|
الخيانة ليست وجهة نظر: تهافت حجج دعاة بقاء قوات الاحتلال من أمثال زيباري وداود وعلاوي والهاشمي.
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 3113 - 2010 / 9 / 2 - 18:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدأ بابكر زيباري وهو الذي قفز من المجهول إلى رئاسة أركان جيش حكم المحاصصة الطائفية كجزء من غنائم المليشيات الكردية، بدأ المزاد العلني الهادف للإبقاء على قوات الاحتلال في العراق لعشرة أعوام أخرى بدعوى عدم استعداد القوات الأمنية العراقية للسيطرة على الملف الأمني وعدم اكتمال جاهزيتها. بعد أيام قليلة صرح قاسم داود المسؤول البعثي السابق والمستشار الأمني اللاحق لعمار الحكيم مؤيدا لبقاء قوات الاحتلال ولكنه لم يحدد أمدا معينا لبقائها. زعيم قائمة " العراقية " إياد علاوي صرح مرارا وتكرارا بضرورة بقاء قوات الاحتلال ولكنه خرج علينا قبل أيام بتصريح لصحيفة ديرشبيغل الألمانية زايد فيه حتى على زيباري حين رد على سؤال يقول : - قال با بكر زيباري إن الجيش العراقي لن يكون على أتم استعداد قبل عام 2020 وإن الأميركيين يجب أن يظلوا في البلاد فما هو رأيك؟ يرد علاوي حرفيا: - أتفق معه في الرأي وقد يستغرق الأمر عشر سوات أخرى. بمعنى أن علاوي يريد بقاء قوات الاحتلال عشر سنوات أخرى على العشر سنوات التي اقترحها زميله زيباري ليفكر - من ثم – في أمر خروج قوات الاحتلال سنة 2030. طارق الهاشمي الذي عرف بطلبه المتكرر من إدارة بوش وخَلَفَه أوباما بتأجيل سحب قوات الاحتلال، خرج علينا بعد يوم واحد على تصريحات زعيمه علاوي لديرشبيغل بمقالة صحفية حاول أن يجعل منها الغطاء التنظيري أو التبرير الأيديولوجي لطلب بقاء قوات الاحتلال. فتحت عنوان براق وموحي يقول "الانسحاب وغياب البديل الوطني" حاول الهاشمي إضفاء صفة الوطنية على نفسه أولا وهذا أمر يخصه إذ يمكن لمن شاء أن يصف نفسه بما شاء، وإضفاء الوطنية أيضا على طلب بقاء قوات الاحتلال ضمنيا ثانيا، وهذا ليس من حقه فههنا نجد أن دعاة بقاء الاحتلال بلغوا ذروة التدليس والتضليل واستغفال العراقيين فهم يطالبون ببقاء قوات الغزو التي دمرت البلد والعباد بحجج تتلطى خلف الشعارات الوطنية، وتقترح معادلة سياسية غريبة وغبية ولا سابق لها في تاريخ الحروب والاحتلالات خلاصتها : فليبق المحتلون في بلادنا طالما لم نبلور نحن الوطنيين بديلنا الوطني! الحجة الأولى لدعاة بقاء قوات الاحتلال من طائفيين شيعة وسنة وقوميين أكراد هي عدم جهوزية قوات الأمن العراقية و الوضع الأمني المتردي.هذه الحجة ليست جديدة بل هي قديمة قدم الاحتلال وهي متهافتة تهافت حججه ويدحضها ما يقوله دعاة إتمام جدول انسحاب قوات الاحتلال في مواعيدها. وهؤلاء طرفان فقط من مجموع أطراف العملية السياسية الأميركية هما التيار الصدري وقائمة المالكي، ودحض تلك الحجة جاء على لسان الصدريين وغيرهم من خارج العملية السياسية الأميركية أيضا وخلاصته هي إن سبب البلاء الحادث في العراق هو الاحتلال ووجود قواته ( بعض دعاة بقاء قوات الاحتلال ومن بينهم بعض أقطاب قائمة علاوي كصالح المطلك والنجيفي كرروا هذه الحجة أيام كانوا يزايدون على المقاومة العراقية ويعتبرون أنفسهم وطنيين نمرة صفر ) أما المالكي فلم يكرر موقفه الداعي لإتمام انسحاب قوات الاحتلال في مواعيدها بل زاد على ذلك وطالب بتقليص عديد القوات الأمنية في الجيش والشرطة إلى النصف تقريبا . وبإرجاء النظر في صحة أو خطل هذا المطلب حاليا نرى أن حجج المطالبين ببقاء قوات الاحتلال متهافتة تماما بل هي تخفي أهدافا ومخاوف حقيقية منها : حرص الأحزاب والمليشيات الكردية على المحافظة على المغانم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي حصلوا عليها عبر استقاوئهم بالمحتلين الأجانب والمحافظة على الدستور الاحتلالي السيئ وغير المتوازن والملغوم كما هو، وخوفهم بل ورعبهم من فقدان العضيد الأجنبي في مواجهة شركائهم في حكم المحاصصة الطائفية. أما الأحزاب والمليشيات الطائفية السنية -ويتساوى هنا التكفيريون في تنظيم القاعدة والعلمانيون المزعومون في قائمة علاوي - فهي تحرص على إدامة بقاء الضغط والتهديد الأميركيين على خصومها الطائفيين الشيعة واستعادة السلطة السياسية أو معظم دولها باسم الاستحقاق الدستوري لقائمة علاوي أو على الأقل عرقلة وإيقاف عمليات الإقصاء والتهميش الطائفي بحق المكون الذي يزعمون تمثيله والدفاع عنه.أما الطائفيون الشيعة وخصوصا في حزب آل الحكيم والذين عبر عن موقفهم قاسم داود فهم مسكونون بهاجس الانقراض السياسي من الساحة عند رحيل أصدقائهم المحتلين ذلك الانقراض بدت معالمه في نتائج الانتخابات الأخيرة واضحة مما حدا بممولهم وحاميهم التقليدي أي الحكم الإيراني إلى التخلي عنهم مؤخرا. حجة دعاة المطالبة بتمديد بقاء قوات الاحتلال الأجنبية، وهم يمثلون مجموعة من الأقطاب الأساسيين من العملية السياسية الأميركية لعشرة أو عشرين عاما أخرى، تقوم إذن على عدم جهوزية القوات الأمنية وتردي الوضع الأمني، في الوقت نفسه يقترح أقطاب مقابلون وداعون لإكمال انسحاب المحتلين تقليصا مهما لعديد القوات الأمنية وهذا بحد ذاته دليل على تهافت حجج الطرف الأول. أما التحجج بتردي الوضع الأمني فأكثر تهافتا من سابقه فموجات العنف والضربات الدموية التي توجهها المليشيات والقوى التكفيرية للمدنيين الأبرياء والتي هي المظهر الوحيد لما يسمى تدهور الوضع الأمني لم تتوقف في عزِّ التواجد الأميركي إن لم تكن أكثر تدهورا آنذاك، دع عنك إن السلطات الأمنية وجهت خلال الأشهر الأخيرة ضربات ماحقة لهذه القوى الفاشية تأوجت بقطع رأس تنظيم القاعدة والقضاء على زعيمي التنظيم المصري والبغدادي والعشرات من أمراء وقادة وكوادر التنظيم والتنظيمات الحليفة له ومن الجدير بالذكر إن القوى المطالبة ببقاء قوات الاحتلال سكتت عن هذه الإنجازات سكوتا معبرا لا يخلو من الأنانية السياسية والاستهانة اللاأخلاقية بدماء العراقيين التي يتبجحون بالدفاع عنها. قلنا بأن الطرفين – ونحصر كلامنا هنا بأطراف العملية السياسية الاحتلالية - اللذين رفضا علنا بقاء قوات الاحتلال وطالبا بإتمام علمية انسحابها هما قائمة المالكي والتيار الصدري ولكن الطرف الأول لم يقدم موقفا متماسكا من هذا الشأن المهم والخطير، ولم يطرح رؤية وطنية متكاملة لمرحلة ما بعد إتمام الانسحاب، وظل يدور في حلقته السياسية المفرغة داخل العملية السياسية الأميركية، داعيا على لسان المالكي نفسه والذي تحول اليوم إلى الحصان المفضل لدى المراهن الأميركي إلى تطبيق أخطر اتفاقية استعمارية مع المحتلين ألا وهي اتفاقية الإطار الاستراتيجي وهي الأخطر مائة مرة من الاتفاقية الأمنية، معولا أيضا على مشاركة مَن يدعون إلى بقاء قوات الاحتلال في التحالف معه وتقاسم الحكم معه. أما التيار الصدري فرغم قوة ووضوح موقفه الرافض لبقاء قوات الاحتلال ورفضه لأي مطالب بهذا الاتجاه ولكنه من ناحية أخرى ارتضى أن يدافع بل ويتحالف مع أخطر دعاة بقاء تلك القوات ونقصد إياد علاوي وقائمته ويعادي بشراسة ، ولأسباب تتعلق بالشخصنة والأحقاد والثارات الحزبية ليس إلا الطرف الآخر الذي يقاسمه رفض بقاء قوات الاحتلال الأجنبي.ثم إن التيار الصدري طرح موقفه هذا، وعلى لسان زعيمه الصدر، لمرة واحدة لم تتكرر ولم تتابع قيادة التيار هذا الموقف أو ترسخه وتكرسه كما ينبغي وكما دأبت على تكرار وترسيخ تصريحات أخرى ليست بهذه الأهمية. إن الخيانة ليست وجهة نظر لتناقش وتحاجج، وإذا كانت دعوة القوات الأجنبية من قبل بعض السياسيين العراقيين كالذين تقدمت أسماؤهم لاحتلال وطنهم بهدف تحقيق أهداف سياسية طائفية وشخصية تعتبر خيانة وعارا في جميع اللغات البشرية والتجارب التاريخية العالمية فإن الدعوة لبقاء هذه القوات لعشرين عاما آخر هي لب الخيانة وجوهرها الخبيث. ومع ذلك ينبغي التمييز بين من يدعو إلى بقاء قوات الاحتلال من مواطنين بسطاء ضللهم السياسيون المحترفون الناشطون في العملية السياسية الأميركية وأرعبوهم بالاحتمالات السوداء والجهنمية التي ستقع إذا ما انسحب المحتلون وبين هؤلاء السياسيين المحترفين من عملاء صرحاء للاحتلال يريدون لقواته البقاء. فالمواطن البسيط المضلل ينبغي بذل الجهد اللازم والصبور معه من قبل القوى والعناصر الوطنية لإخراجه من وطأة التضليل، أما السياسي المحترف والذي يدعو إلى بقاء أسياده المحتلين فينبغي عدم اعتباره مخالفا في الرأي بل عميلا ومحرضا رخيصا لصالح الاحتلال، فالخيانة ليست وجهة نظر، ومَن راهن على بقاء الاحتلال لسبع سنين دون أن يحقق أمنا أو إعمارا بل قتلا وتدميرا سيراهن مجددا على عشرات السنين ليضمن دوام التدمير والقتل والاستعباد الأجنبي.وإذا كان الزيباري وعلاوي والهاشمي وداود يحتجون بعدم حيازة جيشهم للطائرات والدبابات الحديثة والبارجات الحربية ليطلبوا من ثم بقاء الاحتلال الأجنبي فهل يعلم هؤلاء كم هو عدد الدول المستقلة في العالم والتي ليس لديها شيئا يذكر من تلك الأسلحة أو الدول التي ليس لديها ربع القوات المسلحة العراقية الموجودة اليوم ؟ وأخيرا ، هل نجحت جيوش صدام حسين الجرارة وطائراته ودباباته في حماية سيادة واستقلال العراق يوم التاسع من نيسان سنة 2003 ؟ لقد جربتم الاحتلال سبع سنين فما حصد العراقيون غير الخراب والدمار والقتل فلماذا لا تتركونهم يجربون غياب المحتلين؟ هل قلنا غياب؟ كلا طبعا ليس غيابا كاملا بل الأمر يتعلق بتخفيض عديدهم لا أكثر ولا أقل، ومَن يخشى تخفيض العديد فإنه يهرب من البلد ساعة الغياب والانسحاب الكامل وسنعيش ونرى!
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين البعث العراقي والقاعدة ..حروب صغيرة
-
أحداث الأعظمية : عَيِّنة لما سيحدث لاحقا أم خرق أمني؟
-
هوامش على حوار المطلك والسراج : السكوت عن الجريمة جريمة
-
بايدن والكوميديا العراقية : علمانيون ولكن طائفيون!
-
أمُّ الفضائح : رواتب الرؤساء والساسة في بلاد الألف ليلة وليل
...
-
بشتآشان: مجزرة جلال الطالباني بحق الشيوعيين العراقيين.
-
هرطقات علمانية زائفة: حسن العلوي والمحاصصة الطائفية -النبيلة
...
-
إلك لو للسبع؟ هل يجرؤ المالكي على قلب الطاولة والانتقال إلى
...
-
هل تسعى تركيا لتحالف سني عربي كردي يتحالف مع الحكيم لتطويق ا
...
-
بأخطاء علاوي القاتلة ..المالكي يحسم المعركة
-
ج2 / بدايات تشكل -سلطة- مثقفاتية نقدية مستقلة
-
ج1/ في مواجهة لغة الزيتوني والبلطجة السياسية
-
مقتل زعيمي-القاعدة- في العراق..السياق والدلالات وتساؤل: لماذ
...
-
بين شروط عمار الحكيم الفنطازية و تزكيات فتاح الشيخ الشقندحية
...
-
بمناسبة إدراج اسم مثنى حارث الضاري في قائمة داعمي ما يسمى با
...
-
الوريث الإيراني في مواجهة ولي العهد الأميركي.
-
علاوي يتبرع بدمه لتمديد بقاء الاحتلال..فماذا يقول الوطنيون ف
...
-
خيارات المالكي بين السهل والممتنع والممنوع أمريكيا
-
من يتحمل مسؤولية عودة الطائفية،المالكي، علاوي، أم إيران؟
-
علاوي الأمريكي وخصومه العجم وقصة ذيل الكلب!
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|