|
المعارضة الديمقراطية خارج التصنيف.
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 08:11
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
الديمقراطية بوصفها شكل تاريخي ينظم النزوع الوجودي نحو الحرية، وهذا النزوع لا يرتبط مطلقا، بالتصنيف التقليدي، لما يعرف يمين ويسار، الثورات الديمقراطية التي ارتبطت بالبرجوازية، لم يكن فيها يمين ويسار، كان فيها أنظمة ملكية استبدادية إقطاعية..الخ سموها ماشئتم، إن انبثاق اليمين واليسار بعد الثورة الفرنسية، والتي كانت آخر الثورات" البرجوازية" قبل الثورة الروسية الأولى 1905، ولم تستطع أن تزيح الاستبداد دفعة واحدة، وأكلت أبناءها. هذه الثورة التي انبثق منها تصنيف اليسار واليمين، لازالت تشكل نموذجا جاهزا للتفكير بأوضاعنا، تماما كما كانت حال الثورة البلشفية بالنسبة للشيوعيين وطيف اليسار العالم ثالثي، لكن لو راجعنا تاريخ هذه الثورة الفرنسية لوجدنا أنه لم يكن هنالك تصنيف موجود قبل قيامها، او حاضر لدى قادتها وفعالياتها وخطابها. ونحن بدورنا لازلنا متمسكين بالتصنيف الذي تم بعد نجاح الثورة. الثورة الديمقراطية الإنكليزية التي تمت بشكل شبه سلمي، ولم يكن مطروحا خلالها، التصنيف المذكور، وقد تمت قبل الثورة الفرنسية بزمن ليس قليل. كانت البرجوازية الصاعدة مع عموم الفلاحين، هي التي شكلت قوى الثورة. دون الدخول في التفاصيل التاريخية، لكننا وصلنا إلى حد المغالاة جراء التصنيف بين اليمين واليسار، على درجة أننا لم نعد نرى ديمقراطيين إلا في صفوف اليسار. وإن كان هنالك ديمقراطيون غير يساريين، فيجب أن يتم قيادتهم وفق برنامج يساري، وإلا سوف تزال عنهم تلك النعمة التصنيفية بأنهم ديمقراطيون. في سورية، حتى اللحظة، لايزال التصنيف شغالا، بحكم مجموعة من العوامل، وأولها، أن المعارضة الديمقراطية- بتحفظ- تشكلت من بقايا التيارات اليسارية الشيوعية والقومية، إضافة إلى انخراط إسلامي ملتبس، او لازال ملتبس في الحركة الديمقراطية السورية إن جازت التسمية. ومن ثم من تقدم من هذه الحركة اليسارية نحو تبني لبيرالي ما، فإنه جاء لكي يحضن هذه اللبرلة بغلاف يساري! متهالك، ولم يستطع تجديد بناه الفكرية والتنظيمية والسياسية، ولذلك أسباب عدة منها ما هو موضوعي ومنها ما هو ذاتي. فصرنا نرى تصنيفا جديدا هو" يساري ليبرالي أو ليبرالي يساري" وبالطبع الليبرالية من هذا المنطلق التصنيفي تستوعب الديمقراطية، كمفهوم وكنظام سياسي يؤمل في الوصول إليه. من المعلوم في كل المجتمعات التي أتت فيها أنظمة تقدمية كما يعرف عنها بالتسمية، هذه الأنظمة أول شيء فعلته، هي ضربها لنويات لبيرالية او برجوازية تقليدية، وحولت البنية السياسية الظاهرة على الأقل، إلى محمية يسارية شكلا وخطابا. لهذا نحن كمعارضة ديمقراطية احتفلنا بالمناضل رياض سيف، رغم أن الرجل ليس يساريا، ولازال الرجل خارجا منذ أسابيع من السجن للمرة الثانية نتيجة لانخراطه العملي في النضال الديمقراطي. واحتفالنا به لم يكن وليد يساريته، بل وليد برجوازيته" الوطنية" ولبيراليته الطبقية. لماذا احتاج هذا اليسار الذي يوزع التصنيفات يمنيا ويسارا، لكي يقف خلف المناضل رياض سيف؟ لماذا طالما ان هذا اليسار يمتلك الحقيقة وتوزيع المعايير القيمية على المناضلين وغير المناضلين؟ لوحة اليسار عندنا تشمل بدء من قوى التجمع الوطني الديمقراطي المؤلف من ستة أحزاب يسارية. وكما قلنا فإن المتحولين كما أسماهم الباحث محمد سيد رصاص، ويقصد اليسار المتحول ليبراليا، لم يتخلوا عن موقعهم اليساري كما حاول الكاتب أن يحتكر توصيفة محددة لمفهوم اليسار. الآن بعد انقضاء مرحلة سياسية من عمر سورية، أقصد الخمس سنوات الأخيرة، عادت نغمة اليسار، وتجديد اليسار لتتصدر أدبياتنا، لماذا؟ وبالعودة إلى موضوعة اليسار واليمين، هذه قضية لا تطرح في سياق حركة ديمقراطية، بل تطرح في ظل نظام ديمقراطي، أو في ظل قوى تريد تحقيق برنامجا يساريا بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى. نحن في أمس الحاجة إلى ديمقراطيين، سواء كانوا يساريين أو يمينيين..والتوافق على مطلب ديمقراطي ذو بعد تاريخي. دولة القانون وتداول السلطة، حرية الرأي والمعتقد والتنظيم، الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، واقتصاد السوق، هذه عناوين لمساحات تغطي كامل المصالح الطبقية والاجتماعية والرمزية. هذه قضايا أجمعت عليها البشرية ليس نظريا بل لأنها انتجت أمامنا مجتمعات متقدمة لأنها تبنت هذا النموذج، وإذا كانت لدينا خصوصيات ما، فيتم نقاشها على أرضية هذه القواعد التاريخية العامة. **** اليسار حتى اللحظة لم يستطع أن يقدم نموذجا اجتماعيا، دون دولة تدخلية، كمصطلح فضفاض وغامض، وملتبس وفي غالب الأحيان خالطا بين الدولة التدخلية والسلطة الكليانية. من قال أنه يمكن لانتقال ديمقراطي دون أولوية سيادية لدولة تدخلية؟ والتي تستند في تدخليتها على العقد الاجتماعي المحايث لوجود مثل هذه الدولة، والعقد الاجتماعي، لاتسوغه مصالح يسارية فقط، لأننا بذلك نصبح أمام سلطة كليانية، لأنه لا يوجد دولة يسارية، ولايوجد دولة يمينية، لأنها مجرد أن تأخذ هذه الهوية فمعنى ذلك ان أيديولوجيا واحدة قد اعطتها هذه الهوية، وهذا منافي للديمقراطية وعقدها الاجتماعي. كيف يستطيع اليسار تقديم نموذج دولة حيادية، وتدخلية بالآن معا؟ فإما نحن أمام نموذج تاريخي موجود لدولة طبقية، أو لدولة حيادية؟ هل مازلت تنميات غرامشي كفيلة بحل هذه الازدواجية؟ **** لايمكن وجود نقابات مهنية دون وجود مجتمع طبقي، ولا يمكن وجود نقابات مهنية في ظل سلطة آحادية، لأن ما يمكن أن يوجد هو هيئات تابعة لتلك السلطة، سواء كانت يسارية أو يمنية. لا يمكن وجود مجتمع مدني آحادي يساري أو يميني، وهذه بداهة وجودية، مهما حاولت السلطة التدخلية الآحادية تغطيتها. **** الاستيلاء على السلطة، ما قدمه اليسار حتى اللحظة في العالم هو الاستيلاء على الدولة والمجتمع، تحت عنوان الاستيلاء على السلطة من أجل تنفيذ برنامج شمولي. اليسار الأوروبي هو يسار في مجتمع متاح لليمين كما هو متاح لليسار، فهل السلطة في سورية يمين؟ أليس تجديد اليسار بحاجة لنقيضه؟ أين هو؟ كيف يمكن الحديث عن اليسار، دون أن نعرف اليمين؟ **** في سورية الآن موجة يسار شكلانية، ضيقة، وعابرة للوقائع خطابيا، يحاول إقناعنا الآن بأن ما يتم في سورية، هو إجراءات ليبرالية أو نيوليبرالية متوحشة..لكي يبرر وجوده، ودفاعه أحيانا عن قطاع الدولة. الانتقال إلى اقتصاد السوق في أي إجراء لبيرالي يتم وفقا للقانون، والخصخصة نظام قانوني يطبق على جميع المتنافسين، فهل يوجد في سورية، بنية قانونية للخصخصة؟ واية خصخصة هي التي تجري في سورية الآن؟ العدالة الاجتماعية مطلب دائم...أو ربما أمل نحتاجه لاكتشاف يساريتنا... غسان المفلح
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سورية مأزق يعاد إنتاجه.
-
حول خطاب المواجهة المحتملة.
-
لا فصل للسلطات على المستوى الدولي
-
مواطنون أم مسلمون؟
-
أوليفر ستون يعتذر!
-
أوباما يريد حزب الله مدانا.
-
المحكمة الدولية تحتمي بجبهة الجولان....
-
أبي حسن لنخرج إلى الحياة.
-
الشيخ سعد، جنبلاط الثاني، حزب الله ليس من قرر.
-
الرهان البائس على ماذا؟
-
نقاب الروح أكثر عتمة من نقاب الوجه.
-
رفيق الحريري اغتيل ثلاث مرات.
-
أوباما.. من خطاب القاهرة إلى خطاب ساركوزي
-
النقاب في سورية سياسة كما المنع
-
إعلاميون وسياسة.
-
أبي حسن وياسين الحاج صالح التباس المعنى سوريا.
-
خواطر مكسورة
-
نصر حامد أبي زيد
-
تركيا دولة وليست سلطة إسلامية.
-
السلطة واضحة ونحن أكثر! النخب السورية.
المزيد.....
-
مواجهة التغول الرأسمالي الإمبريالي تتطلب تصعيد وتوحيد نضالات
...
-
ألعاب نارية تضيء سماء بطرسبورغ في الذكرى الـ81 لرفع الحصار ع
...
-
بغداد ترفض الحرب.. وأنقرة تضغط من أجل مقاتلة حزب العمال
-
فلنشكل جبهة شعبية لمواجهة مخططات التهجير ولدعم النضال الفلسط
...
-
تعريب العلوم: جدل الهوية والتحرر
-
تعقيب أحمد العبادي عن فريق التقدم والاشتراكية على رئيس الحكو
...
-
تلغراف: ترامب يحطم بالفعل الدولة اليسارية العميقة
-
مؤرخ ألماني يدعو برلين إلى الاعتراف بحصار لينينغراد كجريمة إ
...
-
الذكرى الـ81 لفك الحصار عن لينينغراد
-
الرفيق حنا غريب، الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، في حوا
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|