|
إغلاق منتجع في غزة من قبل حماس، خطوة طالبانية جديدة
رشيد شاهين
الحوار المتمدن-العدد: 3104 - 2010 / 8 / 24 - 23:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنت أشاهد قناة الجزيرة الفضائية، عندما لفت انتباهي التقرير الذي تحدث عن افتتاح منتجعات سياحية على شاطئ غزة، وقد جاء في التقرير ان افتتاح مثل هذه المنتجعات، إنما يأتي من اجل استقطاب المستثمرين، بالإضافة إلى إيجاد متنفس للأهالي خاصة في ظروف الطقس الحارة جدا، وعدم وجود أماكن للترفيه كافية، كما ان ذلك يأتي "من اجل التصدي للحصار وإفشال مخططات العدو الصهيوني" أو بهذا المعنى، على حد قول موظف كبير في وزارة السياحة الفلسطينية في الحكومة المقالة، وللأمانة فقد شعرت بسعادة كبرى بينما كنت أشاهد ما تم انجازه على شاطئ غزة بأيد فلسطينية استطاعت ان تستخدم الطين، والطين فقط، في بناء احد المنتجعات.
ما ان انتهيت من مشاهدة التقرير، حتى انتقلت إلى جهاز الحاسوب للاطلاع على بريدي الاليكتروني، وقد فوجئت جدا حين وجدت خبرا نقله احد المواقع الاليكترونية الفلسطينية يقول " أغلقت الشرطة الفلسطينية بغزة مساء، أمس الجمعة ، منتجع ... . بمنطقة الشيخ عجلين قبالة شاطئ بحر غزة جنوب المدينة" وهو ذات المنتجع الذي كنت أشاهد تقرير الجزيرة عنه -قبل دقائق-، ويضيف الموقع الذي من الواضح انه قريب من حركة حماس "أفاد إيهاب الغصين الناطق باسم وزارة الداخلية بغزة أن الحكومة بغزة توجهت إلى المنتجعات والاستراحات بالقطاع بضرورة الالتزام بالضوابط والعادات والتقاليد التي تتناسب مع شعبنا الفلسطيني, وتم التوقيع من قبل الإدارات على تعهدات بذلك"، وأضاف الغصين" أن المنتجع خرج بأعماله عن تلك التعهدات والضوابط وتم تحذيرهم وإغلاق المنتجع لمدة ثلاثة أيام, وإذا استمر سيتم إغلاقه نهائياً"
ويضيف الموقع الذي من الواضح انه يتبنى وجهة نظر حكومة حماس، "يشار إلى أن منتجع.... وفي شهر رمضان المبارك يحرص على إقامة سهرات رمضانية بحضور "فرق غنائية" تستمر حتى بعد منتصف الليل في أجواء من "الاختلاط".
ثم يعود الموقع لينقل عن الغصين قوله "أن وزارته مع دعم السياحة والترفيه, مشددًا على أن " الحكومة ستضرب بيد من حديد أي محاولة لتكرار تجربة الضفة المحتلة بنشر الخمارات والبارات وشن محاربة على الإسلام".
ثم ينتقل الموقع للحديث عن المنتجع وأن ما يقام فيه من حفلات تتم رعايتها من قبل مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين تمتلك فضائية تبث من قطاع غزة وتقوم هذه ببث تلك الحفلات مباشرة "وهو ما ينقل صورة مغايرة عن ثقافة شعبنا الفلسطيني المحاصر منذ 4 سنوات" بحسب الموقع الذي أضاف "وقد لاقى الإغلاق ارتياحا واستحسانا بالشارع الغزاوي الذي رأى فيه محافظة على عاداتنا وتقاليدنا التي تتماشى مع ديننا الإسلامي الحنيف وخاصة في شهر رمضان المبارك".
الحقيقة لست ادري من أين جاء هذا التأكيد من قبل الموقع الاليكتروني حول ترحيب الشارع الغزاوي بالقرار، خاصة وان هذا يتناقض مع ما تم بثه في تقرير الجزيرة، والذي من خلاله كان بالإمكان مشاهدة عائلات فلسطينية، وهي تجلس بانسجام تام. كذلك فان الحديث عن قيم وأخلاق الشعب الفلسطيني بهذا الشكل، إنما يؤكد ما يذهب إليه البعض من ان هنالك فارق بين تلك القيم الموجودة في القطاع، وتلك الموجودة في الضفة الغربية، خاصة إذا ما دققنا قراءة تصريح الغصين الذي يحاول من خلاله الإيحاء بان الضفة الغربية أصبحت مرتعا "للبارات والخمارات ومحاربة الإسلام" ولم يبق هنا على السيد الغصين، سوى ان يقول ان الضفة الغربية لم تعد سوى مكانا تسوده كل أنواع الرذيلة والفسق والفجور، وانها ليست سوى بيت دعارة مفتوح، وانها اصبحت مكانا للسياحة الجنسية والانحراف. إغلاق المنتجع بحجة الحفاظ على تعاليم الدين الحنيف، ليس القرار الأول، وهو بالضرورة لن يكون الأخير الذي تتخذه حكومة حماس، وسوف يظل الدين الحنيف هو العصا الغليظة التي يتم التلويح بها في أية ممارسة تتم على أيدي الغلاة والمتطرفين الذين استفردوا بالقطاع منذ الاستيلاء عليه بقوة السلاح، وبعد مجزرة مخزية تم ارتكباها ضد كل من يعارضهم أو لا يتفق مع مواقفهم. فقد تم اتخاذ العديد من القرارات والممارسات التي منها - فرض الحجاب في المدارس، فرض الحجاب على المحاميات في المحاكم، عدم السماح بعرض المانيكان في واجهات المحلات لأنها تثير الغرائز، اتهام الآخرين بالإلحاد،منع التظاهر، تدمير مسجد ابن تيمية على من فيه وقتل وجرح العشرات في سابقة من اخطر السوابق في الساحة الفلسطينية- هذه القرارات والممارسات التي لا تبتعد كثيرا عن مواقف حركة طالبان التي روعت الأفغانيين، وحولت حياتهم إلى جحيم، بسبب الهوس الديني والفتاوى التي هي ابعد ما تكون عن الدين.
استعمال سيف الدين، وترهيب الناس من خلال البطش والإرهاب، لن يكون الطريق التي من خلالها يمكن ان يتقرب الناس من الله، ومن العار استعمال هذا السيف ليبقى مسلطا على رقاب الناس بهذا الشكل الفج وغير المستساغ ولا المفهوم، كما انه لا يجوز إعطاء شهادات الإيمان أو الكفر بهذا الشكل الذي يعيدنا إلى عصور الظلام التي سادت في القرون الوسطى وصكوك الغفران، رفع الشعارات الدينية بهذا الشكل الانتقائي ليس الحل، ولا الطريقة، وعلى السادة في حكومة حماس اللجوء إلى وسائل أكثر معقولية وأكثر قبولا ومنطقية، تتلاءم مع منطق العصر وقبول الآخر، لان مثل هذه الممارسات لا يمكن ان تكون سوى إشارات وعلامات مخيبة للآمال، وترسخ ما يتم ترديده من ان حماس لا تقبل الشراكة ولا تستوعب الآخر. وهي كما قال احدهم الله لا شريك له، وحماس لا تقبل شريكا لها، حتى أولئك الذين يرفعون شعار الإسلام في تنظيمات هي أيضا إسلامية.
* كاتب وصحفي مقيم في بيت لحم
#رشيد_شاهين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|