|
طائف عراقي في دمشق!
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 3101 - 2010 / 8 / 21 - 14:15
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
ذكرت مراسلة صحيفة الشرق الأوسط السعودية في دمشق، في خبر تصدر عدد اليوم 19.08 مفاده أن هنالك اتصالات تركية سورية سعودية من أجل عقد مؤتمر طائف عراقي، على غرار مؤتمر الطائف اللبناني، الذي غاب الآن عن ساحة الفعل وبقي معلقا منذ إقراره نهاية إيلول 1989، والتعليق أسبابه معروفة، ولكن أهمها على الإطلاق، أن كل الصيغ والاتفاقيات المطروحة لم تستطع تثبيت سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، بفضل الاحتلالات الطائفية، من قبل زعماء الطوائف ومؤسساتها لأراضي الدولة اللبنانية وتقاسم سيادتها، فيما بينهم، وهؤلاء الزعماء ليسوا مستقلين عن القوى الإقليمية والدولية، المتواجدة في الشرق الأوسط، والجميع يعرف ان احد اهم أسباب الأزمة اللبنانية هي هذه الاحتلالات الطائفية المغطاة إقليميا ودوليا، وكما هو معروف أيضا أن من يدعون تمثيل الطائفة الشيعية في لبنان، وأقصد حزب الله وحركة أمل، هما الطرف الوحيد في هذه الاحتلالات المتفق برنامجيا، أما بقية الطوائف فهي أيضا متوزعة القوى، وهذا يزيد من عدد هذه الاحتلالات، فإذا كانت الطائفة الشيعية لها ممثلين متحالفين على السراء والضراء، فإن الحال ليس كذلك عند السنة اللبنانيين، فهم موزعون على قوى متباينة الولاءات الإقليمية، وكذلك الطوائف المسيحية أيضا. فبين التيار الوطني الحر بزعامة الجنرال ميشيل عون وبين القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع خلافا في البرامج والولاءات أيضا..حتى الطائفة الدرزية منقسمة ولازالت كذلك رغم اقتراب وليد جنبلاط من وئام وهاب سوريا. كيف يمكن لهؤلاء جميعا أن ينهوا احتلالهم لسيادة الدولة اللبنانية على أراضيها ومجتمعها؟ والآن تنقل السيدة سعاد جروس من دمشق أن نفس القوى الإقليمية التي عقدت اتفاق الطائف لبنانيا، وتنضم إليهم الآن تركيا يحضرون لاتفاق طائف عراقي، يثبت الاحتلالات الداخلية العراقية، لسيادة الدولة الجديدة، والتي لم نلمس حتى اللحظة سيادتها. والمؤشر الأهم أن العراق ذاهب نحو لبنان جديد رغم أنني وغيري من الكتاب العرب قد تحدثنا عن احتمال حدوث مثل هذا الخيار كثيرا! والذي حاولت وتحاول فرضه منذ سنوات القوى الإقليمية، والآن أعطاهم السيد باراك أوباما صك البدء بتثبيت الاحتلالات الداخلية، على حساب الدولة العراقية، عندما قرر سحب قواته من العراق، ودون حد أدنى من المسؤولية الأخلاقية. وإدارة أوباما أكثر من تعرف ما الذي تركته خلفها، وتريد الاستمرار بتطبيق حرفي لتقرير بيكر هاملتون السيء الذكر 17.12.2006 فقد نص التقرير على أن "لا شيء يستطيع الجيش الأميركي فعله، فيضمن النجاح في العراق" (ص 70). وألح معدو التقرير أكثر من مرة على أنه "لا توجد بدائل للولايات المتحدة لا تنطوي على مخاطر" (ص 74). وحينما خرج من هذه التعميمات، ونزل إلى أرض الواقع في العراق كشف عن حقائق مخيفة يعرفها الجمهور العراقي والعربي جيدا ويجهلها الجمهور الأميركي والغربي تماما، ومن هذه الحقائق المرة: • أن الوحدات العسكرية العراقية -وهي قوات شيعية في الأساس- ترفض الخدمة خارج مناطقها الطائفية (ص 9) فولاؤها للطائفة لا للمجتمع. • أن الشرطة العراقية -وهي قوات شيعية كذلك- تمارس "الاعتقال غير الضروري والتعذيب والتصفية الجسدية ضد العرب السنة" (ص 9-10). • لا يوجد التزام بوحدة العراق لدى القيادات الشيعية والكردية (ص 19) والحكومة العراقية الحالية تحكم حكم تمييز طائفيا حتى في توزيع ساعات الكهرباء في بغداد (ص 20). • 79% من العراقيين ينظرون نظرة سلبية إلى النفوذ الأميركي في بلادهم، و61% من العراقيين يؤيدون العمليات التي تستهدف الأميركيين في العراق (ص 35) الجزيرة.نت هذا الوضع الكارثي الذي سيخلفه وراءه السيد باراك أوباما. عربيا كان قرار الانسحاب وتنفيذه، انتصارا للسلطة العربية وإرهابها الذي أهدر الدم العراقي أكثر مما أهدر دماء الأمريكان من جهة، وانتصارا للاحتلالات الداخلية العراقية من جهة أخرى، فأصبح لهذه الاحتلات قوات عسكرية ميلشياوية من الشمال إلى الجنوب تحمي قادتها ومشاريعهم، احتلالات وجدت ضالتها في صيغة لبنان "التوافقية" التي تنهي سيادة الدولة العراقية، وانتصارا للسلطة العربية التي استطاعت أن تعطي درسا، بفضل تواطؤ نخب غربية قوية، على أن هذه الشعوب لا تستحق الديمقراطية ولا دولة قانون، وبهذا استطاعت السلطة العربية ومعها مقاومتها وإيرانها وسادة الطوائف والقوميات العراقية في تحالف لا يحتاج إلى كثير عناء لكي نصل إلى هذه الدعوة" نحو عقد اتفاق طائف جديد على غرار الطائف اللبناني، ولكن في الوضعية العراقية دخلت تركيا كلاعب إقليمي قوي على الدعوة هذه. عن اتفاق طائف عراقي جديد، يعني نهاية الحلم بالتخلص من الاحتلالات الداخلية المسيطرة على سيادة الدولة العراقية ومتقاسمة لوظيفتها السيادية، وهذه أوضاع مرشحة لتكرار التجربة اللبنانية من حروب أهلية وبقاء العراق ساحة تصفية حسابات إقليمية ودولية، ويحتاج منا اتفاق الطائف العراقي، ان نحدد من هي القوى التي ستشارك، الحزبين الكورديين ، حزب عائلة الحكيم وحزب عائلة الصدر وحزب عائلة المطلق وحزب المالكي وتجمع علاوي الذي يشبه إلى حد كبير تجمعات السيد سليم الحص في لبنان، تجمعات سرعان ما سينفرط عقدها... وبعد عقدين من الزمن سيعاد تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية بالعراق، بعد اتفاق دوحة جديد عام 2025 وبنفس أسماء العائلات، لهذا السبب تسعى دمشق لعقد اتفاق طائف جديد. الدولة هي رأس واحد اعتباري سيادي مؤسساتي غير مشخصن، أما التوافقية فهي عدة رؤوس شخصية مشخصنة عائليا أثنيا دينيا طائفيا ولكن بلا دولة واحدة. كنت كتبت مقالا قبل أقل من عام عن العلاقة السعودية السورية، وقلت فيه أن الأولوية في المصالحة، باتت لعراق يشبه لبنان، وجاء انسحاب الجيش الأمريكي الآن ليبارك هذا الذي يجري ويعد له في العراق، من أجل التمديد الإقليمي للسيد جلال طالباني، والحصص الإقليمية المتوزعة على حكومات وحدة وطنية لحظة تشكلها، رامية إلى سلة المهملات نتائج العملية الانتخابية الأخيرة. العراق مسرح ضخم لهذه التوافيقة الجديدة، مسرح ضخم لتأجيل الصراعات الداخلية في دول الشرق الأوسط، مسرح ضخم لإسرائيل كي تستمر في قضم الأرض الفلسطينية، ومسرح ضخم لتركيا الجديدة، ولإيران القديمة، وللسلطة العربية كي تظهر حرصها المتكرر على وحدة الأراضي العراقية، كما هي الحال في لبنان. ثمة سؤال" لماذا لا تتفق هذه الاحتلالات الداخلية لسيادة الدولة العراقية الواحدة، أن تقوم بإنشاء دولها الخاصة على مقاسها الشخصاني والعائلي والأثني والطائفي، ودون الضحك على الذقون بقضية التوافيقة هذه؟ دول في الشمال ودول في الوسط ودول في الجنوب العراقي؟ ربما عبر هذه الطريقة يتم حقن الدماء العراقية! وسؤال آخر: اين اليسار العراقي العابر لكل هذه الاحتلالات؟ ملاحظة عابرة: من حق الحكومة الكويتية أيضا، جارة العراق المهددة به دوما، وحرصا على دولتها أن تقاسم الآخرين كعكة النفوذ الداخلي العراقية!
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سورية مأزق يعاد إنتاجه4 المسألة الكردية.
-
سورية مأزق يعاد إنتاجه3
-
سورية مأزق يعاد إنتاجه2
-
المعارضة الديمقراطية خارج التصنيف.
-
سورية مأزق يعاد إنتاجه.
-
حول خطاب المواجهة المحتملة.
-
لا فصل للسلطات على المستوى الدولي
-
مواطنون أم مسلمون؟
-
أوليفر ستون يعتذر!
-
أوباما يريد حزب الله مدانا.
-
المحكمة الدولية تحتمي بجبهة الجولان....
-
أبي حسن لنخرج إلى الحياة.
-
الشيخ سعد، جنبلاط الثاني، حزب الله ليس من قرر.
-
الرهان البائس على ماذا؟
-
نقاب الروح أكثر عتمة من نقاب الوجه.
-
رفيق الحريري اغتيل ثلاث مرات.
-
أوباما.. من خطاب القاهرة إلى خطاب ساركوزي
-
النقاب في سورية سياسة كما المنع
-
إعلاميون وسياسة.
-
أبي حسن وياسين الحاج صالح التباس المعنى سوريا.
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|