أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - فواز طرابلسي - العراق: خرّبوا البلد وهربوا















المزيد.....

العراق: خرّبوا البلد وهربوا


فواز طرابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3105 - 2010 / 8 / 25 - 08:58
المحور: بوابة التمدن
    



لكثرة ما تعوّدنا على نجاح سياسات القوى الغربية (المتضخمة عادة بفعل العقل التآمري) ولكثرة ما عاينا من انتكاسات وهزائم، وما أورثتنا من دهرية، يصعب تصوّر قوة غربية إلا ناجحة في مخططاتها في المنطقة. يحصل أن تنهزم هزيمة موصوفة كما في فييتنام. ولكن ماذا يقال حين «لا ينجح» مشروع موصوف من المشاريع الغربية؟
مع ذلك، علينا أن نعترف أن المشروع الأميركي في العراق «لم ينجح». وأن نتأمل في معاني ذلك اللانجاح. والحقيقة أنه فشل من ألفه إلى يائه بما في ذلك آخر تعرجاته.
لا المشهد العجائبي الافتتاحي الذي روّج له أحمد الجلبي حصل: جماهير بغداد تنثر الورود ترحيباً بالجنود الفاتحين، والحال أن حرب العراق الفعلية بدأت عندما أعلن الرئيس بوش أن قواته «أنجزت مهمتها» واستطالت ست سنوات ونصف النصف قبل أن يستطيع خليفته سحب نصف القوات العاملة في العراق.
ومهما يكن دور النفط في قرار احتلال العراق، فلا شك في أنه اندرج في تصوّر جيو استراتيجي أوسع هو رؤية متكاملة لقيام الإمبراطورية الأميركية. أراد جورج بوش الأب من حربه العراقية الأولى عام 1991 الإعلان الدرامي عن انتهاء الحرب الباردة وافتتاح عصر الإمبراطورية الأميركية الوحيدة المستعدة للحرب لمنع أي قوة من أن تصل إلى مستوى منافستها عسكرياً. لم يكتف جورج بوش الابن بذلك. أراد عام 2003 تعميم «نمط الحياة الأميركي» بإلقاء القبض على أغنى وأقوى بلد في قلب منطقة الشرق الأوسط وتحويله إلى نموذج للعصر الأميركي الجديد من خلال ثلاثي اقتصاد السوق والديموقراطية والثقافة الأميركية.
للاستعمار نسقان تاريخيان: تعميم النموذج الغربي الحضاري ـ وهو عادة ما يظل في مستوى الإعلان والتبرير والإيديولوجيا ـ واستخدام البنى التقليدية في البلدان المستعمرة كمادة للتفتيت والسيطرة والاستغلال. المفارقة في مشروع المحافظين الجدد تعميم نمط الحياة الأميركي أنه خلط النسقين معاً.
باسم إسقاط نظام صدام حسين، وبناء دولة المؤسسات، جرى تدمير الدولة العراقية بأبرز مؤسساتها الحكومية والإدارية والعسكرية.
وبديلاً عن تنمية قوى المجتمع المدني، جرى إطلاق العنان لقوى المجتمع الأهلي، التي أطلقها تدمير الدولة بما هي عنصر توحيد من عقالها، وبعد أن جرى تقسيم العراق إلى ثلاث هويات: إثنية كردية ومذهبان إسلاميان تطبيقاً لشعار «العراق اللاعربي» الذي أطلقه السيد كنعان مكية، كبير منظري الاحتلال.
وبدل محاكمة المسؤولين الرئيسيين في نظام صدام حسين، من ضباط وحزبيين وسياسيين وموظفين وأمنيين، في محاكمات جزائية ـ وسياسية ـ فرضت عقوبات جماعية على طائفة بأكملها، وجرى تحميل الجماعة السنية وزر دكتاتورية صدام حسين، وإقصاؤها عن النظام السياسي الجديد، ما دفع بالعديد من عسكرييها وموظفيها وأبنائها عموماً إلى الالتحاق بتنظيم «القاعدة» أو القتال في صفوف إحدى المجموعات البعثية المسلحة.
إقليمياً، أسدى تدمير دولة العراق ومؤسساته وطاقته العسكرية وثرواته خدمة استراتيجية حاسمة لإسرائيل تكلّلت بإزاحة أغنى وأقوى دولة عربية من الصراع العربي ـ الإسرائيلي، حتى لا نتحدث عن الخرق الإسرائيلي المتنامي في كردستان. وأنه لذو دلالة أن يعلن بنيامين نتنياهو قلقه (ولو بخبث) على أمن إسرائيل جراء الانسحاب العسكري الأميركي من العراق.
عزز تدمير العراق وإضعافه من نمو قوة إيران النسبية. فلا معنى لأن يعزى تنامي النفوذ الإيراني إلى القوى الذاتية وحدها. لا بد أن يتم أيضاً قياساً لتنامي الضعف المقابل في الطاقات الاقتصادية والعسكرية والنووية العراقية.
جرى احتلال العراق بذريعتين أسلحة الدمار الشامل وصلات النظام بتنظيم «القاعدة». تبيّن خلو البلد منهما معاً. فكان «النجاح» الكبير للاحتلال في حربه المستمرة ضد الإرهاب، أنه استدرج إلى العراق الآلاف المؤلفة من الجهاديين نجحوا أحياناً في إقفال مدن بأكملها ومناطق بأكملها.
وأخيراً وليس آخراً، بدلاً من أن يجري التعويض على الشعب العراقي عن ارتكابات الاحتلال، وما حصل هو احتلال باعتراف المحتل والأمم المتحدة التي رعت عملية الاحتلال وتوابعها، يجري تحميل الخزينة العراقية والشعب العراقي تبعات الاحتلال.
بإيجاز: خربوا البلد وهربوا.
فشل الاحتلال. ولم تنجح المقاومة. هي حالة فريدة لاحتلال لم يستولد حركة تحرر وطني بديلة. وترك نظاماً سياسياً أوسع تمثيلاً من أن يعتبر مجرّد نظام عميل. والأهم أن فشله بدل أن يقوّي البلد والشعب أنهكهما. ويصعب القول إن الاحتلال الأميركي للعراق ترك من الآثار والمؤسسات ما يمكن لعراق ما بعد الاحتلال الإفادة منها أسوة بسواه من القوى الاستعمارية.
ضحايا الاحتلال وتوابعه، بما فيها الإرهاب، تصل إلى مئات الألوف. حتى لا نتحدث عن الجرحى والمعاقين. أكثر من عشر سكان العراق منفيون ومشردون ولاجئون في الخارج. الحياة اليومية جحيم. سوء الخدمات يبدأ بالإدارة ولا ينتهي بالتعليم والمستشفيات. إمداد الكهرباء ينخفض إلى مستويات لبنانية (خمس ساعات باليوم). الفساد عميم. السياسيون وزعماء الميليشيات ورجال الأعمال المرتبطون بهم يراكمون الثروات من خلال نهب أموال الدولة والعقود والمقاولات وتهريب النفط والخوات. فيما مستوى الدخل الفردي للعراقي صار من بين الأخفض عالمياً في بلد الثروات النفطية حيث يعيش نصف سكانه في بيوت من صفيح.
خربوا البلد وهربوا.
فشل أوباما في حل استعصاءات النظام الإثني ـ المذهبي. فغادر ورمى الكرة في ملعب القوى الإقليمية. وما من أحد معني في إدارته لديه تصوّر ما لعراق ما بعد الانسحاب. بأية سذاجة، بل بأي نفاق، يحاول كبير الخبراء الاستراتيجيين الأميركيين، أنطوني كوردزمان، إقناعنا بأن عراق بعد الانسحاب العسكري الجزئي قادر على أن يكون قوة في مواجهة إيران! بل أية مزحة يرمينا بها حين يتدخل في الاقتصاد فيفتي أن اعتماد اقتصاد السوق من شأنه تشجيع الناس على تجاوز «التوترات الإثنية والمذهبية»!
فراغ حكومي معطوف على انسحاب عسكري. يا له من خليط متفجر.
الاستعصاء السياسي شبيه جداً باستعصاءات النظام اللبناني. فالنظام العراقي مبني أيضاً على ثنائية النظام الأكثري/ النظام التوافقي. أياد علاوي وقد نال الأكثرية البرلمانية يطالب برئاسة الوزراء. ورئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، يتمسك بالمنصب على اعتباره من حصة الشيعة (العلاوي شيعي لكن كتلته فازت بأكثرية من الأصوات السنية). هذا من دون أن نضيف التعقيدات الفدرالية حيث الأحزاب الكردية تتخوف من تنامي صلاحيات منصب رئيس الوزراء (هل يذكّرنا هذا بشيء في بلاد الأرز؟) وهم عموماً ضد تعزيز السلطة المركزية في بغداد. لكن الأكراد خسروا قوة النقض التي كانت تجعل منهم بيضة القبان في تشكيل الحكومة. انتقل هذا الدور إلى مقتدى الصدر و«جيش المهدي» وكتلته النيابية من 40 نائباً هي أكبر كتلة في «التحالف الوطني العراقي» الذي يملك لا أكثر من 70 مقعداً برلمانياً.
لم توفق مساعي نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في اقتراح تسوية: المالكي لرئاسة الوزراء وعلاوي للأمن. من البدائل المتداولة مشروع «اتفاق طائف» عراقي على غرار الاتفاق اللبناني؟ هذا ما يسعى إليه توافق سين وسين مدعوماً بتركيا وروسيا. يلقى دعم أياد علاوي وصانع الملوك مقتدى الصدر وقد جاءا كلاهما إلى دمشق لهذا الغرض. والسؤال إلى أي مدى تستطيع سوريا أن تأخذ الضوء الأخضر الإيراني على مثل هذه المبادرة التي لا بد أن تأكل من الحصة السياسية الشيعية.
ومع ذلك، لا يزال ثمة عراقيون ينزلون إلى الشارع ويشتبكون مع الشرطة احتجاجاً على تقنين الكهرباء وسوء الخدمات.
[email protected]




السفير



#فواز_طرابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أماتوا الماركسية.. فلمَ لا تزال حية؟ (2)
- أماتوا الماركسية مراراً... فَلِمَ لا تزال حية؟(1)
- الفيلم البوليسي الطويل: سيناريو جديد
- وثيقة «حزب الله»: هل «النظام» من الإيمان؟
- المرأة العربية زمن الردّة
- لا يكفي أن يكون تشافيز مع الفقراء!


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - فواز طرابلسي - العراق: خرّبوا البلد وهربوا