أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - حازم صاغيّة - دفاعاً عن البكاء














المزيد.....

دفاعاً عن البكاء


حازم صاغيّة

الحوار المتمدن-العدد: 3120 - 2010 / 9 / 9 - 09:10
المحور: بوابة التمدن
    



الخميس, 09 سبتمبر 2010

رأى الجنرال ميشال عون أنّ رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة ميشال سليمان «لا يقوم إلاّ بالبكاء». ربّما.

وقد ردّ وزراء وسياسيّون موصوفون بالقرب من رئيس الجمهوريّة، فاستهجنوا «التطاول على فخامة الرئيس» وعلى «المقامات»، مستخدمين لغة عتيقة و «ضيعجيّة» باتت السياسة في أيّ مجتمع حديث، أو ساع إلى الحداثة، تمجّها.

«التطاول» ليس مشكلة، لكنّه يغدو كذلك حين يقتصر على الطرف الأضعف في معادلات القوّة والسلاح. مع هذا، فإنّ المشكلة الأهمّ تقيم في الموقف من البكاء، وهو ما يتجاوز عون إلى ثقافة شعبيّة أوسع وأعرض.

أمّا سند تلك الثقافة فصورة «الرجل الرجل»، أي القائد الذكر الذي لا يرفّ له جفن ولا يخرج دم من جسده حتّى لو طُعن بسهم. هكذا كان قادة من أمثال هتلر وستالين والخميني وصدّام حسين. هؤلاء لم يبكوا، وكانت دمعة واحدة تجود بها عيونهم كافية لإسقاط هيبتهم وحرمانهم معناهم وتجريدهم من شعبيّتهم. هؤلاء دخلوا التاريخ بالعبوس والتقتير العاطفيّ تاركين وراءهم شعوباً تبكي.

وأغلب الظنّ أنّ معيار القسوة هذا هو بعض ما ورثه الإنسيّ عن الوحشيّ، والاجتماع عن الغابة. وهو، من جهة أخرى، دليل على استمرار التطلّب إلى الآباء القساة وعلى بقاء شيء من العبوديّة في نفوس البشر الذين يُفتَرض أنّهم أحرار.

وبالعودة إلى لبنان، وبغضّ النظر عمّا إذا كان ميشال سليمان يبكي أو لا يبكي، فإنّ الوضع لا يحمل إلاّ على البكاء: هكذا تكون الحال حين لا يستطيع الحاكم المنتخَب أن يحكم لأنّه الأضعف في معادلة السلاح والقوّة، وحين تكون إرادة البندقيّة أقوى من إرادة الانتخابات.

وقد سبق للبنانيّين ولغيرهم أن شاهدوا فؤاد السنيورة، وهو يومذاك رئيس حكومة، يبكي. والسنيورة بكى غير مرّة حين كان يرى بلده يُضرب ويُهدّم من دون أن تكون له، كحاكم مفترض، يد في وقف ذلك. لقد واجه رئيس الحكومة السابق بدموعه عجزه وعجز شعبه حيال حرب هيوليّة لم يُسأل هذا الشعب ولا سئل ممثّلوه رأيهم فيها، حربٍ ما كادت تنقضي عليها إلاّ أيّام معدودة حتّى قال سيّدها نفسه إنّه لو عرف بالذي سيحصل لمّا شنّ الحرب.

وآنذاك، أيضاً، ظهر بين اللبنانيّين من يأخذ على السنيورة دموعه، فيما هو يستجدي العرب والعالم وقف إطلاق نار لم يبدأه ولا كان له رأي فيه.

وبقياس ما جرى، وما لا يزال يجري، كان يُستحسن في الذين لم يبكوا أن يبكوا. فهم ربّما لو فعلوا، لأقنعونا بأنّ شيئاً آخر يمكن أن يخرج من صدورهم، وبأنّ ثمّة أملاً يمكن أن يتأتّى عن شعور متمدّن بالذنب، والشعور بالذنب من شيم المتمدّنين.

وبدوره، ليت الجنرال عون بكى، بدلاً من مراكمته ذاك الرصيد السلبيّ الذي أنتجته حياته في السياسة. ليته فعل ذلك في 1990 وليته فعل ذلك في 2005 وليته يفعل ذلك اليوم. فالدمع، وإن كان أهدأ كثيراً من الصراخ، يبقى أفعل وأسخى وأشدّ تعبيراً عن المشاعر التي تستحقّ التعبير عنها.




الحياة



#حازم_صاغيّة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيّ دور للسياسة؟
- نموذجان ومسؤوليّة
- قبائلنا وقبيلة أميركا
- أبعد من مسلسل تلفزيونيّ
- صدام بين المحاكمة والإعدام
- ديانة مكافحة الإرهاب... الكاذبة
- يوم بكت نيويورك وواشنطن قال -المحافظون الجدد-: وجدناها، هذه ...
- -بالروح بالدم- نفدي من؟
- خريطة طريق إلى أبو مازن ومجلس الحكم
- نظرة الى مصاعب أن يكون المرء ليبرالياً في العالم العربي
- لماذا لم ينتفض الجنوب؟
- بؤس الاخوان, بؤس مصر, بؤسنا
- بماذا تردّ المنطقة؟
- خمس ملاحظات حول صدام الثورتين
- إلى أميركا الأخرى
- بوش وإيران والفرص المفوّتة
- تركيا : من التحديث إلى الحداثة
- نهاية الأصولية و . . . الدعوتان
- ليس لدينا ما نقول
- عفن في أميركا


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - حازم صاغيّة - دفاعاً عن البكاء