أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - سعيد ناشيد - وسائل الإعلام وثقافة الجموع (3















المزيد.....

وسائل الإعلام وثقافة الجموع (3


سعيد ناشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3117 - 2010 / 9 / 6 - 22:17
المحور: بوابة التمدن
    



الاوان
وسائل الإعلام وثقافة الجموع (3)
من يتحكّم في السّلطة الرّابعة؟
من يمتلك الإعلام يمتلك السلطة. بل من يمتلك الإعلام يمتلك أخطر سلطة على الإطلاق :

لا يتعلّق الأمر هنا بمجرّد سلطة "الحكم" (التشريعية والتنفيذية)، وإنّما يتعلق الأمر بسلطة "التحكّم"، بمعنى سلطة صناعة الرأي العام. هذا ما يدركه "سادة العالم الجدد". لذلك نراهم اليوم في منافسة محمومة يخوضون سباق المسافات القصيرة نحو احتكار أهم وكالات الأنباء والصحف والفضائيات. إنّها معركة السيطرة على الطرق السيارة للمعلومات، بل وعلى منابع صناعة المعلومات. بعض رجال الدولة يمتلكون مجموعات إعلامية ضخمة تساعدهم على التسويق السياسي لأنفسهم بأنفسهم، مثل رئيس وزراء إيطاليا السابق برلوسكوني، وبعضهم يضمن لنفسه صفقات مربحة للصناعات المسيطرة على الفضاء الإعلامي والمتحكمة فيه، مثل رئيس فرنسا ساركوزي، مقابل السند الإعلامي.

ويشهد الواقع على أن الكثير من الشركات الصناعية العالمية، والتي تتجاوز أرقام معاملاتها ملايير الدولارات، بدأت تتجه صوب الاستثمار في مجال الإعلام، ما سيضمن لها ليس فقط الربح التجاري، والذي هو من صميم أهدافها المعلنة، وإنما يضمن لها أيضا القدرة على التحكم في صناعة الرأي العام والتأثير على مراكز القرار الدولي.

بعض الأمثلة الماثلة أمامنا :

* الشركة الأمريكية العملاقة "جينرال إليكتريك" والمتخصصة في صناعة الأجهزة الإلكترونية، لا تكتفي بامتلاك القناة التلفزيونيةUniversal NBC، وإنما تستثمر أيضا داخل العديد من القنوات الأمريكية.
* مجموعة "كارليل" الأمريكية، من ضمن مالكيها جورج بوش الأب، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق جون مايجر، ووزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر، وأحد إخوة أسامة بن لادن قبل فسخ العقد معه بعيد الحادي عشر من شتنبر / أيلول، والمتخصصة في الصناعة الثقيلة والفضاء والاتصال، تستثمر في العديد من الصحف ووسائل الإعلام داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، وقد استطاعت في عام 1999 أن تصبح المستثمر الأول في صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، متقدمة عن المجموعة الصناعية الفرنسية "داسو"، قبل أن تتمكن هذه الأخيرة من استعادة أغلب أسهم الصحيفة حفظا لماء الوجه الفرنسي.
* المجموعتان الفرنسيتان "داسو" و"لاغادير" تهيمنان على أكثر من نصف الصحافة المكتوبة بفرنسا. وعلى سبيل المثال تسيطر "داسو" على معظم أسهم يومية "لوفيغارو". وتتحكم "لاغاردير" في مجلة "باري ماتش"، و"لو جورنال دو ديمانش"، ولديها أيضا بعض الأسهم في يومية "لوموند".

والأدهى من ذلك أننا في كل هذه النماذج التي وقفنا عليها، فنحن أمام مجموعات صناعية تعد الصناعة العسكرية من بين أنشطتها الأساسية أو التكميلية. والحال أن القليل النادر من الصحف والقنوات الإعلامية الكبرى التي لا يوجد من ضمن مالكيها مجموعات لا تستثمر في مجال الصناعات العسكرية، ما يميط اللثام عن معضلة تراخي الإعلام الدولي وتلكّئه في دعم تيارات السلام والحركات المناهضة للحروب عبر العالم. وبهذا النحو قد نفهم أهداف برنامج إشهاري قصير جدا تعرضه قناة "الجزيرة" بين الفينة والأخرى حول أحدث منتجات الصناعات العسكرية. إنه، وبالتقسيط، قسط من ثمن "الحرية" الإعلامية التي تتمتع بها تلك القناة في منطقة الخليج العربي.

المالكون الصناعيون والماليون يمتلكون أدوات التسويق السياسي، ويضعونها رهن إشارة رجال الدولة مقابل نشاط ديبلوماسي للدولة يجلب لهم صفقات تجارية، في أي مجال من مجالات اختصاصهم بما في ذلك المجال العسكري إذا لزم الأمر.

إليكم مثالا غنيّا بالدلالات :

حيث نلاحظ بأن مواقف ساركوزي من الجماهيرية الليبية صارت أكثر مرونة عقب قبول هذه الأخيرة الدخول في مفاوضات حول صفقة شراء طائرات "الرافال" الحربية الفرنسية، لتصبح بذلك أول زبون لطائرات "الرافال". كما نلاحظ أن تصعيد ساركوزي للهجته اتجاه إيران جاء متزامنا مع حملته لتسويق طائرة "الرافال" لعدد من دول الخليج، على رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة والتي صرحت بأنها ستستبدل ستين طائرة "ميراج" لديها بطائرات "الرافال". في حين شهد البرلمان الكويتي في الأسابيع الماضية نقاشا حادا، حيث رفضت كتلة التنمية والإصلاح (الإسلامية) أي تفضيل للصناعة العسكرية الفرنسية على حساب الصناعة العسكرية الأمريكية، والتي تحظى بإجماع أهل الصحوة.

ما علاقة هذا المثال بالإعلام؟

السؤال الأكثر دقة هو : ما الذي ستمنحه طائرات "الرافال" لساركوزي، مقابل هذه الدينامية الهائلة لتسويق طائراتها المثيرة للجدل؟

الجواب : أنها قادرة على منحه التسويق الإعلامي الذي سبق أن حظي به، عبر وسائل الإعلام التي تمتلكها أو تستثمر فيها المجموعة الصناعية "داسو" باعتبارها الجهة المصنعة لـ"رافال".

تظهر الصورة الآن جلية : فقد تحولت السلطة الرابعة إلى أشبه ما تكون برأس أفعى تبتلع ذيلها، حيث تعود السلطة الرابعة لابتلاع السلطة "الأولى" أو التحكم فيها.

مع احتدام المنافسة الشرسة على الاستهلاك الجماهيري، وخلال القرن العشرين، لم يعد دور الإعلام مقتصرا على نقل الخبر أو المعلومة إلى المواطنين، وإنما أصبح دوره يتعلق بصناعة الخبر والمعلومة، بل يتعداه أحيانا إلى غاية صناعة شخوص وأحداث افتراضية بالصوت والصورة وعلى طريقة : "توصلنا بشريط مسجل لم يتأت لنا التأكد من صحته".

لقد تحول الإعلام إلى إمبراطوريات بالاسم والمسمى، تلعب أدوارا طلائعية في التسويق السياسي، كما لاحظنا في تجربة صعود نجم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل وأثناء المعترك الانتخابي لعام 2007، وقد تلعب وظائف أساسية في الاغتيال السياسي عبر الدعاية والتشويه والتسلط على الحياة الخاصة، كما حدث للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون فيما عرف ب"فضيحة مونيكا لوينسكي"، وكذلك تمتلك قدرات فائقة على التحكم في الرأي العام، من خلال آليات الدعاية والتمويه وإثارة مشاعر الخوف والرغبة استعدادا لتقبل قرارات صعبة، من قبيل قرار إعلان الحرب على العراق عام 2003، على سبيل المثال.

وهكذا أصبحنا أمام سؤال أخير : هل تحتاج السلطة الرّابعة إلى سلطة أخرى تراقب عملها، وتخرج ذيل الأفعى من فمها؟

ألا يحتاج الإعلام الذي يراقب كل شيء إلى من يراقبه بدوره؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فمن يحق له أن يراقب الإعلام؟

خلال الدورة الثانية للمنتدى الاجتماعي العالمي، في "بورتو أليغري" عام 2002، دعا الإعلامي والمناضل الأممي إيناصيو راموني، إلى المضي نحو إنشاء سلطة خامسة تتكفل بمراقبة وسائل الإعلام، فاقترح لأجل ذلك إنشاء مرصد دولي لوسائل الإعلام.

ولم تكد تمض شهور قليلة حتى تم الإعلان عن تأسيس المرصد الإعلامي في الكثير من المدن داخل القارتين الأوروبية والأمريكية، ما يعكس الوعي بالحاجة إلى سلطة جديدة تراقب سلطة الإعلام. ومع التطور السريع للتجربة، تراءى للكثيرين وكأن ميلاد السلطة الخامسة سيكون من صميم عملية التطور الديمقراطي.

غير أن الأمور صارت على أسوأ ما يرام. إذ لم تمض على دينامية الانخراط في تشييد ما اصطلح عليه إيناصيو راموني بالسلطة الخامسة، سوى سنوات معدودة حتى انهارت التجربة انهيارا تاما. حيث اختفت جل أو كل فروع المرصد من الوجود بلا أثر يذكر، وتوقف الموقع الإلكتروني للمرصد عن التحيين منذ عام 2007. فهل انتهى التاريخ السياسي للسلطة عند حدود السلطة الرابعة؟ وهل قدرنا أن تظل "سلطة التحكم" والخاضعة لسلطة المال، بلا حسيب ولا رقيب، تمارس ما طاب لها من الدعاية والتمويه والتشويه، لحساب جيوب البعض، من غير أية رقابة ديمقراطية؟

هناك تقدير أعرضه الآن :

ليس مجديا التفكير في سلطة خامسة لن تساهم في غير تضخم السّلط وتشابكها إلى حد الشلل. أظن أن الجسم السياسي لا يحتمل سلطة خامسة، قد تحتاج بدورها، وباعتبارها سلطة جديدة، إلى رقابة أخرى، ما يعني الدخول في حلقة مغلقة.

ما سأقترحه ليس جديدا بالنسبة لبعض الدول القليلة التي أنشأت قضاء متخصصا في الإعلام، على منوال قضاء الأسرة والقضاء الإداري والقضاء التجاري والقضاء العسكري.

طبعا أتفهم بأن اقتراح إنشاء قضاء متخصص في مكافحة "الفساد" الإعلامي، قد يثير مخاوف الإعلاميين داخل مجتمعات تعيش أزمة ثقة في القضاء، مثل مجتمعاتنا العربية. لكن لا بديل عن القضاء الفعال والنزيه والمتخصص والقوي أيضا، لأجل حماية الخبر والمعلومة، من تسلط أسواق المال وجشع الإمبراطوريات المالية، والتي يستقوي بها الإعلام كثيراً لكنها تتحكم فيه أخيرا، ومن خلاله تتحكم في كلّ شيء.

تقرؤون في هذا الملف:
علي جازو، وسائل الإعلام وثقافة الجموع (1): وسائل الإعلام الجمـاهيري… طغيـان الأسـلوب الصـوري وضحـالـة القيمة الفكريـة


إبراهيم فرحان خليل، وسائل الإعلام وثقافة الجموع (2): في أحوال علم التنجيم الفني



#سعيد_ناشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من بيروت إلى التراث.. تأشيرة عبور باسم جورج طرابيشي
- الاعتذار عن الاستعمار: هل نستحق الاعتذار؟
- النّار والمَعبد
- هل العلمانية مجرّد خدعة بَصرية؟
- ما نتعلمه من سيون أسيدون وما تعلمناه
- الحادي عشر من شتنبر.. مرتين: أضواء على معمار ما بعد الحاثة
- هل ستكون هناك حرب عالمية خامسة؟
- العلمَانية المَعْطوبَة بين الهَوَسُ الجِهَادِي والهَوَسُ الص ...
- حوار لم يكتمل مع قيادة حزب البديل الحضاري المنحل
- سعيد ناشيد في برنامج حواري حول اليسار الفرنسي و الإسلام
- اليسار الفرنسي و الإسلام .....دفاعا عن العيش المشترك
- إعادة بناء مركز التجارة العالمي
- تحالف الأصوليات
- أزمة اليسار، أزمة مابعد الحداثة أم أزمة القلسقة المعاصرة
- لكي لا تكون الديمقراطية ضد الحداثة
- اليسار و سؤال الإسلام في فرنسا
- المسألة الدينية عند نيكولا ساركوزي
- الجريمة بتفويض إلهي


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - سعيد ناشيد - وسائل الإعلام وثقافة الجموع (3