أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - إنتاج الفكرة والنسق الفكري














المزيد.....

إنتاج الفكرة والنسق الفكري


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3115 - 2010 / 9 / 4 - 15:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الأفكار لا تنتج من فراغ وإنما تنهل من الخزين الفكري الممتد من عمق التاريخ البشري فلا يصح القول وجود أفكاراً قديمة وأخرى جديدة إلا ببعدها الزمني فالأفكار القديمة قد تصلح للحاضر فيتلاشى بُعدها الزمني، وقد لا تصمد الأفكار الجديدة أمام عتبة المستقبل. فمن دون أن يمتلك الفرد خزيناً معرفياً لا يمكنه انتاج الأفكار لأنها عملية مزاوجة بين مكونات لجذر فكرة مستمدة من النسق الفكري، ومكون منتج جديد لخلق فكرة جديدة.
لا ترتبط قيمة الفكرة بالفترة الزمنية لانتاجها وإنما بماهيتها وما يمكن أن تقدمه من فائدة للمجتمع لأن غاية العلوم والثقافة الارتقاء بالجنس البشري إلى مراتب أعلى، فالاعتقاد الشخصي الموظف لبناء الفكرة لا يعدّ جهداً ذاتياً بحتاً وإنما جهداً مضافاً إلى جهود بُذلت عبر التاريخ لانتاج الأفكار الجديدة.
إن الفكرة المنتجة لا يمكن عدّها كائناً منفصلاً عن الكائنات الفكرية الأخرى وإلا فإنها تولد ميتة، فهي تستمد حياتها من صلاتها بأقرانها في المحيط لتكون جزءاً من النسق الفكري للإنسانية.
يقول (( جوزيا رويس )) : " إن فكرتي هي نتاج مخاض طويل من التفكير والاعتقاد الشخصي الذي استمد المعرفة من النسق الفكري للبشرية ".
لا يوجد فكر مستقل تماماً وغير منحاز، فالانحياز ليس تحزباً وإنما انتصاراً لرأي على حساب رأي آخر بعدّه مساهمة شخصية منتجة لحساب النسق الفكري العام وجزءاً منه. كما أن الفكرة المنتجة ليست كتلة صلبة لرأي محدد، وإنما مكونات فكرية تشكل بمجموعها ماهية الفكرة المنتجة وصلاتها مع أقرانها في المحيط. وفي المحصلة فإن مجموع الصلات تعدّ رابطاً وهمياً بينها وبين المحيط الذي لا يستهلك الأفكار وحسب، بل يظهر آراؤه المتباينة. وحينها أما يجري تجديدها وتطويرها، وإما أن تخلق مكونات جديدة تصلح لانتاج فكرة جديدة. وهكذا فإنها تعدّ سلسلة فكرية إنسانية غير منتهية الحلقات تضاف إليها حلقات جديدة في الحاضر ليستمر التطور والتحديث للارتقاء بالعنصر البشري لمراتب أعلى.
يعتقد (( جوزيا رويس )) " أن تاريخ الفكر بمثابة مدرسة فكرية إنسانية يتعلم الفرد منها صناعة عملياته الفكرية بنموذج إنساني وتزداد قدرته على تقييم العمل الإبداعي ".
هذا لا يعني أن كل الأفكار هي أفكاراً إنسانية تصب في خدمة الإنسان، فمنها أفكار شريرة تستمد من نفس النسق الفكري مستلزماتها المعرفية لتحطيم الإنسان لأن العالم قائم أساساً على ثنائية الخير والشر.
لذلك يجب التمييز بين الأفكار الخيرة والشريرة على الرغم من أنهما يستمدان مكوناتهما من النسق الفكري الضارب جذوره في عمق التاريخ البشري، فليس كل البشر ملائكة ولا كلهم شياطين. والحياة ذاتها لا تتبع نموذجاً واحداً في مسيرتها لاحتواءها نماذج متباينة من البشر لكل منهم حجم محدد من الرواسب الكامنة في الخير والشر. ومن ثم فإن حراكهم الفكري ينتج أفكاراً متباينة قد تكون خيرة على نحو محض أو شريرة على نحو كامل، لكن في الوقت ذاته قد تستخدم الفكرة الخيرة في عمل شرير وقد تستثمر الفكرة الشريرة في عمل خير.
يعتقد (( نيتشه )) " أن الفكر عرف قديماً بصورة إله، وفي زمن لاحق عرف بصورة إنسان، وفي الحاضر عرف بصورة وحش ".
ليس سهلاً تغيير الوقائع في المجتمع لأنها من خاصته وثوابته، والمساس بها يعدّ مساساً بقيمه وأعراف، وتتطلب عملية التغيير زمناً طويلاً لضمان عدم حدوث اضطرابات اجتماعية. وفي المقابل المجتمع يسجن الأفكار الحرة وراء القضبان ويفرض قيوداً لا حصر لها على تطبيقها أو تجديدها لذلك فإنها ليست حرة تماماً، فاللسلطة قيودها وللمجتمع تابوات لا حصر لها.
يقول (( جوزيا رويس )) : " إن لعالم الواقع قيوده السيئة، ولعالم الأفكار موانعه وسلاسله وقلاعه الحصينة التي يصعب اجتيازها ".
إن النسق الفكري للبشرية يحمل في داخله الشيء ونقيضه بعدّه خزاناً كبيراً للنتاجات الفكرية عبر مراحلها التاريخية لكنه يفتقد لمرشحات الفصل بين الأفكار الخيرة والأفكار الشريرة، فالمنتج الفكري أي كان سمته يودع في خزائن التاريخ المعرفي للبشرية ليكون نسقاً فكرياً يمتد من عمق الحضارة الإنسانية إلى حاضرها بعدّه تاريخاً وهوية حضارية للإنسان.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر والمعتقد
- الذاكرة والاستيعاب
- الذاكرة وآلية الإدراك والوعي
- الذاكرة والإرادة العمياء
- الذاكرة والإرادة القوية
- الذاكرة والروح
- الذكاء والذاكرة
- ماهية الذاكرة
- آليات الجنون الإرادي والعقل
- الجنون وعقلانية مجتمع اللاعدالة
- حقائق العقل وزيفها في الجنون
- اختلال آليات العقل والجنون
- العقل والجنون
- العقل والتفكير
- موجبات الانصياع للعقل
- العقل والفكرة العقلانية
- آلية عمل العقل
- قصور منظومة العقل
- ماهية العقل
- سلطة الدين في الخير والشر


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - إنتاج الفكرة والنسق الفكري