|
حكايات مثيرة عن المعونة الامريكة لمصر .
عبدالوهاب خضر
الحوار المتمدن-العدد: 938 - 2004 / 8 / 27 - 12:57
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
كتب الدكتور ابراهيم العيسوى الخبير الاقتصادى المصرى المعروف قصص وحكايات حول المعونة الامريكة لمصر خاصة – كما يقول – أن الحديث عن المعونة الأمريكية لمصر حديث يتجدد كل بضعة شهور . إذ لا يكف بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي عن المطالبة بقطع المعونات التي تقدمها أمريكا لمصر . كما أن الحكومة الأمريكية تلوح لمصر بورقة المعونات بين الحين والآخر كلما استشعرت شيئاً من المعارضة من جانب النظام الحاكم في مصر تجاه موقف تريد أمريكا اتخاذه في قضية من القضايا ، أو كلما لمست مجرد اتجاه للتردد المصري في تأييد تحرك أمريكي ما ، لاسيما في الدوائر العربية والأفريقية والشرق أوسطية التي تحيط بمصر . و نشرت صحيفة " الاهالى " المصرية المعارضة بعض هذه الحكايات التى ننشر جزء منها الان بقلم الدكتور العيسوى : وآخر ما نما إلي علمنا في هذا الشأن ما نشرته " المصور " في عدد 6 أغسطس 2004 عن اجتماع رئيس الوزراء الجديد الدكتور أحمد نظيف بأعضاء الغرفة التجارية الأمريكية بالقاهرة ـ وقد كان هذا الاجتماع من أوائل الاجتماعات التي عقدها سيادته عقب توليه منصبه ، بينما كان من المفترض تمشياً مع تصريحاته عن أولوية رفع مستوي معيشة الجماهير وتحسين أوضاع محدودي الدخل أن يكون من أوائل من يجتمع معهم ممثلون لجماهير العمال والفلاحين وغيرهم - من المطحونين والمكتوين بنار البطالة والتضخم - الذين لا صوت لهم في إطار النظام الراهن . لقد نشرت " المصور " أن الدكتور نظيف قد طالب أعضاء الغرفة التجارية الأمريكية بالقاهرة بضرورة العمل علي إقناع الكونجرس بالإفراج عن مبلغ 500 مليون دولار كان قد قرر احتجازه من المعونة التكميلية المخصصة لمصر ، وذلك لعدم استجابة الحكومة المصرية لشرطين حددهما الجانب الأمريكي لصرف هذه المعونة . وهذان الشرطان هما : أولاً توجيه جانب من المعونة النقدية لمصر إلي المنظمات غير الحكومية وذلك بشكل مباشر من السفارة الأمريكية بالقاهرة ، وهو ما يتعارض مع القوانين السارية ؛ وثانياً تقديم التزام خطي واضح تتعهد فيه الحكومة المصرية بتنفيذ جدول زمني محدد لخصخصة بنوك القطاع العام ، وهو ما لم ترفضه الحكومة المصرية من حيث المبدأ ، ولكنها رفضته لصعوبات إجرائية . كما ذكرت " الأهرام " في عدد 9 أغسطس 2004 ( مقال د. محمد قدري سعيد ) أن أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي قدم مشروعاً لتحويل المعونات العسكرية الأمريكية لمصر إلي مساعدات اقتصادية ، بدعوي أن آخر شيء يمكن أن تحتاجه مصر في هذه الأيام هو الأسلحة المتقدمة تكنولوجيا . وقد أيد مشروعه عدد من أعضاء الكونجرس الموالين لإسرائيل . ومن قبل ذلك كان أعضاء في مجلس النواب الأمريكي قد طالبوا بخفض المعونات العسكرية لمصر . ولكن مستشارة الرئيس الأمريكي للأمن القومي كونداليزا رايس ووزير الخارجية الأمريكي كولن باول عارضا هذا الاقتراح مؤكدين أن مصداقية العلاقة مع مصر ومع المؤسسة العسكرية المصرية تحتم استمرار هذه المعونات ، وأن مصالح أمريكا في المنطقة تتجاوز حماية إسرائيل ، وأن مصر تقوم بأدوار مهمة للسياسة الخارجية الأمريكية لا تقدر إسرائيل علي القيام بها . وتثير هذه المعلومات ، وما سبقها من أخبار حديثة عن مطالبات في الكونجرس بوقف المعونة الأمريكية لمصر تساؤلات مهمة حول هذه المعونة وآثارها وإمكانية الاستغناء عنها من جانب مصر . وهذا هو ما سنتناوله بالتفصيل فيما بعد . ونلخص ما توصلنا إليه من نتائج في التالي : للمعونات الأمريكية لمصر منافع وأضرار . ولكن أضرار هذه المعونات أكبر من منافعها . وامتناع مصر عن تلقي هذه المعونات أكرم وأشرف من الوقوع تحت التهديد المستمر بقطعها من الجانب الأمريكي . وتوقف تلقي المعونة بقرار مصري ثمن زهيد لاستعادة الكرامة المجروحة واستكمال الاستقلال المنقوص . وعلي كل حال ليست المعونات الأمريكية لمصر ـ خاصة المعونات الاقتصادية ـ مما يصعب علي مصر الاستغناء عنه . كما أن اعتبارات صيانة الكرامة الوطنية تجعل من الواجب علي مصر رفض هذه المعونات خاصة في الظروف الحالية التي تعربد فيها أمريكا في المنطقة العربية ، وتحتل أرضنا العربية في العراق ، وتهدد بالتدخل العسكري في السودان وغيرها من البلدان العربية ، والتي تدعم فيها أمريكا الاستعمار الإسرائيلي للأرض العربية والإرهاب الصهيوني في فلسطين . ونفصل ما أجملناه في هذا الاستنتاج علي النحو التالي : حقائق حول المعونة الأمريكية لمصر حجم المعونات الأمريكية طبقاً للمصادر الأمريكية(1) ، بلغت المعونات الأمريكية المقدمة إلي مصر علي امتداد 27 عاماً من 1975 حتي 2002 نحو 54.4 مليار دولار ، وذلك بمتوسط سنوي حوالي 2 مليار دولار . وتقدر المعونات الاقتصادية بنحو 25.6 مليار دولار، بينما بلغت المعونات العسكرية حوالي 28.8 مليار دولار . وهذه التقديرات جميعاً بالأسعار الجارية ، بمعني أنها لا تستبعد أثر ارتفاع الأسعار وصولاً إلي القدرة الشرائية الحقيقية لهذه المعونات . وتعتبر مصر ثاني أكبر دولة متلقية للمعونة الأمريكية ، بعد إسرائيل . ومن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم معوناتها لكل من إسرائيل ومصر في ضوء قاعدة 3 ( لإسرائيل ) مقابل 2 ( لمصر ) . هذا عن المعونات الرسمية ، أما إذا أخذنا في الاعتبار ما يقدم لإسرائيل من معونات غير رسمية أي هبات ومنح تقدمها الأفراد والشركات والمنظمات الأمريكية ، فإن الميزان سوف يميل بصورة أوضح وأقوي لصالح إسرائيل . توزيع المعونات الاقتصادية وقد توزعت المعونات الاقتصادية التي بلغ مجموعها 24.3 مليار دولار خلال الربع الأخير من القرن العشرين ( 1975 ـ 2000 ) علي القطاعات أو البنود المختلفة علي النحو التالي : ( أ ) 6.7 مليار دولار للواردات السلعية بنسبة 27.6% من الإجمالي . ويمثل هذا البند برنامج الاستيراد السلعي الذي كان مخصصا في البداية لتمكين مشروعات القطاع العام من استيراد المعدات والمستلزمات الإنتاجية ، ولكنه أصبح منذ فترة مخصصاً لتمويل الواردات التي تحتاج إليها مشروعات القطاع الخاص. (ب) 5.9 مليار دولار لمشروعات البنية الأساسية شاملة مياه الري والصرف الصحي، والصحة العامة ، والطاقة الكهربائية ، والاتصالات والنقل ، وذلك بنسبة 24.3% من الإجمالي. (جـ) 4.5 مليار دولار للخدمات الأساسية كالصحة وتنظيم الأسرة والتعليم والزراعة والبيئة . وتبلغ نسبة هذا البند 18.5% من الإجمالي . ( د ) 3.9 مليار دولار للمعونات الغذائية ( خلال الفترة 1975 ـ 1990 ) بنسبة 16% من الإجمالي. ( هـ ) 3,3 مليار دولار تحويلات نقدية ومعونات فنية في مجال إصلاح السياسات والتكيف الهيكلي كالتدريب وتقديم الاستشارات وما إلي ذلك ، وذلك بنسبة 13.5% من الإجمالي . ومن المهم إدراك أن ثمة اتجاهاً واضحاً منذ أوائل التسعينيات لتقليص المعونات الحكومية المقدمة من الدول الصناعية المتقدمة إلي الدول النامية ، وللتحول من المعونات الرسمية للتنمية ، إلي التجارة والاستثمار . وقد بدأت أمريكا في تطبيق هذا التوجه علي مصر منذ يناير 1998 ، حيث تقرر تخفيض المعونات الاقتصادية اعتباراً من عام 1999 بنسبة 5% تقريبا في كل سنة ، أو بنحو 40 مليون دولار في كل سنة بحيث تنخفض المعونات الاقتصادية إلي النصف تقريباً بحلول عام 2009 ( من 815 مليون دولار في 1998 إلي 407.5 مليون دولار في عام 2009). بناء علي هذا التوجه ، انخفضت المعونات الاقتصادية الأمريكية التي تقدم سنوياً لمصر من 815 مليون دولار في 1998 إلي 775 مليون دولار في 1999 ، ثم إلي 727 مليون دولار في 2000 ، ثم إلي 695 مليون دولار في 2001 ، ثم إلي 655 مليون دولار في 2002 ، ثم إلي 615 مليون دولار في 2003 . بينما استمرت المعونات العسكرية ثابتة عند مستوي 1.3 مليار دولار سنوياً ، وإن كانت هناك اقتراحات متواترة بتخفيضها أو تحويلها إلي معونات اقتصادية ، كما سبق ذكره . ومن الجدير بالذكر أن المفاوضات التي جرت في يناير 1998 بين إسرائيل وأمريكا حول المعونات ، كانت تتجه إلي تخفيض المعونات الاقتصادية لإسرائيل ، مع زيادة المعونات العسكرية الممنوحة لها علي امتداد عشر سنوات حتي 2003 . لاحظ الربط بين المعونات المقدمة إلي مصر والمعونات المقدمة لإسرائيل وذلك علي نحو يحقق هدفين : أـ الوفاء بشكل أكبر باحتياجات إسرائيل من خلال قاعدة 3 : 2 التي سبقت الإشارة إليها ، وهو ما يجعل نصيب الفرد من المعونة الأمريكية في إسرائيل أضعاف نصيب الفرد من هذه المعونة في مصر . ب ـ ضمان التفوق الإسرائيلي ـ عسكريا واقتصاديا ، بما يحقق أمن إسرائيل . منافع المعونة الأمريكية وأضرارها هل للمعونات الاقتصادية الأمريكية منافع لمصر ؟ بالقطع فإن لهذه المعونات منافع لا يمكن إنكارها ، وذلك بغض النظر عما إذا كانت هذه المنافع تتناسب والحجم الضخم من الأموال التي تخصصها أمريكا لهذه المعونات في مصر ، وبغض النظر عن مدي استفادة أمريكا ذاتها من هذه المعونات . وهذه المنافع واضحة من خلال النظر إلي القطاعات المختلفة التي ذهبت إليها المعونات . فقد أقيمت بهذه المعونات مدارس ومستشفيات ، واستخدم جانب منها في تطوير مرافق المياه والصرف الصحي والاتصالات والمواني ، وانفق جانب منها علي البحوث الزراعية لزيادة إنتاجية المحاصيل المختلفة ، وخصصت أجزاء من المعونات لمكافحة تلوث البيئة وتوفير الطاقة ، وللبحوث والتدريب وذهبت بعض أموال المعونة لدعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر بالقروض ، ولتوفير معدات ومستلزمات الإنتاج لمشروعات القطاع العام في أول الأمر ، ثم لمشروعات القطاع الخاص وحدها بعد ذلك ، وذلك من خلال برنامج الاستيراد السلعي الذي يستنفد نحو ربع المبالغ المخصصة للمعونة الأمريكية في مصر . وطبقاً لما هو متاح من معلومات ، فإنه حتي عام 2000 ، قامت أكثر من 1400 شركة قطاع خاص في مصر باستيراد معدات ومستلزمات إنتاج من أكثر من 1800 شركة أمريكية باستخدام التمويل المتاح من خلال برنامج الاستيراد السلعي . هل للمعونات الاقتصادية الأمريكية أضرار يمكن أن تلحق بمصر ؟ للإجابة عن هذا السؤال ، علينا أن ننظر في توقيت المعونات ، وفي الأسباب التي تدفع أمريكا إلي تقديم هذه المعونات ، ومن ثم في الأهداف التي تسعي أمريكا لتحقيقها من خلال هذه المعونات . متي بدأت المعونات الأمريكية في التدفق بغزارة علي مصر ؟ طبقاً للمصادر الأمريكية كانت مصر تحصل علي معونات أمريكية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية ، أي منذ 1946 . وخلال الفترة من 1946 إلي 1967 حصلت مصر علي ما قيمته 8951 مليون دولار معونات أمريكية ، وذلك بمتوسط سنوي 640 مليون دولار . لاحظ أنه خلال الفترة 1946 ـ 1967 ( 21 سنة ) لم تحصل مصر علي معونات أمريكية في سبع سنوات وهي 1947 و1949 و1950 و1968 ـ 1971 . وكانت معظم هذه المعونات تأخذ شكل معونات غذائية من فائض المحاصيل الزراعية الأمريكية طبقاً للقانون العام الأمريكي رقم 480 ، إلي جانب بعض القروض الميسرة للتنمية . واستؤنفت المعونات الأمريكية لمصر في 1972، ولكن مبالغها كانت ضئيلة للغاية في السنوات الثلاث الأولي (1972 ـ 1974)، حيث إن المتوسط السنوي للمعونات الأمريكية لمصر كان في حدود 7.9 مليون دولار خلال تلك الفترة . وكما كان الوضع في الخمسينيات والستينيات ، اتخذت المعونة شكل معونات غذائية من فائض الحاصلات الزراعية وقروض تنمية ومنحًا اقتصادية . ولم تبدأ المعونات في التدفق بغزارة إلا اعتباراً من عام 1975 ، كما اتسع نطاق المعونات لتشمل معونات عسكرية إلي جانب المعونات الاقتصادية اعتبارا من عام 1979(2). وقد تحولت المعونات منذ تلك السنة إلي هبات لا ترد، كما تنوعت أصنافها، واشتملت مؤخراً علي معونة في شكل نقدي سائل وإن كان مقدارها محدوداً للغاية، علي خلاف الحال مع إسرائيل. وفي السنوات الأخيرة، بدأت تظهر قطاعات أو مجالات جديدة للمعونة، ألا وهي: محتوي التعليم، الديمقراطية، والحكم أو الحوكمة. كما برز هدف توسيع دور القطاع الخاص من خلال برنامج الاستيراد السلعي ومن خلال دعم برنامج الخصخصة. ما مغزي هذه السنوات : 1972، 1975، 1977 ـ 1979؟ المغزي أن المعونات عادت إلي التدفق في أعقاب تطورات سياسية واقتصادية مرغوب فيها من جانب الولايات المتحد ، وذلك علي النحو التالي: 1972: أي عقب تولي الرئيس السادات الحكم في سبتمبر 1970 وعقب طرد الخبراء العسكريين السوفييت، واضطراب علاقة مصر مع الاتحاد السوفييتي، وعقب بروز الاتجاهات الليبرالية للسياسة الاقتصادية الجديدة. 1975: أي عقب حرب أكتوبر 1973 ، وظهور نوايا السادات نحو عقد سلام مع إسرائيل ، وعقب الدخول في مفاوضات ما أطلق عليه «فك الاشتباك» مع إسرائيل، وعقب صدور ورقة أكتوبر 1974 التي قدمت الإطار الفكري لسياسة الانفتاح الاقتصادي ، ثم عقب صدور القانون 43 لسنة 1974 الذي قدم البنية التشريعية المناسبة لهذه السياسة. 1977 ـ 1979: أي عقب زيارة السادات للقدس في 1977، وعقب توقيع اتفاقات كامب ديفيد في 1978، وعقب توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979، وذلك فضلاً عن تأكد جدية نظام الحكم في مصر في اتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي وتقوية العلاقات مع دول الغرب الرأسمالي . إذن جاءت المعونات الأمريكية في السبعينيات مكافأة لمصر الرسمية علي حسن سيرها وسلوكها اقتصادياً وسياسياً من المنظور الأمريكي . واستمرت المعونات الأمريكية لمصر في الثمانينيات والتسعينيات لتأكيد وضمان استمرار سيرها وسلوكها الحسن في المنظور الأمريكي ، ولدفعها قدماً علي طريق السلام وتنشيط التطبيع مع إسرائيل من جهة أولي ، وعلي طريق حث الأطراف العربية الأخري أن تحذو حذوها وتنهي حالة الصراع أو الحرب مع إسرائيل من جهة ثانية ، وعلي طريق التحول إلي اقتصاد السوق والاندماج في النظام الرأسمالي العالمي من جهة ثالثة ( برامج الإصلاح الاقتصادي بمواصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ 1991 ) من جهة ثالثة . وثمة سؤال مهم يتعين طرحه والإجابة عنه : لماذا تؤيد غالبية أعضاء الكونجرس الأمريكي تقديم معونات اقتصادية وعسكرية ضخمة لمصر؟ الأسباب لا تحتاج إلي تخمين من جانبنا ، وسوف نأخذها من وثيقة أمريكية حول المعونة الأمريكية ، وهي(3) : أ ـ ضمان أمن إسرائيل : إذ يعتقد بعض أعضاء الكونجرس أن المعونات التي تقدمها أمريكا لمصر تضمن استمرار تمسك مصر بمعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية الموقعة عام 1979 ، وهذا أمر ضروري لضمان أمن إسرائيل . ب ـ استقرار منطقة الشرق الأوسط : هناك أعضاء في الكونجرس يرون أن المعونات الأمريكية لمصر ، وحسن العلاقة بين أمريكا ومصر بوجه عام ، يساعدان علي توسيع نفوذ أمريكا وتعميقه لدي مصر ، ومن خلال مصر ، لدي أصدقاء مصر من الدول العربية والإسلامية والأفريقية المعتدلة . وهو ما يساعد في رأيهم علي تحقيق الاستقرار في إقليم الشرق الأوسط . وهذا بالطبع شيء جيد ومطلوب لتأمين بيئة مناسبة للتجارة والاستثمار من جانب أمريكا في هذا الإقليم . جـ - النفط والقواعد العسكرية: وهناك آخرون في الكونجرس ممن يعتقدون أن المعونة التي تقدمها أمريكا لمصر هي المفتاح لاستمرار وصول أمريكا إلي الاحتياطيات الضخمة لإقليم الشرق الأوسط من النفط، ولتأمين استخدامها للقواعد العسكرية في هذا الإقليم. ويمكن أيضاً أن نفهم دوافع أمريكا لتقديم المعونات لمصر عن طريق تأمل حجج أعضاء الكونجرس الداعين لوقف المعونات إلي مصر . فهم يؤسسون معارضتهم منح معونات أمريكية لمصر علي أن مصر فشلت في إقامة علاقات اقتصادية وسياسية وثقافية نشطة مع إسرائيل . ومما يذكر في هذا الشأن أن لجنة التخصيصات في مجلس الشيوخ الأمريكي أوصت في يونيو 1997 بوقف تقديم المعونة المقررة لمصر ، لأن مصر ـ في نظر هذه اللجنة ـ كانت تعرقل عملية السلام ، ولأنها حسنت علاقتها مع ليبيا التي تشجع الإرهاب وتدعم الإرهابيين في رأيهم . لكن مجلس الشيوخ لم يأخذ بتوصية اللجنة ، ووافق علي الإفراج عن مبالغ المعونة المخصصة لمصر . وفي مارس 2001 ذكرت تقارير صحفية أن بعض أعضاء الكونجرس بصدد تقديم مشروع قانون لوقف المعونات العسكرية لمصر ، وذلك بسبب قيام مصر باستدعاء سفيرها في إسرائيل، احتجاجاً علي المعاملة الإسرائيلية السيئة للفلسطينيين . كذلك من المهم لفهم دوافع أمريكا في منح معونات لمصر أن ننظر في مطالبات المنظمات الصهيونية في أمريكا بوقف هذا المعونات . فقد وزعت هذه المنظمات في أواخر مارس 2001 تقريراً يطالب بوقف كل أنواع المساعدات الأمريكية لمصر ، وذلك بدعوي أنها تقيم علاقات مع دول معادية لأمريكا مثل: ليبيا والعراق وإيران وغيرها ، وبدعوي أنها تضطهد الأقباط في مصر ، وأنها تحمي الإرهابيين الفلسطينيين . يمكن إذن تحديد الدوافع والأغراض الأمريكية من تقديم المعونات إلي مصر علي النحو التالي : (1) الولايات المتحدة هي أكبر دولة رأسمالية في العالم وهي زعيمة النظام الرأسمالي العالمي وحامية حماه . وهي تعمل باستمرار علي توسيع رقعة هذا النظام علي الكرة الأرضية ، وتسعي لتحويل دول العالم جميعاً إلي اقتصاد سوق حر وإلي إدماجها جميعاً في النظام الرأسمالي العالمي واحتوائها في ظاهرة العولمة . ومن ثم فإن الولايات المتحدة تسعي دائماً للتأثير علي السياسات الاقتصادية للدول المختلفة في الاتجاه الرأسمالي . وهذا بلا شك هدف من أهداف المعونة الأمريكية لمصر ولغيرها من الدول النامية . فالمعونات تستخدم كأداة مباشرة لتنمية الطبقة الرأسمالية من خلال ما يخصص في برامجها لدعم القطاع الخاص ولدعم برامج الخصخصة ، ودعم سياسات الإصلاح الاقتصادي الليبرالي ، أي تعزيز برامج إعادة الهيكلة الرأسمالية لبلادنا. والمعونات تستخدم كأداة للإغراء أو للضغط بالتحول إلي اقتصاد السوق وبتحرير التجارة وتحرير حركات رؤوس الأموال ، وذلك فضلاً عن ممارسة أمريكا لهذا الدور بالتعاون مع المؤسسات الدولية الخاضعة لدرجة كبيرة إلي النفوذ الأمريكي ، وبخاصة الثلاثي الشهير : صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية . وتسخر المعونات لخدمة أغراض تعزيز التوجهات الرأسمالية في بلادنا ، وتذويبها في النظام الرأسمالي العالمي من خلال تخصيص جانب من المعونة لدعم مؤسسات علمية وغير علمية تروج للسياسات الرأسمالية وتعمق العلاقات المصرية ـ الأمريكية مثل المركز المصري للدراسات الاقتصادية ومنتدي البحوث الاقتصادية للدول العربية وإيران وتركيا ( والذي كان يراد إدماج إسرائيل فيه عند إنشائه ) وغرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة وغيرها من المؤسسات التي تعتمد بشكل قوي علي التمويل الأمريكي والدعم الفني من المؤسسات المالية الدولية الخاضعة للسيطرة الأمريكية . ولا يخفي الدور الثقافي لمثل هذه المراكز وغيرها ، وأثره في تعميق التبعية الثقافية لأمريكا . (2) الولايات المتحدة صاحبة مصلحة مباشرة في فتح اقتصادات العالم أمام المنتجات والاستثمارات الأمريكية . والمعونات الأمريكية الاقتصادية هي أدوات ترويج وتسويق للبضائع الأمريكية ولفتح الأبواب دون ضوابط أمام الشركات الأمريكية للبيع والاستثمار في مصر التي تعتبر سوقاً كبيراً وواعداً ، فضلاً عن أنها بوابة مهمة للنفاذ الأمريكي إلي دول كثيرة في المنطقة العربية وأفريقيا . إن المعونات في الواقع هي تسهيلات لاستيراد سلع وخدمات أمريكية ، وهي بمثابة مصروفات إعلان وتسويق وعلاقات عامة لخدمة مصالح الشركات الأمريكية وتوسيع مجال عملها في مصر والشرق الأوسط كله . وفي هذا الصدد تذكر دراسة أمريكية حديثة(4) أن تقريراً لوكالة التنمية الدولية الأمريكية ـ أي هيئة المعونة الأمريكية ـ في أواخر التسعينيات قد طمأن الكونجرس الأمريكي بشأن الفائدة الاقتصادية المباشرة التي تعود علي الاقتصاد الأمريكي من المعونات بالإشارة إلي أن نحو 80% من أموال المعونات الأمريكية يعود إلي أمريكا لشراء سلع وخدمات أمريكية . وقد اعتبرت الدراسة أن أمريكا هي الأسوأ من بين 21 دولة غنية من حيث المردود التنموي للمعونات الاقتصادية التي تقدمها لدول العالم الثالث . ذلك أن هذه المعونات مشروطة في الغالب الأعم بإنفاقها علي شراء سلع وخدمات أمريكية . ويمكن أن نضيف أيضاً أن الترتيب المتدني لأمريكا في مسألة المعونات يرجع إلي تركزها في عدد محدود من الدول من جهة ، مع ارتباط هذا التركز بشكل سافر بتوظيف المعونات في خدمة أغراض السياسة الخارجية الأمريكية من جهة أخري. وهذا واضح في ضخامة ما يقدم من معونات إلي مصر وإسرائيل ، وما يتوخي تحقيقه من خلال تقديم هذه المعونة من أهداف متعلقة بالحفاظ علي أمن إسرائيل واستمرار تفوقها علي العرب . (3) تستخدم المعونات في تحقيق أغراض السياسة الأمريكية الخارجية ، لاسيما في تأمين تدفق النفط من الشرق الأوسط إلي الولايات المتحدة ، وتوفير الأمن للحليف الأساسي لأمريكا في المنطقة وهو إسرائيل ، وضمان انحياز الدول الأخري للمواقف والسياسات الأمريكية أو علي الأقل عدم معارضتها ، والتزام الصمت حيالها ، وتقديم الدعم العسكري اللازم لتنفيذ مخططات أمريكا في المنطقة ، بل وفي مناطق أخري من العالم . أي أن المعونات الأمريكية تستخدم لضمان تبعية الدول المتلقية لها للولايات المتحدة ، وللمساهمة في تنفيذ مخططات أمريكا بالنسبة للعالم وإعادة رسم خريطة مناطق مهمة فيه مثل منطقتنا العربية .
إن الشواهد كثيرة علي أن المعونات الأمريكية ، بشقيها الاقتصادي والعسكري ، هي في حقيقتها رشوة للدول المتلقية للمعونات علي الأقل من أجل عدم اتخاذ إجراءات عملية جادة ، سياسية أو عسكرية ، ضد مصالح الولايات المتحدة ، وفي الغالب من أجل تأييد المواقف الأمريكية أو عدم معارضتها معارضة قوية في الأمم المتحدة وخارجها ، والاكتفاء بالتحفظات الكلامية التي لا تقدم ولا تؤخر علي هذه المواقف . فهذا ما برز بشكل جلي أثناء الاستعداد لشن الحرب الأمريكية علي العراق . فقد اكتفت السلطات المصرية بحث العراق علي الامتثال لقرارات مجلس الأمن بشأن التفتيش علي أسلحة الدمار الشامل . وكان موقف الحكومة المصرية مخزياً بالنسبة لمواقف دول مثل فرنسا وألمانيا اللتين عارضتا مبدأ شن الحرب ودأبتا علي تفنيد مزاعم أمريكا بشأن أسباب شن هذه الحرب . كما أن مصر لم تربط بين مطلب أمريكا نزع أسلحة الدمار الشامل من العراق وبين ضرورة التطبيق المتزامن للمبدأ ذاته علي إسرائيل ـ المعروف بيقين امتلاكها للسلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل . وحتي في مجال التعبير عن عدم موافقة مصر علي شن حرب علي العراق جاءت البيانات الرسمية المصرية سواء من الحكومة أم من مجلس الشعب باهتة ، وغير صريحة في تسمية الأشياء بأسمائها . فاكتفت هذه البيانات بالحديث عن " الحرب علي العراق " دون أن تنسب هذه الحرب لمن يريد أو لمن قام بشنها ، ودون أن تعتبر هذه الحرب عدواناً علي العراق وعلي الشرعية الدولية ( في هذه الحالة مجلس الأمن الذي امتنع عن التصريح لأمريكا بشن هذه الحرب ) . بل إن العدوان عندما وقع راحت مصر الرسمية تلوم النظام العراقي علي وقوعه بسبب عدم تعاونه الكافي مع المفتشين أو بسبب عدم قبول الرئيس العراقي التنحي ، وذلك بالرغم من إعلان أمريكا أن الحرب قادمة قادمة حتي إذا قرر الرئيس العراقي ترك الحكم . وبعدما وقعت الحرب العدوانية ، راحت البيانات المصرية تطالب باستقلال العراق أو إنهاء الاحتلال دون أن تصف هذا الاحتلال وتنسبه إلي أمريكا . ولم يكد يمر شهر واحد علي سقوط العراق في أيدي القوات الأمريكية والبريطانية ،حتي بادرت مصر الرسمية باستقبال الرئيس الأمريكي ورئيس دولتين عربيتين من الدول التي قدمت لأمريكا مساعدات ثمينة في عدوانها علي العراق استقبال الأحباء والأصدقاء في شرم الشيخ ! . الأدهي من ذلك هو مساندة مصر لهذه الحرب . فقد أعلنت مصر الرسمية أنها لن تمنع السفن الحربية المتجهة لضرب العراق من المرور في قناة السويس ، بدعوي أن اتفاقية القسطنطينية لا تجيز ذلك . ولم تعتبر مصر نفسها في حالة حرب مع أمريكا عندما شرعت في شن الحرب علي العراق ، وذلك بدعوي أن اتفاقية الدفاع العربي المشترك لا تنطبق علي هذا الوضع ، وأنه من المهم تقوية التعاون الاقتصادي العربي ، لاسيما بناء السوق العربية المشتركة ، قبل الحديث عن الأمن العربي !! . وأشارت تقارير متعددة إلي تقديم مصر لتسهيلات متعددة وإلي استخدام أمريكا لقواعد لها في المنطقة أثناء الاستعداد لشن الحرب علي العراق وخلال فترة الحرب: 1 ـ لقد أعلن البنتاجون وكذلك محطتا تليفزيون سي إن إن وفوكس الأمريكيتان أن الحكومة المصرية قدمت تسهيلات للأمريكيين . 2 ـ وذكرت قناة فوكس أن مصر زودت الكويت بمساعدات لاستخدامها في الحرب0 3 ـ وذكرت سي إن إن وفوكس أن مصر قدمت إمدادات لوجستية مادية ومواد غذائية0 4 ـ ونشرت مجلة نيوزويك الأمريكية في عددها الصادر في 3 فبراير 2003 خريطة توضح قواعد أمريكا في الشرق الأوسط ، ومن بينها قواعد في البحر الأحمر ، كما ذكرت مجلة تايم الأمريكية في عددها الصادر في 27 يناير 2003 جدولاً بالقواعد الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط . ونشرت مجلة نيوزويك في طبعتها العربية بتاريخ أول أبريل 2003 خريطة للحرب توضح وجود قواعد أمريكية في البحر الأحمر. ثم أن المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة تكريس لمفهوم " التحالف الدولي " الذي بلورته أمريكا واستخدمته في عملية عاصفة الصحراء ( حرب تحرير الكويت) في فبراير 1991 ، ثم بعد ذلك ـ وإن كان علي نحو أكثر محدودية ـ في غزو العراق في مارس 2003 . ومن المعروف أن الغرض من مثل هذه التحالفات الدولية هو تفادي المشاعر السيئة التي ترتبط بانفراد أمريكا بممارسة دور رجل الشرطة العالمي . ومن الجلي أن أمريكا تريد تجهيز مصر للقيام بمهام لا تريد أمريكا المخاطرة بحياة جنودها فيها ، مثل عمليات حفظ السلام في الصومال ويوغوسلافيا . والمعونات إحدي وسائل الضغط علي مصر من أجل تنفيذ مثل هذه المهام الخطرة. ونشير في هذا الصدد إلي ما ذكره الدكتور بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأسبق لمصر في كتابه " 5 سنوات في بيت من زجاج ". فقد ذكر أن مادلين أولبرايت قد جاءته في 26 أغسطس 1993 ( وكان حينذاك الأمين العام للأمم المتحدة ، وكانت هي مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة ) طالبة تكوين مجموعة من " أصدقاء الأمين العام " للتشاور في مشكلة الصومال حتي لا تبدو أمريكا منغمسة أكثر مما ينبغي في هذه المشكلة . وهو ما لم يكن الكونجرس يرحب به . واستجاب لطلبها . وعندئذ أكدت أولبرايت أهمية أن ترسل مصر قوات تنضم إلي بعثة الأمم المتحدة الثانية ( قوات حفظ السلام ) في الصومال . ولما ذكر لها د . غالي أن مصر كانت ترغب في إرسال ستمائة من جنودها وضباطها للمشاركة في حفظ السلام في الصومال ، ولكنها لم تتلق تكاليف مساهماتها السابقة في عمليات أخري للأمم المتحدة ، ردت أولبرايت " بتهديد لم تحرص علي إخفائه ( علي حد وصف د . غالي ) قائلة : إن الولايات المتحدة تدفع لمصر مليارات من الدولارات مساعدة في كل سنة " . وأردفت موضحة أن امتناع مصر عن المشاركة في قوة حفظ السلام في الصومال " يمكن أن يسبب مشكلة كبيرة لمصر " ، أي وقف أو خفض المعونات فيما أظن وفيما اعتقد أنه قد تبادر إلي ذهن د . غالي . ولكن هل تضع مصر في حسابها المعونات الأمريكية عندما تتعامل مع أمريكا ، وهل تؤثر علي مواقفها ؟ نقتبس هنا مرة أخري من كتاب د . بطرس غالي . ففي محاولة تمكين د . بطرس غالي من الحصول علي مدة ثانية كأمين عام للأمم المتحدة ، وهو ما كانت أمريكا تعارضه بقوة ، يذكر د . بطرس: « أنه في ذلك الحين كان الرئيس الفرنسي شيراك قد أجري عدة اتصالات هاتفية مع ( الرئيس الأمريكي ) كلينتون حول قضيتي . لقد كانت فرنسا ، وليس مصر ، هي التي تتخذ زمام المبادرة في الدفاع عني ، وذلك بسبب خشية مصر أن لأية محاولة مباشرة منها تأثيرًا معاكسًا علي العلاقات الأمريكية مع مصر التي تحصل علي ثلاثة مليارات دولار أمريكي كمعونة أمريكية سنوياً . وكان هذا الخوف يشغلني دائماً ؛ فقد كان من المهم أن تظل مصر بعيدة عن الأضواء ، وأن تترك لشيراك ومانديلا إثارة قضيتي مع إدارة كلينتون » . ( لاحظ أن رقم ثلاثة مليارات دولار غير دقيق ) . أضرار مؤكدة والآن ، لعل الأضرار التي تقع علي مصر من جراء استخدام المعونة الأمريكية في خدمة أغراض الولايات المتحدة قد أصبحت واضحة من العرض السابق ، ونوجزها فيما يلي : (1) تقترن المعونات الأمريكية بشروط سياسية وعسكرية واقتصادية تشكل قيداً علي حرية القرار المصري واستقلاليته بوجه عام ، وتمارس تأثيراً سلبيا علي توجهات السياسة الاقتصادية المصرية بوجه خاص ، حيث إن السياسات الاقتصادية الليبرالية التي تحرص أمريكا علي نشرها في العالم لا تساعد علي تحقيق التنمية المنشودة لمصر ، بل إنها تكرس التخلف والتبعية. ويمكن أن نشير في هذا الصدد إلي أن سياسات وممارسات أمريكا تجاه الدول النامية وتجاه التنمية بشكل عام غير مواتية للتنمية . فحسب دراسة " ترتيب الأغنياء " التي أشرنا إليها من قبل، تم ترتيب أهم 21 من الدول الصناعية المتقدمة حسب أدائها ( الالتزام بالتنمية ) في ستة مجالات أساسية للتنمية ، وهي مجالات المعونات والتجارة والاستثمار والهجرة والبيئة والمشاركة في عمليات حفظ السلام . واتضح أن الأداء الأمريكي في معظم هذه المجالات ضعيف أو متوسط ( باستثناء مجال التجارة ) ، وأن متوسط الدرجات التي حصلت عليها أمريكا في هذا التقييم هو2,6 درجة من عشر درجات ، أي " ضعيف جداً " . أما عن ترتيب أمريكا طبقاً لمؤشر " الالتزام بالتنمية " ، فهو قبل الأخير ، أي الدولة رقم 20 من إجمالي 21 دولة خضعت للدراسة . من الواضح إذن التزام أمريكا بالتنمية ليس في المستوي الذي يشجع علي توثيق العلاقات معها ، لا سيما من خلال ما أعلن عنه في العام الماضي من نوايا أمريكية لإقامة منطقة للتجارة الحرة بين مصر والولايات المتحدة ، في إطار إقامة منطقة للتجارة الحرة بين دول الشرق الأوسط ( أي الدول العربية وإسرائيل ) . ويبدو أن هذا الموضوع قد تأجل لاعتبارات خاصة بالانتخابات الأمريكية ، وذلك حسبما نشرت " المصور " في6/8/2004 . (2) ولهذه المعونات ثمن سياسي وعسكري وثقافي باهظ . فهي تفتح الباب أمام التدخلات الأمريكية في رسم السياسات الداخلية لمصر . فمن ضمن المجالات المعلنة للمعونة الأمريكية الآن إصلاح التعليم والديمقراطية والحكم . وهي تكرس التبعية للمواقف الأمريكية تجاه مختلف المشكلات العالمية ، وتكرس الخضوع لمخططاتها في المنطقة العربية أو الشرق أوسطية ، وتسخر الإمكانات العسكرية لمصر في خدمة أغراض أمريكا في تنفيذ مخططاتها للهيمنة علي العالم . وهذه المعونات تجعل من مصر سمساراً أو وكيلاً للحكومة الأمريكية في المنطقة العربية وتساعدها في تمرير ما تراه من سياسات وحلول ، وذلك علي حساب الدور القيادي والريادي المفترض لمصر بحكم وزنها التاريخي وثقلها الحضاري . وفضلاً عن ذلك فقد مثلت المعونة الأمريكية المكافأة لمصر علي إبرام معاهدة السلام مع إسرائيل وعلي احترامها الشديد لهذه المعاهدة ، وعلي تفاديها اتخاذ أي إجراء من تلك الإجراءات التي تطالب بها القوي الوطنية مثل قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل ، وذلك بالرغم من التصرفات البربرية التي ترتكبها سلطة الاحتلال الإسرائيلية في فلسطين ، وبالرغم من استمرار الانحياز الأمريكي الأعمي للمواقف الإسرائيلية . بل إن العلاقة المصرية - الأمريكية التي تعمل المعونات علي صياغتها لخدمة المصالح الأمريكية تورط مصر في مواقف أو سياسات قد لا تتمشي مع الصالح المصري أو الصالح القومي العربي ، وتقحمها في صراعات هي في غني عنها أصلاً ، مثل الصراع الأوروبي ـ الأمريكي حول المنتجات المعدلة وراثياً . فليس من المعروف أن مصر قد أحرزت تقدماً كبيراً في مجال الهندسة الوراثية أو التكنولوجيا الحيوية . وليس من المعروف أن إنتاج منتجات معدلة وراثياً يشكل نسبة يعتد بها في الإنتاج أو الصادرات المصرية ، مثل دول أخري كالأرجنتين أو كندا أو الولايات المتحدة . كما أنه من المعروف أن لمصر مصالح تجارية وعلاقات مهمة مع الاتحاد الأوروبي ينبغي أن تحرص عليها ، مثلما تحرص علي حماية مصالحها التجارية مع الولايات المتحدة . ومع ذلك عندما طلبت الولايات المتحدة من مصر في العام الماضي ( 2003 ) أن تؤيد شكواها إلي منظمة التجارة العالمية ضد الاتحاد الأوروبي في شأن الحظر الذي يفرضه الاتحاد علي الأغذية والمحاصيل المعدلة وراثياً ـ وهو حظر مؤقت لحين اتضاح حقيقة الآثار الصحية والبيئية لهذه المنتجات ـ رضخت مصر للطلب الأمريكي ، وكانت ضمن أول ثلاث دول تؤيد الشكوي الأمريكية ( إلي جانب كندا والأرجنتين ) . (3) المعونات الأمريكية لمصر هي معونات من دولة لم يعد من الجائز بعد ظهور نواياها العدوانية وأطماعها الإمبريالية ، وخاصة بعد غزوها واحتلالها للعراق أن توصف من المنظور المصري والعربي بغير صفة العدو الأصلي والشريك المتضامن مع العدو المحلي ـ إسرائيل . ومن السذاجة السياسية أن تستمر السياسات الرسمية في الحديث عن أمريكا علي أنها صديقة لمصر . واستمرار مصر في قبول معونات من العدو يعد امتهانا للكرامة الوطنية وتفريطاً في السيادة الوطنية لا مبرر له علي الإطلاق . فهل يمكن أن تتصور أن عدوك يريد مساعدتك علي تحقيق أهدافك الوطنية ويتمني لك التقدم والازدهار ؟! . إن أمريكا تعلم أن لمصر وضعاً قيادياً مهماً في الوطن العربي . وأمريكا تسعي للاستفادة من وضع مصر هذا في تنفيذ سياساتها ومخططاتها في المنطقة العربية والشرق الأوسط . وطبقاً لما جاء في دراسة أمريكية سبق الإشارة إليها فإن أمريكا تنظر إلي الرئيس مبارك كوسيط (broker) ومستشار (advisor) ورسول ( messenger ) وحكم ( arbitrator ) في محادثات السلام بين إسرائيل والأطراف العربية. أي أن أمريكا توظف مصر الرسمية لتمرير سياساتها ومخططاتها في المنطقة بوجه عام ، ولتنفيذ رؤيتها الخاصة للسلام الذي يجب أن يسود المنطقة بوجه خاص . وكما هو معروف فإن السلام الأمريكي هو السلام الذي يكرس التفوق الإسرائيلي ويقضي علي أمل الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة حتي علي جزء من أرضهم المسلوبة ، ويجمد الأوضاع في الجولان وجنوب لبنان . وراحت مصر والسلطة الفلسطينية تردد نفس المصطلحات المغلوطة عن العنف والإرهاب ، وتغاضت عن تصريحاتها السابقة بشأن أهمية التفرقة بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال . (4) وأخيراً نذكر وجها من أوجه الضرر المحتملة للمعونات الأمريكية علي التنمية في مصر . إن المعونات الأجنبية بوجه عام قد يكون لها تأثير سلبي علي جهود التنمية في الدول المتلقية لها ، وذلك من خلال تراخي الجهود المحلية لزيادة المدخرات . أي أن المعونات قد تحل محل المدخرات المحلية في تمويل الاستثمار ، بدلاً من أن تضيف إليها ، وتزيد من معدلات الاستثمار والتنمية . قضية الاستغناء عن المعونات الأمريكية وأخيراً ، ثمة سؤالان يطرحان نفسيهما بعد هذا العرض : أ ـ ألا يجب علي مصر الإقلاع عن تلقي المعونات الأمريكية ؟ . ب ـ وهل من الممكن لمصر أن تتوقف عن تلقي المعونات الأمريكية وتستغني عنها ؟ فيما يتعلق بالسؤال الأول ، فالإجابة المباشرة هي : نعم ، يجب علي مصر الإقلاع عن تلقي المعونات الأمريكية لأن ضررها أكثر من نفعها ، وامتناع مصر عن قبولها أكرم من الاستمرار في الوقوع تحت الضغوط والتهديدات الأمريكية بقطعها . إن توقف مصر عن تلقي المعونات الأمريكية يحررها من الثمن الاقتصادي والسياسي والعسكري الباهظ لهذه المعونة ، وربما يساعد في ظروف محددة علي إطلاق يدها في اختيار طريق التنمية الذي يستجيب لمطالب الغالبية العظمي من أبناء شعبها ، ويمكنها من إعادة صياغة دورها وخياراتها العربية علي النحو الصحيح ، أي لصالح التنمية العربية المشتركة والتكامل الإنمائي العربي ولصالح بناء القوة الذاتية العربية . أما فيما يتعلق بالسؤال الثاني حول إمكانية الاستغناء عن المعونات الأمريكية ، فإن الإجابة عنه ستكون سهلة إذا ما نظرنا في بعض الإحصاءات المتاحة . إن المعونة الأمريكية لا تمثل في عام 2003 أكثر من 1915 مليون دولار ، أي حوالي 2,8% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر ( 415 مليار جنيه تعادل 69 مليار دولار في عام 2002/2003 بسعر صرف ستة جنيهات للدولار ) . والجزء الأكبر من هذه المعونة وهو 1300 مليون دولار ، أي ثلثا المعونات ، هو معونات عسكرية . وهي في الغالب معدات عسكرية يستغني عنها الجيش الأمريكي أو حتي معدات جديدة تساعد علي تشغيل المصانع الأمريكية للسلاح ، ومقابل تدريب وتعليم وخلافه . ونترك للعسكريين الحكم علي أهمية هذه المعونات لمصر في ظل اتفاقية السلام مع إسرائيل وفي ظل ابتعاد مصر عن الاشتراك في الدفاع عن شقيقاتها العربيات حتي استناداً إلي اتفاقية الدفاع العربي المشترك . أما الجزء الاقتصادي من المعونة ، أي ثلث المعونة ، فهو 615 مليون دولار ، وهذا المبلغ يشكل مجرد 9،0% ، أي أقل من واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المصري ، و 3% من جملة واردات مصر من السلع والخدمات ( 20,4 مليار دولار في 2002/2003 ) . ومن الواضح أن المعونة الاقتصادية ليست من الضخامة التي تجعل من الاستغناء عنها مشكلة كبيرة لمصر . وكما ذكرنا من قبل فإن نحو 8% من أموال المعونات الأمريكية تعود إلي الولايات المتحدة لشراء سلع وخدمات . ومن المعلوم أيضاً أن مصر تستورد من أمريكا ما قيمته 5 أمثال المعونات الاقتصادية منها . إذ بلغت الواردات المصرية من السلع الأمريكية 3.2 مليار دولار في 2001 ، مقابل صادرات مصرية إلي أمريكا لا تزيد علي 778 مليون دولار ، بفائض لصالح أمريكا قدره 2.4 مليار دولار . كان هذا هو الوضع في 2001 ، وكذلك كان الوضع في السنوات السابقة : 2.4 مليار دولار فائض تجاري لصالح أمريكا من التجارة مع مصر في السنوات 1998 و1999 و2000 . أي أن أمريكا هي المستفيد الأكبر مما تقدمه من معونات لمصر . الأساس: الجهد الوطني وأخيراً ، ماذا عن الاستثمارات الأمريكية في مصر ؟ يشير تقرير السفارة الأمريكية عن الاقتصاد المصري للعام 2002 إلي أن الرصيد المتراكم للاستثمارات الأمريكية في مصر بلغ 1.963 مليار دولار في 1998 ، ثم 2.190 مليار دولار في 1999 ، ثم 2.735 مليار دولار في 2000 ، ثم 3.068 مليار دولار . أي أن التدفق السنوي للاستثمارات الأمريكية لم يزد علي : 227 مليون دولار في 1999 و545 مليون دولار في 2000 و333 مليون دولار في 2001 . ومعظم هذه الاستثمارات في مجال البترول . وهي مبالغ متواضعة . وعموما فإن الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يتدفق إلي مصر محدود جداً : 711 مليون دولار في 98/1999 ، 1656 مليون دولار في 1999/2000 ، 509 ملايين دولار في 2000/2001 ، و 428 مليون دولار في 2001/2002 ، و700 مليون دولار في 2002/2003. إذن توقف المعونة الاقتصادية الأمريكية لمصر ليس بالأمر الخطير ويمكن الاستغناء عنها. هذا فضلاً عن أن الاتجاه العالمي هو توقف المعونات وحلول التجارة والاستثمار محلها . وعلي مصر أن تؤهل نفسها للتعامل مع هذا الاتجاه الجديد . كما أنه حتي لو أدي الاستغناء عن المعونات أو قطعها إلي اضطراب مسارات التجارة والاستثمار مع أمريكا ، فلن يكون من الصعب إعادة ترتيب الأوضاع وإحلال أسواق أخري محل السوق الأمريكي . ومع ذلك فإن احتمال وقوع مثل هذا الاضطراب ضئيل للغاية ، حيث إن مصالح الشركات الأمريكية هي الفيصل في هذا الشأن ، وقطع المعونة أو استمرارها ليس أمراً حاسماً في استمرار الشركات الأمريكية في العمل أو عدم العمل في مصر . ولتقليل أية أضرار محتملة من توقف الواردات المرتبطة بالمعونات الأمريكية ، سوف يتطلب الأمر : > إعادة ترتيب أولويات الاستيراد ، من أجل ترشيد الاستيراد والاستغناء عن كل ما هو غير ضروري من الواردات من أمريكا ومن غيرها أيضا . > بذل جهد إضافي لزيادة المدخرات الوطنية وترشيد الإنفاق العام والخاص. والحق أن هذه أمور مطلوبة في الواقع سواء في حالة انقطاع المعونة الأمريكية أم استمرارها . وفي أي الحالات ينبغي النظر إلي المعونات (أمريكية كانت أم غير أمريكية) علي أنها عنصر مكمل وثانوي بالنسبة للجهد التنموي الشامل الذي ينبغي أن يكون الأساس فيه الجهد الوطني . وبالطبع سوف يتضاءل أثر توقف المعونة الأمريكية إذا ما حدث تحول في السياسة الاقتصادية بعيداً عن نمط التنمية الرأسمالية التابعة والانفتاح المتسرع علي السوق الرأسمالي العالمي والاعتماد المفرط علي الخارج وفي اتجاه الاعتماد علي الذات قطريا ، وفي اتجاه بناء تعاون إنمائي عربي . وعموماً فإن الاستغناء عن المعونات الأجنبية ينبغي أن يكون هدفاً قومياً لمصر ، وليس نتيجة قرار خارجي أو ضغوط وتهديدات خارجية من جانب الطرف المانح للمعونة . فهذا هو أحد متطلبات الحفاظ علي الاستقلال الوطني وتقوية الاعتماد علي الذات وعندما يتعارض هذا الهدف مع تدفق المعونة إلي مصر ، فلتذهب المعونة إلي الجحيم .
#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تتخلص مصر من الفساد ؟
-
النص الكامل لوثيقة المعارضة المصرية الممنوعة من النشر
-
هل مصر مقبلة على ثورة ؟
-
باب وزير الاسكان المصرى مخلع
-
مظاهرة عمالية تطلب انقاذ المال العام فى مصر
-
اللعب على المكشوف
-
لاءات جمال مبارك الثلاثة
-
قضايا عمال مصر سقطت من أولويات حكومة الدكتور أحمد نظيف
-
د. رفعت السعيد يكشف من جديد عن صفحات مجهولة من حياة مؤسس جما
...
-
صفحات مجهولة من تاريخ حسن البنا
-
بلاغ الى وزير الداخلية المصرى :من يواجه فساد مافيا رجال الاع
...
-
حيوانات فى نعيم
-
الحقيقة الغائبة فى التغيير الوزارى الجديد ... حكومة مصر بدون
...
-
ظاهرة جديدة : العمال المصريون يتظاهرون من أجل الخروج الى - ا
...
-
أمريكا أكبر بلطجى ولص فى العالم .
-
25 عاما من السياسة الاسكانية الفاشلة لحكومة الانفتاح فى مصر
-
اعتصام عمالى كبير يطلب تدخل الدولة لانقاذ المال العام من قبض
...
-
التعذيب صناعة حكومية
-
السرطان يلتهم عمال مصر
-
على هامش فوضى التغيير الوزارى الغير مرتقب ..مواطن مصرى : الف
...
المزيد.....
-
هدنة بين السنة والشيعة في باكستان بعد أعمال عنف أودت بحياة أ
...
-
المتحدث باسم نتنياهو لـCNN: الحكومة الإسرائيلية تصوت غدًا عل
...
-
-تأثيره كارثي-.. ماهو مخدر المشروم المضبوط في مصر؟
-
صواريخ باليستية وقنابل أميركية.. إعلان روسي عن مواجهات عسكري
...
-
تفاؤل مشوب بالحذر بشأن -اتفاق ثلاثي المراحل- محتمل بين إسرائ
...
-
بعد التصعيد مع حزب الله.. لماذا تدرس إسرائيل وقف القتال في ل
...
-
برلماني أوكراني يكشف كيف تخفي الولايات المتحدة مشاركتها في ا
...
-
سياسي فرنسي يدعو إلى الاحتجاج على احتمال إرسال قوات أوروبية
...
-
-تدمير ميركافا وإيقاع قتلى وجرحى-.. -حزب الله- ينفذ 8 عمليات
...
-
شولتس يعد بمواصلة دعم أوكرانيا إذا فاز في الانتخابات
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|