ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 3092 - 2010 / 8 / 12 - 08:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
ليس ما حصل في إسرائيل من استجواب مباشر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسترعي الانتباه إلى أهميته كحدث إعلامي منفصل عن كونه حدث سياسي له ما قبله وما بعده.
رغم الصخب والضجيج الذي أحاط قضية الاستجواب من قبل لجنة تيركل الإسرائيلية، فيما يخص الهجوم على أسطول قافلة الحرية، الذي كان متجهاً إلى قطاع غزة، وأدى إلى اشتباكات وصدامات في عرض المياه الدولية، كانت نتيجتها مقتل وجرح العشرات ممن كانوا على متنه.
إلا أن قبول إسرائيل بتشكيل لجنة تحقيق محلية لكشف ملابسات الحادث، يعد بمثابة انجاز لتركيا التي رهنت علاقاتها السياسية، باستجابة إسرائيل لمطالبها، وأولها تقديم الاعتذار والتعويض عما حصل لمواطنيها في عرض البحر.
وسواء اقتنعت تركيا بلجنة التحقيق الإسرائيلية أم لا، فإن قبول إسرائيل بلجنة تحقيق دولية تحت إشراف الأمم المتحدة، أحد أعضائها من الأتراك والآخر إسرائيلي، من دون أن ننسى أن هناك لجنة تحقيق عسكرية موازية لعمل لجنة تيركل، كل هذا يعني أن إسرائيل اعترفت، وإن بشكل غير مباشر بفداحة ما حدث في عمق المياه الدولية، والسؤال الآن : منذ متى كانت إسرائيل تعير بالاً لممارساتها السياسية والعسكرية إزاء غيرها؟.
حتى لو جاءت تلك اللجان، من باب المجاملة والتخفيف من شدة غضب الرأي العام التركي، الذي بدأ يغير من مواقفه تجاه إسرائيل، غير أن لب القضية، كانت في شكل الاستجواب المباشر الذي تناقلته وسائل الإعلام العالمية، ومثول نتنياهو أمام أعضاء اللجنة، بغض النظر عن المحتوى الذي تضمنه الاستجواب .
إن مثول نتنياهو الذي يمثل رأس السلطة في إسرائيل، لهو حدثٌ، الجديد فيه استجابة إسرائيل للغضب التركي واعترافها غير المباشر بخطأ التوقيت والتنفيذ، أما العبرة منه، لهي في المشهد الذي ظهر فيه نتنياهو أمام لجنة التحقيق، وهو مشهد لا يتكرر حصوله إلا في الدول الديمقراطية التي يخضع مواطنوها لسلطة القانون والدستور .
إسرائيل في تلك اللحظة، لحظة الاستجواب، لا تحتاج إلى أن تذكر الآخرين بأنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، ولا تحتاج إلى إدانة نفسها، بما لا يقبل فيه جمهورها إرضاء وتقديراً لمشاعر غيرها، لكنها لا تمانع في محاسبة نفسها إزاء أي تقصير أو خطأ من شأنه أن يؤدي إلى إضعافها.
وعلى العكس من كل ذلك، فإن محيطها العربي، وحرصاً على ظهوره بمظهر المنعة والقوة، فإن آخر ما يفكر فيه، المثول أمام سلطة القانون والقضاء المحلي، حتى لو غرق في بحر أخطائه.
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟