أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلال سعيد يادكار - ليس بالدين وحده يحيى الانسان بل بالأخلاق














المزيد.....

ليس بالدين وحده يحيى الانسان بل بالأخلاق


طلال سعيد يادكار

الحوار المتمدن-العدد: 3103 - 2010 / 8 / 23 - 17:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عاد رمضان وعاد معه معاناة الغير الصائمين في بلادنا العربية ( الاسلامية) , فمعاناتهم أكبر من معاناة الصائمين, فهم الصائمون المفطرون أو المفطرون الصائمون!! ليس من حقهم أن يأكلوا ويشربوا علناً! وإذا أراد أحدهم أن يأكل أو أن يشرب عليه أن يجد مخبأً أو ملجأً لايراه أحد! كأنه يفعل جناية أو جنحة! حتى ان بعض الدول العربية تمارس الفاشية الدينية بقوانين وضعية وتطبق عقوبات على الذين يجاهرون بالافطار! بالرغم أنه ليس هناك حكم شرعي في الاسلام او ( حد) يعاقب المفطرين!!
والغير الصائم يمكن أن يكون غير مسلماً فهو بالتالي غير ملزم بالصوم وله الحق أن يأكل ويشرب متى شاء! ويمكن أن يكون الغير الصائم مسلما بالولادة ولكنه غير مؤمن به!ولايمكن إلزامه أو إكراهه على الصوم على أساس ( لاإكراه في الدين)!! ويمكن أن يكون مسلما ومؤمناًً ولكنه مريض أو مسافر أو من الذين ( يطيقونه) بمشقة , ففي هذه الاحوال هناك رخصة شرعية بالافطار ( وعدة من أيام أخر ) أو ( فدية ) وعلى أساس ( ان الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) . وهنا يأتي السؤال أين يأكل ويشرب المريض ( ليس كل المرضى نائمون على أسِرة)!! والمسافر في مدينة كبيرة والذين لايطيقونه أين يأكلون ويشربون؟؟
لايوجد هناك نص شرعي يعاقب المجاهرين بالافطار ويمنعهم من الافطار العلني, والأصل في الاشياء الاباحة مالم يرد فيها نص أو حديث. ولم نسمع أو نقرأ ان نبي الاسلام أو أحد خلفائه قد أقام الحد على المجاهرين بالافطار. والصوم كباقي العبادات هي شعيرة وطقس بين الانسان وبين الاله , ولكن بمرور الزمن واختلاط المسلمين بغيرهم واختلاط العبادات بالعادات والتقاليد تحولت شعيرة الصوم من عبادة محضة الى عادة وتحول من علاقة الانسان بالاله الى علاقة الانسان بالانسان والدليل ( اللهم إني صائم) !!
واذا كان من حق المتدين ( أي دين )أن يمارس طقوسه وأن يصلي ويصوم فإن من حق الغير المتدين أن لايصلي وأن لايصوم, والدين هو علاقة الفرد بالقوى الغيبية وهي علاقة خاصة جدا بينما الأخلاق هو التعامل أو العلاقة بين إنسان وآخر هو احترام متبادل بين البشر.

الدين هو علاقة الانسان بالاله أما الاخلاق فهي علاقة الانسان بالانسان , ولو تتبعنا تاريخ الدين والاخلاق لوجدنا أن الاخلاق قد سبق الدين بل أن الاخلاق هو أساس الدين ومنبعه. وكما أن هناك ديانات قامت على أساس علاقة الانسان بالقوى الغيبية فهناك أيضاً فلسفات دينية قامت على أسس أخلاقية محضة أي على اساس علاقة الانسان بالانسان ( كالبوذية والكونفوشيوسية) ولم تقم على أساس كهنوتي.

كان الدين والاخلاق في الماضي وخاصة في ديانات وادي الرافدين خطان متوازيان لايلتقيان, الدين في المعبد بين البشر والآلهه , والاخلاق في الشارع بين البشر فيما بينهم. الدين عبادة القوى الغيبية بالشعائر والطقوس أما الاخلاق فهو تعامل وسلوك بين الافراد. ولم يتداخل الدين مع الاخلاق ولاتداخل الاخلاق مع الدين , ولا الدين خرج الى الشارع فأفسد الاخلاق ولا الاخلاق دخل الى المعبد فأفسد الدين, ولم يتسلط الدين على الاخلاق ولا الاخلاق تسلط على الدين فحافظ كل على استقلاليته ونقائه وصفائه. والسبب في ذلك أنه كان الملك مسؤلا عن السلطة الدنيوية فقط ولا يتدخل في شؤن الدين والطقوس والمعبد والذي كان من اختصاص الكاهن الذي كان مسؤلا عن السلطة الدينية. وبمرور السنين وبحكم قوانين التطور والتغيير وحب الامتلاك والتسلط جمع الملك في يديه السلطتين الدنيوية والدينية , وأصبح بذلك الملك الكاهن والكاهن الملك, فأخضع بذلك الدين للدنيا والدنيا للدين وبالتالي أخضع الدين للأخلاق وأخضع الأخلاق للدين .ولأول مرة يلتقي الأخلاق مع الدين ويخرج الدين الى الشارع ويدخل الأخلاق الى المعبد وأصبحت الطقوس والشعائر تمارس في الشارع واختلط الدين مع الأخلاق والأخلاق مع الدين مسببة فوضى أخلاقية ودينية الى يومنا هذا حتى ظننا أن الدين هو أساس الاخلاق بالرغم من أن الأخلاق قد سبق الدين بل وأنه أساس الدين!

يمكن للانسان أن يعيش بدون دين , أي ان لايذهب الى المعبد وأن لايقوم باية طقوس وشعائر وأن لايكون له أية صلة بالمعبود ومع ذلك يكون انساناً ناجحا في حياته الدنيوية( وهناك آلاف بل ملايين الامثلة) ولكنه لايستطيع أن يعيش بدون أخلاق أي لايستطيع أن يهمل الاخرين و أن لايحترمهم أو أن يكون فظا ً( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) , لأنه عند ذاك يكون منبوذاً في المجتمع.

وما ينطبق على الافراد ينطبق على المجتمعات والدول. هناك مجتمعات ودول قامت على اسس غير دينية وهذا يتفق مع رأي ابن خلدون في أن الدين غير ضروري للمجتمع كما جاء في مقدمته المشهورة, وهناك أمم بنت حضارات على أسس غير دينية مازالت آثارها باقية الى يومنا هذا وهناك أيضا حضارات قامت على أسس دينية وثنية وازدهرت واستمرت لآلاف السنين وكانت أهم مقوماتها الأخلاق (إنما الأمم الاخلاق مابقيت فان هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا). وهناك مجتمعات في وقتنا الحاضر قامت على قوانين وضعية وأسس مادية بحتة وعلى الاحترام المتبادل وعلى أسس المصالح المشتركة وليس على أسس دينية أو غيبية( كالاتحاد الاوربي) والتي تحاول ( تركيا ) المسلمة أن تنتمي اليها وتستجدي عواطف تلك الدول لكي يمنوا عليها بالموافقة للانظمام للاتحاد!
ألم يأن الأوان لكي يعود الدين الى المعبد ؟ ألم يأن الأوان لكي ينفصل الأخلاق عن الدين؟ متى نفصل سلوكنا مع الآخرعن طقوسنا الدينية؟ متى نفرق بين العبادات وبين العادات؟
متى نتوقف عن الرياء والنفاق في طقوسنا وشعائرنا؟؟



#طلال_سعيد_يادكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاجئون العراقيون في الاردن ضيوف....ولكن..
- خصخصة الإله واحتكار الحقيقة
- شعوب وحكام ..صالحون وطالحون
- المرأة ... ألآلهة التي فقدت عرشها
- الجذور التاريخية والدينية للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلال سعيد يادكار - ليس بالدين وحده يحيى الانسان بل بالأخلاق