|
وإذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا!! إلى دعاة أمريكا الجدد
قاسيون
الحوار المتمدن-العدد: 944 - 2004 / 9 / 2 - 10:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الجديد عند الذين يديرون ظهورهم لأوطانهم ويديرون وجوههم الى الامبريالية الأميريكية والصهيونية، أن معظمهم، إن لم يكن كلهم، من قوى اليسار التي لم تقبل في الماضي القريب إلا بتحرير فلسطين من البحر الى النهر، وتعلن اليوم، بالفم الملآن، أن شعوبنا عاجزة عن التخلص من حكامها المستبدين، وأن الضرورة تستوجب الخضوع لارادة الامبريالية الأميريكية، التي ستنقل شعوبنا ليس الى «جنات النعيم» الديموقراطية، حسب ما يتصورون ويصورون، انما من «تحت الدلف الى تحت المزراب» أو «من الرمضاء الى النار». إن كان بتحالف الامبريالية والصهيونية مع المستبدين السابقين واللاحقين، أو بايجاد بديل، أسوأ بما لايقاس، من كل ماعرفه تاريخ شعوبنا من ظلم واستبداد وطغيان. ويكفي في هذا الصدد ذكر تجربة غواتيمالا الديموقراطية في أواسط القرن الفائت، وتجارب جمهوريتي هايتي والدومنيكان التي لم تنته فضولهاً حتى الآن في جزيرة هسبانيولا، وتجربة غرينادا وبنما والسلفادور ونيكاراغواي وغيرهافي أواخر القرن المذكور. والجديد أيضاً أن هؤلاء يختبئون تحت الطبقة الرقيقة من «العسل» التي تخفي «السم الزعاف»، تلك الطبقة التي تمثلت بالصور المتقنة الصنع التي وزعتها الشركات التي استولت على بيوت ومزارع الناس في الولايات الشرقية في رواية «عناقيدالغضب» لكاتبها جون شتاينبك، وقررت اقتلاعهم وترحيلهم الى «جنات عدن» في كاليفورنيا التي لم يلقوا فيها، بعد رحلة «عذاب أليم»، غير الموت الزؤام. وكذلك كان «المشروع الصهيوني» الذي كان سينقل بلداننا «من الظلمات الى النور»،وتحول بقوة قادر الى مشروع ابادةللعرب عموماً، والفلسطينين خصوصاً، وحماية الذهب الأسود من أصحابه، ومشروع تخليص العالم من شرور وطغيان «طالبان» و«ابن لادن» و«صدام حسين». وغنيٌُ عن البيان أن الامبريالية الآميريكية خصوصاً، هي التي أوجدت"طالبان"و"ابن لادن"و"صدام حسين"، وهي التي استخدمتهم واستبعدتهم وقتلتهم أو أنها في طريقها الى قتلهم خدمةً لمصالحها القريبة أوالبعيدة. ولن يكون مصير الأتباع الجدد للامبرياية والصهيونية الذين ينطلقون من عواطفهم الانتقامية المفهومة، ومن خيالاتهم المريضة، أفضل من مصير أسلافهم في طالبان وتنظيم القاعدة وفدائيي صدام. وبدلاً من «اذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا» يفتخر البعض بـ «الشغل» مع الأميريكان، مثل اولئك الذين كانوا في أيام لينين يسرحون ويمرحون في المستنقع، ويصرخون على الناس خارج المستنقع كي ينضموا اليهم. وكان جواز سفر جماعتنا ندوة وراء البحار هنا، وندوة هناك، وثالثة في واشنطن برعايةكريمة من السي آي إيهC.I.A واختلاط مفهومي «الداخل» و«الخارج» اللذين اختلطا على رجلين من طرابلس صادر ابن عمار جزءاً من أموالهما في خضم الدفاع عن البلد أثناء حصارها من قبل الصليبيين الذين تركوا قسماً منهم يحاصرها في الوقت الذي تابع الآخرون استيلاءهم على المدن الساحلية الأخرى. ولقد خرج الرجلان اللذان، لم يقولا أنهما خائنان مثل غيرهم من الخونة، بل قالا أنهما خرجا من طرابلس خلسةً لكي يدلا الأعداء على الطريق السري الذي تصل بواسطته المؤن لطرابس المحاصرة. وكان الصليبيون أشرف بكثير من الامبرياليين الأميركان والصهاينة فلم يسلما الرجلين لابن عمار رغم المبالغ التي عرضها عليهم (1). وأدى اختلاط المفاهيم عند جماعتنا الى الهزء، وأحياناً احتقار، المعاني القديمة الجديدة لمفاهيم الشرف والشجاعة والصمود. ويضربون صفحاً عن معاني الخيانة ، والاذلال والاستجداء. وسبق أن تساءل روجيه غارودي: «هل ستعني »الحداثة« النسيان والاحتقار والجهل والضلالة لحساب الأمية الثقافية والثقافة الاخبارية؟» (2). ويضيف:أن «ليس هناك مُسلَّمة واحدة من المسلمات التي يزعمون أنها عصرية إلا كاذبة، وفي المقدمة منها مسلمات الديموقراطية ، والدفاع عن حقوق الانسان، والحرية » (3). و تفلت أعصاب جماعتنا اذا استشهدنا بأقوال للينين، مثل «ان الصينيين (أي العرب راهناً) لايكرهون الشعوب الأوربية (الشعب الأميريكي راهناً) ــ انما يكرهون الرأسماليين الأوربيين (الأميريكيين راهناً) والحكومات الأوربية (الأميريكية راهناً) الخاضعة لهم» (4). و«اذا سمينا الأشياء بأسمائها حق لنا أن نقول إن الحكومات الأوربية (الأميريكية راهناً).. قد شرعت باقتسام الصين(بلادالعرب أو بالحقيقة الشرق الأوسط حالياً) ولكنها لم تشرع بهذا الاقتسام في وضح النهار، انما بدأته خلسةً، على غرار اللصوص» (5). و«ان المحرفين يزعمون ان السياسة الاستعمارية تقدمية، وانها تزرع الرأسمالية، ولذلك فليس من داع لاتهامها بالجشع والقسوة» (6). في حين أن هناك رأسمالية ورأسمالية: رأسمالية وطنية أو حتى غير وطنية يمكن ويجب أن تقوم بثورة صناعية اذا توفرت لها الظروف الملائمة ، ورأسمالية امبريالية أجنبية تستبيح ثروات البلاد المادية والبشرية لكي تفسح المجال أمام عدد محدود جداً من رجال الأعمال الأميريكيين خصوصاً، فيمتلك 358 ملياديراً ثروة تضاهي مايملكه 2.5 مليار من سكان العالم (7). ولاحظ موريس آلياس الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد أن التدفق المالي يرتفع في المتوسط الى ألف ومئة مليار دولار في اليوم، أي أربعين مرة أكبر من التدفق المتصل بالقواعد التجارية.. ويحقق هذا الرأسمال بالمضاربة أكثر بأربعين مرة مما لو عمل في ميداني الانتاج والخدمات (8). ويقتلع رأس المال الجديد دولاً بمجملها، وماتقوم عليه هذه الدول من أنظمة أجتماعية من الجذور (9) والبرنامج الأكثر دقة لدور اسرائيل يهدف الى تفتيت كل الدول المجاورة من النيل حتى الفرات، وهي الطريقة الأفضل التي تستجيب لأطماع الهيمنة العالمية للولايات المتحدة، في الموضع الأكثر حساسية(الخليج ...( على حدود امبراطوريتها (10).
الهوامش:
1 ـ ابو الحسن علي بن ابي الكرم محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، المعروف بابن الأثير الجزري الملقب بعز الدين، الكامل في التاريخ، المجلد9، دار الكتب العلمية، بيروت 1995، ص 96.
2 ـ روجيه غارودي،الولايات المتحدة طليعة الانحطاط، ترجمة مروان حموي، دار الكاتب، دمشق ،1998، ص179.
3 ـ المصدر نفسه، ص 14.
4 ـ لينين حركة شعوب الشرق الوطنية التحررية ،دار التقدم ، موسكو 1967، ص 26.
5 ـ المصدر نفسه ص 28.
6 ـ المصدرنفسه، رسالة الى مكسيم غوركي في 3/1/1911 ص 68.
7 ـ هانس ــ بيتر مارتين و هارالد شومان، فخ العولمة، ترجمة عدنان عباس علي، عالم المعرفة، الكويت 1998، ص 60.
8 ـ المصدر رقم 2، روجيه غارودي، ص 30.
9 ـ المصدر رقم7، فخ العولمة، ص 34.
10 ـ المصدر رقم 2، روجيه غارودي، ص 13.
بقلم نذير جزماتي
#قاسيون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اقتصادنا في المزاد العلني وشركاتنا بأيدي ناهبيها ماذا يحدث ف
...
-
الغزاة الجدد قادمون.. أين المتاريس؟
-
العامل الخارجي بين رؤيتين
-
التدخل العسكري في السودان بات قاب قوسين أو أدنى...الولايات ا
...
-
الشيوعيون السوريون يتصدرون التظاهرة.. والمشاركون يهتفون ضد ا
...
-
ضغوط... استعصاء... وماذا بعد؟
-
تظاهرة كبرى في اسطنبول ضد قمة الناتو
-
الأطفال يسألون.. والعالم أصم!!
-
خطة الفصل الشارونية هدفها: إجهاض الانتفاضة، ضرب المقاومة، تك
...
-
سورية بحاجة إلى قانون أحزاب طال انتظاره
-
من العقوبات إلى الترتيبات
-
يجب أن يكون محرماً السكوت عن ناهبي الشعب.. وهم معروفون
-
ماذا وراء انفلات الأسعار؟
-
العقوبات الأمريكية.. ماهي الخطوة التالية؟
-
الأساس في المقاومة هو إتاحة الفرصة للإمكانيات الكامنة عند ال
...
-
المطالبة بالرأي والرأي الآخر لاتعني مصادرة آراء الآخرين
-
ليشارك كل من يحمل الهوية السورية في حوار وطني دون أي استبعاد
-
التاريخ يؤكد أن الخلل في موازين القوى ليس مبررا للإستسلام
-
ندوة مصارحة جادة.. وواجبنا الوطني يدعونا أن نكون في خندق واح
...
-
الندوة بداية حقيقة باتجاه فعل نهضوي جديد مداخلة د. طيب تيزين
...
المزيد.....
-
إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
-
مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما
...
-
سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا
...
-
مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك
...
-
خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض
...
-
-إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا
...
-
بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ
...
-
وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
-
إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|