أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالقادر حميدة - سيرة الطفولة المقهورة














المزيد.....


سيرة الطفولة المقهورة


عبدالقادر حميدة

الحوار المتمدن-العدد: 943 - 2004 / 9 / 1 - 10:48
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


محمد شكري في الخبز الحافي :
سيرة الطفولة المقهورة

قتل أباه ، و فضح خبايا الزوايا في مدينة مشاعة ، تحكمها قوات متعددة الجنسيات ، موانئ تعج بحركة الجنود الذين يرطنون بمختلف اللغات ، سفن حربية و أخرى مدنية ، باع على أطراف هذه المرافئ السلع المهربة ، من ساعات و سجائر و ألبسة نسوية ، و قاد بعضهم إلى الأحياء السفلية ، مقابل بعض النقود ، ثم هو يوضح بعد ذلك بأنه لم يقدهم إلى المغربيات قط .. لغة حكي بسيطة ، تقبض على الأشياء الظاهرة بطريقة آسرة ، ربما لم يستسغها سهيل إدريس صاحب الآداب في البداية و أرسل لكاتبنا طالبا منه تغيير أسلوب و لغته حتى تتسنى له طباعته ، لكنه حين رأى أن ذلك الكتاب قد ترجم لأكثر من عشرين لغة ، بداية من اللغة الفرنسية على يد الطاهر بن جلون ..استساغ ذلك و قرأ الكتاب بعيون أخرى .. كتابنا هذا كسر كل الطابوهات حينها ، و كان وثيقة تأريخية هامة ، إضافة إلى كونه عملا أدبيا مميزا ، و فاقت شهرته كل التوقعات ، ربما كان لابن الصباغ المغربي الفضل في ميلاد هذا الكتاب ، حين اقتنع كاتبنا على يديه بأن كتابة الروايات و القصص أمر ممكن ، و ربما كان لجان جنتيه و بول باولز دورهما في صناعة مشهد هذا الكتاب و أجوائه ، لكن كل ذلك لا يلغي دور الكاتب الذي عاش كل المراحل التي حكاها ، بل لا يلغي دور السيرة الذاتية في تأريخ الأحداث ، و كتابة التاريخ غير الرسمي ، تاريخ المقهورين و المهمشين ، و الذين صنعوا بكواهلهم جل الأحداث و لم يتذكرهم أحد ، جرأة الكاتب لم يستسغها البعض لكنها صارت مذهبا في الكتابة ، و التأريخ و مرجعا سرديا و أدبيا ، و غير غريب أن شهرة هذا الكتاب قضت على كل كتبه الأخرى ، رغم جزمه بأن بقية أعماله أكثر نضجا و حبكة ، ربما هذا يشبه ما حدث مع ماركيز في ( مائة عام من العزلة ) ..ثم هو يرى على الرغم من ذلك أنه لم يستطع أن يكون روائي المدينة التي اشتهر بها و اشتهرت به ، مثل الكتاب العالميين الذين كانوا لمدنهم ، سواء كانت واقعية أو متخيلة ، لأن ذلك حسبه يحتاج إلى أكثر من عمل و إلى نظرة عميقة ، و أن ما كتب عن مدينته –
حسب الحوار الذي أجراه معه كل من يحي بن الوليد و الزبير بن بوشتي - لا يعدو أن يكون مجرد إرهاصات حاولت لم شتات الذاكرة في محاولات شتى ، سواء ما كتبه هو أو كتبه عنها كتاب زاروها ، أو أقاموا فيها من الأجانب ، مثل وليام بواروز في روايته ( الغداء العاري ) ، و باولز في روايته ( دعه يسقط ) ، و من المغاربة محمد برادة في روايته الضوء الهارب ، أو غيرها ..كما يضيف في أكثر من مناسبة بأنه لا يجب أن يتعامل معه كظاهرة تعلم القراءة و الكتابة متأخرا ، و استطاع أن يبهر العالم برواية مميزة ، فهي ليست ( الروض العاطر ) و لا ( إرجاع الشيخ إلى صباه ) ، و هي ليست ( شرق عدن ) و لا ( في مديح زوجة الأب ) .. بل هي ( الخبز الحافي ) .. الرواية التي منعت زمنا طويلا في المغرب و في مصر أيضا .. و زادها المنع شهرة و زاد القراء رغبة .. الرواية التي يقرأها البعض مستترا و البعض علانية .. الرواية التي نالت من الشهرة ما لم تنله رواية عربية .. و الكاتب ليس أحدا سوى الراحل عنا في بحر العام الماضي محمد شكري .. أما المدينة فليست الغرب الواسع ، الفضفاض ، الأنثى كما في ( عصفور من الشرق ) .. و ليست ماكوندو المتخيلة في مائة عام من العزلة .. بل هي طنجة المغربية ..
و يمكن أن نضيف الآن بعد أن كشفنا هوية الكاتب الذي نتذكره اليوم و الكتاب و المدينة ، بأنه يروي سيرة طفولة مغتالة ، بفعل ظروف مرت بها المنطقة في العهد الاستعماري ، تروي سيرة الجوع ، و الخوف ، و الفوضى و اللاقانون ، سيرة حرمان ، و محاولة مهووس بالموت للفرار منه .. كما حدث مع الكتاب الكبار جميعا ..

عبدالقادر حميدة



#عبدالقادر_حميدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إضافة ثرية .. و تحد جديد
- في مكتبة الوقت
- حالات من الغيم المستتر
- صبية بدون إثم
- أن تعيش لتحكي .. و تحكي لتعيش
- المرايا و المتاهات لبورخيس
- متعة القراءة .. و لذة الإكتشاف
- حديث عن المجموعة الأولى للشاعرة السورية فرات إسبر / مثل الما ...
- الربيع يؤجل السفر


المزيد.....




- ضجة في إسرائيل بسبب صدور أمر بالتحقيق مع زوجة نتنياهو
- -هذا لا يمكن أن يستمر-.. الجنود الأوكرانيون يأملون في التوص ...
- زلزال قوي يضرب جنوب شرق جزيرة هونشو اليابانية
- قتلى في غارات إسرائيلية على اليمن استهدفت مطار صنعاء ومواقع ...
- كارثة بيئية في البحر الأسود: إنقاذ أكثر من 1200 طائر بعد غرق ...
- اليمن.. ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على صنعاء وال ...
- -تلغراف-: على ترامب أن يعرض على بريطانيا صفقة الانضمام إلى ا ...
- فنلندا تحقق في -تخريب- كابل كهرباء بحري يربطها بإستونيا وسط ...
- اتهامات للسلطات التونسية بالتنكيل بقيادي في حركة النهضة
- كازاخستان تحسم الجدل عن سبب تحطم الطائرة الأذربيجانية في أكت ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالقادر حميدة - سيرة الطفولة المقهورة