الاتحاد
الحوار المتمدن-العدد: 944 - 2004 / 9 / 2 - 10:51
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
يصح النظر الى التقرير الذي أعدته ادارة البحوث التابعة للكونجرس الأمريكي، ونشرته هذه الأيام، من باب: "من فمك أدينك".
فهذا التقرير (انظروا ص 10) يستعرض المتغيرات في واحدة من أخطر أنواع التجارة، نقصد تجارة الأسلحة. وهو "الفرع التجاري" الذي يحتاج أقطابه الى حالة مستديمة من الحروب المشتعلة لإنفاق بضاعتهم الدموية.
ومما يستفز في التقرير المذكور الى حد بعيد هو الربط بين المعطيين التاليين:
* مبيعات السلاح العالمية انخفضت عام 2003 الى 25.6 مليار دولار من 41 مليار دولار عام 2000.
* الولايات المتحدة صدرت أسلحة لدول العالم تزيد قيمتها عن 14,5 مليار دولار عام 2003 مقابل 13,6 مليار دولار عام 2002. اي انها رفعت وتيرة التسليح.
الصورة واضحة: على الرغم من أن "تجارة الموت" تراجعت بشكل ما عالميا، فلا تزال هناك المليارات المحروقة سدى، والتي بمقدورها اصلاح شيء غير قليل من عالمنا هذا، فيما لو تم استثمارها في غير احراقه وازهاق أرواح الآلاف المؤلفة من ابنائه. وهي صورة تزداد استفزازا ووضوحًا، في آن واحد،عندما نرى انه على الرغم من بعض التراجع في الانفاق العسكري، عالميا، فان هناك دولة لا تزال "تنمو وتزدهر" في هذه التجارة القاتلة: وهي وحيدة القرن الامريكية المتحدة!
هذه المعطيات قادرة مجددا على كشف النظام الذي يقوم عليه حكام أمريكا واصحاب المصالح العابرة للقارات فيها. انه نظام الحفاظ على ما يشبه المسار المفتوح أمام حركة الأسلحة، بكافة أشكالها فتكًا وتقتيلا. وكيف يكون هذا المسار، سوى بالحفاظ على نار الحروب مستعرة؟ وهل يمكن الامتناع عن قراءة الحرب العدوانية الامريكية على العراق ،مثلا، من غير هذا الباب أيضًا؟
ان النظام الذي يسعى تجار السلاح والنفط من حيتان الاقتصاد الامريكي المعولم لفرضه، هو نظام سيظل يقوم على الحروب بالضرورة. نحن ازاء حالة امبريالية نموذجية، تصبح نزعة الهيمنة والاستغلال فيها عديمة القيود، الى درجة قيام ما يشبه "شركة لانتاج الحروب" بأعلى تخطيط وخبث، بغية فتح الطريق أمام انقضاض آلة الموت التي تدرّ الأرباح الفاحشة على طغمة حاكمة متجبرة.
وعندما نقول ان الوصول الى عالم بلا حروب يجب ان يمر بالضرورة من باب تقويض نظام الهيمنة الرأسمالي، فإننا نجد الدليل في مكان غير محسوب.. وهنا نجده، ويا للمفارقة، في هذا التقرير الامريكي الرسمي الذي يكشف حقيقة الوجه الأمريكي الرسمي!
#الاتحاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟