|
حساب الخسائر والأرباح للنظام العراقي ، قبل وبعد أسقاطه
صباح قدوري
الحوار المتمدن-العدد: 941 - 2004 / 8 / 30 - 08:29
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
سبب النظام العراقي الديكتاتوري المقبور ، الشعب العراقي الى الخسائر البشرية والمادية كبيرة ، قبل وبعد أسقاطه. أصبح من الصعب على اي محاسب القانوني ، ان يعرض تقريرا مفصلأ وافيا بنتيجة الحساب الخسائر والأرباح ، بدلأ من حساب الأرباح والخسائر المتعارف عليه في العرف المحاسبي. أحاول في هذه السطور ان أجد صيغة ملأئمة لعرض هذا التقرير ، الذي يشمل على قائمة طويلة من الحسابات ، يمكن تبويبها كالأتي حسابات المصروفات ------------ البشرية المادية التاخر الأقتصادي والأجتماعي والثقافي التركيبة الأجتماعية للمجتمع العراقي فوائد القروض هجرة الأيدي العاملة وأصحاب الكفاءات العلمية، ومستقبل الأجيال القادمة أضرار البيئة أرتفاع الأمية ، تدني المستوى العلمي ، التخلف التكنولوجي حسابات الأيرادات --------------- بناء القصور والجواميع قوة النظام وهيبته في المحافل الدولية السياسة العربية والقضية الفلسطينية فالملأحظة السريعة على تفاصيل هذه الحسابات ، نجد ان الخسائر البشرية ، قد شملت كل الطبقات ، والقوميات ،والأديان من شريحة المجتمع العراقي، أبتداءا بالأحزاب السياسية المعارضة للنظام ، حرب الأبادة ضد الشعب الكردي في حملأت الأنفال الصي صيت ، التهجير القسري والقصف الكيمياوي لأبناء حلبجة الشهيدة ، شن الحروب مما سببت الى ملأيين من الضحاية بين الموتا والمفقودين ، بسبب حربي الخليج وحرب الأمريكية الأخيرة ، وأحتلأل العراق ، وان القبور الجماعية التي عثرت عليها بعد أسقاط النظام ، هي خير شاهد على ذلك ، هذا مع أستمرار العمليات ألأرهابية المختلفة لحد ألأن ، وان ضحيتها يوميا مئات من ألأبرياء العراقيين
أما الخسائر المادية ، متمثلة بتدمير الكامل للبنية التحتية ، تدني في الأنتاج والأنتاجية ، بسبب تعطيل الطاقات الأنتاجية في كل القطاعات الأقتصادية ، شحت السلع والخدمات في الأسواق ، والأعتماد على الأستراد من الخارج . أستمرار فرض الحصار الأقتصادي لمدة 12 سنة ، مما سبب ايضا الى أنخفاض في عائدات النفط وأنسحاب تأثيرها السلبي على عملية التنمية الأقتصادية الأجتماعية في البلد . بيع النفط مقابل الغذاء وتوزيعيها على المواطنيين ، وفق نظام البطاقات التمونية، وتحديد حصة الفرد من الأستهلأكات الضرورية . أثرت هذه الحالة في تدني معدلأت النمو ، أنخفاض الدخل القومي ومن ثم الدخل الفردي ، الذي أصبح في مستوى معدلأت دخله في الخمسينيات من القرن الماضي ، وأنعكس هذه الحالة أيضا ، في زيادة معدلأت البطالة ، والتضخم النقدي ، أنخفاض سعر صرف الدينار العراقي ، ونفاذ أحتياطيات العملة الصعبة التي كانت تمتلكها الدولة بحدود 35-40 مليارد دولأر، من جراء تاميم النفط وزيادة عائدات العراق من مبيعات النفط وقبل حرب العراقية الأيرانية ، والتي ذهبت كلها هدرا ، بدلأ من أستثمارها في عملية التنمية الأقتصادية وألأجتماعية الحقيقية. حدث كذلك تغيرا جذريا في التركيبة الأجتماعية للشعب العراقي ، نتيجة الهجرة والتهجير القسري وتغير الطابع القومي وأسكان الأخرين من المصريين والفلسطينيين وأيرانيين ، ليس لمساعدة هذه الشعوب والتضامن معها بل بهدف تغير التركيبة الجغرافية والثقافية لأبناء الشعب العراق. أضطر النظام الديكتاتوري المقبورالأستعانة بالقروض من الدول المختلفة ، ولأسيما من بعض البلدان العربية ، التي وقفت بجانب النظام في تغطية نفقات حربه المجنونة ضد أيران ، والتي أصبحت فيما بعد نفسها، مستهدفا بعد أنتهاء هذه الحرب ، والذي أقدم على غزو الكويت بدلأ من أرجاع ديونها . وكما معروف ان مبالغها أصبت تزداد بنتيجة تراكم الفائدة عليها ، وكذلك دفع تعويضات هذه الحروب مع أستمرار العقوبات الأقتصادي سبب النظام الديكتاتوري الى تشريد وتهجير ملأيين من أبناء الشعب العراقي ، والذي بلغ عددهم أكثر من 3 ملأيين من الأيدي العاملة الماهرة والمتعلمة والمدربة ، واصحاب الكفاءات والشهادات العالية ، ومواطنيين من مختلف الأعمار والعوائل المضطهدة من الأكراد والتركمان وكلدواواشور والصبة والشيعة والسنة وغيرهم. هؤلأء المشردين والمهاجرين عانوا من القسوى والحالة النفسية والتفكك العائلي ، مشاكل البطالة في المهجر ، حرمان أبناءهم من اكمال الدراسات الجامعية الأولية وغيرها ، مع تفشي الأمراض الأجتماعية في صفوف بعض من الشباب والشابات. أعتماد مجموعات كبيرة منها على المساعدات الأجتماعية في تدبير نقمة عيشهم وأمور عائلأتهم، ومعانات قبولهم كلأجئين أم رفضهيم ، ناهيك ان قسم كبير منهم يرغبون الرجوع الى البلد وخاصة بعد أسقاط النظام ، والأنخراط في العمل والمساهمة في بناء العراق الحديث ، الأ ان هناك لأتزال كثير من المشاكل والعوائق تقف أمامهم ، حال دون تحقيق مساعيهم ورغبتهم في الرجوع
تركزت سياسة النظام المقبور الى تشديد القمع والأرهاب والحروب . مما اقتضت هذه الحالة من أنشاء جهاز أمني وعسكري قوي ، وتخصيص أعتمادات خيالية اليه في الميزانية العامة ، على حساب ألأعتمادات الصحية ، الدراسية ، والأجتماعية وتحقيق التنمية الحقيقية . أهمال وعدم الأعتناء بالبيئة وحمايتها من التلوث ، التي حدث من جراء الحروب واستخدام الأسلحة الكيمياوية والبايلوجية ، أنشاء مفاعيل النوؤية ، لأ لأغراض السلمية ، بل في تطوير الأسلحة وخاصة المدمرة منها . كذلك حرق عشرات أبار النفط ، على أثر حرب الكويت ، والتي تسببت الى زيادة نسبة غاز ثاني أوكسيد الكاربون في الهواء وتلوثه. كذلك تجفيف منطقة الأهوار ، وتشريد أهالها والقضاء على عدة ملأيين من أشجار النخيل الجميلة والمثمرة والصحية للبيئة في وسط وجنوب العراق. ان مجمل هذه السياسات اللأنسانية ، واللأقانونية وأللأاخلأقية وقفت حجر عثرة امام التطور والتقدم وبناء مؤسسات المجتمع المدني وأقرار الديمقراطية وممارستها في الحياة اليومية ، وحل المسائل القومية وألأقليات ، مما اخر العراق وأرجعه الى عهد ما كان عليه قبل 50 سنة، مما أصبح اليوم ان ظاهرة تخلف واضحة للأعيان ، وهي تشمل كل مجالأت الحياة ، وخاصة تاخر العراق في بناء التكنلوجية الحديثة ، بوسع هذا الجيل والأجيال القادمة من أستخدامها في خدمة بناء العراق الحديث ، وارجاع عافيته بالسرعة الممكنة
أما حسابات الأيرادات، نجد ان بناء القصور والجواميع ضمن القطاع الأنشائي كان بحجة أحياء التراث الفني والتاريخي للعراق . أبراز معالم حضارة الوادي الرافدين ,وتثبيت الهوية الأسلأمية الكاذبة ، من خلأل الفن المعماري المستخدم في بناء عدة جوامع في بغداد . ان ما أنفقت من ألأموال الطائلة في هذا المجال ، لم ترجع ريعها الأجتماعي على الشعب العراقي ، ولأ حتى الأستفاد منها في المجال السياحي ، بل بنيت لتحقيق رغبات الشخصية لصدام وأولأده ، الذين أستغلواهذه القصور في مسائل الترف واللهو والممارسات اللأخلأقية أسوة بقصور هارون رشيد في حينه ، في الوقت الذي كان خزانة الدولة تنقصها النقود لأستثمارها في مجال التنمية الأقتصادية الأجتماعية الحقيقية. ان هذه الأبنية يمكن تخلق جزاء بسيط من التراكم الراسمالي في القطاع الأنشائي . يتتطلب اليوم بعد سقوط النظام ، الأستفادة القصوى من هذه الأبنية ,تحويل مردودها الأجتماعي الى الجماهير ، من خلأل أستغلألها وتحويلها الى مشاريع منتجة ، فمثلأ الى معاهد ومراكز البحوت ، قاعات المؤتمرات الدولية ، المدارس والجامعات ، المكتبات المتخصصة ، المستشفيات الخاصة لمعالجة الأمراض النفسية والسرطانية ، التي أنتشرت في الأونة ألأخيرة في المجتمع العراقي ، من جراء الحروب وتلوث البيئة، فنادق السياحية ، ومتاحف لعرض مأسي الشعب العراقي في ظل النظام المقبور. حاول النظام وبكل الوسائل ، ان يبرز هيبته وقوته في المحافل الدولية .أنفق لهذا الغرض مبالغ طائلة في الدعاية وشراء الذمم ودفع الرشاوي وأبرام العقود التجارية في مجال أستثمارات النفط ، وشراء الأسلحة وتطوير القدرة العسكرية ، وذلك لتخويف الدول المجاورة وخاصة الخليجية والعربية منها ، مع أعتماد النهج الديماغوغي في السياسةالدولية تجاه قضايا العادلة للشعوب ، مع تنفيذ السياسة الأمريكية في المنطقة ، وخاصة تجاه أيران وسوريا ، قبل غزو الكويت ، والذي أصبح النظام وراسه مطلوبا فيما بعد من قبل الولأيات المتحدة الأمريكية . لذا ممكن الأن ألأستفادة من علأقات العراق بالدول العالم في أطار المنافع المتبادلة ، وأحترام الشرعية الدولية ، وتعزيز العلأقات الأقتصادية والتعاون المشترك مع الدول الجوار والعربية والوحدة الأوربية وغيرها من البلدان العالم .وأستثمار ذلك في عملية التنمية الأقتصادية وألأجتماعية في العراق أما على صعيد السياسة العربية ، فان النظام السابق كان يدعي نظريا ، بانه حريصا على قضية الوحدة العربية وتعزيز التعاون الأقتصادي والثقافي معها ، وتوحيد الخطاب العربي في مواجهة المؤمرات والتدويل هذه القضية لصالح الأمريالية والصهيونية . وكان ذلك كلهاعبارة فقط عن الصرخات وألأقوال. الأ انه في الواقع العملي الملموس ، لم يقدم اي شئ بهذا الأتجاه ، وخاصة في القضية الفلسطينية الملتهبة اليوم وبحاجة الى التضامن الفعلي ، وبذل الجهود الحقيقية لحلها بشكل سلمي.بل نجد بالعكس ان النظام السابق قد مارس السياسة العدوانية تجاه معظم بلدان العربية وضد دول الجوار، وتراهن بالقضية الفلسطينية ، وحتى قدم بعض المساعدات المالية لها ، بشروط وقيود ، كانت تنصب قبل كل شئ في خدمة سياسة النظام وجعل من هذه الجهات واجهة دعائية لها في المحافل الدولية.العراق كان ولأيزال مؤهلأ بان يلعب دوره الحقيقي في المنطقة ، في اعادة العلأقة والثقة الى الدول الجوار والبلدان العربية . ألأعتماد على سياسة التضامن والكفاح المشترك في سبيل تحقيق ألأهداف القومية المشروعة وعلى راسها حل القضية الفلسطينية بطريقة سلمية ، مع اخد بنظر الأعتبار في ايجاد الحل الأمثل للمسائل القومية والأقليات في البلد وبعد سقوط النظام ، بقيت قائمة تلك الحسابات نفسها ، ( دون الدخول في التفاصيل) ، قد تكون اعادة لتلك الملأحظات السابقة، ولكن تحت تبويب أخر، يمكن اجمالها بما يالي المصروفات ------------ البشرية المادية ألأحتلأل التاخر الأقتصادي والأجتماعي والثقافي أضرار البيئة التخلف التكنولوجي ، وتدني المستوى التعليمي والعلمي المشكلأت العرقية ، الطائفية ، الدينية ، القومية ، الأقتصادية والسياسية التدخلأت الخارجية العمليات الأرهابية الفساد الأداري والأقتصادي
ألأيرادات ----------- اسقاط النظام الديكتاتوري انبثاق المجلس الحكومي المؤقت ، والحكومة الأنتقالية الموقتة قانون ادارة الدولة الموقتة أعداد الدستور الموقت انبثاق المؤتمر الوطني العراقي
والخلأصة يمكن القول، ان ما ورد في عرض هذا التقرير الحسابي ، يكفي بتوجيه تهم عديدة من أختلأس وسرقة أموال الشعب ، والضحاية البشرية الكبيرة ، التي يصعب تقدير قيمتها بشكل نقدي ، الى المجرم صدام حسين واعوانه من المجرمين الأخرين ، الذين شكلوا القاعدة الأساسية لحكمه المقبور ، ومارسوا ابشع انواع من القمع والأرهاب والقتل الجماعي والحروب المجنونة وتدمير الأقتصاد بحق الشعب العراقي ، ، في الوقت الذي نجدهم اليوم، مدللين ومحمين في السجون و لأيزالون مستمرون في عملهم التخريبي ، ويلتقون في نهجهم هذه مع سياسة المنظمات الأرهابية المختلفة ، التي مستمرة في عملياتها المدمرة المادية والبشرية، وفي خلق العراقيل والصعوبات أمام الشعب العراقي ، في بناء العراق الجديد ، ذات التوجهة الديمقراطي التعددي الفيدرالي الموحد، يصان فيه كرامة وحقوق الفرد العراقي
#صباح_قدوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألأنتخابات الأمريكية والسياسة الأقتصادية المقبلة
-
ألفيدرالية الكردستانية بين العاملين الداخلي والخارجي
-
مستقبل التطور الأقتصادي في ألأدارة الفيدرالية لكردستان العرا
...
-
على هامش الأنتخابات العامة في العراق
-
أسرار شبكة الأسلحة النووية والبالوجية
-
نحو عراق الأمل والسلأم
المزيد.....
-
اُعتبرت إدانته انتصارًا لحركة -MeToo-.. ماذا تعني إعادة محاك
...
-
الحرب الأهلية في السودان تدخل عامها الثالث… نزيف أرواح متواص
...
-
فيديو متداول لاكتشاف قاذفات أمريكية شبحية في الأجواء الإيران
...
-
الإليزيه: استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر وطرد 12 من موظف
...
-
إطلالة محمد رمضان وجدل -بدلة الرقص- في مهرجان -كوتشيلا-.. ما
...
-
هل كشفت فيديوهات الصينيين التكلفة الفعلية للماركات الفاخرة؟
...
-
مطرب يقسم اليمنيين بأغنيته -غني معانا-.. ما القصة؟
-
لقطات حصرية من الفاشر المحاصرة وسكانها يوثقون لبي بي سي صراع
...
-
كيف جلب -بيع- جنسية الدومينيكا مليار دولار للدولة؟
-
غزة.. موت ينتشر وأرض تضيق
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|