أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عقيل الناصري - عودٌ إلى البدء في أرأسيات التطور: 14 تموز: جدلية الفهم والموضوعية















المزيد.....



عودٌ إلى البدء في أرأسيات التطور: 14 تموز: جدلية الفهم والموضوعية


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 943 - 2004 / 9 / 1 - 12:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لقد انصرمت أربعة عقود ونيف عن ذلك الحدث الذيََ مَثَلَ أهم وأخطر ظاهرة تاريخية في عراق القرن العشرين، وأكثرها انعطافا وجذريةًً، وعلى كافة الأصعدة والصيرورات (الأجتصادية) الاجتماعية / الاقتصادية / السياسية وحتى الروحية. بغض النظر عن موقفنا الذاتي / المعرفي / الفلسفي، اتجاه هذا التغير، سلباً كان أم إيجابا، أفراداً أم تنظيمات.
هذه الذكرى، تجبرنا على ضرورة التأمل فيها والوقوف على أعتاب منجزاتها وإخفاقاتها، وفهم جدلية عناصرها، ومدى موضوعيتها، بغية وضعها في مسارها الارتقائي الحقيقي. وإعادة تقيمها وقائدها، في سياق صيرورتها التاريخية وسيرورتها اللاحقة، برؤيا شفافة ومفاهيم منطقية.
لقد مثل هذا التغيٌر جوهر وماهية تاريخية العراق وبدايته الجدية، انطلاقا من مقولة هيغل [ أن التاريخ هو عملية تغيًر الإنسان لبيئته، وأنه حيثما لا يوجد تغيًر فليس ثمة تاريخ ]. أعتقد بأن هذا التغير الذي تم في 14 تموز، قد عبر عن الضرورة الموضوعية والذاتية للتطور المطلوب بلوغه، على السواء، للبنى الاقتصادية ومكوناتها الاجتماعية وللممارسة الواعية للسلطة السياسية، بأبعادها الداخلية والخارجية. كما أنه كان بمثابة الخطوة الأساسية لدخول عالم الغد والتلاؤم مع متطلباته.
أنطلق هذا التغيًر في الوقت ذاته، من موقف مصيري يبحث عن نوعية وكيفية انطلاق الذات الاجتماعية، بكل تنوع مكوناتها الأثنية والدينية والطبقية، نحو الأفق اللاحق، بكل أبعاده، وضمن جملة الظروف الحسية الملموسة، وبأبعادها الزمنية وحراكها المتعدد الاتجاهات، ضمن الأبعاد الخطرة، لجيوسياسة مكان البلد و امتداده القومي الطبيعي.
وقد كان التغيير في الوقت ذاته، نتاجاً طبيعياً للتناقضات التناحرية، بين مكونات الواقع الأجتصادي من ناحية؛ وبين الطبقات والفئات الاجتماعية المسيطرة من ناحية ثانية، وكذلك سبل حل هذه التناقضات وأشكالياتها، التي وجدت تعبيراتها المادية في جملة من الظواهر منها، ما يخصنا هنا: إغلاق كتل النخبة السياسية الحاكمة، أو على وجه الدقة أضلاع مثلث الحكم ( مؤسسة العرش، رئاسة الوزارة و السفارة البريطانية )، منافذ التغيًر البرلماني والتداول السلمي للحكم بين مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية، مما أفسح المجال لقوى العنف المنظم إلى أخذ زمام التغيًر..وهذا ما أكده الزعيم مؤسس الجمهورية عندما قال [ لو اعتقدنا أن باستطاعة الشعب أن يزيل كابوس الظلم الجاثم على صدره ، لما تدخلنا بالقوة المسلحة ، ولكننا نعرف أن الناس يائسين ولا من يدافع عنهم .]
كما كان هذا التغيًر الجذري نقله نوعية في أغلب مفردات ومكونات البناء الفوقي الذي يعكس الواقع المادي الآني أو البعد المستقبلي له وفي القيم والمعتقدات، في ولوج حضارة المدن المناقضة لحضارة القرى و منظومة علائقها الأجتصادية / الثقافية، كما كان بمثابة الحل الوحيد آنذاك لأزمة الحكم البنيوية بكل شموليتها والتي كبحت التطور وأجهضت سيرورته وحددت أبعاده.
لقد برزت، في السنوات الأخيرة، قنا عات وصلت حتى إلى بعض من الأطراف التي كانت في الزمن القريب تدافع عن هذا التغيًر، ما بالك عن القوى الأخرى المناهضة له، تلقي بضلال الشكوك والربتة عليه وتنفي ضرورته ووسمته بالانقلاب، دون الثورة، التي هي التغيًر الجذري في مجمل البناء الأجتصادي نحو صيرورة أرقى نوعياً. وعند التمحيص في ما جرى صبيحة ذلك اليوم، بروح علميةـ موضوعية، ترى هل يمكن اعتباره مجرد انقلاب عسكري طال ظاهرة الحكم دون أسسه ؟؟ أم هو ثورة، بكل ما في المفهوم من معنى، نقلت المجتمع من مرحلة أدنى إلى أخرى أرقى؟![M1]  لنتأمل الموضوع بأبعاده، حتى لا نلقي الأحكام جزافاً، من خلال مفردات إنجازات التغير بغض النظر عن الطبيعة الطبقية للقوى التي قادت التغير، رغم أهميتها القصوى، بغية الخروج بسمات هذا التغير وجوهره.. ومن ثم الأحتكام إلى طبيعته.
 
 
1- قوى التغيًر في عالم الأطراف
 
قبل الخوض بالموضوع، لابد من معرفة طبيعة القوى التي بامكانها أحداث التغير الجذري بصورةٍ عامة وفي عالم الأطراف بصورةٍ خاصة في الوقت المعاصر. أن أي تغيًر اجتماعي عميق لا يمكن حدوثه إلا من خلال كوتين أساسيتين هما:
 - قوى العنف المادي المنظم - المؤسسة العسكرية على وجه الخصوص؛
 - الجماهير الشعبية.
ونظراً للواقع الموضوعي والذاتي الذي يسود مجتمعات عالم الأطراف على العديد من الأصعدة منها:
- التركيبة الأقتصادية / الاجتماعية وعلائقها وهلامية حدودها، وتعددية أنماطها؛
- درجة نضوج وتطور المجتمع والإرث التاريخي / السيسيولوجي لتكون الدولة فيها؛
- مدى وجود وفعالية مؤسسات المجتمع المدني ودرجة استقلاليتها عن الدولة؛
- درجة الفعالية والممارسة العضوية للقوى السياسية والفئات الاجتماعية المعتمدة على؛
- نضج العوامل الذاتية ( التنظيمية، الوعي العام، البعد الحضاري والنفسي... الخ ). و تطورها؛
- أهمية جغرافية المكان للدولة وعلائقها مع المراكز الدولية أو / و الإقليمية؛
- حداثة ما تملكه الدولة من وسائل العنف المادي وتاريخية المؤسسة العسكرية وكيفية نشوئها.[M2] 
 
كل هذه العوامل الأرأسية وتفرعاتها وغيرها..قد أسهمت، إلى حد كبير، في فسح المجال لقوى العنف المادي المنظم أن يلعب الدور الرئيسي في عملية التغيًر في هذه البلدان، ومنها العراق[M3] . .
لقد أوضحت تاريخية تأسيس الدولة العراقية مدى الدور الكبير الذي لعبه العسكريون في إرساء كيان الدولة الوليدة، وفي تحقيق واقعية الظروف الجديدة للقوى الاجتماعية التي اعتمدت الدولة عليها، وفي أحداث التغيرات البنيوية في المجتمع وتطوره طيلة المرحلة الملكية، ناهيك ما بعدها.
فقراءة‘ علمية، واعية وحية لتاريخ العراق المعاصر توضح لنا أن قوى الاحتلال البريطاني، اضطرت تحت ضغط الانتفاضات الشعبية المناهضة لها ( انتفاضة النجف 1918وتأثيرها؛ وثورة العشرين وشموليتها )إلى تأسيس الكيان الحالي من خلال أعادة توحيد الولايات العثمانية الثلاثة وحكمه بصورةٍ غير مباشرة، وذلك بعد أن استوردت له ملكاً وسلمت مقدراته الأساسية إلى الضباط العراقيين في الجيش العثماني، وخاصة الشريفيين منهم، الذين ارتبطت قياداتهم العليا بها أثناء ما أطلق عليه " الثورة العربية".[M4]  إذ سيطروا، أثناء المرحلة الملكية، على المناصب الأرأسية في الدولة. سواءً بالنسبة إلى:
- رئاسة الوزارة حيث كانت نسبة ذوي الأصول العسكرية أكثر من 60%
- الوزارات الرئيسية ( المالية، الخارجية، الداخلية و الدفاع ) أكثر من 61%
- رئاسة مجلس الأمة 29% ( للأعيان 39% و النواب 53% )[M5] 
يستنتج من هذه المعطيات، وغيرها، نتيجة مفادها أن ثورة 14 تموز لم تكن هي التي فتحت أبواب الحكم أمام العسكر، قدر ما أنهم، هم الذين أسسوا أطر الدولة الرئيسية وسيطروا على الحكم وعلى قراراته السياسية. وما حدث صبيحة الرابع عشر من تموز، إن هو إلا محاولة واحدة من أصل 41 محاولة قام العسكريون فيها بالتدخل المباشر أو غير المباشر في تغيير الحكم، أي بغية تثبيت حالة ما أو وضعية مبتغاة أو حل إشكاليات صراع كتل النخبة السياسية أو أخماد مطلبية شعبية...الخ من جهة، كما أنها المرة الأولى التي من خلالها تم تبني المطلبية الأجتصادية / السياسية لحركة المعارضة الوطنية وترجمتها إلى واقع ملموس من جهة ثانية.
لقد شهد العراق خلال أقل من نصف قرن تغيًرين كبيرين أصابا عمق البناء الاقتصادي.. وكانت المؤسسة العسكرية أداة التنفيذ الرئيسية في كليهما ، وهما :
الأول   تم، بعد تأسيس الدولة، وكمن في مونه لعب دورا من خلال العتف المادي والمعنوي في تحديث التشكيلة الاجتصادية وأعادت بناء المجتمع على أساس العلاقات الشبه أقطاعية، على نقيض العلاقات العشائرية / البطريركية القائمة على الاستغلال المشترك للأراضي الزراعية والتي كانت سائدة بالريف. ومن نتائجها الرئيسية استبعاد العشائر المتشظية من قوة التأثير على القرار السياسي للدولة، منذ أواسط الثلاثينيات، أي بمعنى آخر تثبيت مقومات المؤسسة الشبه أقطاعية، من قبل الدولة مما أوجد علاقة تبعية الأولى إلى الثانية، رغم امتلاك الأولى بعض من سماتها الخاصة التي قننتها جملة الشرائع والقوانين وخاصة قانوني العشائر وحقوق وواجبات الزراع، كما أُبيح لها في امتلاك قوة عنف خاصة بها (الحوشية). كما أن الدولة عبر مؤسساتها المتعددة قد أمدت المؤسسة الإقطاعية بكل مقومات الاستمرار وإخماد بؤر انتفاضات الفلاحين، بواسطة قوى العنف المنظم.
الثاني.. هو عندما قوضت ثورة 14 تموز ألأساس المادي والقانوني للمجتمع الشبه أقطاعي وفتت الملكيات الكبيرة لملاك المدن الغائبين وتوزيعها على الفلاحين، مما وسع من قاعدة الملكية الفردية وانتشار العلاقات السلعية النقدية في الريف. وانتقال مركز الثقل إلى الأنماط الاقتصادية الأكثر تطوراً سواءً: ملكية الدولة؛ الملكية الخاصة ( الكبيرة والصغيرة )؛ والتعاونية، في كافة المظامير الإنتاجية.. أي بمعنى أخر فتحت المجال أمام البرجوازية الوطنية والطبقات الحديثة, وخاصة الفئات الوسطى, لاستنهاض ذواتها بعد أن غذتها بمقومات التطور وفتحت المجال أمام توسعها اللاحق .
كلا التغيرين حدثا ضمن ظروفهما الموضوعية وصراع القوى الاجتماعية المتتوئمة مع الظرف الدولي. وكانت المؤسسة العسكرية ( الجيش ) أداة التنفيذ والتي، أحياناً، فرضت رؤيتها أو نموذجها.. رغم الاختلاف النوعي الكبير في طبيعة القيادات العسكرية التي قادتهما من جهة،[M6]  كما، من جهة أخرى، لم يستطع التغير الثاني من التجذر بما فيه الكفاية، تماثلا والتجارب التاريخية في العالم، وذلك يعود إلى :
- طبيعة الأوضاع الأجتصادية في هذه البلدان - والتخلف العام عنوانها الأرأس؛
- طبيعة المهنية والاجتماعية للعناصر التي قادت التغيًر ذاته - العسكريون؛
- طبيعة الفئات الوسطى ودورها وما لعبته من أدوار تقريرية ومصيرية في رسم المسار اللاحق، وتخلفها النوعي إزاء المهام التاريخية التي طرحت عليها آنذاك؛
- دور الفئات الفقيرة والمعدمة في ضرورة تبني مطلبيتها والإسراع في التخفيف من شقائها الأبدي؛
- ما أحدثه التغيًر وأفقه اللاحق من انقسام واسع بين القوى العسكرية التي قادت التغيًر، وكذلك في القوى المؤيدة له، وبينهما والقوى المتضررة أصلا من التغير و من توجهه اللاحق؛
- ما أحدثه التغير من تخلخل لموازين القوى الدولية في المنطقة، والغربية منها خاصةً، وانعكاساته على ذات جذرية التغير وأده.
- التخلف البنيوي والعضوي والذاتي للطبقات الحديثة، خاصةً البرجوازية، التي لم تستوعب مهامها التاريخية آنذاك، والتي انعكست في ممارساتها السياسية واحترابها الغير مبرر موضوعياً.
 
ونتيجةً لذلك واشتداد الأزمة وتعقدها، تبدل إيقاع الحياة وأنعدم السكون وتصاعد التوتر، على كافة الأصعدة، وتخلخلت معادلات الحكم وموازينه بين المكونات الاجتماعية التي يزخر بها المجتمع العراقي، وتصاعدت وتائر المطلبية وحدة إيقاعها والمطالبة الفورية بتحقيقها، كما عبر عن ذلك أحدهم ( الآن وإلا فلا ).. مما عمق ظاهرة عدم الاستقرار ووسم المرحلة..والتي تواءمت مع التدخل الخارجي الغربي والإقليمي والعربي ( مصر الناصرية، الأكثف والأبرز).. كلها مهدت إلى القضاء على الثورة وقائدها، بعد أن عجزوا جميعاً في احتوائها وكبح جموحها.[M7] 
أن عدم الاستقرار والحراك الاجتماعي المستمر والمتغير، هو نتاج طبيعي لأي تغير، خاصةً إذا كان جذريا وعند الانتقال إلى مرحلة أرقى نوعياً، أو في المنعطفات الحادة أو الولوج إلى الأبعاد الحضارية. فعدم الاستقرار والتقدم الاجتماعي ظاهرتان متلازمتان، في حين أن الركود والسكون هما سمتا حضارة القرية.
 
أن إلقاء نظرة استقرائية / تحليلية سريعة على جملة التغيرات والإجراءات التي تمت وعلى كافة الأصعدة: الداخلية والخارجية؛ العربية والإقليمية؛ الأجتصادية والسياسية؛ الأثنية والطوائفية.. وغيرها وقد انعكست كعناوين أرأسية في:
- التطور النوعي في التركيبة الاقتصادية وقاعدتها الاجتماعية المناظرة؛
- الارتقاء بالنظام السياسي ومكوناته والمتزامنة بجملة متغيرات عززت هذا الارتقاء وغذت البعد التقدمي / الحضاري له مثل:
  -المبادئ الدستورية الجديدة والهيكلية السياسية التي تشتق منها؛
  - توحيد التشريع الوطني وشموليته لكافة التكوينات الاجتماعية؛
  - قانون الأحوال المدنية وتنظيم الأسرة وحقوق المرآة وفقاً لمفاهيم العصر؛
  - قانون الإصلاح الزراعي وفلسفة التغير في الريف؛
  - قانون الإرث والتركات وسياسة العدالة الاجتماعية لتوزيع الدخول؛
  - قوانين العمل والضمان الاجتماعي وإمكانية توسيع المشاركة العمالية في تنظيم ذاتها والتخفيف عن العوز
    المادي عنها.
- السياسات الاقتصادية وآلية تخطيطها لتحقيق التنمية المتعددة الأهداف ومحاولات الاستقلال الاقتصادي، التي انعكست في:
  - السياسة النفطية ونيل الحقوق؛
  - السياسة النقدية وتحرير العملة الوطنية من فلك التبعية للباون؛
  - التعاون الاقتصادي الدولي وتنوع مصادره؛
  - التصنيع والتعجيل فيه، باعتباره أداة التنمية وتوزيعه الجغرافي؛
  - أقامة الهياكل الأرتكازية الضرورية للنمو؛
  - تطوير الموارد البشرية ورفع المستوى النوعي والتأهيل الفني؛
- التغيرات في جوهر الطبقات والفئات الاجتماعية ودورها في القرار السياسي، خاصةً الفئات الوسطي.  والتوسع الكمي للبرجوازية الوطنية والطبقة العاملة.
- تعميق تلاحم الهوية الوطنية حية.قية، وإزالة عوامل كبحها والاعتراف بالتعددية القومية والدينية والتخفيف من غلواء التميًز الطائفي. وبالتالي دمجهم في وحدة عضوية حية .
- السياسة الاجتماعية النازعة نحو تحقيق المساواة النسبية في توزيع الثروة الوطنية، سواءً على الصعيد الاجتماعي / الطبقي أو /و المناطق الجغرافية أو / و التكوينات العرقية، والتركيز على الفئات الأكثر فقراً. وتوسيع شبكة الخدمات الاجتماعية والسكنية والتعليمية والصحية التي أصابت أوسع الفئات والشرائح الاجتماعية التي تمثل القاعدة الواسعة لجوهر الظاهرة الداخلية.
- توسيع حجم ونوع مؤسسات المجتمع المدني: منظمات سياسية، مؤسسات مهنية، وسائل الاتصال الجماهيري والإعلامي، تنظيمات نقابية، مشاركة أوسع للمرآة، شمولية القانون الاقتصادي...الخ.
- السياسة العربية التي من سماتها البارزة الدعم المادي والمعنوي، الغير مشروط، لحركات التحرر آنذاك ( في الجزائر، فلسطين وعُمان )والتعاون مع الأقطار الأخرى ومساندة الحق العربي في الساحة الدولية.
- السياسة الخارجية التي انطلقت من مبدأ الحياد الايجابي ومساندة قوى التحرر في العالم والانفتاح على المنظومة الاشتراكية آنذاك.. وما الوقوف إلى جانب كوبا في أزمتها ضد الولايات المتحدة إلا أحد عناوينها، نهيك عن السياسة النفطية العالمية (الأوبك). هذه السياسة أقلقت المراكز الرأسمالية مما حداها إلى اعتبار [ العراق أخطر منطقة في العالم ] آنذاك حسب تعبير جون فوستر دالاس.
 
كل هذه الإجراءات الأرأسية وغيرها وما يتفرع عنها ويستنبط منها، وما متوقع ومؤمل مؤثمل، توضح لنا، كما عبر عنها بدقة وإيجاز مكثف، مكسيم رودنسون بأن[ ثورة العراق هي الثورة الوحيدة في العالم العربي ] وأيد ذلك بقوة الموضوعية الباحث حنا بطاطو عندما قال [ والواقع أن ألقاء نظرة سريعة على الآثار اللاحقة، يكفي لجعلنا نعرف أننا أمام ثورة أصيلة. ولم يكن لظاهرة سياسية سطحية أن تطلق كل تلك المشاعر بهذا العنف... والواقع أن تموز، أتى معه بأكثر من مجرد تغيًر في الحكم. فهو لم يدمرً الملكية أو يضعف كل الموقع الغربي في المشرق العربي بطريقة جذرية فحسب، بل أن مستقبل طبقات بأسرها ومصيرها تأثر بعمق ].[M8] 
وعليه يمكننا القول، استنادا إلى الاستقرائية التاريخية للحدث وما نجم عنه.. أن 14 تموهو:
- ثورة أصيلة بكل أبعاد المفهوم ، كشكل ومضمون ؛
- كانت تعبيراً صادقاً عن الوطنية العراقية ومكوناتها الاجتماعية / الأثنية / الدينية؛
- كانت عراقية بوطموحاً.ً.تنفيذوطموحاً.ً . ولم تكن مدينة لأحد لا في المنطقة ولا في خارجها؛
- استمدت شعارها من مفردات الواقعية العراقية المستقبلية فحسبن ولم تمت بصلة لمكونات الماضي؛
- أنها جدلية ثلاثة عناصر، مستنبطة من الواقع الموضوعي آنذاك، وهي: الوحدة الوطنية العراقية؛ النظام الجمهوري و الانتماء الطبيعي للأمة العربية؛
- نحت نحو الاستقلالية الاقتصادية / السياسية عن المركز الرأسمالية؛
- وكانت مُعيناً صادقاً لحركات التحرر بصورةٍ عامة؛
-كما أجمعت حولها عناصر المستقبل وطموحاتهم والأكثرية المستلَبة( وهم مادة التاريخ والفكر الاجتماعي)
  مما أكسبهاعنها.ية الدستورية.
 ُ
 
2- دفاعاً عنها .. عن سلميتها
 
ينحو العديد من الكتاب والبحثين والسياسيين، إلى وسم الثورة بالعنف والدموية ويعتبرونها بداية لبروز " الظاهرة السلطوية "والمدخل للكارثة التي أصابت العراق نتيجة تفجيرها لكل الإشكاليات الكامنة في رحم المجتمع. أي أنهم يؤكدون على الجانب العنفي دون غيره.. ويحملوها أكثر من طاقتها، خاصة، عندما يسحبون عليها كل تلك المآسي التي حلت بالبلد منذ ولادتها مروراً يذبحها وقائدها والى المطاف غير المنتهي من الدمار التي حلت منذ القدوم الثاني للبعث والاحتلال الثلث وما نجم عنه. أن هذه النظرة:
- بقدر ما أنها جزئية، تنظر إلى نصف الكأس الفارغ؛
- قدر ما أنها تعبر عن المنهج الشكلي في الرؤيا للظواهر؛
- وبذات القدر تفصح عن الجهل بتاريخية العراق السياسي وعدم دراية بما لعبه العنف ، والمادي على وجه الخصوص ، ومؤسساته في العراق المعاصر ؛
-كما أنها غير مدركة نظرياً، على الأقل، لأهمية ودور العنف في التحولات الجذرية، وباعتباره يمثل (مولدة التاريخ ).
-متناسين أنه من الناحية المنهجية عدم [ أمكانية النظر في التاريخ من زاوية متجردة، كما هو الحال مع الطبيعة مثلاً.لأن التاريخ هو حصيلة تداخل الذاتي في الموضوعي، المرغوب بالمفروض، الخيالي بالواقعي ].[M9] 
 
وإذا أردنا إدانة الثورة على هذه الناحية، فالمفروض منطقياً وعلمياً، إدانة كل أنواع العنف، بدءً، على الأقل مما يخص موضوعنا، من ذلك الذي رافق تأسيس الدولة وتثبيت أقدامها وبنيانها، وما أحدثته من مجازر وحشية ودموية ضد انتفاضات العشائر ومن ثم الفلاحين التي ترافقت مع  تبني وتدعيم الملكية الإقطاعية وتجريد الفلاحين من أراضيهم بالقوة المادية واللامادية، والذي أستمر طيلة المرحلة بغية إعادة إنتاج قاعدتها الاجتماعية بالاستناد إلى عنف الدولة، ناهيك عن قمع جملة الانتفاضات الشعبية في المدن على تعددها الزمني.
 كما أن كل تغير جدي وولادة حديثة يرافقها، بالضرورة الحتمية، آلام ومصاعب وعنف، يصيب على الأقل تلك الطبقات أو الفئات التي خسرت موقعها الأجتصادي / السياسي وفقد امتيازاتها وحظوتها في السلطة. و تتوقف حدة العنف، بالدرجة الأساس  في سياق تحقق الثورة على درجة مقاومتها وطرق الثورة المضادة وطبيعة تحالفاتها الداخلية والخارجية ومدى الموقف السيسيولوجي من القوة في حل إشكاليات الحياة.أن ما حدث من عنف وسفك دماء صبيحة الثورة، يكاد لا يذكر مقارنةً بالثورات الجذرية التي حدثت، لا ولا بتلك التي شهدها العراق الحديث في العقود الخمسة الأولى السابقة للثورة.. وهذا ليس تبريراً لما حدث ولا استحسانا للعنف لذات العنف الذي جرى يوم الثورة ..
في اعتقادي أن سمة العنف الطاغية على الثورة، والتي وسمت بها بغير حق ، منذ اليوم الأول لها قد نجم عن كونه:
- طال أقطاب الحكم الثلاثة الرئيسيين، وهم الملك والوصي عبد الإله ونوري السعيد، أي أصاب النظام برمته ورموزه.. علماً بأن مقتل هؤلاء الثلاثة، بغض النظر عن الموقف القانوني، كان أحد أهم العوامل التي كبحت تدخل دول حلف بغداد لإجهاض الثورة وأوقف أمكانية نشوب الثورة المضادة.[M10]  علماً بأن اللجنة العليا للضباط الأحرار، كانت قد تناقشت و قررت في ربيع 1958، محاكمة الوصي ونوري السعيد وأبعاد فيصل إلى الخارج بعد تنازله عن العرش عند نجاح الثورة.[M11] 
-عَمَقَ صورة العنف أكثر هو ما جرى من تمثيل بجثتي عبدا لأله والسعيد. وصغر سن الملك الذي لم يكن مسئولا عما أقترفه النظام من مظالم وأوضاع لا إنسانية. و [ بلغة التحليل النفسي فأن الذي حصل... هو أشبه بجريمة قتل الأب ( الذي هو النظام الملكي) ] [M12]  هذه الحالة النفسية وجدت لها صدى في الوسط الاجتماعي العراقي الذي يزخر بمنظومة العلاقات الأبوية /الأسرية.
- لقد عمق الأعلام المناهض للثورة من خلال أبراز هذه الجوانب اللا إنسانية والتي كانت رد فعل لحالات لا إنسانية أخرى أعمق عاشتها الجماهير المسحوقة مادياً وكبرياءً، من رؤوس النظام الذين لم يرحموها طيلة المرحلة.
- لقد ساهمت القوى الاجتماعية المهزومة في تعميق حالة العنف والمبالغة فيها، من خلال ممارساتهم المادية اللاحقة لإجهاض الثورة وما لعبته عوائل الحكم السابقة وأبنائهم من تأزيم الوضع ورفع وتيرة العنف بالتحالف مع القوى التي تضررت من مسار الثورة، الداخلية والخارجية، حتى أمست لغة العنف هو المفردة الوحيدة في قاموس ممارساتها السياسية، وتناست لغة الحوار والسجال وحتى من تلك القوى التي خافت على مصالحها من تعمق مسيرة الثورة.
- كما لعبت ممارسات الأنظمة التي اغتصبت السلطة، بعد رحيل سلطة تموز، من أدوار عنفية لم يألفها المجتمع سابقاً، فكانت فاجعة رمضان محطتها الأولى في البشاعة والانحطاط، والتي تعمقت بدرجات مذهلة على يد السلطة السابقة وريثة تلك العقول المريضة، والأفكار المغلقة والممارسات العبثية.
- ولعبت العوامل الخارجية دوراً تحريضياً/ تأمرياً لأجهاض الثورة بعد أن استحال عليهم وأدوها، في الأيام الأولى، واحتوائها لاحقاً. لذا صمموا على القضاء عليها من خلال الانقلابات العسكرية، كما أظهرتها الوثائق البريطانية، والتي نجحت بعد 39 محاولة انقلابية شاركت فيها الكثير من المؤسسات السياسية والاقليمية والمراكز الرأسمالية.[M13] 
 
هنا يطرح السؤال التالي ذاته بقوة، ترى هل كان قتل العائلة المالكة والسعيد عملاً وحشيا ولا إنسانياً ؟؟ أن إصدار حكم متسرع من هذا القبيل يبدو غير ملائماً، إذ علينا العودة إلى تاريخية الحكم وممارساته العملية ومدى استخدامه غير المبرر للعنف بكل أشكاله، سواءٍ بالنسبة للوصي عند تعينه بعد اغتيال الملك غازي وما قام به لقواد حركة مايس، أو نوري السعيد منذ مساهماته الأولى في اغتيال خصومه في بداية تكون الدولةً، حيث لم يكونا رحيمين بالناس مطلقاً.كما أن فعل العنف في أول يوم الثورة في الحقيقة نتاج تراكمي لظروف غير إنسانية سادت المرحلة الملكية, كما كان مناطاً بظرفه الحساس والخوف من فشل الثورة، وما يعقبها من أفعال عنفية لو تسنى لأي طرف من أقطاب السلطة النجاة. وكانت أحداث مايس 1941شاخصةً في الأذهان.
 
 
 
3- دفاعاً عن الحقيقة ..دفاعاً عن قاسم
 
 
ومما له صلة بذات الموضوع ، وأثناء أعدادي لهذه الدراسة المكثفة وقع في يدي عدد من جريدة طريق الشعب الغراء ، وفيه مقالة للمفكر الراحل زكي خيري كانت بعنوان " سليقة الشعب العراقي .. ثورية أم عنفية ". وما يهمنا منها هنا تحديداً، ما ورد أدناه: [ أما عبد الإله، فقد ألقى عبد الكريم قاسم، بجثته إلى الجمهور لسحلها، ليطمئن الناس إلى أن الملكية انتهت. وكانت لعبد الكريم قاسم سابق في السحل في حرب فلسطين الأولى ضد إسرائيل، حيث رتب سحل جاسوسين من جواسيس العدو ( لرفع معنويات الأهالي) حسب زعمه.فالحكام دائماً هم البادئون بالعنف وليست جماهير الشعب ]. [M14] 
لقد عُرف المفكر الراحل بالموضوعية ودقة البحث والعلمية، إلا أنه هنا قد أبتعد عنها وعن الوقائع في الوقت ذاته، ونظر إلى الموضوع من زاويته ورؤيته الخاصة إلى الزعيم مؤسس الجمهورية، وهو المساهم في حركة التاريخ السياسي والمطلع على وقائعه وخباياه منذ مطلع الثلاثينيات، كما أنه ترأس أول تنظيم حزبي سري في الجيش عام 1935.
 ومن خلال دراستي ومتابعاتي لهذا الموضوع لم أستطع الوقوف على أي مصدر يشير أو يثبت ما ذهب إليه المفكر الراحل، كما أن وقائع اليوم الأول للثورة وما جرى في قصر الرحاب، قد سُردت بالتتابع الدقيق ولم تعد مخفية، وكتب عنها الكثير، من مختلف وجهات النظر الفلسفية / والفكرية، ولم تؤيد أي منها ما ذكر أعلاه. ولأجل الوقوف على حقيقة ما جرى والتذكير بها، وتبرئة الزعيم قاسم من هذه التهمة.. ودفاعا عنه وعن واقع إنسانيته، سأورد بشيء‘ من التفصيل تلك الوقائع، أو بالأحرى أعادة قراءتها بالتطابق مع ما جرى معتمداً على كتابة أحد ضباط استخبارات القصر والذي أُحيل على التقاعد بعد الثورة مباشرةً.[M15]  تقول الوقائع :
بعد دخول القوة المهاجمة لقصر الرحاب واستسلام وحدة الحرس الملكي، التي لعب آمرها العقيد مصطفى البامرني دوراً في عدم المقاومة وبالتالي استسلام الحرس الملكي مما ضيع الفرصة على عبد الإله للمقاومة، في حدود السابعة والنصف صباحاً واستسلام العائلة المالكة، التي كانت آنذاك متواجدة في المطبخ الكائن في الطابق الأرضي من القصر، بعد نزولهم إليه نتيجة اشتعال النيران في الطابق العلوي. وقبل الثامنة بقليل، خرجت العائلة المتكونة من الملك فيصل والوصي عبد الإله وأمه وأخته نفيسة وزوجته هيام ال ربيعة، ومعهم الخادمة رازقية وطباخ تركي وخادم أخر.. يتبعهم ضابط من الحرس الملكي وكان في أخر الرتل وهو النقيب ثابت يونس.. لقد واجهوا مجموعة من ضباط  الثورة الذين قادوا الهجوم على القصر منهم [ النقيب مصطفى عبد الله، النقيب سامي مجيد، النقيب عبد الله الحديثي، النقيب منذر سليم، النقيب حميد السراج، الملازم الأول عبد الكريم رفعت وعدد أخر من الملازمين والمراتب ].[M16]   وبعد وقوفهم فُتحت النيران عليهم بصورةٍ مفاجئة وأردتهم قتلا، باستثناء الأميرة هيام والخادمة رازقية.. حيث نجت الأولى نتيجةً لسقوط الملك عليها مما حماها من الرصاص وأُصيبت إصابات غير قاتله نقلت والخادمة إلى مستشفى الرشيد العسكري للمعالجة، كما أُصيب، في الوقت ذاته، عدد من الضباط المهاجمين منهم مصطفى عبد الله وحميد السراج وقتل ضابط صف من المهاجمين.. أما من الحرس الملكي فأصيب ثابت يونس، لكنه مات في المستشفى.
 الإشكالية تكمن في من بدأ بإطلاق الرصاص؟؟
اختلفت الروايات في الإجابة على ذلك، لكن يمكن جمعها في روايتين: الأولى وهي المتبناة من أنصار الملكية وكذلك الكاتب حنا بطاطو، دون أن يمعن النظر فيها وهذا خلل بسيط في الطرح، وفحواها أن الملازم أول عبد الستار العبوسي وهو البادئ في أطلاق النار على العائلة، إذ عندما شاهدهم في الساحة [ فتح رشاشته من الخلف مستديراً من اليمين إلى اليسار... ثم لم يلبث أن فتح مصطفى عبد الله الضعف،من الأمام على البشر الموجودين أمامه وفتح بقية الضباط المشكلين نصف حلقة نيران رشاشاتهم... ][M17] 
ينتاب هذه الرواية العديد من نقاط الضعف، كما أنها تبتعد عن سرد الوقائع كما جرت والتي يمكن الوقوف على سماتها من ذات كتاب ضابط الحرس الملكي، والتي يمكن لمسها كالتالي :
- لم يكن المؤلف داخل القصر أثناء الواقعة ولم يشاهدها بتلك التفاصيل التي وردت عنده، بل قد سمعها من الآخرين، مما أعطى لخياله حرية التصور.
- أنها من حيث الشكل والجوهر تناقض ما ذكره المنفذ الرئيس عبد الستار العبوسي وكذلك شهادة أمر الحرس الملكي العقيد طه البامرني الذي كان شاهد للواقعة، وكلاهما دونا شهادتيهما في ذات الفترة، في حين دون د. فالح حنظل الواقعة بعد فترة طويلة من حدوثها. في حين يشير البامرني إلى أن المصفحة العسكرية هي التي فتحت النار في البدء، أما العبوسي فيذكر أنه فتح النار ومن الأمام وليس من الخلف.[M18] 
- إذا كان أطلاق النار جاء من الخلف، فكيف يصاب ضابط الحرس الملكي ثابت يونس في صدره ؟ وهو كان في أخر الرتل كما أشار الكتاب إلى ذلك، كما وأن الرصاص الذي أصاب العائلة كان من الأمام وليس من الخلف كما ذُكر أعلاه.
- وكيف يمكن أن يرمي العبوسي النار من الخلف، إذا كان أمامه ليس فقط العائلة المالكة، بل حتى ضباط القوة المهاجمة الذين كانوا يشكلون نصف دائرة ؟
وهكذا جاء سرد الرواية، غير محبوكاً وينتابه الخلل. وقد أراد مؤلفها إضفاء مسحة من المأساوية على الواقعة، وتصويرها بأسلوب درامي.
 
   أما الرواية الثانية..والتي، حسب اعتقادي أكثر موضوعية، فتشير بأصابع الاتهام إلى ضابط الحرس الملكي النقيب ثابت يونس، والذي، بعد خروج العائلة المالكة من المطبخ حيث كان معهم، تسلل إلى سطح القصر وبدأ برمي ضباط القوة المهاجمة. مما أدى بالقوة المهاجمة إلى فتح النار على مصدر الإطلاق وعلى العائلة المالكة مما أردوهم قتلا.
أن عملية الرمي هذه من قبل ذات الضابط  كانت نتاج لعمق المخاوف السابقة التي راودت القوة المهاجمة  قبل الدخول إلى القصر, من أن تكون عملية الاستسلام خدعة، إذ من المعروف أن الوصي قد أمر نفس الضابط، في حدود الساعة السابعة صباحاً بالتوجه إليهم والطلب منهم الكف عن أطلاق النار و [ التكلم معهم بلطف وجلب أحدهم إلى الدار للتفاوض معه... ولما أقترب النقيب ثابت منهم صاح فيه بعضهم بأنهم يريدون من الملك والأمير أن يسلما نفسيهما ويخرجا من قصر ذاتها. فأجابهم النقيب ثابت بأن الملك والأمير غير موجودين حالياً في القصر ][M19]  ويؤكد البامرني هذا التخوف من الخديعة لدى ضباط القوة المهاجمة. وعليه يستنتج من ذلك أن ضابط الحرس الملكي هو الذي أشعل لهيب النفوس المتوجسة والتي لم تستطيع السيطرة على ذاتها .ويشير البامرني في مخطوطة له، لم تنشر، إلى أن الموما إليه كان قد أخفى حظيرة من جنود الحرس الملكي في مدخل المطبخ وأمرهم برمي الضباط المهاجمين عند دخولهم للقصر للتفاوض. ولما لم يوافق الضباط المهاجمين على التفاوض تسلل الموما أليه ورمى القوة المهاجمة لاحقاً.. [M20] 
ويصف مضمون الرواية أعلاه التقرير الذي رفعه الملازم الأول عبد الستار العبوسي والذي يقول فيه [... وقد عدت إلى الباب الرئيسي، لأني كنت أشعر بوجود خديعة تدبر ضدنا، وبينما كنت أسير، وإذا بأحدهم يصيح (جو. جو.جو ) ( كلمة بالغدادية الدارجة بمعنى جاءوا- ع.ن) فألتفت فجأةً الى الخلف، فشاهدت عبد الإله والى يساره امرأة عجوز تلبس نظارة، والى يسارها الملك وكان على يمين عبد الإله والى الخلف امرأة تلبس فستاناً أخضر وكانت بيضاء تميل إلى السمرة وشعرها أصفر وكان خلفهم بعض الضباط... وبينما تقربوا مني سمعت أطلاقات نار يوقع، فأجبت عليها بالمثل بصورةٍ غير إرادية وعلى أثر ذلك سقط عبد الإله والملك والمرأة على الأرض...][M21] 
هذه الرواية هي الأكثر تماثلا مع ما وقع .. وتنسجم مع منطقية الحدث وظرفه، المقترن بفورة الغضب والترقب والتحفز والتوتر النفسي الناجم عن الخوف من هروب الملك والوصي أو أحدهما، مما سيشكل خطراً جدياً على الحركة برمتها، خاصةً إذا علمنا أنه لا يزال طرياً في أذهان ووجدان ضباط المؤسسة العسكرية، ما حل بمؤسستهم عقب فشل حركة مايس 1941، من ضعف وتسريح أكثر من ثلث قوامها، وإعدام قادة الحركة وتشريد واعتقال وسجن المئات منهم والتي طالت حتى المدنيين المتعاطفين معها. وقد مثلت هذه الإجراءات التي نفذها الوصي أحد أهم دوافع التكتل الغائي لحركة الضباط الأحرار.
أما بصدد التمثيل بجثة الوصي .. فقد قام ضباط القوة المهاجمة على وجه السرعة، مابين الثامنة والثامنة والنصف، برفع جثث القتلى لإرسالها إلى الطب العدلي، وجلبت لذلك سيارة من نوع بيك آب( فان) تابعة للقصر قبيل دخول الجماهير الغفيرة الزاحفة على القصر تلبيةً لنداءات الإذاعة بالهجوم عليه، ومع ذلك شاهد بعضهم الجثث وهي تنقل إلى السيارة، التي سارت حتى بلغت ثكنة الرحاب المجاورة للقصر حيث أعيد رفع جثتي الملك والوصي ووضعتا في سيارة جيب عسكرية لأجل، حسب ما أظن، الذهاب بها الوزارة الدفاع في البدء ومن ثم إلى الطب العدلي. وقد شقت السيارتين طريقهما بصعوبة، نظراً للحشود الهائلة من الناس المتوجة إلى القصر.. وقد أفلحت الأولى بالسير ولم تثر أية شبه عن طبيعة حمولتها.. في حين أعاق الازدحام الشديد السيارة الثانية. وقد[ حاول الضباط ان لا يعرف أحد بأن سيارتهم تقل جثتين. إلا أنه سرعان ما  فطنت الحشود الهائلة  التي راحت تركض وراء  السيارة... سارت السيارة التي تقل الجثتين تتبعها الحشود التي اخذت تنشد أهازيج الحماسة الشعبية.. وحالما .. وصلت السيارة إلى النقطة المواجهة لمبنى المحطة العالمية.. ألتفت حولها أعداد أخرى من الناس، والكل يريد أن يلقي نظرة على الأموات .. وإزاء الضغط المخيف للحشود المتلاطمة من المسلحين المحيطين بالسيارة من كل جنب. .. قام أحد الضباط برفع جثة الأمير من قدمه.. وسلم القدم إلى أقرب الموجودون إليه ..وسحب الجثة من السيارة وألقيت أرضاً...أنتهز الضابطان فرصة انشغال الغوغاء بجثة الأمير.. فأطلقا العنان لسيارتهما التي تحمل جثة فيصل نحو مستشفى الرشيد العسكري ].[M22]  وقد كان ذلك قبيل التاسعة صباحاً.
ترى أين موقع الزعيم قاسم في هذا الحدث المروي على لسان ضابط استخبارات القصر، وما أشار أليه المفكر زكي خيري ؟؟ أن أية قرأن: حية لوقائع اليوم الأول للثورة  سواءً في بغداد أو خارجها ، ولمجريات تحرك القوات المنفذة للثورة .. سيقف على أن :
- أن عملية قتل العائلة المالكة تمت في حدود الثامنة صباحاً؛
- وأن عملية نقل الجثث إلى الطب العدلي قد تمت مابين الثامنة والثامنة والنصف؛
- أن أغلب ضباط القوة المهاجمة على قصر الرحاب، كانوا من الضباط الصغار.. وأن الضابطان اللذان رافقا جثتي الملك والوصي، كانوا من الضباط الصغار، الذين ساهموا في الثورة بعد سماعهم أنباءها من الراديو, ولم يكن بينهم الزعيم قاسم، الذي كان آنذاك في طريقه نحو بغداد، بعد أن رتب اعتقال قائد الفرق الثالثة، الداغستاني في بعقوبة؛
- كل القرائن تدل على أن الزعيم قد دخل بغداد ما بين العاشرة والحادية عشر من ذات الصباح، أي بعد أكثر من ساعتين على التمثيل بجثة الوصي.
- يضاف إلى ذلك أن الضابط الذي أرخ الواقعة يعرف جيداً من هو عبد الكريم قاسم، والذي يصفه في ذات الكتاب عندما رآه في 6 كانون ثاني 1958، بالقول: [ وكانت تلك المرة الأولى التي أرى فيها العميد الركن عبد الكريم قاسم. وقد بدأ أمامي وهو يصول ويجول أمام أفواجه بقامته العسكرية المشدودة شداً كأنه سيف غرز في الصخر، وبدا كل ما فيه وكأنه خُلق للجيش والقيادة... كان صوت عبد الكريم قاسم يشق السكون.. رفيعاً. .ثصارماً. صارماً .]. .[M23] 
- لقد أشار الكثيرون، حتى من خصوم الزعيم، إلى كونه كان إنسانيا بطبعه، يكره العنف لذات العنف، والخصومة لذات ألخصومه، ذو سريرة صادقة، أنطلق في الحكم من مبادئ وقواعد سامية عناوينها الأكثر بروزاً: الرأفة، التسامح، العفة،  الرحمة فوق القانون، عفا الله عما سلف...الخ مما يسمح لنا بالقول أنه بعيد جداً عن ممارسةٍ كهذه. وحتى بالنسبة إلى السعيد، فقد أمر بدفنه. وتم ذلك فعلا ولم يجرى التمثيل بجثته إلا في اليوم التالي.
-لقد بحث ونقب ونبش أعداءه في كل أبعاد حياته، لأجل أيجاد نقاط ضعف أو مواقف مهينة بغية التشهير به والإساءة أليه. ولما عجزوا عن ذلك بدءوا، حسب أقوال ناصر فارس الحسن، الذي هو من أوائل المناهضين له، باختلاق وقائع لا وجود لها من الصحة،[M24]  ومع هذا لم يشيروا إلى هذه الواقعة بتاتاً.
- أما بصدد ما ورد في حرب فلسطين الأولى، فهي الأخرى لا تستقيم ومنطق الواقع. إذ من المعروف دور الزعيم في هذه الحرب وبطولته فيها والتي نال أثناءها تقديرين على شجاعته، مما حدا بالقوات الصهيونية إلى التنديد به عبر منشور وزعوه..[M25]  ومن المحتمل جداً أنهم بثوا هذا النوع من الإشاعة، كجزء من الحرب النفسية، ضده وضد الجيش العراقي..كما أنهم ضغطوا عبر البريطانيين على تقديمه إلى التحقيق مرتين، لعدم خضوعه لأوامر القيادة العربية العليا التي رئاستها الفعلية بيد الضابط البريطاني غلوب باشا.
 
وهكذا يتضح أن ما أشار أليه المفكر زكي خيري بعيداً عن الصواب، ولم يكن الذي رمى بجثة الوصي, هوعبد الكريم قاسم، لأن مثل هذا الفعل لا يمت بصلة لمكونات شخصيته، وهو من أبعد الناس من يقوموا بمثل هذه الأفعال البعيدة، على الأقل، عن الذوق الإنساني، وعن شهامة وروحية العسكري الحقيقي. وما إعفائه عن الذين حاولوا قتله إلا غيض من فيض إنسانية هذا الرجل. وحتى أنه أراد العفو عن ناظم الطبقجلي مقابل قول الحقيقة، إذ خاطبه [ قل الحقيقة كلها بتفاصيلها... وستخرج من المحكمة إلى دارك رأساً مع إسقاط كل التعقيبات القانونية ضدك ونرجع أصدقاء غافراً لك إساءاتك لي.][M26] 
 
الخاتمة
حلت علينا الذكرى السادسة والأربعين، والشعب العراقي يمر بظروفٍ أسوء من تلك التي سبقت ثورة تموز، ويقاسى العديد من المحن، ويناضل لأجل التغير وتحقيق الحلم المضاع، ترى أية دروس يمكن استخلاصها من هذه الذكرى حتى نستطيع تحقيق ذلك الحلم مادياً وتلمس الغد القادم، ضمن الظروف الحالية و المهام الآنية وتلك التي طرحتها الثورة، ليس بغية " العودة المستحيلة " للماضي بل التماثل مع أرأسياتها واستلهام العبر والتي منها:
1 - كانت ثورة تموز نقلة نوعية في التركيبة الأجتصادية وفي البناء الفوقي وما يتضمنه من قيم وأفكار نحت نحو العدالة الاجتماعية والقيم الإنسانية التي نحن بأمس الحاجة إليها اليوم و لعالم الغد القادم حيث الإنسان منطلقها والعراق مركزها والتسامح والعفو والرأفة وضمان حقوق الأنسان، المكتسبة والطبيعية، وسيادة القانون والاعتراف بالتعددية السياسية وإلغاء التمايز بكل أشكاله الأثني / الطائفي، وكل ما يكبح تعضيد الوحدة الوطنية...الخ عناوينها الرأسية، لتمثل القاعدة العريضة لحركة المعارضة، بغية ضمان المستقبل.
2 - كان الاحتراب والاقتتال الدموي بين القوى السياسية أحد أرأس عوامل الكبح والتشتت وضياع الفرص للثورة وذات الأحزاب, في وقت كانت الفرصة التاريخية تتطلب تمتين الوحدة الوطنية والالتفاف حول المهام العامة التي تحتاجها كل هذه القوى.. واليوم  في ظروف الاحتلال والتحرر من الطغمة السابقة نحن أيضاً بأمس الحاجة إلى إيقاف الاحتراب المادي والمعنوي كما هو قائم بين مختلف قوى المعارضة وتكوين الجبهة الوطنية العريضة ( ج.و.ع. ) والاتفاق على القواسم المشتركة، والمنطلقة من المهمة الأرأسية لإنهاء الاحتلال ولبناء الغد المنشود.
3- أوضحت مسيرة الثورة .. أن الغالبية العظمى من القوى السياسية، ساهمت، بهذه الدرجة أو تلك، في إضاعة الفرصة وبعضها ساهم في ذبحها، عن وعي أو دونه، سواءً بالتآمر أو / بالتحاف مع القوى المناهضة للثورة، أو/و في طرح مطلبية غير متلائمة والوضع القائم أو/و في تأكيدها على مطالب تهدف تحقيق ذاتها وليس المجتمع..وبالتالي يجب على لذلك.معارضة أيجاد برنامج مرحلي يوحد، على الأقل أغلبيتها، ضمن خطاب سياسي واضح يحفز الناس ويعبئهم على المساهمة في إسقاط ما هو قائم ويناء ما هو مرعوب فيه، ضمن تحقيق الذات ( الحزبية) من خلال المجموع.
4 - وبغية الوصول لذلك ..من الضروري على كل القوى السياسية والتكوينات الاجتماعية، أن تطرح على ذاتها والآخرين، كذوات معرفية وعقلية شفافة، منطقية وموضوعية، نقذ ذاتي لمساهمتها السابقة ولتاريخية نشاطها وعلائقها، لأجل معرفة الذات الحالية وهو الأصعب، لكنه الأسلم لامتلاك الغد، ليس جلد الذات أو لوي عنق الحقائق، بل لاكتشاف نقاط الوهن لتلافيها مستقبلاً.
5 - كان العامل الخارجي ( الإقليمي والعربي و الغربي ) من العوامل المهمة التي كبحت استكمال صيرورة الثورة وأعاقت مسيرتها. وعليه فمن الضروري الانتباه إلى دور هذا العامل، وعدم الارتهان عليه وتنبيه تلك القوى التي رمت بثقلها الكلي على هذه الدولة أو تلك لأجل أن ترعوي، بغض النظر عن مبررات ذلك. علينا الاستفادة من هذا العامل بذلك القدر الذي لا يتقاطع والقرار المستقل الآن وفي المستقبل.
 
وهكذا ستبقى هذه التساؤلات والتأملات قائمة، وسنوقدها إن لم توقد ذاتها، بغية أعادة فهم الظاهرة التموزية - والقاسمية قرينتها، والرقي بهما درايةً وتحليلاً، لأجل وضعها في مسارها التاريخي الارتقائي، لأجل عراق الغد، وعراق التعددية والديمقراطية السياسية والاجتماعية. أنه استنهاضا للعمل..أنهل القراءة الحية لذاتنا الاجتماعية / والفردية وليومنا ومستقبلنا.
 
 
 
 
 
                                                                                                عقيل الناصري                                                                                                        
PAGE # " صفحة: #
"   [M1]حول هذه الموضوعة ،راجع المقالة القيمة لكامل شياع ..عن التاريخ وحقيقة 14 تموز ، الثقافة الجديدةالعدد 278 لسنة 1998 ص. 23 ، كذلك أنطلوجيا الموقف ، في ذات المجلة ، العدد 261 وما بعدها ، ما أثارته من مناقشات جدية وحادة في الوقت ذاته .
PAGE # " صفحة: #
"   [M2]للمزيد راجع فؤاد أسحق الخوري - العسكر والحكم في البلدان العربية -دار الساقي  لندن 1990، سلسلة البحوث الأجنماعية
 
PAGE # " صفحة: #
"   [M3]حول دور الجيش في عالم الأطراف ، يمكن العودة الى العديد من المصادر ..أما بخصوص العراق فيمكن مراجعة :
د. رجاء الخطاب - تأسيس الجيش العراقي وتطور دوره السياسي 1921- 1941 . بغداد 1980
د. مجيد خدوري- العراق الجمهوري ، الدار المتحدة 1974 بيروت
حنا بطاطو - الطبقات الأجنماعية والحركات الثورية في العراق ، ترجمة عفيف الرزاز ، الجزء الثالث  بيروت 1990
العقيد الركن أحمدالزيدي ، البناء المعنوي لبناء القوات المسلحة ، دار الرضة بيروت 1990
د. عقيل الناصري من تاريخية المؤسسة العسكرية في العراق الملكي، مخطوطة ، كان المنتظر نشرها ضمن سلسلة أصدارات "المجرشة "، تعذر ذلك لسعة حجمها وتكاليف طبعها .
PAGE # " صفحة: #
"   [M4]حول هذا الموضوع للمزيد راجع :
- د. غسان العطية - نشأة الدولة ، ترجمة عطا عبد الوهاب ، دار لام ,لندن 1988
- د. وميض عمر نظمي - الجذور السياسية والفكرية للحركة القومية في العراق ، مركز دراسات الوحدة ، بيروت 1984
- د. علي الوردي - لمحات أجتماعية من تاريخ العراق الحديث ، الجزء الخامس وما بعده ، بذداد
آيرلند فيليب - العراق دراسة في التطور السياسي ، ترجمة جعفر الخياط بيروت 1961.
PAGE # " صفحة: #
"   [M5] للمزيد عن هذه الظاهرة راجع د. الناصري مصدر سابق ، الفصل السادس،
PAGE # " صفحة: #
"   [M6]حول هذه النقطة ، راجع عقيل الناصري - تموز والقاء الذي لم يتم ، جريدة الوفاق  العددان 260 و 261 في 10 و 17 /4/97 لندن .
PAGE # " صفحة: #
"   [M7] بصورةٍ عامة تلعب العوامل الداخلية  للظاهرة دوراً كبير في رسم مساراتها وفي أشكال صيرورتها .. في حين تلعب العوامل الخارجية دوراً ثانوياً في الصيرورة . لكننا نرى بالنسبة العراق - كظاهرة ، أن للعامل الخارجيدوراً أكبر نسبياً ممل لو نظرنا الى دوره تجريدياً ، أستناداً الى ما لعبه  العامل الخارجي من دور في تأسيس الظاهرة ( العراق ) وفي تثبية أركانهوتحديد مساراته اللاحقه . هذه الوضعية تؤهل العامل الخارجي ليلعب دوراً  يكاد  أن يوازي دور العامل الداخلي في التأثير الكمي والنوعي للظاهرو العراقية.  
PAGE # " صفحة: #
"   [M8] حنا بطاطو ، مصدر سابق ، الجزء الثالث .ص.116
PAGE # " صفحة: #
"   [M9] كامل شياع ، مصدر سابق ص.25
PAGE # " صفحة: #
"   [M10] أعتقد أن هنالك ثلاثة عوامل أرأسية كبحت مجموعة دول حلف بغداد من التدخل العسكري وهي :
- أضافة الى مقتل أقطاب الحكم ،الذي كان دائم الحضور في تفكير الضباط الأحرار ؛
- عمق التأييد الشعبي ، الذي كسح العراق قاطبةً وساند الثورة وحماها وأضفى صفة الشرعية عليها ؛
- الأنذار السوفيتي للدول التي كان في نيتها التدخل في الشأن العراقي .
PAGE # " صفحة: #
"   [M11] راجع بطاطو ، مصدر سابق ، الجزء الثالث ص.106 .
PAGE # " صفحة: #
"   [M12]كامل شياع ، مصدر سابق ،ص. 30
PAGE # " صفحة: #
"   [M13] راجع مجلة التايم العدد الصادر في 10 شباط 1963
PAGE # " صفحة: #
"   [M14] راجع طريق الشعب العدد 9 أذار 1995 ، صفحة وجهة نظر
PAGE # " صفحة: #
"   [M15] د. فالح حنظل - أسرار مقتل العائلة المالكة في العراق -14 تموز 1958 . ط. الثانية 1992 ، المكان ودار النشر بلا.
PAGE # " صفحة: #
"   [M16]المصدر السابق ص. 124
PAGE # " صفحة: #
"   [M17] المرحع السابق ص.125 .
PAGE # " صفحة: #
"   [M18] راجع الشهادتين في ملحق  المصدر السابق .ص. 141 وما بعدها
 
PAGE # " صفحة: #
"   [M19] -المصدر السابق ص.114
PAGE # " صفحة: #
"   [M20] للمزيد راجع ليث الزبيدي ، ثورة 14 تموز 1958 في العراق.ط . الثانية ص. 188-189، بغداد  ، مكتبة البقظة العربية 1981
PAGE # " صفحة: #
"   [M21]راجع المصدر السابق ص.144، وبصددتقرير البامرني ص.150 .
PAGE # " صفحة: #
"   [M22]- المصدر السابق ص.124
PAGE # " صفحة: #
"   [M23]- المصدر السابق ص.128
PAGE # " صفحة: #
"   [M24]راجع مضمون الفكرة لدى موسوعة 14 تموز في 8 أجزاء ، تأليف العميد المتقاعد خليل أبراهيم حسين ، بغداد 1987 وما بعدها - مكتبة بشار .
PAGE # " صفحة: #
"   [M25]  حول المنشور وصورته راجع المصدر السابق ، الجزء السادس  ،اللغز المحير عبد الكريم قاسم - بداية الصعود ،ص.47
PAGE # " صفحة: #
"   [M26]راجع الحوار في مذكرات العميد الركن جاسم العزاوي . بغداد 1990



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيئة الاجتماعية لبغداد ومحلاتها الشعبية
- من تاريخية الأنقلابية في العراق الحديث
- أفكار أولية: عن طبيعة ومهام المؤسسة العسكرية في عراق المستقب ...
- مدخل نظري: من ملامح المؤسسة العسكرية العراقية
- الإرهاصات الفكرية للمساواتية الحديثة في العراق الحديث
- دور الفـرد في التاريـخ - عبد الكريم قاسم نموذجاً


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عقيل الناصري - عودٌ إلى البدء في أرأسيات التطور: 14 تموز: جدلية الفهم والموضوعية