|
قراءة واقع (البارتي) في ذكراه ال64 هل هرم الحزب وشاخ ؟
ئارام باله ته ي
الحوار المتمدن-العدد: 3096 - 2010 / 8 / 16 - 19:17
المحور:
القضية الكردية
قراءة واقع (البارتي) في ذكراه الـ64 هل هرم الحزب وشاخ ؟
تأسس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في 16-8-1946 تحت قيادة القائد ( الملا مصطفى البارزاني) ، ومنذ ذلك التاريخ فان الحزب لم يغب عن الأحداث الهامة في جنوب كوردستان ، بل ليس من المبالغة القول أنه قاد الحركة التحررية الكوردستانية ، أو كان الضلع الأقوى فيها ، حتى انتفاضة 1991 . ومنذ اجراء أول انتخابات في الأقليم عام 1992 ، فان الحزب يعتبر الحزب الحاكم ، الى هذه اللحظة . من جانب آخر يلاحظ في الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، أنه من أكثر الأحزاب الكوردستانية ترابطآ وتماسكآ وله مناعة فريدة من نوعها تجاه الانشقاقات والأختراقات ، وكما لايخفى قدرة هذا الحزب على اذابة المنضمين اليه وانصهارهم في بوتقة الحزب دون اثر رجعي ، والأمثلة بهذا الصدد تكثر، حتى مع أحزاب وجماعات تعتبر عقائدية ايدولوجية . مع العلم ان ( البارتي ) حزب يميني محافظ كاتجاه عام . انه كمثلث برمودا . علاوة على هذا ، فأن للحزب امتداد جماهيري في بقية أجزاء كوردستان وليس في جنوبها فحسب . ماهو السر؟ أين تكمن قوة الحزب ؟ . مع كل حدث انتخابي جديد في كوردستان يراهن الخصوم ويتوقع الأصدقاء ايضآ بتراجع الحزب نتيجة سخط الجماهير من تصرفات بعض المسؤولين الطائشين في الحزب وما يعتري سمعتهم في مجال الفساد ، وما يأخذ عليهم من خطاب كلاسيكي لايميز بين زمن الثورة والتهيئ لبناء الدولة ، ناهيك عن تصرفات بعضهم اللاقانونية المتخلفة ، الا انه ماتكاد تظهر النتائج حتى نرى ( البارتي ) متقدمآ على الجميع ، ليصيب المتراهنون بالذهول ويشعر كوادر الحزب أنفسهم بالدهشة ... نحن لا نكتب هنا رواية نحاول اثارة القارئ ، انه واقع حي نعيشه منذ18 سنة بالتمام والكمال وأزيد . ان هذه الأحداث مرتبطة بواقع اجتماعي ، علينا النزول اليه وتفحصه لندرك مكامن قوة الحزب والرئة التي يستنشق منها الحيوة مع كل مناسبة . لا أدعي أبد أنني هنا سأحلل البنية التحتية للمجتمع الكوردستاني وتأثير البنية الفوقية عليه ، بالمجمل الكامل حيث ذلك لايختزل في مقال . ولكني سأحاول الأشارة الى بعض العوامل الحاسمة في هذا الصدد . أولآ : العامل القومي ، ليس محل شك لدى أي كوردستاني ان ( البارتي ) هو اكثر حزب قدم التضحيات وخاض معارك الدفاع عن شعب كوردستان في سبيل قضيته القومية ، بل أن هذا الحزب طالما تعامل مع الاخر ، على أنه الممثل الشرعي لحل مشكلة الكورد في جنوب كوردستان . ولأن قضية الكورد هي قضية قومية قبل أي شيء آخر ، فان الايديولوجيات الأخرى ، سواء الماركسية أو الاسلامية ، ليست لديها فرصة كبيرة للنجاح لحين حل القضية القومية . ثانيآ : حزب محافظ . لا أدري بالضبط ، عن تخطيط وذكاء أم هي الصدفة أو لأن الحزب هو انعكاس طبيعي للمجتمع ؟ . فان ( البارتي ) يساير الطبيعة المحافظة للمجتمع الكوردستاني ولايجازف باجتهادات فكرية بنيوية بطريقة علنية . حتى وان كان لبعض كوادرها مشارب ذات اليمين وصوب الشمال . انه يسير خطوة بخطوة مع المجتمع وطريقة تفكيره . من محاباة ومجاملات وتوزيع النفوذ ومراعاة العشائر ورجال الدين ، وكل المتنفذين والمؤثرين على الرأي العام في هذا المجتمع المحافظ . ولعل المثال البارز في هذا الطرح الذي نبديه ، هو فشل الحزب في بسط نفوذه في السليمانية ، على الرغم من وجوده في السلطة منذ اقرار الفدرالية ، حيث ان المجتمع السليماني أقل محافظة مما هو عليه الحال في دهوك وأربيل . ثالثآ : العامل الاقتصادي : وجود الحزب في السلطة لأكثر من 18 سنة ، أعطاه ميزة تعيين الموظفين بمختلف درجاتهم ، وايجاد فرص عمل لأخرين في مجال القطاع الخاص ( الاستثماري للحزب ) ، جعله مصدر رزق مئات آلاف الناس الذين وجدوا انفسهم ملزمين أخلاقيآ تجاه الحزب بالتصويت له والتقرب منه . وقد تكون سيطرة (استثمارات) الحزب على مفاصل التجارة عامل قوة مهم في هذا المجال . رابعآ : الكاريزما . الحزب كشخصية معنوية تتمتع بكاريزما وهيبة واحترام داخل المجتمع الكوردستاني ، وقد تكون تلك ( الكاريزما ) مركزة بشكل لا يصدق في شخص ( الرئيس البارزاني ) الذي يتمتع بقدرة غريبة على التأثير في الجمهور وتحويل غضبهم الى رضا ، وكم من الناس رأيناهم مستائين من الحزب ، الا أنهم يحبون رئيسه حب المريد لمرشده الصوفي . ان هذه الأمور الروحية لا تخضع عادة للتفسيرات العلمية والتحليلات المنهجية . الا أن الأرث التاريخي والرأس مال المعنوي لعائلة بارزان في مضمار القضية القومية ، قد يفسر شيئآ من هذا الحب الجماهيري لرئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، لاسيما في مجتمع ينظر الى أصل العائلة وعراقتها ومكانتها ، باعتبار وجدية . يكفي التذكير أنه في المجتمع الكوردستاني اذا أريد الحط من قيمة شخص ، القول ( لا احد يعرف ابن من يكون ؟ ) . خامسآ : شيء من الليبرالية . على الرغم من ان ( البارتي ) حزب محافظ ، الا أن الجماهير الكوردستانية مهما اختلفت ميولهم وأديانهم ومذاهبهم وطوائفهم ، وخلفياتهم الفكرية . يجدون في الحزب أرضية مهيئة وملاذا لهم ، اذ ليس غريبآ ، بل هو المعتاد وجود شخص حاج يصلي الصلوة الخمسة جماعة ، الى جانب شخص ماركسي الخلفية ، يعملون في لجنة حزبية واحدة للبارتي ، وهكذا دواليك ، بالنسبة للأديان والمذاهب والطوائف . كان (البارتي) من قبل يقول كل شي في سبيل الكورد ، والآن وسعوا من اطار شمولية دائرتهم بالقول كل شيء من أجل كوردستان بمن فيها ، سواء الكورد أو غيرهم . وفي الغالب ينعكس هذا الموزاييك على قوائم البارتي الانتخابية .
ما سبق من نقاط ، يكمن فيها قوة الحزب وجماهيرتها ، وقد تكون هناك أسباب اخرى راجعة لتحكمهم بالأجهزة الأمنية والبيشمركة ، ولكن في كل الدول تتحكم السلطة بالأمن والجيش ، هذا لايعني عدم تداخل صلاحيات الحزب والحكومة في كوردستان ، كحالة عامة موجودة في الشرق الأوسط . ولكن لايمكن انكار حصول ( البارتي ) لوحده على أكثرمن نصف عدد مقاعد كوردستان للبرلمان العراقي . ان ذلك كله لايرجع الى عامل واحد في ظل انتخابات ديمقراطية فيها نسبة لا بأس بها من الشفافية والنزاهة . على الرغم من كل ما سبق ، فان الساحة ليست مفروشة بالورود لبقاء ( البارتي ) كما كان وكما هو ، في ظل التحولات الأجتماعية ( ولوا البطيئة ) التي نشهدها ، لاسيما في حال عودة المناطق المستقطعة من كوردستان بعد تنفيذ المادة 140 . اذ ان الدعاية القومية الانتخابية ، ستخمد قليلا أو كثيرآ ، حسب الظروف مع بغداد . لذلك فان عدم تهيئة كوادركفوءة من قبل الحزب بعيدآ عن المحسوبية والعلاقات الشخصية ، وعدم الأعتماد على معايير المهنية والكفاءة في توزيع المناصب الحكومية ، والتغاضي عن المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد المالي والاخلاقي ، وتصرفات أبناءهم المتهورة المستخفة بكرامة الشعب ، ستزيد من سخط فئات واسعة من الجماهير. وهذا يعني أن ( البارتي ) سيدفع الثمن باهضآ خلال السنوات الأربع أو الثمان المقبلة ان لم يستجب لمتطلبات الصيرورة الأجتماعية . فكل هذه مسؤوليات جسام على عاتق ( مؤتمر ) الحزب المزمع انعقاده قبل نهاية هذا العام . هل سيغير ( البارتي ) جلده ؟ . سؤال ينتظره المراقبون بشغف في كوردستان .
ئارام باله ته ي ماجستير في القانون [email protected]
#ئارام_باله_ته_ي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قليل من المروءة والشهامة ياقوم
-
العراق الطائفي المذهبي القومي
-
صراع الحلفاء في أرض الغرباء
-
تناقضات الشيخ الجليل !!
-
ثقافة خرق القانون في العراق
-
لماذا لايصبح المالكي رئيسا لوزراء أقليم بغداد ؟
-
الحكومةالمقبلة فاشلة ( لايمكن تهميش الكورد )
-
الأسلام والمعارضة السياسية (فترة الرسول)
-
أفتنا ياولي الفقيه
-
أيها الكورد لسنا سنة ولا شيعة
-
نحو تشكل هوية جديدة في كوردستان
-
هذا ما أخشاه في كوردستان
-
لماذا لايستعين المالكي بليونيل ميسي ؟
-
الكرة في ملعبك يا أبا اسراء
-
تسييس الدم
-
عائق التراث أمام تشكيل الحكومة العراقية
-
هل يستحق العراقيون الحرية ؟
-
ياللهول أيها الكورد
-
حسابات الربح والخسارة في اعادة الفرز اليدوي
-
خيارات الكورد في عراق مابعد امريكا
المزيد.....
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
-
مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|