أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي ابراهيم - أسئلة إلى الله (1).. الخلق















المزيد.....

أسئلة إلى الله (1).. الخلق


سامي ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3111 - 2010 / 8 / 31 - 08:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من بين جميع النظريات التي تتحدث عن الخلق وأصل الأشياء فإن نظرية "الله" أو النظرية الإلهية أو النظرية الدينية التي تطرح فكرة وجود الله هي النظرية ذات الأدلة الأقل متانة وصاحبة البراهين الأكثر وهيا وأضعفها إقناعا وأكثرها أخطاءً، فهي نظرية تفسر لنا ألغاز الكون وأسراره معتمدة على عقول أسلافنا البدائيين الذين كانوا يعيشون في الخرافة والجهل مكونين فهما خاطئا عن ظواهر الطبيعة وحوادثها.
وعندما لا يسمح لك معتنقوا هذه النظرية أن تطرح مسألة صدقها وصحتها معتبرينها من المحرمات فإن هذا التحريم يؤكد على شيء واحد أكيد وهو: الأساس الركيك والواهن الذي يقوم عليه الاعتقاد الديني.
نظرية الله تقدم لنا من جهة السمو والجلال في صورة الله ومن جهة أخرى تقدم النقيض ألا وهو الضعف والعجز والخنوع في صورة الإنسان.
نظرية الله تقدم لنا "الوجود" متجسدا في الله وتقدم لنا "العدم" متجسدا في الإنسان، مع أن الوجود يتمثل في الإنسان باعتباره كائنا مرئيا محسوسا ويشغل حيزا من الفراغ، بينما العدم يتمثل في الله باعتباره كائنا ميتافيزيقا غير مدرك بالعقل!
نظرية الله تقيد الحرية وتضع العبودية حلا مثاليا أمام الإنسان ولا تنسب إلى الموجود البشري إلا وعي بالصغر والمحدودية، ولكنها في الوقت نفسه تصور لنا الله بصورة الموجود المتعالي الذي هو وراء كل شيء .
يقولون أن الله من محبته العظيمة اللامتناهية للبشر قد أرسل الأنبياء والمرسلين لينقذهم من خطيئة أبيهم الأصلية! فإذا كان يحب البشر لهذا الحد لماذا أدخلهم بالأساس في الخطيئة ولماذا أوقعهم فيها! ألم يكن الأجدر به أن يسامحهم وهم عنده في الفردوس عندها كان سيوفر الوقت والجهد!
ثم ماذا كان يفعل الشيطان في الفردوس؟! لماذا وضعه الله إلى جانب الإنسان وهو العالم ببواطن الأمور! ألم يكن يعرف نوايا الشرير أو طريقة تفكيره؟!
أليس الله عارفاً بالغيب؟! ألم يكن يعرف أنه بخلقه للشجرة المحرمة ووضعها أمام أعين الإنسان وتنبيهه ألا يأكل من ثمرها وجعلها في متناول ذلك المخلوق الفضولي قد أرتكب هو الخطيئة الأولى قبل أن يرتكبها الإنسان؟! فهل تفاجئ الله من فعلة ادم؟!
ثم إذا كان الله يسمع كل شيء، ألم يسمع وسوسة الشيطان لحواء وهو يغريها بأكل الثمرة! وخاصة أن الجميع موجودون في حضرته في الفردوس المقدس وليسوا بعيدين؟!
ألم يعرف الله عندما خلق آدم منذ البداية أن هذا الآدم سوف يعصي مشيئته؟! ألم يعرف الله أنه سيعاقب آدم وسلالته بشتى أصناف العذاب والغضب الإلهي العظيم؟!
إن ما حدث مع الله عندما تناول آدم من الشجرة المحرمة هو تماما ما يحدث لإنسان اكتشف في يوم من الأيام خيانة صديقه المقرب! بالتأكيد ستكون ردة فعل ذلك الإنسان مليئة بالصدمة والغضب، وقد سميت خيانة لأنها عملية لا يمكن لأحد أن يتوقعها من صديق العمر، فعملية الخيانة تحدث من أقرب الناس وليس من قبل الأعداء، فالأعداء جميع تصرفاتهم متوقعة ومدروسة إمكانياتهم وقوتهم.
إذاً الله شعر بالخيانة! الله لم يكن يتوقع هذا التصرف من قبل آدم! الله مع أنه العليم لم يستطع أن يكتشف أن الشيطان قد أقنع حواء التي بدورها أقنعت آدم بأكل الثمرة!
كل هذه الأمور حدثت والله لا يدري ما يجري من حوله! والدليل على عدم معرفة الله لما كان يجري هو الحكم على الإنسان بالشقاء والعذاب و بالموت والمعروف أن حكم الخيانة هو الموت؟!
إذا من رد فعل الله وغضبه وحكمه بالموت على الإنسان نستنتج أن الله لم يكن يتوقع هذه الخطيئة من عبده ادم.
وحده الذي يخدع نفسه ويكذب على ذاته يعتقد أن هذه القصة رمزية، وحده الخائف الذي يهرب من سلطة العقل ومنطق التفكير يعتقد بأن هذه القصة رمزية لأنه يخاف من انهيار القناعات لديه. فإما ان تؤمن بها بحرفيتها اولا تؤمن، لا مجال للمساومة.
إذا كان الله يتوقع هذه الخطيئة لماذا حاسب الإنسان وعاقبه على فعلة كان الله هو من خلقها وهو مسببها الأول؟!
هل اهتز كبرياء الله؟! هل جرحت كرامته؟!
لماذا استمر يرسل أنبيائه؟! فهو عندما أرسل نبيه الأول ألم يكن يعرف أنه سيفشل؟! ألا يعرف بالغيب؟! ألم يكن يعرف مسبقا أنه لن ينجح في رسالته؟! ولماذا توقف بعدها عن إرسال الأنبياء؟! هل بدأ يشعر بالملل؟!
ثم إذا كان كل نبي أو مرسل قد جاء بفكرة عن الله مختلفة كليا عن الفكرة التي سبقت النبي الذي قبله! مع اعتراف الجميع أن أولائك الأنبياء والمرسلين هم من عند الله إذا أين هي القوة الإلهية في جعل الأمور تأخذ منحاها الصحيح وأين دور الله في توحيد كلمته ورسالته الإلهية المقدسة؟!
إن نظرية الله التي تطرح نفسها على أنها معتقدات ليست خلاصة التجربة أو النتيجة النهائية للتأمل والتفكير وإنما هي توهمات، ناتجة عن الخوف والقلق الإنساني من المجهول ومن المستقبل ومن الموت، ناتجة عن الرغبة في إطالة الحياة التي هي غاية الإنسان منذ الأزل.
النظرية الإلهية في الخلق هي أفكار هاذية ساذجة سطحية.
صحيح أن هناك أسئلة كثيرة لا يزال العلم عاجزا عن حلها لكن العلم هو الطريق الوحيد الذي يؤدي بنا إلى معرفة العالم الخارجي.
وصحيح أيضاً أن العلم يقف عاجزا وحائرا أمام ظواهر يصعب تفسيرها لكن لا يظنن الرجل المتدين والغارق في أوهامه الدينية أنه على الطريق الصحيح أو انه أستطاع أن يفسر أسئلة الكون وألغازه ومعضلاته بسذاجة وسخف وجهل وبؤس الأجيال البدائية الفاقدة لمنطق الأشياء والتي سلمته الموروث الدين جيلا بعد جيل.
والحقيقة هي أن العلم في تطور مستمر ففي كل يوم يحقق فيه تقدما واكتشافا جديدا فإن الدين ونظرية الله تخسر معركتها وتتضعضع أركانها وهي في تقهقر مستمر أمام قوة العقل والمنطق العلمي. وهي غير قابلة للتطور وتضعف مقاومتها يوما بعد يوم لتثبت فشلها وزيفها وجهلها بمنطق الحياة.
الوعي الديني هو وعي متغير لا يكف عن الشعور بنقصه وضعفه وتناقضه.
الدين هو أشبه بالثوب الذي لا يمكن تغييره فقد أصبح رثا بالياً، أما العلمانية فهي الطريق الأصلح للشعوب التي تريد أن تسير في ركب الحضارة والتطور.
العلمانية لا تدعي الكمال لكنها تسعى إليه أما الدين فيدعيه ولكن هذا الكمال يتوضح زيفه وتتهاوى أركانه جيلا بعد جيل ويزاح عن عرشه المبني على خوف الإنسان وجهله وعذابه.



#سامي_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيميل.. مايزال النزيف مستمرا
- أيها الشرقي.. تعلم احترام الحضارة
- مصارعة الثيران (2).. تهجير المسيحي
- مصارعة الثيران (1).. الطريقة المباشرة
- الوهم وخداع الذات.. سيمفونية نينوى مثال
- الأمة الأشورية.. أمة بدون حاضر.. بدون مستقبل
- ويل لأمة لا تكرم أديبها وشاعرها وفنانها
- حبيب موسى.. أسطورة خالدة لن تموت
- زوعا والمجلس الشعبي.. إلى أين؟
- ما أقبحهم.. ما أبشعهم
- كيف تكشفين شخصية الرجل
- ما الذي يجعل الفتاة تهرب من الشاب
- أحبك لأنك تجسدين فصولي الأربعة
- كيانك حضارتي
- تلك اللحظة
- مذكرة إلى حبيبة
- تلك الكلمة
- لا تتركيني
- السعادة هي صنع ذاتي
- علاقات أفضل


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي ابراهيم - أسئلة إلى الله (1).. الخلق