|
يريدونه فقيراً جاهلاً..عن الذين -بصموا لجمال مبارك-
أميرة الطحاوي
الحوار المتمدن-العدد: 3105 - 2010 / 8 / 25 - 15:56
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
أن يكون تي شيرت قد لا يتعدى ثمنه في أحسن الأحوال عشرين جنيهاً مصرياً هو ثمن توقيع مواطن على توريث حكم البلاد لجمال مبارك، أو أن تتم "البيعة" بأخذ بصمة اليد على ورقة لا يعرف المواطن كيف يقرأها لأنه إما أميّ أو متسرب من التعليم أو تعلم ومع هذا "لا يفك الخط" فهذا أمر لا يخجل النظام من حدوثه أو استغلاله بل يحرص على ابقائه؛ إذ يحسن التعامل مع هؤلاء واستخدامهم لصالحه وحتى قمعهم إن ما تململوا. انهم كما في كل بقاع الأرض تقريبا: وقود الحروب وصوت الحناجر عندما يتجه النظام نحو اليمين القومي وهدف سهل الغواية من اليمين الديني، حيث يرتبط وجود واستمرار كثير من النظم القمعية على اختلافها بهذه الفئات من المعدمين والجهلة . و في حالتنا المصرية أصبحوا جزءا من الجمهور الذي يتوجه له الابن جمال عندما ييريد بعض الحشد العددي القابل للاستغلال اعلاميا (مجرد رقم، عدد المهللين وصورهم، وعدد الموقعين أو بالأحرى الباصمين على مبايعته)، وهو في هذا خير سلف لأبيه حيث لم يقم الأخير أبدا بمشروع جدي من شأنه القضاء على الفقر أو الأمية في البلاد. وعندما زار الابن منطقة العجوزة القديمة قبل عام عندما قرر النظام فجأة إخلاءها من سكانها بحجة ”تطويرها” جاء مفتاح التبسط و التودد لتلك الفئة من الفقراء مختلفاً. لا تشتري خطب المواطن المتعلم ولو جزئيا أوصاحب المهنة بنفس الثمن الذي تدفعه في المعدم أو الذي لا نصيب له من العلم أو التنور أو ذاك العاطل الذي لا يجيد أو يجد عملاً . هناك تسعيرة لابن مدينة نصر مثلا وأخرى لابن الدويقة أو قلعة الكبش أو منشية ناصر... الخ. تسعيرة مالية وعينية وأدبية. عبارات التأييد لجمال رئيساً في العجوزة انطلقت على لسان البعض وليس الكل وذلك عندما التقاهم بعد أن "عوضهم سكنياً بالفعل”. قارن الصورة هنا بالحجرات الاسمنتية الضيقة على أطراف صحراء أكتوبر التي ألقى فيها النظام سكان عشوائيات مدينة ناصر ممن أخليت مساكنهم بقرارات إدارية، أو المتضررين من سقوط صخرة الدويقة، لقد وضعوا أسرة واثنتين في غرفة واحدة، وعندما احتج الأهالي الأسبوع الماضي مطالبين فقط بشقة أكبر من تلك الـ ٢٣ متراً التي منّ بها النظام عليهم كان نصيبهم العصا الثقيلة للأمن... لم يخجل أمين السياسات في الحزب الحاكم منذ ٣٢ عاما أن ينتخبه أو يبايعه المواطن مقابل عشرين جنيها (أرخص بكثير من ثمن الصوت في الانتخابات البرلمانية) لم يخجل الحاصل على تعليم أجنبي أن يكون مواطنوه من الأميين والجهلة ولا زالوا يحملون الختم أويبصمون!).
النظام الذي يطالب مسؤل فيه المواطنين من ذوي الدخل المحدود أن يمتنعوا عن تناول اللحوم - حمراء وبيضاء- ويكتفوا بالبقول أو وجبة سمك زهيدة من حين لآخر هو نظام متعال لا يختلف عن رئيسه الذي طالما اتحفنا بعبارات سوقية عن العدد "اللي في الليمون" ونصائحه بعدم شرب "الشاي المحروق والمحلى بالسكر الزيادة"...وتكراره "كنا فنا وبقينا فين" ..، هذا قبل أن يتوقف فجأة قبل .عقد وأكثر عن ارتجال فقرات كاملة من خطاباته. النظام الذي يقترح أن يرفع أسعار الكهرباء عندما يزيد استهلاكها في المناطق الفقيرة أو يقطعها عنهم لفترات طويلة هو نظام “يستكثر” على محدودي الدخل بعض المعاملة الآدمية ويريد عقابهم أو اثناءهم عن مزاحمة السادة في خدمات بسيطة بتعجيزهم ماديا .عن دفع ثمنها من دخلهم المحدود. النظام الذي يطالب مسؤلوه بأن يسمح لركاب الدرجات الفاخرة في القطارات بالنزول في المحطات الرسمية فيما يحتجز ركاب الدرجات الاقتصادية لينزلوا على مشارف العاصمة هو نظام يحتقر مواطنيه ممن تدهورت أحوالهم المادية بسبب الفساد الذي يرعاه نفس النظام. عن الذين "بصموا لابن الريس" جوقة جمال مبارك التي ذهبت لمنشية ناصر قبل أيام ولم تخجل من كم الأميين الذين "بصموا لابن الريس" هي نفسها التي كانت تستدعي الأمن لضرب المتضررين من انهيار صخرة الدويقة. الفقراء والجهلة في مصر هم عماد استمرار الفاسدين سياسيا واقتصاديا. قد يصعب أن نواجه الفقر فيما نحن خارج دائرة التحكم في الموارد أو المشاريع الكبرى أو التخطيط أو صنع القوانين المتصلة ، لكن من قال أن الفقراء والأميين سيختفون مع اقصاء النظام الحالي (لو حدث..!) . مهمتنا التي يمكن أن نضطلع بها فيما نحن خارج السلطة هي محو الأمية الابجدية والاجتماعية معاً. تعليم الاميين وتوعية المنكفئين على حياتهم والمنشغلين بالتغلب على مصاعبها. الملتهين بلقمة العيش ان وجدت. اختبار للمعارضة "الفاعلة" وحيث أن أيا من هؤلاء لن يقرأ المكتوب هنا فليكن حديثنا للمعني الحقيقي بهم. اذا كان هناك معارضة جادة "ذات نفس طويل" في هذه البلاد فإن هدفها القابل للتحقيق يجب أن يكون تغيير ادراك ووعي الكثيرين من هذا الشعب. قدرتهم علي الاطلاع والإدراك والمقارنة والاستيعاب والحكم. أدوات ومهارات يجب أن يتسلح بها المواطن العادي لتفخر أنه معك باختياره الحقيقي وليس كرها أو حاجة. توعية وتعليم هذا الشعب. تنوير وتثوير سيتبعه بالضرورة التغيير المنشود. لا يمكن للمظاهرات أو التصريحات أن تجعل المواطن يدرك حجم الجرم الذي يرتكبه في حق نفسه وابنائه عندما يعطي صوته للفاسدين أو يبيع لهم بطاقته الانتخابية أو يبصم ويهلل لهم. وبدلا عن المشاريع الكبري الفاشلة لمحو الأمية وتعليم الكبار التي يرعاها النظام وعقيلة الرئيس، لننشيء نحن مشاريع حقيقية لازالة الصدأ عن العقول. فصول في مجتمعاتنا المحلية للتعليم المكثف بمناهج متسقة مع أعمار وظروف كل فئة. بعد سنوات سيسعى هؤلاء أنفسهم لمن يرونه الأفضل ليمثلهم أو يتولى أمورهم ويحكمهم. ليس بالضرورة أن يختاروا من مد لهم يد العون، لكنه أبداً لن يكون مماثلاً لهذا الفاسد الذي أذلهم وأفقرهم وحرمهم العلم واحتقرهم وحجم طاقاتهم مانعة اياها أن تنطلق لبناء حياة أفضل، واستغلهم خانعين مكتوفي الايدي لصالح نفسه ولولده من بعده.. فاذا كنا حقا نقدر وطننا ونريد العزة لابنائه ونعتقد انهم يستحقون حياة افضل ٠وغير ذلك مما يرفعه المهتمون بالشأن العام ) فليكن هدفنا الدفاع عن حق المواطن في الاختيار "الواعي" وتمكينه من أن ينجو من هذا المصير؛ مصير التابع لمن يشتريه أو يخدعه حتي إذا ما قضى السيد منه غايته أهال عليه التراب.
#أميرة_الطحاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لم نفتقد بوش, ولا ننتظر شيئا من أوباما
-
وزراء وليسوا خدما وحشما: مبارك يواصل استهانته بالدستور حتي ف
...
-
يحدث في سوريا :كتبت رسالة إلى -أخيها الإنسان- فاعتقلوها.
-
ثم اسقطوا الرشوة من الجلباب!
-
هايضربوهم وهمه بيصلوا- عيد الغطاس
-
كذبة غشاء البكارة الصيني تكشف عوراتنا الإعلامية
-
مصر: هل منصب كاهن هو ما ينقص المرأة القبطية؟
-
أسئلة على هامش توقف بث قناة صدام اليوم
-
على هامش صدور تقرير هيومان رايتس، أكراد سوريا.. بين الشكاوى
...
-
هل أخطأ هيكل بزيارة نصب ضحايا الهولوكوست؟
-
صحيح ..إيه اللي جابهم السودان؟
-
يا نار كوني بردًا وسلاماً علي صحافيي العراق
-
السيد هوشيار زيباري- ينتظرونك السادسة صباحاً!
-
لماذا تصمت دولة تجاه مزاعم تورط مواطنيها في مخططات طائفية بد
...
-
قراء في كتاب المستبد-صناعة قائد صناعة شعب
-
العنصريون الجدد في السينما المصرية
-
كلنا مظاليم يا علي مظاليم
-
دارفور الساسة يناورون و الضحايا يصارعون الموت
-
أحمد عبد الله رزة وخمسة أعوام مسروقة من عمر هذا الوطن
-
ما الذي يحدث في قامشلي؟ أكراد آخرون نسيناهم.
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|