حمادي بلخشين
الحوار المتمدن-العدد: 3111 - 2010 / 8 / 31 - 15:40
المحور:
حقوق الانسان
لأجل هذا ينتحر المثقفون (رد خاطف على مقال السيد قاسم حسين صالح انتحار الأدباء ازمة حياة ام خلل عقلي)
"والذي تحار فيه أن أسباب قتل الأدباء لأنفسهم غير مبررة، او مثيرة للأستغراب"
هكذا كتب السيد قاسم حسين صالح
المسالة بالنسبة لي واضحة و لا غرابة فيها البتة. فالأدباء ينتحرون لسببين
الأول : لأنهم اكثر الناس شعورا بالظلم البشري و بالتالي فهم اقل احتمالا له و تاقلما معه.
الثاني: عدم ايمان اغلبية المثقفين الساحقة بالغيب (الذي يعفيهم ـ حسب نظرهم ـ من تبعة انتحارهم ـ إدانة و عذابا اخرويا) و شعور المتشككين فيهم بوجود "ظلم الهي"
لفتتة بالمناسبة :
يعد ابو العلاء المعري اشهر "المنتحرين الأحياء" فعلى الرغم من رفعة احساسه بالظلم و على الرغم من محنة العمى و اصابيه الحادة بالإكتئاب فقد صمد على ارض المحرقة و لم ينتحر (و ان كان قد ان قرر في لحظة ما انهاء حياته انتحارا و بابشع صورة، و بطريقة احتاجية استعراضية كانت ستبق بقرون عديدة بول ساندز اشهر المنتحرين جوعا في القرن العشرين و ذلك عن طريق كفه عن الطعام و الشراب حتى يموت و لكنه رفض ذلك مبررا" و لكنني اخشى غائلة السبيل " أي عذاب الله ( تدين المعري ـ المتهم ظلما و عدونا ـ بالإلحاد من قبل المزلقات السلفية قديما و الوهابية حديثا هو الذي منعه أيضا من اللجوء ايضا للخمرة كأدة فرح اصطناعي تنسيه واقعه و تهون عليه بعض آلام الحياة .لأجل ذلك قال وددت لو أن الخمر حلّت أو شيئا يشبه هذا)
مهمة المثقف النحر لا الإنتحار:
دور المثقف هو تجييش المظلومين ( بعد اشعارهم بالظلم كتابة و تحريضا ) ثم تقدمهم لنحر اعداء الإنسانية. فلإبادة ظالم واحد يوفر الاف المظلومين((((( و لكم في القصاص حياة يا أولى الألباب))))
ان استرجاع حقوق الشعوب في الكرامة و الحياة و الموت دون تلك الحقوق هي وظيفة الكاتب و الشاعر و المثقف بصفة عامة (1) الوظيفة التي اضلتها الثدييات السلفية الخانعة و البقرات الإخوانية الحلوب التي فهمت الدين طقوسا لا موقفا ايجابيا من الظلم و تفطن اليها سارتر حين كتب ذات يوم " المثقف مسؤول عن بكاء اي طفل في العالم)!!
مع تحياتي
ـــــــــــــــــــــ
(1) قال الحق تعالى (((و الشعراء يتبعهم الغاوون))) ثم استثني الملتزمين منهم بقضايا االإنسان فضحا و تثويرا و مواجهة للظلمة (الا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و ذكروا الله كثيرا و انتصروا من بعد ما ظلموا) آخر سورة الشعراء ( وقد قام المعري رحمه الله و بامتياز شديد بذلك الدور الذي رشحه هوميروسا للتراجيديا الإسلامية .. انظر استغرابه من قلة حياء الحكام الذين لم يكفهم تضييع الشعوب بل سعوا الى استخلاص الضرائب من لحمهم الحيّ:
و ارى ملوكا لا تحوط رعية/ فعلام تؤخذ جزية و مكوس ؟!!
#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟