أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم ازروال - العلمانية الرخوة واستقالة العقل النقدي 2















المزيد.....

العلمانية الرخوة واستقالة العقل النقدي 2


ابراهيم ازروال

الحوار المتمدن-العدد: 3093 - 2010 / 8 / 13 - 09:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الجزء الثاني


ولئن سعت العلمانية الرخوة ، إلى التماس الهدنة الابستمولوجية والى تعيين معازل فكرانية ، فإن القدامة الفائقة ، سوف تذهب بعيدا لا في التأسيس النظري لعلمية القول المؤسس فقط ، بل لمأسسة العلمية الفائقة للنص المؤسس .وعوض تفكيك دعاوى القدامة الفائقة ، والإبانة عن افتقارها إلى الملاءمة والاتساق والكفاءة التدليلية أو الاستدلالية و المتانة البرهانية ، اكتفى منظرو العلمانية الرخوة ، بالاستنكاف عن الاشتباك مع المادة الكونية في النصوص المؤسسة واستشكال محتوياتها الإخبارية والتقريرية والبرهانية بناء على مقررات العلم الطبيعي.
من البديهي إذن ، أن تنتهي العلمانية الرخوة المنقطعة عن التقليد الأنواري أولا وعن التقليد النهضوي ثانيا ( شبلي شميل وإسماعيل مظهر في طوره الأول مثلا ) ،إلى الانحصار في الإشكاليات المغلقة وفي الافتقاد إلى العتاد الإجرائي والآلي العلمي .

تقع القدامة الفائقة في مفارقة كبرى إذ تسعى إلى الجمع بين الإقرار بالقصور النظري للعقل البشري وأخذها بنتائج العلوم الدقيقة في سياق منافحتها عن أصولها المؤسسة .وهكذا تمكنت من تحويل العلوم الدقيقة إلى سند فكراني ، لمتخيلها الألفي ولفكريتها المناقضة جوهريا ، لأساسيات العلم النظرية والمعيارية . وبدلا من تشريح هذه المفارقة ، وإبراز المفارقة النظرية الكبرى الثاوية خلف نظريات المؤالفة بين المنقول والمعقول العلمي ، اكتفت العلمانية الرخوة ، بمصارعة القدامة الفائقة في مضامير إشكالية مبدئيا،أو في مجالات بلا مردود علمي ولا سوسيولوجي أو بالتماس السند من مرجعيات تراثية ملتبسة الوضعية المعرفية والمنهجية والتاريخية ( الاعتزال والرشدية والخلدونية مثلا ) .

وهكذا تمكنت القدامة الفائقة عبر استعمالها الدقيق للذرائعية المنهجية وللاقتباس التقني الموجه ، من إعادة تأهيل، منهجي وسوسيولوجي ، للجهاز العلمي للنصوص المؤسسة ، ومن إلغاء كل استشكال نظري لذلك التأهيل .وكان من نتائج الانقطاع عن الاستشكال العلمي لبنى المقدس الإسلامي ، أن صار الوضع الدليلي للعلمانية الرخوة أقل استشكالا حتى بالقياس إلى بعض المناولات الاستشكالية التراثية .
يقول أبو إسحاق الشاطبي :
( ومنها : ضد هذا ، وهو ردهم للأحاديث التي جرت غير موافقة لأغراضهم ومذاهبهم ، ويدعون أنها مخالفة للمعقول ، وغير جارية على مقتضى الدليل ، فيجب ردها : كالمنكرين لعذاب القبر ، والصراط ، والميزان ، ورؤية الله عز وجل في الآخرة . وكذلك حديث الذباب وقتله ، و أن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء ، و أنه يقدم الذي فيه الداء . وحديث الذي أخذ أخاه بطنه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بسقيه العسل ، وما أشبه ذلك من الأحاديث الصحيحة المنقولة نقل العدول . )
( - أبو إسحاق الشاطبي – الاعتصام – تحقيق : هاني الحاج – المكتبة التوفيقية –الجزء الأول – ص.222)

3- غياب الاستشكال العلمي للطقوسية :
تظهر العلمانية الرخوة كثيرا من الحذر في مقاربة البؤر المعرفية والسلوكية في القدامة الكلاسيكية والفائقة على حد سواء ؛وعوض الانكباب على تفكيك النسق المعرفي القدامي وتشريح نسقه الشعائري ، ينصب الخطاب العلماني الرخو ، على تجنب إشكاليات البؤرة والاكتفاء بإثارة النقع الفكراني أو التنقيب في التشكل الابستمولوجي أو الإيديولوجي للأبنية النظرية التراثية .فلا يمكن تفكيك بنية القدامة الفائقة ، دون تشريح النسقية الطقوسية – الشعائرية ، والكشف عن التشكل المعرفي للمعرفة الشرعية . والحال أن العلمانية الرخوة ، تنسى أن لا علمانية بلا تنوير ولا تنوير بدون الاستعمال الأقصى للعقل في تناول إشكاليات الوجود الإنساني .لا مناص كذلك من نزع البداهة والأسطرة عما يبدو للمتخيل الجمعي بديهيا ومقدسا ، وإعادة ترتيب الوضع الابستيمي لكثير من المرسخات الفكرية والمكرسات السلوكية .لا عقلانية إذن ، من غير استشكال البداهة المعرفية القدامية واستكشاف المملكة الترميزية للطقوسية .ومن طرائف العلمانية الرخوة ، الإكثار من الخوض في الكلاميات والعقلانية التراثية ، والنأي عن العالم الدلالي للطقوسية الإبراهيمية علما أن العلوم البيولوجية والأنثروبولوجية تقدم أدوات هامة لمقاربة الفضاء الرمزي لهذه الطقوسية المركبة.والواقع أن علمانية تستنكف عن استكشاف الكون الدلالي للاعتقاد وتركيبة النسق الطقوسي ، اعتمادا على مفاهيم وآليات العلوم الدقيقة والإنسانية والاجتماعية ، ليست علمانية رخوة فقط بل هي علمانية مع وقف التنفيذ النقدي في أفضل الأحوال .
وبدلا من الانكباب العلمي على النسق العقدي ، استكشافا وتعقيلا واستشكالا ، بناء على الموجهات الابستيمية للعقلانية العلمية ، يبتعد الخطاب العلماني الرخو عن هذا الفضاء ، كليا ، مفضلا الاشتغال على النصوص الثواني أو الكتابة في تاريخ العلم أو في تحولات الابستمولوجيا الحديثة .والغريب في أمر هذه المشهدية الفكرية ، هو انتقال القدامة من الرفض النسقي أو التقني للعلوم الدقيقة إلى استثمارها واستعمالها في تسويغ لا التدبر السمعي للنواميس الكونية فقط بل إلى "تعقيل" الطقوس نفسها .لقد برهنت القدامة الفائقة عن كفاءة ذرائعية في استثمار نتائج العلوم الدقيقة فكرانيا ، وفي توسيع نطاق حقائقها السوسيولوجية ، فيما بقي العلماني الرخو ، سادرا في الفصل بين مجال الاعتقاد والأخلاق ومجال العلم والتعقيل .
يقول فؤاد زكريا :
(ومعنى ذلك بعبارة أخرى ، أن القيمة الحقيقية للشعائر إنما تكمن في تلك القوة المعنوية التي تمكن الإنسان من مواجهة الظلم والطغيان ، والسعي إلى أداء عمل نافع للمجتمع ، أما التركيز على شكلية الشعائر دون اكتراث بما تؤدي إليه من مضمون ، فهو في حقيقته تستر على المظالم ومساندة للاستبداد . )
( - فؤاد زكريا – الصحوة الإسلامية في ميزان العقل- دار التنوير – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى – 1985-ص. 23).
تتغلب النزعة التخليقية على هذا الشاهد ، وتغيب النزعة التعقيلية والتعليلية ؛ والحال أن المقام السوسيولوجي والمعرفي يقتضي ، استكشاف الكون الرمزي للطقوسية الإسلامية ، لا الاكتفاء بمردودها الأخلاقي والوظيفي فقط.فمن غرائب العلمانية الطرفية ،النأي عن أي استكشاف أو استشكال ، للمتخيل القدسي وعن تاريخ الممارسة الشعائرية، والفصل الابستمولوجي بين حيز الوجدان والإرادة وحير العقل والفاهمة .
ولئن حصر رائد التفكير العلمي نظره في الفعالية الأخلاقية للشعائر ، فإن رائد العلمانية التجديدية ، سيكتفي بإضفاء صفات عرفانية باطنية وتجاوز الأفق الفقهي للطقوسية الإسلامية جملة فيما يدنو من العرفانية بدون أدنى ريب .
( إذا فهمنا هذا ، يتضح لنا أن المعصوم ، حين قال : " صلوا كما رأيتموني أصلي " كأنما قال بلسان العبارة " قلدوني في صلاتي بإتقان ، وبتجويد ، حتى يفضي بكم تقليدي إلى أن تكونوا أصلاء مثلي " ، أو كأنه قال : " قلدوني بإتقان ، وبتجويد وبوعي تام ، حتى تبلغوا أن تقلدوني في أصالتي".. غير أنه ليس في الأصالة تقليد ..ولكن فيها تأس " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " " أسوة " قدوة في كمال حاله .
فالنبي آتانا بلسان الشريعة – لسان المقال – أمرا بالتقليد ، و آتانا بلسان الحقيقة – لسان الحال – أمرا بالأصالة ..ولا تكون الأصالة إلا بعد تجويد التقليد ..فالأصالة غاية من تقليدنا النبي، وليس التقليد غاية في ذاته . )
(-محمود محمد طه – نحو مشروع مستقبلي للإسلام – المركز الثقافي العربي –بيروت- دار قرطاس – الكويت - الطبعة الأولى – 2002-ص. 255) .
يعلن خطاب الأصالة والعلمانية الإسلامية عن انزياحه عن القدامة الكلاسيكية وعن القدامة الفائقة استتباعا ، ويجتاف كثيرا من المتصورات النظرية للحداثة الكلاسيكية ظاهريا ، إلا أنه لا ينتج خطابا علميا عن ينبغياته النظرية والعملية ، بل يكتفي بإعادة التدليل، عبر آليات ومفاهيم عرفانية ، عن منظوره الاستشرافي النشوري .
لا مجال هنا ، لتأسيس تاريخية وفينمينولوجيا أو انثروبولوجيا الصلاة الإسلامية ، ولا عن آليات تشكل واندغام هذا الطقس في الجسد النظري للعقيدة وفي التفاعل العضوي للجماعة المؤسسة وفي المصير التاريخي للأمة .
ورغم تشكك خطاب العلمانية النقدية في تاريخية بعض المرويات المتعلقة بالصلاة ، فإنه يكتفي بالتفكير في ملاءة هذا الطقس لتحولات العصر وتعددية الفضاءات المجالية والثقافية في زمان العولمة والحداثة الفائقة . والحال أن التطلب العلماني ، يستوجب البحث عن انبناء النسق الطقوسي وتارخيته واشتراطاته البيولوجية والنفسية و أبعاده الأنثروبولوجية لا الاكتفاء بالتلويح بالتوافق والتآلف مع المقتضيات الحداثية للأزمنة الحديثة .
(والمهم أن النبي كان يؤدي صلاته على نحو معين ، فكان المسلمون يقتدون به ، إلا أن ذلك يعني أن المسلمين مضطرون في كل الأماكن والأزمنة والظروف للالتزام بذلك النحو ، على فرض أنه كان فعلا موحدا ولم يطرأ عليه أي تغيير أثناء فترة الدعوة ، و إلا كان سكان شمال الكرة الأرضية ، حيث يطول النهار صيفا حتى لا يكاد يوجد ليل ويقصر الشتاء حتى لا يكاد يوجد سوى الليل ، غير معنيين برسالة محمد كالذين يعيشون في المناطق المعتدلة التي لا فرق فيها كبير بين طول النهار صيفا وشتاء، وكذلك الذين يعيشون في المجتمعات الصناعية حيث تفرض مقتضيات الآلة أنساقا في الحياة والعمل لا صلة لها بأنساق الحياة والعمل في المجتمعات الرعوية والزراعية والتجارية ، وبصفة أعم كل من بعدت أنماط حياتهم المعقدة عن بساطة أنماط الحياة التقليدية . )
( - عبد المجيد الشرفي – الإسلام بين الرسالة والتاريخ – دار الطليعة – بيروت – لبنان –الطبعة الأولى – 2001-ص. 62)
فإشكالية النص إشكالية ملاءمة وتحديث ، فيما ينصرف المجهود العلمي إلى استقراء الإواليات البنائية للطقوسية الإسلامية والى تاريخ تشكلها وسياقاتها الجينيالوجية .ولا مناص هنا ، من البحث في تاريخية هذه الطقوسية وفي سوابقها وأشباهها في الطقوسيات السامية وفي الشعائريات العرفانية والتعديدية وفي العلائق التركيبية الموجودة بين النصي والجسدي ، بين البيولوجي والنفسي ، بين متخيل الفرد ومتخيل الجماعة في أداء هذه الطقوسية وإدماجها في عصب الكينونة الاجتماعية .لقد انشغل العلمانيون كثيرا بالعقل العربي – الإسلامي ، إلا أنهم لم يظهروا أي اهتمام بالطقوسية الإسلامية ،رغم ثقلها وكثافة مدلولاتها الانثروبولوجية والسوسيولوجية والنفسية .
والغريب في هذا المقام ، هو استفاضة القدامة الفائقة قي البرهنة على علمية الطقوسية الإسلامية ،علما أن أصولها الكلامية والفقهية ، تقر بغيبية التكاليف والشعائر والطقوس الإسلامية جملة .
( والثاني : أن عامة النظر فيها إنما هو فيما غفل منها وجرى على ذوق المناسبات المعقولة التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول ، فلا مدخل لها في التعبدات ، ولا ما جرى مجراها من الأمور الشرعية ، لأن عامة التعبدات لا يعقل لها معنى على التفصيل ، كالوضوء والصلاة والصيام في زمان مخصوص دون غيره ، و الحج ، ونحو ذلك .
فليتأمل الناظر الموفق كيف وضعت على التحكم المحض المنافي للمناسبات التفصيلية .)
( - أبو اسحاق الشاطبي – الاعتصام – تحقيق : هاني الحاج – المكتبة التوفيقية –الجزء الثاني – ص.464-)
لم تكتف القدامة الفائقة بالتسويع العلمي للنصوص الكونية ، بل انبرت لتسويغ الطقوسية نفسها علميا ، استنادا إلى تدليلات وبراهين مستقاة ، من اضبارة العلوم الدقيقة .ومن الطبيعي أن لا تسفر هذه التسويغات البعدية عن منجزات ابستمولوجية معتبرة ، و لا سيما إذا علمنا أن المقصدية الثاوية وراءها هو الذب عن قداسة النصوص المؤسسة واحتواء سلطة العلم الوضعي والمنهج التجريبي .لقد ذهب القداميون بعيدا ، في انتحال الصفة العلمية وفي مأسسة علمية النصوص مهما كانت نوعيتها الخطابية ومقاماتها الوجودية وسياقاتها التاريخية ، في غياب شبه تام للعلمانية الرخوة المنشغلة إما بالتجريب المنهجي أو النظري أو بالتعاطي الهجاسي مع قضايا تراثية أو بالاشتغال الفكراني بالتسييس أو التخليق .
4- رفض الماركسية المعربة لاستشكال بنية الاعتقاد :
وثمة اتجاه آخر، يلغي سؤال البنية والتشكل ليكتفي بسؤال الوظيفية الوجودية ؛ لا يمكن من منظور هذا الاتجاه ، تناول البناء الابستيمي للدين ، وتشكله المعرفي والتاريخي ومحتواه الأنثروبولوجي ، بل يجب التركيز على الوظيفية الوجودية أو السيكو- اجتماعية للتدين ولما سماه بيتر سلوتردجيك بالنسق المناعي الرمزي عموما . ويرافق هذا التقدير المنهجي ، التشكيك في جدوى المقاربة العقلانية والعلمية" للشيء" الديني ، وإنكار تاريخ النقد الفيورباخي والماركسي للاغتراب الديني ولما سماه ماركس ب"الشمس الوهمية " .
( رسمت الماركسية إشكاليتها في تفسير الظاهرة الدينية بطرح السؤال : لماذا يحتاج البشر إلى الدين ؟ ومحاولة الإجابة عليه . وقد وجدت الجواب في شقاء البشر. رأت إلى الدين على أنه وسيلة فذة من وسائل تعامل البشر مع الشقاء على هذه الأرض . بالدين يتحمل البشر الشقاء ويهربون منه ويقاومونه ويأملون بالخلاص منه ويرتضونه في آن معا . مع ذلك ، يجري التعاطي مع كل غنى التفسير الماركسي للظاهرة الدينية على طريقة " لا تقربوا الصلاة ..." أي باختزال كل هذا التفسير بعبارة واحدة هي " الدين أفيون الشعوب " .)
(-فواز طرابلسي – عكس السير – كتابات مختلفة – رياض الريس للكتب والنشر –الطبعة الأولى – 2002-ص. 169-170) .
يفصح هذا النص عن إرادة الطمس واللااستشكال والابتعاد عن أي مقاربة علمية للإشكالية الدينية ؛ ولعل التضامنات الجماعية والبحث عن نظام مناعي جماعي ، هما اللذان يفسران هذا الاهتيام " بالسعادة الوهمية للشعب " وتحويل السلب النقدي في المتن الماركسي إلى إيجاب منافح في الهامش الاعترابي .
لا يمكن طرح سؤال النجاعة العملية للاستشكال ، في غياب النقد المعرفي والعلمي ، لبنية المعرفة الشرعية وللإبدال القدامي.وهي مهمة لا يمكن أن تحققها لا التوجيهات ولا التوجهات الفكرانية ، ولا المقاربات الذرائعية المنشغلة بالوقع وبقراءة سطوح المشهديات الكونية ولا الذهول عن الدينامية التعقلية السارية في الأكوان الرمزية للكتل المناعية الكبرى منذ القرن السابع عشر على الأقل .أليس التنقيب عن التواؤم القسري مع العلم بعد طول ممانعة ورفض لأبجديات العلم( أشير هنا إلى موقف الكنيسة الكاثوليكية من غاليلي وداروين وموقف الإسلاميين المتعالي من التقانة في بداية المثاقفة النهضوية مثلا ) بمثابة " تمنيع " للذات بوسائل الغير؟ .فالانتقال من المناعة والممانعة إلى "التمنيع" ، دليل لا تخفى مراميه عن فعالية الاستشكال المعرفي للمعارف القدامية المنتجة في سياق الفكريات المناعية التقليدية . ألا ينطوي "التمنيع "على ترميق منهجي وعلى تغييب كلي لمبدإ التحوط المعرفي في سياق تدافع المعارف وتوالدها الانشطاري المستمر ؟ ألا يكرر" التمنيع" الاعجازي المعاصر نفس خطايا "التمنيع" في زمن النهضة ؟
( وحققوا أن الأرض منفتقة في النظام الشمسي والقرآن يقول : ( أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ) .
وحققوا أن القمر منشق من الأرض والقرآن يقول : ( أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) . ويقول : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) .
وحققوا أن طبقات الأرض سبع والقرآن يقول : ( الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ) . )
( - عبد الرحمن الكواكبي – طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد – منشورات الجمل – كولونيا – ألمانيا – بغداد – الطبعة الأولى – 2006-ص .36)
لقد جرت مياه اعجازية كثيرة تحت الجسر بعد عبد الرحمن الكواكبي ، واكتفت العلمانية الفاترة أو المتكيفة بالابتعاد جملة عن استشكال الخطاب المدبج في مديح علمية الحقيقية الشرعية .فالعلمانية لا تتأسس إلا بفصل الخطاب فيما يؤسس الانفصال بين البيان والبرهان .



#ابراهيم_ازروال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية الرخوة واستقالة العقل النقدي 1
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 6
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 5
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 4
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 3
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 2
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية
- تمثل الفضاء الثقافي الأمازيغي في - وصف إفريقيا -للحسن الوزان ...
- تمثل الفضاء الثقافي الأمازيغي في - وصف إفريقيا -للحسن الوزان ...
- تمثل الفضاء الثقافي الأمازيغي في - وصف إفريقيا -للحسن الوزان ...
- الانسداد النظري لما بعد العلمانية -نقد تفكيكية علي حرب 4
- الانسداد النظري لما بعد العلمانية - نقد تفكيكية علي حرب 3
- الانسداد النظري لما بعد العلمانية -نقد تفكيكية علي حرب 2
- الانسداد النظري لما بعد العلمانية نقد تفكيكية علي حرب 1
- مفارقات المثاقفة بسوس –الجزء الرابع
- مفارقات المثاقفة بسوس –الجزء الثالث
- مفارقات المثاقفة بسوس- الجزء الثاني
- مفارقات المثاقفة بسوس - الجزء الأول
- الحجاب الإسلامي: من تأنيث الألوهية إلى تذكيرها/الجزء الثاني
- الحجاب الإسلامي: من تأنيث الألوهية إلى تذكيرها


المزيد.....




- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم ازروال - العلمانية الرخوة واستقالة العقل النقدي 2