أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - سلطة رجال الدين















المزيد.....

سلطة رجال الدين


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 3089 - 2010 / 8 / 9 - 17:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التعارض بين العقل والنقل، أو بين العقل والوحي، قد يكون أحد أوجه الصراع بين التيار الديني التقليدي والتيار العقلاني في تفسير معنى الحياة وتطوراتها، بل في تحديد المعنى من تشكيل حالة دينية قادرة على استيعاب تطورات الحياة وتقدمها.
في هذا الإطار يطرح المفكر المصري الراحل نصر حامد أبوزيد رأيا يقول فيه أن تاريخ الثقافة الإسلامية ظل حريصا على نفي أي تعارض بين الوحي والعقل، مشيرا بأن النقل إنما كان يثبت بالعقل، وأن العقل كان الأساس في تقبل الوحي.
وجاء في "الكشاف" لمجلس النشر العلمي التابع لجامعة الكويت في دراسة سميت بـ"الأصولية" حول العقل والنقل، أن العلاقـة بين اجتهاد العقل ونصوص الوحي قائمة على حاكمية الوحي ومحكومية العقل. وأن حاكمية الوحي تعني أن الوحي هو مصدر التشريع للحياة، وليس هناك مصدر آخر معه أو من دونه، وليس لأحد أن يشاركه في ذلك. وأن الحاكمية بهذا المعنى مبدأ من مبادئ العقيدة، ويترتب على الإيمان به وجوب الاحتكام إلى الله ورسوله، والسمع والطاعة لحكم الله. وأن اجتهاد العقل هو: جهد من ذوي أهلية سعياً لاستنباط الأحكام من النصوص، ولا ينشيء أحكاماً جديدة، والتشريع لله وحده. وأن الوحي أعطى للعقل مجالاً واسعاً، وبين أهميته في مجال الاجتهاد، كما حدد له حدوداً لا يتجاوزها في الاجتهاد والتعامل مع النصوص، ووضع له مجموعة شروط توكله للقيام بهذه المهمة.
يبدو فيما يمكن الإشارة إليه من بعض ما جاء في الموضوعين، أن الفارق بين ما يقوله أبوزيد وبين ما تطرحه الدراسة "الأصولية"، هو أن الوحي يتبع العقل عند أبوزيد ولا يمكن أن يحيد عنه، بل لا يمكن قبول الوحي إلا من خلال العقل. فيما العقل هو الذي يخضع للوحي في الدراسة "الأصولية"، ويقع تحت إمرته، وهو ما قد يؤسس لظهور فئة خاصة ووحيدة هي التي تستطيع أن تتحدث باسم الوحي وباسم حكم الله، لكي يصار إلى إخضاع العقل لها، ومن ثم إخضاع المجتمع والدولة والعالم لها، وفي عرف ونهج التيار الديني التقليدي فإن هذه الفئة هي فئة رجال الدين، الذين تمت الإشارة إليهم بمصطلح "ذوي الأهلية"، ممن يستندون إلى عقولهم في استنباط أحكام من النصوص، والتي هي عملية ممنوعة على غير المنتمين إلى هذه الفئة، رغم أن مصطلح رجل الدين هو في حد ذاته مبهم وغير خاضع لشروط علمية خاصة متفق عليها إضافة إلى الاختلاف حول بعض تلك الشروط بين المذاهب والطوائف الدينية.
إن الفارق بين الاثنين يتجلى في أن الأول يريد للوحي أن يكون متوافقا مع طبيعة الإنسان من خلال عقله، وأن هذا العقل لا يخص فحسب عقل رجال الدين إنما العقل العلمي البشري الحر الصانع للتأويل. فيما الثاني يريد للوحي أن يكون مهيمنا ووصيا على العقل، وهذه الوصاية لا تتحقق إلا من خلال هيمنة وتسلط رجال الدين. لكن الرأي الثاني يعبر عن تناقض واضح، إذا يطالب بتبعية العقل للوحي، في حين يعتقد أن هذه التبعية تعالج من خلال عقل أناس خاصين هم رجال الدين، وكأنه يقول أن عقل رجال الدين هو الوحي، وأن الوحي هو عقل رجال الدين!!.
إن أبوزيد يعتقد أن أولى محاولات إلغاء العقل لحساب النقل تعود إلى حادثة رفع المصاحف وتحكيم القرآن من جانب الأمويين في موقعة "صفين"، حيث يعتبر ذلك نقلا للصراع من المجال السياسي إلى مجال الدين والنصوص، وهو ما أدى في نظره لتحول العقل إلى تابع للنص.
نعم. لقد استمر هذا الإلغاء حتى وقتنا الحاضر وأصبح جزءا من الدين تحت عنوان تابعية العقل للنص الديني. إن هذه التابعية تبدو واضحة جدا في التجارب السياسية والاجتماعية والفكرية التي نسمع عنها ونعيش واقعها. إيران والسعودية والسودان وأفغانستان وغيرها، مليئة بتجارب تؤكد أن النص الديني هو الذي يفصل في النزاعات الدينية وغير الدينية، وهو ما يشير إلى أن العقل لا يزال تابعا للنص، وأن رجل الدين الذي يمثّل النص هو الذي له الكلمة الفصل في هذا النزاع، وأن الصراعات الدنيوية أصبحت وفق أصحاب "الإسلام دين ودنيا" وبقدرة قادر صراعات دينية الهدف الرئيسي منها هو السيطرة على الإنسان وإخضاعه وإمعان الوصاية عليه.
إن "الدين المنفلت من عقال العقل"، حسب المفكر التونسي العفيف الأخضر، يتحول إلى "خرافة وإرهاب". والتجارب السياسية والاجتماعية في المجتمعات التي تخضع لرجال الدين أو يسعى هؤلاء لإخضاعها لسلطتهم وسلطانهم تدلل على تأسيس إرهاب ديني، تشريعي وتنفيذي، انطلاقا من سعي رجل الدين للهيمنة على الحياة تحت عنوان الخضوع للوحي أو "التحكم السلطوي" باسم النص الديني. ويؤكد الأخضر بأننا نعيش الخرافة والإرهاب الآن في أرض الإسلام "في الهذيان الفصامي عن اقتراب نهاية العالم بعودة الإمام الغائب في إيران (الشيعية)، وبالمعركة الفاصلة بين المسيح والمسيح الدجّال في فلسطين عند السنة".
من شأن السلطة الدينية حينما تتحول إلى سلطة مسيطرة على جميع شؤون الحياة، أي إلي سلطة شمولية، أن تحول الحياة إلى جحيم لا يطاق، حياة تفتقر إلى أبسط صور الاختلاف والتعدد، حياة مستبدة، تُفرض هذه السلطة مفهوم الواحدية بأسلحتها المتعددة الأرضية والسماوية ومن ضمنها سلاح النقل، لأن العقل أصبح تابعا للنقل، ولأن النقل لا يمكن أن يفسره ويشرحه ويجعله إلهيا وقابلا للتحقيق إلا رجل الدين، ومن ثم لا يتأتى هذا التحقيق إلا من خلال السلطة، ومن ضمنها السلطة السياسية. فتحكيم النصوص في المجال السياسي، حسب أبوزيد، يؤدي إلى "شمولية" النصوص وإلى "هيمنتها"، وهو ما يؤدي إلى "القضاء على استقلال العقل بتحويله إلى تابع يقتات بالنصوص".
إن ما يدافع عنه أبوزيد ليس إلغاء النقل لحساب العقل، كما يتوهم البعض أو يزعم، إنما يدعو إلى "التحرر من سلطة النصوص، سلطة الماضي الطاغية التي تحتمي بها الديكتاتورية والطغيان والاستبداد، ويزدهر تحت مظلتها الفساد". وهذا التحرر لا يعني عند أبو زيد "إلغاء للنصوص أو دعوة للتخلص منها، بل دعوة لتسليط ضوء العقل عليها، وقراءتها قراءة سياقية في ضوء تاريخها وتاريخ الفاعلين الاجتماعيين الذين أنتجوها"، لكي لا تتحول إلى أداة بيد رجال الدين يسلطون من خلالها سيف الهيمنة والتحكم في رقاب الناس. فالخطاب الديني حسب أبوزيد "منع العقل الإنساني من التواصل تأويلا مع الخطاب الإلهي المنزّل بلغة الإنسان، وهو ما أدى إلى تعميق الهوة بين الإلهي والإنساني، وإعادة صياغة المفاهيم الدينية بإعادة تأويلها لتصب في أيديولوجيا الحاكمية، التي تحث على إلغاء فاعلية العقل وتسليم الإنسان مقيدا إلى سلطة من نمط خاص" هي سلطة رجال الدين.

*نعزي جميع السائرين في درب العقل بفقد المفكر الكويتي الدكتور أحمد البغدادي..



كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آليات الخطاب الديني وفق أبوزيد
- المنطلقات الفكرية في الخطاب الديني وفق ابوزيد
- الحق المطلق.. والباطل المطلق
- أبوزيد في وسط -غابة- التيار الديني
- ماهي الطائفية؟
- في الدفاع عن حرية التعبير في الكويت
- -الزعيم- في الثقافة الأصولية
- الخضوع للتراث
- -الليبرالويون-.. والحرية
- الانقسام الشيعي الجديد في الكويت
- الحرية.. والنقد.. والأزمات السياسية
- التسامح.. والرؤى التكفيرية.. والهوية الدينية
- الوجه المزدوج للإسلام السياسي
- العلمانية.. والحجاب
- -المثقفون المؤدلجون-.. وأنصار البرادعي
- التعايش الأصولي.. والتعايش الحداثي
- بين الأصولي والليبرالي
- الليبرالية المزعجة
- الدين.. الليبرالية.. والحياة الجديدة
- العوضي.. والليبرالية.. وأخطر الأفكار


المزيد.....




- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - سلطة رجال الدين