|
عدالة البؤس و بؤس العدالة
شريف السقا
الحوار المتمدن-العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 18:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
...صرح السيد رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني منذ عدة أيام بأن عدم العدالة في توزيع الثروة أفضل من توزيع البؤس ....و إن البطالة سوف تزيد في المدى المنظور...لم استطيع أن أفهم هذا المنطق الذي يشبه منطق المساواة في الظلم عدل ...و هو منطق مغلوط فكيف يتساوى الظلم بالعدل ذلك أمر لا يستقيم أبداً مع أي عقل .... عدم عدالة توزيع الثروة هي أساس البؤس كله .....فعند قيام حركة الجيش عام ١٩٥٢ ...كان نصف في المائة....يمتلك ثروات البلد بأكملها و بعد ٥٧ عاماً و طبقاً لأحدث إحصائيات فإن إليوم ٣٬٥ ٪ يمتلكون ثروات البلد أي اننا فيما يقرب من ستة عقود تزيد قاعدة الملكية ١٪ كل ٢٠ عاماً .....و ذلك مع زيادة الموارد و زيادة الإنتاج و السكان ..... و عدم العدالة في توزيع الثروة ناتج عن سياسات إجتماعية و إقتصادية متخبطة ....بدأت في الخمسينات و الستينات برأسمالية الدولة الذي سميت زوراً و بهتاناً إشتراكية و لم تكن تمت للإشتراكية سوى بالإسم و ليس الجوهر .....و يعقب ذلك سياسات الإنفتاح و الذي اطلق عليه المفكر أحمد بهاء الدين إنفتاح السداح مداح .....حتى نصل إلى الثمانينات و نلحظ في التسعينات تفكيك الهيكل الإقتصادي للدولة ....و بيع كل شيء لمجرد البيع لا لشيء أخر .....و ارتفعت رائحة الفساد في هذه العملية .....و كل ذلك بإسم الرأسمالية .....و الرأسمالية أيضاً بريئة مما حدث و لا يزال يحدث .....
في إحصائيات البنك الدولي فإن ٤٤٪ من الشعب يعيشون بأقل من دولارين في إليوم (حوالي ١٠ جنيهات مصرية )......و لكن لم تذكر الإحصائيات كم من هذه النسبة المئوية يعيشون بأقل من ذلك ......
ففي ظل رخاوة الدولة كما يذكر دكتور جلال أمين في كتابه الأخير فإن الفساد أنتج رجال إهمال و ليس رجال أعمال ...انصب كل همهم على جمع و تركيز ثروة البلد في أيديهم وحدهم و ذلك في حماية النظام و الحزب ....و نتيجة لسياسات الإحتكار لنشاطات إقتصادية معينة مثل الحديد و الأسمنت و غيرها تمكنت حفنة محدودة من تحقيق مليارات من دم الناس .....و سموا ذلك رأسمالية و اسميها أنا رقصمالية.....و حققت مشاريع السمسرة و المضاربات ثروات أضخم بدون أي مساهمة فعلية في أي عملية إنتاجية .....في الوقت الذي تقوم الدولة برفع الدعم تدريجياً عن عامة الشعب قامت بدعم رجال أعمال في أسعار إلغاز و الكهرباء و منحتهم أراضي بملايين الأمتار بدون مقابل و بدون في الوقت نفسه منحت قليل من المواطنين أمتار قليلة بشروط متشددة ......و في مقابل تصدير إلغاز بأسعار متدنية يدفع المواطن ثلاثة أضعاف هذا السعر ...... حتى مشروع توشكي الذي تم صرف المليارات عليه و الذي كان من الممكن إن يخلق مجتمع زراعي و صناعي .....مما يوفر الألاف من فرص العمل تم منح اراضيه للمحظوظين و أمراء النفط ....حتى إن أحد هؤلاء الأمراء حصل على مائة ألف فدان و لم يزرع سوى حوالي ٢٪ من المساحة حتى الأن ...و طريقة الزراعة هناك تستخدم فيها الميكنة فطبيعي إن يكون العاملين قليل و يعملون بأجر متدني .....أي إن الدولة انفقت مليارات لتحصل على لا شيء في المقبل على الإطلاق .....و ما حدث هنا تكرر في أماكن أخرى كالموانيء و غيرها ....... مع كل هذا ظلت الشركات تحقق مكسب خيالية و العاملين بها يحصلون على أجور متدنية بدون حماية من الدولة على الإطلاق ....و إذا كان قانون الشركات المساهمة ينص على إن توزع هذه الشركات نسبة ١٠٪ من ارباحها السنوية على العاملين بها .....فإن ذلك لا يحدث .....و أتذكر عندما إعتصم العاملين بإحدى مصانع الأسمنت للمطالبة بحقهم في الأرباح ......صرحت وزيرة القوة العاملة إن القانون غير ملزم للشركات .....و إذا كان غير ملزم لماذا سمي قانون أساساً ؟
حتى قانون الضرائب الجديد والذي جعل الضريبة ٢٠٪ فقط كان يجب إن يلزم رجال الأعمال برفع الأجور والتوسع في الإنتاج حتى يصبح التخفيض الضريبي ذو مغزى حقيقي و لكن ذلك لم يحدث كالعادة ....لأن أيضاً هذا القانون كغيره لم يستهدف سوى مصلحة قلة قليلة فقط وذهب الفرق إلى جيب كل رجل أعمال وهو جالس في مكتبه بدون مجهود .......أما العجيب إن نفس هؤلاء الرجال تصدوا لمشروع قانون كان يهدف إلى رفع الحد الأدنى للأ جور إلى ٤٠٠ جنيه ودفع رئيس لجنة السياسات عن ذلك بإن هذا الحد الأدنى للأجور سيرفع من معدلات البطالة ......
و إذا علمنا إن رئيس مصلحة السكك الحديدية يتقاضى مليون جنيه شهرياً و يتم رفض زيادة الساقين جنيهات قليلة كل شهر مع إن المرفق خاسر.......و ما تردد عن المرتبات الخيالية في وزارة المالية سنلحظ إن الشعب وحده هو الذي يدفع ثمن هذا السفه الحكومي ......و نتق عن هذا السفه إن زادت معدلات الفقر بشكل غير مسبوق وزادت معدلات الجريمة معها و إنهار التعليم والخدمات الصحية وغيرها من الخدمات وانخفضت القيمة الشرائية للعملة الوطنية أيضاً ........
---------- أي إن عدم العدالة في توزيع الثروة هو نفسه توزيع البؤس و التلاعب بالألفاظ لن يغير هذا المعنى أبداً وما لم يحدث تغيير جذري في السياسة الاقتصادية المتبعة فأننا سنواجه بثورة جياع ومهمشين وفقراء لن تبقي ولا تذر.........
#شريف_السقا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشرخ
-
الفراغ
-
داخل الغرفة
-
أتذكر ؟
-
كازابلانكا
-
كلب السيد
-
أميرة الأمل
-
العزلة
-
سفر الخروج
-
فارس لا يموت
-
روليت
-
درج الذكريات
-
قصة جارية
-
مدينتنا و قميص عثمان
-
كفتة و حواوشي أونلاين
-
عملية إنقاذ اللواء خميس اونلاين
-
الطابور الخامس
-
تغييب الوعي
-
الفاشيون الجدد
-
مصر بين الدين و القومية
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|