أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - صلاح سالم - ... عن الديموقراطية الرعوية والليبرالية العربية المأزومة















المزيد.....

... عن الديموقراطية الرعوية والليبرالية العربية المأزومة


صلاح سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3102 - 2010 / 8 / 22 - 13:32
المحور: بوابة التمدن
    


الحياة
الأحد, 22 أغسطس 2010

يدور أغلب سجالات الثقافة السياسية العربية الآن حول الديموقراطية لتفسير أزمتي: التخلف الوطني، وانهيارات النظام الإقليمي العربي، غير أن حالة الضعف العام وغياب المناعة الأمنية الكاملـــة لا يمكن تفسيرهما بمجرد غياب الديموقراطية ـ على أهميتها ـ التي تفتقدها ولا تزال مجموعات شتى من الدول والمنظومات الإقليمية «الصين، وكوريا الشمالية مثلاً» كما نفتقــــدها نحن ولكنها لا تعاني ما نعانيه من حالة الفراغ الاستراتيجي التي تدفع كل متغيــــرات السياسة الدولية، ولــــو كانت متناقضة، إلى النيــــل منا في الوقت نفسه وكأنها عوامــل التعرية الطبيعية التي نصاب في مواجهتها بالعجز والشلل وليست متغيرات سياسية تخــــتلط فيهــــا الفرص بالمخاطر، وتثير من ثم احتمالات الانتصار والانكسار.

ثمة تفسير إذن أسبق من المنظور الديموقراطي، ربما كان نفسياً، يتعلق بنموذج السلطة الرعوية الذي كان قد هيمن على مجتمعاتنا العربية منذ العصر العباسي الثاني والذي أخذت ‏تنفصل ‏في‏ ‏ظله ‏‏‏السلطة‏ ‏السياسية‏ ‏عن‏ ‏المجتمع‏ ‏العربي‏ ‏المتمدين‏ ‏آنذاك‏، ‏كما أخذت‏ ‏ترتبط‏ ‏بالعناصر‏ ‏التركية‏ ‏التي‏ ‏شكلت‏ تدريجياً ‏نخبة‏ ‏عسكرية‏ ‏اضطلعت‏ ‏بالوظيفة‏ ‏الأمنية‏ ‏فحالت‏ ‏بين‏ ‏المجتمع‏ ‏العربي‏ ‏وبين‏ ‏أداء‏ ‏الدور‏ ‏العسكري‏ ‏الجهادي‏ ‏الذي‏ ‏بدأ‏ ‏به‏ ‏تاريخه‏ ‏الإسلامي‏. ‏وفي‏ ‏المقابل‏ ‏فإنها‏ ‏تحكمت‏ ‏في‏ ‏سلطته‏ ‏السياسية‏ ‏وموارده‏ ‏الاقتصادية‏، ‏ما‏ ‏قاد‏ ‏تاريخيا‏ً ‏إلى‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏الانفصام ‏بين‏ ‏المدني‏ ‏والعسكري‏، ‏والسياسي‏ ‏والأمني‏، ‏ترسخ‏ ‏في‏ ‏العصرين‏ ‏المملوكي‏ ‏والعثماني‏ ‏واستمر‏ ‏في‏ ‏ظل‏ ‏السيطرة‏ ‏الاستعمارية‏ ‏البريطانية‏ ‏والفرنسية‏ ‏على‏ ‏مجتمعاتنا‏ ‏العربية فولد لديها شعورا‏ً ‏عميقاً ‏بالاغتراب‏ ‏عن‏ ‏الأبنية‏ ‏السياسية‏ ‏لعالمنا‏ ‏الحديث ظل مستمراً على رغم عملية الاستعادة الحثيثة ولو البطيئة للوظيفتين السياسية والأمنية والتي كانت تجرى في بعض المجتمعات العربية منذ مطلع العصر الحديث حيث استغرقت هذه العملية نحو قرن ونصف قرن في مصر مثلاً. إذ بدأ تجنيد الوطنيين «الفلاحين» في عهد محمد علي ولكن تحت قيادة ضباط غير مصريين تنوعت أجناسهم ما بين أتراك، وأرمن، وشركس، وفرنسيين، وذلك حتى النصف الثاني للقرن التاسع عشر الذي شهد صعود بعض الضباط المصريين الذين تعلموا فن العسكرية ضمن بعثات محمد علي أو على أيدي قادة جيشه حتى جاء عرابي ممثلاً لذروة هذه المرحلة بثورته الوطنية الخالصة على النفوذ العثماني الاسمي والأوروبي الفعلي ولكنها باءت بالفشل وانتهت بالاحتلال البريطاني لمصر فتركت في الشخصية المصرية جروحاً عميقة لم تندمل إلا بخروج البريطانيين بعد الأسرة العلوية من مصر مع ثورة تموز (يوليو) منتصف القرن العشرين والتي تبدو تكراراً ناجحاً لثورة عرابي نهاية القرن التاسع عشر قام به الجيل الأول من شباب المصريين أبناء الفلاحين في الأغلب والطبقة الوسطى المحدودة إجمالاً الذين دخلوا الكلية الحربية بعد معاهدة 1936.

في هذا السياق يمكن فهم، لا تبرير، الطريق الذي انتهجته غالبية النخب العربية عند تشكيل دولها الوطنية الحديثة بعد رحيل الاستعمار والذي تأسس على العسكرة المجتمعية والشمولية السياسية وتمدد الجيش والطبقة العسكرية في الحياة المدنية، وإجمالاً من خلال الدمج الشديد بين المجتمع القاعدي والوظيفة العسكرية التي تم استعادتها تدريجياً بعد ذبول ناهز الألف عام، كرد فعل تاريخي على نموذج السلطة الرعوية، وكنزوع إلى تأكيد الاستقلال الوطني عن المستعمر وإن كانت قد وقعت في أسره مجدداً ولو من الباب العكسي، إذ‏ ‏ظلت‏ ‏المفارقة‏ ‏الكبرى‏ ‏في‏ النصف الثاني ‏للقرن‏ ‏العشرين‏ ‏ممثلة‏ ‏في‏ ‏حضور‏ ‏ملتبس‏ ‏ لظاهرتي‏ «‏العسكرة‏» ‏حيث‏ ‏نخبة‏ ‏عسكرية‏ ‏مهيمنة ومتمددة‏ ‏وإن‏ ‏صارت‏ ‏وطنية‏ هذه المرة ‏و «‏الاعتماد ‏الأمني» ‏على‏ ‏الآخر‏ وإن في شكل غير مباشر توارى خلف توازنات القوى الخاضعة لاستراتيجيات الحرب الباردة ‏حيث ‏عملت‏ ‏الظاهرتان‏ ‏معا‏ً ‏في‏ ‏شبه‏ ‏تكامل‏ ‏غريب‏ ‏ومثير‏ ‏فالهواجس‏ ‏والانشغالات‏ ‏الأمنية‏ ‏والانهماك‏ ‏في‏ ‏قضايا‏ ‏الجغرافيا‏ ‏السياسية‏ ‏تحتل‏ ‏المرتبة‏ ‏الأولى‏ ‏على‏ ‏جدول‏ الأعمال‏. ‏بينما‏ ‏الأداء‏ ‏العربي‏ ‏في‏ ‏مواجهتها‏ ‏بالغ‏ ‏التدني‏ ‏قليل‏ ‏الإنجاز،‏ ‏وذلك ‏لغياب‏ ‏تقاليد‏ ‏معرفية‏ ‏حديثة‏ ‏تصوغ‏ ‏إدراكا‏ً ‏متوازناً‏ ‏لعلاقة‏ ‏العسكري‏ ‏بالسياسة‏ ‏وعلاقة‏ ‏الوظيفتين معاً ‏بالمجتمع‏ القاعدي (الوطني/ القومي/ المدني) نتيجة‏ ‏للانقطاع‏ ‏التاريخي‏ ‏‏الطويل في ممارستيهما.

ويمكن كذلك فهم كيف كان المشروع الصهيوني بالنسبة للثقافة السياسية العربية‏ تحدياً نفسياً بالأخص، إذ كان نجاحه في فرض دولته على أنقاض الوجود الفلسطيني‏،‏ وعلى أطلال الجيوش العربية المهزومة آنذاك‏،‏ إيذاناً بتفجير نوع من الهزيمة النفسية لدى النخب والحكومات وربما الشعوب العربية‏،‏ التي طالما شعرت جميعاً بأن مشاريعها السياسية التي كانت لا تزال تقليدية باتت مهزومة ‏بالضرورة‏ أمام المشروع الصهيوني الحداثي الذي انتقل بالروح الغربية الحديثة وبوسائلها العلمية والعملية والمادية إلى قلب المجتمعات العربية‏،‏ ليضغط عليها من قريب ويفجرها من داخلها بعد أن كانت ـ أي هذه الروح ـ قد أحاطت بها وحاولت بتر أطرافها لأكثر من قرن ونصف قرن‏. وهو الشعور الذي نما وترسخ بفعل الانتصارات العسكرية المتوالية لإسرائيل والتي لم يقطعها سوى هزيمتها في حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973‏‏، وانسحابها التكتيكي أمام حزب الله قبل سنوات.

في المقابل لا يمكن فهم لماذا كانت الهزائم العسكرية التي أصابت جل مجتمعاتنا، وعندما حاولنا استدراك الهزيمة كان النصر غير كامل، ولا متصوراً له أن يكون كاملاً بينما كان شديد التكلفة. لقد مالت جل هذه المجتمعات إلى أنماط شتى من العسكرة المختلطة بتجليات يسارية وقومية في الأغلب‏.‏ مورست كلها على أرضية ثقافة مدنية هشة ومستوى متدن من العلم والتكنولوجيا‏.‏ ومن أنماط التنظيم الاجتماعي والقانوني وبناء المؤسسات‏.‏ أسهم في ترسيخ تقليدية المجتمعات العربية وانغلاقها بدرجات متفاوتة‏.‏ ذلك أن الدول العربية، حتى مصر التي شهدت تطبيقات ديموقراطية قبل هذا العصر، لم تكن شهدت تحولات ليبرالية تذكر على صعيد القاعدة المجتمعية الواسعة والمفترض أنها حاضنة لهذه التطبيقات خصوصاً على صعيد التعليم والثقافة والتصنيع وهي الروافد الأساسية التي صنعت الذات الحديثة وأنضجت الروح الفردية كركيزة أساسية لعقلنة العالم السياسي ومن ثم طرح المطلب الديموقراطي عليه.



#صلاح_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - صلاح سالم - ... عن الديموقراطية الرعوية والليبرالية العربية المأزومة