كلمة الاذاعة 25/7
يحاول النظام الديكتاتوري، وتحديداً رأسه صدام حسين، هذه الايام، واكثر من أي وقت مضى، الظهور بمظهر القوي المتماسك، القادر على الامساك بزمام الامور، ومن موقع القوة والاقتدار، حسب الاسطوانة المشروخة التي دأبت ابواق النظام الاعلامية على ترديدها وازعاج المواطنين بها، بمناسبة او بدونها.
وتزداد وتيرة الزعيق هذه طبعاً، كلما تعرض النظام الى مخاطر وصعوبات، جدية، كما هو الحال اليوم، حيث تتصاعد حمى التهديدات الامريكية بتوجيه ضربة تستهدف الاطاحة به كما يقال.
لكن المتمعن في حقيقة الامر، وهذا هو حال الانسان العراقي، الذي يوصف عن حق، بانه "يقره الممحي"، يرى غير ذلك تماماً. فكل الاجراءات الاستنفارية والممارسات الارهابية التي تقوم بها اجهزة النظام، انما تدلل على ضعفه وخوفه من الشعب، الذي ينتظر بفارغ الصبر، الفرصة السانحة للقضاء على هذا السرطان الذي ينخر في جسد المجتمع العراقي منذ 34 عاماً.
ومن يدقق جيداً في خطاب رأس النظام في ذكرى انقلاب 17 تموز المشؤوم يجد ودون كبير عناء ان الهشاشة والضعف والتملق والتخاذل هي السمات الطاغية عليه. فهو يتملق شعبنا العراقي بصورة لا سابق لها ويخاطبه بـ "قرة عيني" و "جرح روحي" داعياً ابناءه للدفاع عن كرسيه وعن نظامه المتهرئ، الذي سام العراقيين ويسومهم سوء العذاب.
ان هذا الضرب من التملق الذي ظهر به صدام اخيراً انما يدعو الى الاستخفاف والسخرية والاحتقار، لان الشعب العراقي يعرف جيداً، من هذا الذي يتضرع اليه الان؟ وما الذي فلعه ويفعله بخيرة ابنائه وبناته على امتداد حكمه المقيت. فماذا حدا مما بدا؟
المسألة واضحة وضوح الشمس وهي انه خائف من الشعب مرتعد من انفجار نقمته. وما اجراءاته الاحترازية وعملياته التعبوية التي يقوم بها هو واركان حكمه، وعلى كل الاصعدة، الا بهدف الاستعداد لمنازلة الشعب، وليس لمواجهة امريكا كما يدعي.
انه خائف ان تفلت الامور من يديه، وهذا ما سيحصل فعلاً ساعة ينفجر الغضب الشعبي العارم، ليحرق بناره كل الهياكل والقلاع التي يظنها الطاغية حصينة، والمخصصة لحمايته وبقية الزمرة المجرمة.
ولعل الامر الاخر الملفت للنظر في خطاب صدام حسين البائس، هو استنجاده بالدين، والدين منه براء، الامر الذي يكشف بجلاء عدم ثقته بكل هذه الاجهزة القمعية، التي بناها بأموال العراقيين، لتكون رأس الحربة والدرع الواقي له ولنظام حكمه الدموي.
ان صدام حسين وكعادته عندما يتلبسه الوهم، يظن ان ازدحام خطابه بالآيات القرآنية والشواهد الدينية، سوف يخدع العراقيين، ويجعلهم يصدقون بانه يريد الخير لهم، وان الحكمة منذ الان فصاعداً ستكون لصيقة به وبقراراته الفردية. ناسياً او متناسياً ان جميع العراقيين يعرفون قصة ابن اوى، الذي ادعى التوبة، وذهب الى الحج، ليكون بمقدوره خداع ضحاياه، واصطيادهم بسهولة اكبر.
ان الاستعدادات العسكرية والامنية الهائلة والرشاوي التي زادها الدكتاتور هذه الايام، لاعوانه وجلاوزته، ويحاول ان يغري بها حتى ضباط القوات المسلحة وغيرهم، والمناورات السياسية التي يمارسها بشكل مكشوف، ان هذا كله لن يخدع احداً. وسوف لن ينقذه من مصيره المحتوم، الذي اضحى يلوح في الافق، ليبشر العراقيين بفجر آت لا محال! فجر يحمل الحرية والسلام والعيش الكريم لهم ولاجيالهم القادمة، في عراق ديمقراطي فيدرالي موحد.