أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - لكن هذا سخف أيها الشيخ !














المزيد.....

لكن هذا سخف أيها الشيخ !


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3102 - 2010 / 8 / 22 - 08:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




كان علي أن أقرأ رؤيا الشيخ البوطي مرتين لأصدق ما ترى عيني , ليس فقط لأن ما قاله كان مرعبا , أي العقاب الذي توعد به البشر , إن رؤياه بالتأكيد جزء من رؤية كابوسية كافكاوية للواقع السوري , لكن ليس بسبب المشاكل التي نعانيها كبشر , بل بسبب جرأة بعضنا على المقدس , ما جعل كلام الشيخ البوطي يبدو مرعبا بالنسبة لي هو بالتحديد أنه يطلب منا أن نعود إلى سياسة مطاردة الساحرات لحل مشاكلنا , هذا شيء مرعب بالفعل .
لا يجد البوطي مصدر مشاكلنا هنا على الأرض , لا يفزعه مثلا خصخصة حياتنا و تسليع كل شيء فيها , و لا الأرقام القياسية لأسعار المواد الغذائية الضرورية في نهاية يوم طويل من صيام المؤمنين , ما يفزع البوطي و أثار مخيلته لتتوهم هذه الفظاعة القادمة هي أن آية قرآنية قد أصبحت عنوانا لمسلسل ما , و بالتالي يريد الشيخ أن نحل مشاكلنا مع السماء أولا و ربما آخرا , و لما كان الشيخ , و سماؤه , لا تكترث لمشاكلنا "الصغيرة" , وجد أن يهددنا برعب إضافي , زائد على المشاكل القائمة , غير محسوب , خارجي , وباء قاتل , فالسماء بالنسبة لفكر البوطي ( ليس فكره الشخصي بل مجمل الخطاب الذي يمثله ) سترد بقسوة هستيرية على محاولات الاستخفاف بها كديكتاتور شرس دموي و نصف أبله إن لم يكن نصف مجنون خاصة عندما يتعلق الأمر بقضية إهانته كسلطة عليا مطلقة و بالضرورة بشكل غير مفهوم لنا كبشر لأن كل ما يمكن أن نفهمه و نبرره لا يمكن أن ينسب حقيقة للسماء , لا تستطيع السماء أن تعلن الحرب علنا على البشر و تحصدهم كما فعل الأمريكان باليابانيين و من قبلهم بالهنود الحمر و سواهم مثلا , لكن لهذا بالتحديد ما زلنا لا نكره السماء بنفس الدرجة التي نكره بها هؤلاء القتلة العلنيون , بل لهذا بالتحديد كثيرا ما تبدو كنوع ما من منقذ أو مخلص من هؤلاء القتلة بالتحديد .
يريد منا الشيخ البوطي أن نتصرف كما كان يفعل الناس في القرون الوسطى عندما كان وباء الطاعون يفتك بالملايين , أن نبحث عن الساحرات و المشعوذين و أن نحرقهم لكن بشكل أقل فظاظة . ليس فقط أننا حتى أبسط إنسان بتنا نعرف أن أي طاعون أو وباء ليس إلا نتيجة لكائنات مجهرية هي الباكتريا أو الفيروسات , إنني أشعر كما لو كنت طالبا في الصف الخامس و أنا أردد هذه الحقائق البسيطة جدا بالنسبة لإنسان اليوم , و أن الإنسانية أصبحت بالفعل قادرة على مقاومة و علاج الكثير من هذه الأمراض و إن لم يكن جميعها , و أنه في حال حدوث مثل هذه الأمراض و هي تحدث بالفعل كل لحظة في كل مكان يوجد فيه بشر يجب علينا أن نكرس كل طاقاتنا العقلية و خبراتنا التجريبية لاكتشاف دواء لها لاستئصالها و معالجة المرضى بها , لكن لا يوجد ما هو أكثر سخفا اليوم من مطالبتنا بالعودة إلى سياسة اصطياد الساحرات و إحراقهن , بطريقة عصرية بعض الشيء , لدفع البلاء . إذا كان من الغباء إهانة أي شيء لمجرد الإهانة , سواء أكان آيات قرآنية أو غيرها فإن الأكثر غباءا أن نقبل لأي سبب من الأسباب بإهانة البشر أنفسهم الأكثر أهمية و الأغلى ثمنا كما يفترض من أي شيء آخر ناهيك عن مطاردتهم إرضاء لأي سماء أو طغم أرضية . حتى الكفر بأي شيء أيا يكن لا يمكن أن يكون مبررا للتنكيل بالبشر , هكذا فقط نتخلص من أبشع وباء أصاب البشرية , و هو وباء ملاحقة الفكر و محاولة إخضاع الإنسان لسلطة خارجة عنه أو فوقه . لا نحتاج اليوم إلى فولتير في مواجهة هذه الهستيريا الطهرية التي انتابت الشيخ البوطي , لأنه كان هناك بالفعل أكثر من فولتير حقيقي ليس فقط في الغرب بل هنا أيضا في هذا الشرق المستلب و المتخلف , و أولا لأن آخر ما نحتاج إليه هو شخص يصدر الأوامر من أعلى يعتقد أنه فولتير أو يريدنا أن نعتقد كذلك , لهذه الهستيريا الطهرية جذور اجتماعية عميقة , يجب مواجهتها بدلا من سياسة مطاردة الساحرات التي يقترحها علينا الشيخ أو بعض العلمانيين الذي اعتادوا على التفكير بمنطق فوقي و نخبوي أو حتى قمعي في كثير من الأحيان .

مازن كم الماز



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (3)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو سلطة العمال لموريس برينتون
- الشبه بين النظام الستاليني و السوري : دروس الماضي و المستقبل
- كلمات في غياب مراقب الإخوان المسلمين السوريين السابق
- النقاب في سوريا
- عقد على خطاب القسم الأول للرئيس بشار الأسد
- مناقشة لموضوعات المؤتمر السابع لحزب الشعب الديمقراطي السوري
- أوجه الشبه و الاختلاف بين الله و الرأسمالية
- أحداث كومونة باريس
- عن الخرافة
- دفاعا عن الأناركية رد على مقالي الكاتب سليم نصر الرقعي عن ال ...
- ما الذي يعنيه أن تخرج في مظاهرة
- أزمة جديدة في حزب مأُزوم ( عن الأزمة الجديدة في الحزب الشيوع ...
- انتفاضات الخبز في مقابل الثورات المخملية
- الحرية ليست شأنا خاصا بالمستبدين أو الطغاة و لا بالنخب أو جي ...
- لماذا يجب الاقتصاد في التصفيق لأردوغان
- حادث عادي جدا
- تعليق على ما كتبه غسان المفلح و كامل عباس عن اليسار و اليمين
- الرهانات في -معاقبة- اليونان
- لماذا لا سادة و لا آلهة ؟
- تضامنا مع نضال العمال اليونانيين !


المزيد.....




- الكرادلة الناخبون يبدأون مراسم التصويت في الفاتيكان لانتخاب ...
- بدء مراسم انتخاب بابا الفاتيكان الجديد.. الأنظار تتجه لسطح ك ...
- -ساعة الحسم-.. انتخاب بابا الفاتيكان، كيف؟
- الكرادلة يبدؤون مراسم انتخاب بابا الفاتيكان الجديد
- فوز زعيم الاتحاد المسيحي فريدريش ميرتس مستشارا لألمانيا
- اعتقالات بالضفة ومستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- جماعة -سانت إيجيديو- الكاثوليكية.. بين الدبلوماسية الهادئة و ...
- بالخطوات.. عملية انتخاب بابا الفاتيكان الجديد ومعنى لون الدخ ...
- سلطات الاحتلال تبدأ حفريات جديدة قرب المسجد الأقصى
- مراسم مجمع الكرادلة لاختيار بابا الفاتيكان الجديد خلفا للباب ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - لكن هذا سخف أيها الشيخ !