أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - الحب بالطرق الملتوية














المزيد.....


الحب بالطرق الملتوية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3115 - 2010 / 9 / 4 - 08:56
المحور: حقوق الانسان
    


ذهبَ كلُ شيء عني الجلدُ انسلخَ أولاً ثم ذاب واحترق الشحم ومن بعد الشحم احترق اللحم, وها أنا صورة رمادية لا يغطي عورتي أي شيء مما ذكر , فأنا مكشوف بحبي للناس ومكشوفٌ بكرهي لهم , لا أتسترُ خلف أي فضيحة ولا خلف أي غطاءٍ من أغطية النصب والاحتيال على الناس وعلى الله ورسله .
ولي وجه واحد أبيض اللون وقد اتشح بالسُمرة من شدةِ العذابات المريرة تحت أشعة الشمس , فالذي صلب تحت أشعة الشمس صُلب يوما أو يومين أما أنا فما زلتُ أُصلبُ كل يوم وطوال الأسبوع وطوال الشهر والعام كله.

والحبُ الذي أكنه لكم ليس حبا عاديا فهو الحب الوحيد الذي ينطلي على الخوف لذلك أنا أحبك وأحبكِ بالطرق الملتوية لكي لا يُكتشف أمري بأنني أعشقُ وبأنني أحب , فأكبرُ فضيحة في بلادي أن تكون عاشقا وأكبرُ شيء يشرفك لو سكنت وطننا هو أن تكون شاطرا في كسب لقمة الخبز أي بعبارة أدق أن تكون شاطرا وماهرا بالفساد الأبدي, وأنا الآن أعشقُ وأُحب سرا وأخاف أن تظهر على وجهي علامات الحب كما تخاف البنت من أن تظهر على بطنها علامات الحمل (الحبل) رغم أن جدتي قالت لي يوما : الحُب والحبل والجَمل ما بتخبوش دائما مكشوفات, ولكنني أحبُ بالطرق الملتوية لكي لا تظهر على قلبي وعلى وجهي علامات الحُب, فأقول مثلاً بدل كلمة (الحب) أنني أتعاطف وأشفقُ على نفسي , وأحياناً أسمي حبي بحب الروح وأحياناً (بحب الحُب نفسه), فأنا لا أحبُ علناً لأن سيف العبسي خلف الباب وثارات بني همدان خلف الباب ,أنا أعشقُ وأحب بالطرق الأخرى , فعندي ألف طريقة للالتواء وللالتفاف على الموضوع وبسبب كثرة التحذيرات فقد أصبحتُ أملك مهارة كبيرة في التخفي كأنني حيواناً يريد أن ينقضَ على فريسته بالتخفي إما بأن يتخذ لونا من لون الأرض والنباتات والأشجار التي يقف خلفها أو فوقها أو تحتها وإما بالتمسكن للفريسة حتى يتمكن من اصطيادها.

إنه لمن السخافة أن نُخبيء الحُب ونُظهر الكُره علناً , وإنه لمن السخافة أن نخجل من شيء من اللازم أن نفتخر به.

ذهبت ريحك ولم يتبقى منك إلاّ المزارات البعيدة والصور والأشلاء وبقايا من الكلمات تنتشر هنا وهناك , واليوم ليس لي غير هذا الألم الذي في خاصرتي والذي ينبع أحيانا من القلب وأحيانا من الأذن حين أكون مضطرا لسماع الوشايات التي توشي بك عندي , فهلم لي في هذه الساعة يا سيدي لتلملم جراحي , وتعال لتختطفني من بين الأموات وتعال لتنتشلني من بين الضحايا أو من بين الحطام , فأنا أشلاء محطمة مثل شظايا الزجاج وأنا أشلاء ممزقة مثل اللحوم البلدية التي يذبحونها كل يوم , وأنا ولدت على الملح وعلى رائحة الليمون وأنا ولدتُ كما تولد العصافير فنصفي أو فوق جلدي ريش النعام وتحت الريش عظام خضراء أو بيضاء طرية , وكلهم يعرفون لونها وكلهم يرسمون لي ولك صورة لا بأس بها , أنا جائع لصوت الحق وأنا مختنق من انبعاث العوادم البشرية وأنا مختنقٌ أيضا من صوت الذكريات , فحتى الذكريات مؤلمة وحتى البساتين التي من المفترض أنك بالماء العذب قد خالفت هذه المرة سنتك وعادتك ورويتها من طموحاتي الكثيرة حين يصبح جسدي مثل العجينة فوق التراب وحين يصبح جسدي مختمرٌ بلا خميرة , فالبكتيريا تتعفن والأشياء تتعفن ومن المفترض أن تتجدد , فما بك تمسك بطرف الثوب الذي ألبسه وما بك تستهتر بقصتي وما بال القرون التي خلت ؟ألم تخبرك عني , ألم تشهد الطيور على جراحي ؟ ألم تحملني بين يديك ساعة خرج النور من خلف أكتافك , أولم أرد معك على الحوض لأستقي لك ولي منه الذكريات الجميلة , إنها حقا جميلة حين يحدوني صوت النعاس وإنها حقا جميلة حين أتذكر هنا كل الذين ذبحوني باسم مصلحتي وباسم الشفقة على روحي , وكلهم رشوا طريقي بالمتفجرات باسم الزهور, فباسم الحب أي حبي قد كرهوني وباسم الحياة قد ذبحوني وقتلوني وباسم خوفهم على مستقبلي جعلوني أبكي لعشرات السنين , واليوم بالذات بكيت عن سنة كاملة , واليوم أنا أفوح كبريتا ونارا ودخانا , اليوم ليس كأي يوم , إنه اليوم الذي ولدت به ولادة حقيقية , لقد كنت أعتقد يا سيد النجوم بأنني قد ولدت قبل 40 عاما , وكنت يا سيد القلوب الناصعة البياض أعتقد اعتقادا خاطئا بأنني ولدت في العام الماضي ومن الظاهر أن كل الأيام التي اعتقدتُ بأنني قد ولدت بها كانت محض زيف وكذبٍ وخداع.

لا يولد المرء أكثر من مرة , ومن المستحيل أن يولد الإنسان مرتين ولكني معك قد ولدتُ اليوم وسأولدُ غدا وبعد غد وفي نهاية كل أسبوع وفي نهاية كل عام.
وها هو كتابي وكتابك بين يدي.

أمثالي لا يولدون صدفة..ولا يموتون صدفة ..ولا يحيون معك أو بين أحضانك صدفة , فكل شيء كان مخطط لها تخطيطا مسبقا , لذلك أنا ارتميتُ بين أحضانك عامدا متعمدا , وأنا أحبك مع سبق الإرصاد والترصد لذلك حكمتُ على نفسي بأن أحبك كلَ السنين القادمة.

لقد نبت اليوم الحب في قلبي كما تنبت الأزهار وتتفتح الورود وأنا متفائلٌ جدا من وجودي معك ومن حياتي معك.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فساد المظهر
- عائلات يهوديه مسلمه
- الحاجة ليست أم الاختراع
- أنت في حياتي
- ثلاثة أضعاف حجمك
- الحق على العده
- رمضان كريم
- رسالة إلى الأستاذ نبيل
- إلا الحمقى
- أمي عليها السلام
- هل هذا مُدهش؟
- سيكولوجيا اللعب
- مغارة اللصوص
- التنمية السياسية
- من أفضل من يتحدث عن الفساد؟
- عيد ميلاد ابنتي لميس
- الفقراء أعداء الثقافة
- على حافة الهاوية
- أولادي يسألونني عن وفاء سلطان
- لستُ غنياً لأشتري صناعه عربيه


المزيد.....




- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - الحب بالطرق الملتوية