآراميين ، وما تركوه من ارث لغوي باللغة الآرامية والسريانية والمندائية القديمة يؤكد على هذا بل يؤكد تطور الفكر الروحي والفلسفي والديني لديهم ، لأن قراءة نصوص كتبهم المقدسة ومنها الكنز ربا ( الكنز العظيم ) يؤكد قوة بلاغة الجملة والفكرة والقيمة الدينية والروحانية والسماوية لهذا الكتاب بالرغم من اختلاف النصوص وأفكارها عن بقية الكتب المقدسة كالتوراة والإنجيل والقرآن وغيرها من الصحاح التي توارت وراء الأزمنة السحيقة ولم يبق منها إلا إشارات قليلة وشيء نادر من نصوصها وأغلبها على شكل حكايات مؤسطرة في الذاكرة المكانية لتراث المنطقة. غير أن صابئة الشام هم صابئة حران والمعروف عنهم انهم من عبدة النجوم كما أشيع في الدراسات التاريخية وكانت حياتهم تمتلك المشابهات الطقوسية لمعتقدات حضارات تلك المناطق ومنها الحضارة السومرية والفينيقية والكنعانية ، وقد حاول مندائيو العراق من هم منحدرين من أصول عراقية نزحت في الأصل البعيد من المناطق المحاذية لبلاد فارس وبالضبط من مناطق دهلران وهي منطقة جبلية تقع تماما أمام منطقة الشهابي الملاصق لقضاء بدرة في محافظة واسط ( الكوت ) من جهة ومن الجهة الثانية لناحية الطيب في محافظة ميسان ( العمارة ) ،ويمكن رؤية جبل دهلران من منطقة شيخ سعد على الطريق الواصل بين الكوت مدينتي الكوت والعمارة. حاولوا النأي عن معتقد صابئة حران الذين يـُظن أنهم لم يقروا بالوحدانية بشكلها الواضح وآثروا الشرك ، ولم يكونوا من مؤمني ومريدي يحيى المعمدان الذي عمد السيد المسيح ع في نهر الأردن وهو من الأنبياء الشهداء وله قبر يزار من رعايا كل الديانات في وسط مصلى الجامع الأموي في دمشق. ويطلق عليه قبر النبي يحيى ع. ولصابئة العراق كتب مقدسة مسمى ب( تعاليم ومواعظ النبي يحيا ) وفيه وصايا النبي لقومه وتحمل دلالات روحية وتربوية ودينية تخص سلوك الطائفة في شتى مفاصل الحياة. يدعي بعض المندائيين إن صابئة حران الحقيقيين هم موحدون وعاشوا في هذا المكان القائم في أعالي الفرات ، بالرغم من أن مناطق أخرى في المنطقة تسمى بذات التسمية ومنها ماهو في مناطق شرق العراق كما في المنطقة المسماة وادي حران في قضاء مندلي والتي كانت في الحرب العراقية ـــ الإيرانية مسرحاً ملتهبا لمعارك ضارية بين البلدين ، وكنت قد عشت ردحاً من الزمن في ذلك الوادي الذي يفصل الحدود العراقية ــ الإيرانية مقابل إقليم إيـلام ووجدت من سكان المنطقة واغلبهم من الرعاة أو خدم بعض مقامات قبور الأولياء من العلويين الذين كانوا يدفنون في تلك المناطق بعد أن يصيبهم الإنهاك والجوع والعطش من طول المسافة والطريق الذي يقطعونه هربا الى بلاد فارس من ظلم وجور ولاة بني العباس حيث تجد المسميات أغلبها تنتمي الى أولاد الأمام موسى الكاظم ع ، وهؤلاء الرعاة والمزارعين من سكان تلك المناطق يملكون رؤية عن مرجعية المكان ، وعندما سالت أحد الشيوخ إن كان وادي حران في الزمان القديم موطنا لجماعات دينية غير المسلمين ومنهم الصابئة؟ قال : إن المكان كان موطناً للكثير من الديانات القديمة وعاشت هنا أقوام عديدة وجرت في المكان حوادث تاريخية كثيرة ولديهم في حكاياتهم وأساطيرهم ما يدل على أن المكان كان يكتظ بالمعابد والكهنة والأقوام القديمة وربما من بينهم هؤلاء الصابئة الذين يسمع عنهم ولم يراهم في حياته. وهكذا تتشابه الأمكنة وتتشابه في تاريخها كونها كانت تمثل منذ القدم امتدادا حضاريا واحدا وكانت بلاد الشام والعراق تدعى ( بلاد الهلال الخصيب ) ، حيث تتوالد الحضارات والديانات وتتصاهر فيما بينها وتكاد أن تعيد جذورها الواحدة الى أبناء نوح سام وحام.لهذا ظل المندائيون يؤكدون على أن المندائيين ذوو معتقد واحد أينما حلت أمكنتهم حتى فيما بينهم صابئة حران وهذا أجادت فيه رؤية العالم العربي الكندي عنهم قوله كما ذكره أبن النديم في الفهرست : ( بان دعوة هؤلاء القوم كلهم واحدة وسنتهم وشرائعهم غير مختلفة وان قبلتهم واحدة فقد صيروها لقطب الشمال وقصدوا بذلك البحث عن الحكمة وان المفترض عليهم من الصلاة في كل يوم ثلاث ولا صلاة عندهم الا على طهور والمفترض من الصيام ثلاثون يوما وعليهم الغسل من الجنابة وتغيير الثياب ومن مس الطامث ويتركون الاختتان ولا يحدثون على فعل الطبيعة حدثا ويتزوجون بشهود وفريضة الذكر والأنثى سواء ولا طلاق إلا بحجة بينة عن فاحشة ظاهرة ). ولكن بعض العلماء المهتمين بالديانات الشرقية القديمة ومنها المندائية يؤكدون أن الترابط العضوي والاجتماعي والديني قائم بين صابئة حران وصابئة البطائح وهذا ما لا ينكره المندائيون اليوم. ويؤكده الدارسون كما يذكره العالم الألماني البروفيسور رودولف كورت في حوار معه ظهر في صحيفة الحياة بتاريخ 8 / 12 / 2004 قوله : (( هناك نصوص تشير الى أن المندائيين الأوائل تعرضوا لاضطهاد اليهود ، الأرثوذكس منهم على وجه الخصوص فتركوا سورية وفلسطين لاحقاً وتوجهوا عبر تلال الجزء الشمالي من وادي الرافدين الى الجزء الجنوبي منه, ربما في رحلة استغرقت نحو 100 سنة وبدأت في القرن الأول الميلادي قبل أن يصلوا الى جنوبي وادي الرافدين في القرن الثاني. بالتأكيد قد يكون هناك أفراد من بابل أو جنوب وادي الرافدين ممن اعتنقوا المندائية, لكن لا بد أنه كان هناك أشخاص آخرون على معرفة بالطقوس والتعميد قدموا من الغرب. وأعتقد بأننا لا نستطيع تفسير كل ما يتعلق بالمندائيين من ميثولوجيا وثيولوجيا وأيديولوجيا وغيرها استنادا إلى أواني الأدعية وحدها. لكنها نظرية أو فرضية.)) هذا هو التصور العلمي والفقهي والتاريخي عن صابئة حران وهو مشابه لما كان العرب في اغلب عصورهم يتعاملون معهم دون أن يشيروا إلى مندائيي الجنوب العراقي إذ كانت حران تمثل في المدونات الشرقية منذ النهضة التدوينية في العصر العباسي المكان التاريخي والروحي لهذه الطائفة ، وبالرغم من هذا ونتاج اقتراب حران من منابع حضارية ودينية أخرى كما أسلفنا لحق بصابئتها بعض سوء الظن والتفسير بالرغم من أن النصوص القرآنية في أكثر من سورة وآية بجعلهم من أهل الجزية كانت قاطعة وواضحة واتخذها بعض علماء الفقه والشريعة والتفسير نصوصا لاحياد عنها وغير قابلة للتأويل وإظهار القصد المختلف.
المانيا في 10 آب 2010
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجع ذاكرة المدينة
-
متعة الأحمر بين شفتي الوردة والأنثى ......!
-
منلوج الوردة روحانيات مهلهل
-
إلى متى نرتهن بسخافة وسذاجة مانرى ......!
-
اوباما ...رامسفيلد ..شوارزكوف ... نبيل شعيل ..!
-
الأمريكان ذهبوا ...مالذي بقي ..؟
-
الرؤى المدهشة ( إبراهيم ويوسف الصديق ع )
-
وردة الروح أولا .....!
-
العراق ...( صوت الله..وصوت الآه )
-
جمهورية السيدة زينب....!
-
جنوب مدن الله ( الألم )............!
-
أوزان البرلمانيون العراقيون بالكيلو غرام......!
-
جيفارا كان مندائياً ...وعبد الكريم قاسم صابئياً .!
-
سُرَ المرأةُ ودهشة الأغراء فيها....!
-
الجمال العراقي في العهد الملكي.......!
-
اغمضي عينيك ..وأغلقي الباب وراءك......!
-
الغفاري والعزير ...رؤيتان لحلم مشترك في ليل الرغيف والوردة .
...
-
خلطة عراقية ( سليمة مراد وزهى حديد ومسماية سهر )
-
كوكب حمزة ...سريالية الطيور الطائرة ........!
-
أيها الديك ...سلاما لدجاجتك .......!
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|