|
ظاهرة تسوّل الأطفال ظاهرة منظمة في سورية
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 3114 - 2010 / 9 / 3 - 10:12
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
البرامج الوطنية وورشات العمل غير كافية لاحتواء الظاهرة ظاهرة تسوّل الأطفال ظاهرة منظمة في سورية. لأول مرة يعترف مسؤول رسمي بأن ظاهرة تسوّل الأطفال في سورية ظاهرة منظمة، وهي أسوأ أشكال عمالة الأطفال. جاء هذا التصريح على لسان الدكتور عيسى ملدعون معاون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل يوم الاثنين 9/8/2010 أثناء انعقاد ورشة عمل حول البرنامج الوطني لمكافحة عمالة الأطفال في سورية التي أقامتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع اليونيسيف ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. وحسبما أوردت صحيفة البعث فقد أكد معاون الوزيرة أن محاربة عمل الأطفال في سورية والقضاء عليه لا يقتصر على إصدار القوانين والتشريعات التي بدورها نظّمت عمل الأطفال في سن معينة لا تقل عن/15/ سنة وهي مرحلة التعليم الأساسي. وأضاف أن تطبيق القانون يتعلق بتطوير آليات نظام التفتيش حول عمالة الأطفال بالتعاون مع الوزارات والجهات الحكومية المعنية( الداخلية، التربية، والإعلام) إضافة إلى إشراك المجتمع المحلي والأهلي في نشر الوعي للحد من هذه الظاهرة. لافتاً إلى أن ظاهرة التسوّل أحد أسوأ أشكال عمل الأطفال، وهي ظاهرة منظمة في سورية تعمل الوزارة للقضاء عليها، وأن قانون العمل الجديد فرض غرامة لممتهنيها لا تقل عن/25,000 ل.س/ ولا تزيد عن/50,000 ل.س/ بما أن مسؤول رسمي يعترف أن تسول الأطفال السوريين أصبح ظاهرة منظّمة، فإن الأمر يُعدُّ كارثياً إذا ما علمنا أن الفئة العمرية تحت عمر الـ/15/ سنة تشكل نسبة(40% ) من عدد السكان كما جاء في التقرير الوطني الثاني لمتابعة تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل في سوريا لعام/2000/، فكيف سيكون الوضع بعد عشرة أعوام في ظل ارتفاع معدل النمو السكاني في سورية.؟ ما يعني أن هذه الفئة العمرية تشكّل نصف عدد السكان وعليها يرتكز مستقبل سوريا الذي يتضح أنه يتجه نحو المجهول بوجود هذه النسب الخطيرة، وأن الطفولة في سورية في خطر وتحتاج إلى المزيد من الرعاية والاهتمام الجدي على كافة الصعد التعليمية والثقافية والصحية والاجتماعية والنفسية لبناء مجتمع متطور. علماً أن نسب التسرب غير المعترف بها رسمياً وتؤكدها تقارير الظل حول وضع الأطفال في سورية، تصل إلى( 21%) من الأطفال(14%) بين الذكور و(27%) بين الإناث. وبالتأكيد أن هذا التسرب يتم برضا الأهل، وبالتواطؤ مع مدراء المدارس بفعل غياب الرقابة على تنفيذ قانون إلزامية التعليم من قبل وزارة التربية بشكل جدي وفعّال. ومع أن المشرع السوري حمى الطفولة بمعاقبة الأهل في حالة تشرد الأولاد وقيامهم بالتسول في المواد/603- 604/ المادة- 603: )يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبالغرامة مائة ليرة سورية أبو القاصر الذي لم يتم الخامسة عشر من عمره أو أهله المكلفون إعالته وتربيته إذا تركوه متشرداً) المادة- 604: (من دفع قاصر دون الثامنة عشرة من عمره إلى التسول جرّاء منفعة شخصية عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة مائة ليرة سورية) ونص القانون كعقاب للتسول على الحبس مع التشغيل لمدة تتراوح ما بين شهر إلى ستة أشهر في دار التشغيل التي أحدثت لمكافحة هذه الظاهرة. وبما أن تطبيق القانون يتعلّق بتطوير آليات نظام التفتيش حول عمالة الأطفال، حسب تصريح د. ملدعون، فإن هذا يقتضي من الحكومة ولاسيما وزارة الشؤون الاجتماعية البحث عمّن يقبع خلف هذه الظاهرة من سماسرة ومستفيدين، والإسراع في العمل الجاد والحقيقي بهذا الشأن، لأن المجتمع الأهلي لا يمكن أن يقصّر في تعاونه مثلما يشير وبشكل دائم إلى خطورة هذه الظاهرة على المجتمع السوري. إن تفشي هذه الظاهرة وسواها مما له علاقة بالطفولة في المجتمع السوري تشير بلا أدنى شك إلى عدة أسباب: أولاً- الوضع الاقتصادي والمعاشي السيئ الذي فرض على المجتمع ممارسات وسلوكيات كانت فيما مضى مستهجنة ومعيبة( تسول الأطفال وتشردهم)، إضافة إلى ارتفاع معدل الولادات وبالتالي تزايد عدد أفراد الأسر لاسيما الفقيرة منها ناتج عدم الوعي، مما يؤدي إلى عدم قدرة الأهل على تلبية احتياجات الأولاد، وبالتالي الإقدام على أفعال مشابهة. وهذا الأمر يتطلب من الحكومة إعادة النظر في مجمل سياساتها المتعلّقة بالمجتمع وتأمين فرص العمل لاسيما للشرائح الدنيا لتأمين مستلزمات حياتها الضرورية بأقل التكاليف، وتعزيز قانون التعليم الإلزامي ومحاربة التسرّب من خلال تنفيذ العقوبات الرادعة والجادة للأهل والمسؤولين عن التسرّب المدرسي. ثانياً- الاكتفاء بورشات العمل والمؤتمرات وبرامج التعليم غير المستمر أو غير النظامي التي تتوجه لأطفال يمتلك آباؤهم درجة من الوعي تحميهم من الوقوع في براثن التسوّل أو العمالة المشردة، هذه البرامج التي تتجاهل أطفال الشرائح الدنيا والمعدمة في المجتمع، والذي يجب أن يكون التوجه لهم أصلاً لحمايتهم وتنمية مواهبهم المغمورة تحت ضغط الحاجة والفقر وعدم وعي الأهل. ثالثاً- سيادة قيم اجتماعية وأسرية لا مبالية بالمسؤولية المنوطة بالأبوين حصراً، أي تبدّل المفاهيم التربوية والأبوية تماهياً مع سمة العصر وهمّها الأساسي في إشباع الرغبات الآنية- الاستهلاكية الترفية على حساب أي شيء مهما كانت قيمته ثمينة كالأولاد، من خلال تشغيلهم بأعمال لا تليق بطفولتهم ولا بصحتهم النفسية والجسدية، وشوارع وأنفاق المدن شاهد حي على وجود الكثير من الأطفال بعمر الزهور متسولين بطرق مباشرة أو غير مباشرة عبر بيع العلكة أو أوراق نتائج الامتحانات والمفاضلة وما شابهها من أعمال تسيء للطفولة والأبوة والمجتمع بآنٍ معاً دون أدنى شعور من الأبوين بمسؤوليتهما عمّا يؤول إليه مصير أولادهم بما يتعرضون له من مخاطر جسيمة. جاء في المادة الثالثة من اتفاقية حقوق الطفل ما يلي: 1- في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولي الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى. 2- تتعهد الدول الأطراف بأن تضمن للطفل الحماية والرعاية اللازمتين لرفاهه، مراعية حقوق وواجبات والديه أو أوصيائه أو غيرهم من الأفراد المسؤولين قانونا عنه، وتتخذ، تحقيقاً لهذا الغرض، جميع التدابير التشريعية والإدارية الملائمة. كما جاء في المادة/19/ من الاتفاقية: 1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد(الوالدين) أو الوصي القانوني (الأوصياء القانونيين) عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته. 2- ينبغي أن تشمل هذه التدابير الوقائية، حسب الاقتضاء، إجراءات فعّالة لوضع برامج اجتماعية لتوفير الدعم اللازم للطفل ولأولئك الذين يتعهدون الطفل برعايتهم، وكذلك للأشكال الأخرى من الوقاية، ولتحديد حالات إساءة معاملة الطفل المذكورة حتى الآن والإبلاغ عنها والإحالة بشأنها والتحقيق فيها ومعالجتها ومتابعتها وكذلك لتدخل القضاء حسب الاقتضاء. وهنا أود أن أطرح على المسؤولين بمختلف الاتجاهات أسئلة قد لا ترقى ولا تروق لأحد: - هل يتم تطبيق الاتفاقيات والمعاهدات المُصادق عليها بشكل الحقيقي، أم أن التصديق جاء كنوع من البريستيج الذي تفرضه الأعراف الدولية..؟ - ألا يُعتبر تسوّل الأطفال وتشردهم وحتى عملهم في ورش وهم تحت السن المسموح به قانونياً اتجاراً بالبشر..؟ - ما الفرق بين مصير أطفال تتم المتاجرة بهم، ومصير مئات الأطفال الذين يعملون في أعمال مشابهة( ورش، تسول، بيع، ...الخ) - لماذا لا يتمّ تشميل هؤلاء الأطفال بالمرسوم التشريعي رقم(3) القاضي بمعاقبة مرتكبي الاتجار بالبشر أشد العقوبات..؟ - ألاّ يجب الحد من تلك المظاهر عبر تفعيل وتنشيط دور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الجاد والحقيقي ممثلة بمختلف الهيئات والمؤسسات المعنية...؟ أسئلة أودعها للمعنيين بالأمر، علّنا نصل لما تستحقه الطفولة في سورية.
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احذروا الشجار أمام الأبناء
-
تأجير طفلات صغيرات كخادمات، وأسئلة برسم المعنيين
-
أمومة المرأة وأنوثتها ليست أساساً للتمييز.
-
- يا رضا الله ورضا الوالدين- دعاء تلاشى على إيقاع الثقافة وا
...
-
محامية تلوذ بالصحافة بحثاً عن حلول وتستجدي الإنصاف من القضاء
-
الرجل والمرأة.. أيهما أكثر إخلاصاً..؟
-
إجرام المرأة أصيلاً أم مكتسباً..؟ في الرقة أم تقتل طفليها.!!
...
-
تعاليم القبيسيات في المدارس ضرورات أم محظورات.!؟
-
الجنسية... دموع ومعاناة وأبناء مقهورين
-
مؤتمر المنامة والعودة لأسوار الحرملك والوأد
-
وأخيراً... عيادة حديثة لفحوصات ما قبل الزواج
-
عندما تتحوّل الأخوّة لافتراس
-
باقة حب وياسمين لروح أبي
-
قضايا المرأة بين الواقع الاجتماعي والتشريعات
-
وزارة الإدارة المحلية تسحق الشرائح الأكثر استحقاقاً في المجت
...
-
مواكباً للقتل بداعي الشرف ضرب المرأة بات ظاهرة تستدعي التصدي
...
-
رغبت بمساعدته على تكاليف الحياة فقتلها بدافع الشك
-
صراحة الأزواج...مغامرة أم ضرورة..؟
-
كيف يرى الرجل صداقتها له
-
كان عامٌ حافلاً بقضايا المرأة
المزيد.....
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
-
مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا
...
-
اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات
...
-
اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
-
ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|