أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إسلام حجازي - إسفكسيا الظلم والاستبداد















المزيد.....

إسفكسيا الظلم والاستبداد


إسلام حجازي

الحوار المتمدن-العدد: 3088 - 2010 / 8 / 8 - 14:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعتقد أن هذا العنوان الافتراضى يمثل، بلا شك أو تردد، واحداً من أهم الأمراض السرطانية المزمنة التى يعانى منها السواد الأعظم من مواطنى مصر المحروسة اليوم؛ إن لم يحتل هو ذاته المركز الأول بجدارة على قائمة الأمراض، التى تنهش دون توقف أو رحمة فى تفاصيل أجسادهم النحيلة ونفوسهم المستضعفة خلال صراعاتهم شبه اليومية مع أجهزة ومؤسسات الدولة التنفيذية. ويكفى أن نشير هنا إلى الإحصاءات التى تؤكد وجود ما يقرب من مليون ومائة دعوى قضائية أقامها المصريون أمام مجلس الدولة ضد كافة رموز النظام الحاكم بدءاً من رئيس الجمهورية، ومروراً برئيس الحكومة والوزراء والمحافظين، وانتهاءً بأغلب المسئولين الحكوميين فى مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة التنفيذية أثناء العام القضائى، الذى بدأ فى أول أكتوبر 2009 واستمر حتى 30 يونيو 2010.

صحيح أن أحكام وفتوى هيئة مجلس الدولة على مختلف أقسامها ودرجاتها قد تكون بمثابة ديوان المظالم الدنيوى، الذى يلجأ إليه المواطن، باعتباره يشكل أحد وسائل الانتصاف القانونية والسلمية التى يستطيع من خلالها إعلان احتجاجه بل وطعنه على كل ما يصدر عن مسئولى السلطة التنفيذية من قرارات مستبدة ومخالفة للقواعد القانونية المستقرة، سواء كانت صادرة بشكل إيجابى أو سلبى أو بالامتناع عن إصدار القرار أو القيام بالإجراء المطلوب، إلا أن انتشار وتزايد أعداد مثل هذه النوعية من الدعاوى القضائية التى يتظلم فيها المواطن ضد مسئولى السلطة التنفيذية خلال السنوات القليلة الماضية بشكل ملحوظ إلى الحد الذى تجاوزت فيه حاجز المليون خلال تسعة أشهر فقط، يعتبر مؤشراً غاية فى الأهمية والخطورة على توحش حجم السلطات والصلاحيات الممنوحة لمؤسسات الجهاز التنفيذى فى الدولة من جانب، كما يشير إلى غياب الحد الأدنى من قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص عن أغلب القرارات والسياسات المطروحة من جانب هذا الجهاز المترهل لتسيير مصالح المواطنين وإدارة شئون الدولة من جانب آخر.

وتزداد الأوضاع سوءًا فى ظل ارتفاع معدلات عدم تنفيذ الأحكام والفتوى الصادرة عن هيئة مجلس الدولة التى جاءت أغلبها فى صالح المواطن البسيط من قبل مؤسسات السلطة التنفيذية، رغم نص المادة 123 من قانون العقوبات فى فقرتها الثانية على معاقبة كل موظف عمومى امتنع عمداً عن تنفيذ حكم قضائى بالحبس والعزل من منصبه إذا كان تنفيذ هذا الحكم داخلاً فى اختصاصه، وذلك بسبب لجوء رجال السلطة التنفيذية المستمر إلى بعض الوسائل والحيل القانونية عن طريق هيئة قضايا الدولة أو بشكل غير مباشر من خلال إجراء اشكالات أمام محاكم غير متخصصة لعرقلة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن مجلس الدولة، بما يؤدى إلى اتساع نطاق عدم احترام احكام القضاء والامتناع عن تنفيذ المبادئ الدستورية والقواعد القانونية السارية فى البلاد من قبل أجهزة السلطة التنفيذية المختلفة، وهو ما أكدته بعض تصريحات رئيس مجلس الدولة الجديد المستشار محمد عبد الغنى حينما قال:"نحن جهة حكم ومسألة التنفيذ من عدمه ليس لنا بها أى علاقة، وعلى الجهات التنفيذية أن تنفذ أحكام القضاء بصفة عامة، وعلى المواطنين - بدلاً من التظاهر وتنظيم الوقفات الاحتجاجية أمام مقر مجلس الدولة- أن يذهبوا إلى مقر الوزارات والجهات الحكومية المعنية بالتنفيذ، ويحتجوا أمامها لأن دور مجلس الدولة ينتهى بمجرد إصداره للحكم أو الفتوى المعروضة أمامه".

وبالرغم من وجاهة وصحة مثل هذا الرأى من الناحية الشكلية، إلا أن القراءة الدقيقة والفاحصة لجوانبه الموضوعية ودراسة أثرها على شعور المواطنين قد تدعو إلى التشاؤم، لأنه ببساطة شديدة تشير إلى التهاوى النسبى لواحدة من أهم الحوائط الحامية لحقوق المواطن وحرياته الأساسية، نتيجة ما يمكن أن يتركه هذا التصريح فى ذهن الفرد من انهيار وتحلل كافة المعايير والقواعد التى تحكم وتضبط عمل المسئولين التنفيذيين فى تعاملهم مع سلطات الدولة الأخرى أو فى اتخاذهم للقرارات والسياسات التى تمس حياة المحكومين، بالإضافة إلى أنه يعمل فى اتجاه تكريس عملية تضاءل مستويات ثقة المواطن فى جميع سلطات الدولة على تنوع اختصاصاتها وصلاحياتها، بشكل قد تزداد معه مشاعر الشك السياسى إلى الحد الذى يضع فيه المواطنون كل من يشارك بالعمل فى سلطات الدولة المختلفة داخل بوتقة واحدة من الظلم والاستبداد، بل والأخطر من ذلك هو أن يطال الشك وغياب الثقة المناصب الرسمية ذاتها، حيث تظل الصورة النمطية السلبية عند المواطن ثابتة، ولا تتغير نتيجة اعتقاده بحرص كل من يتولى تلك المناصب على تحقيق مصالحهم الخاصة، وليس خدمة مصالح المواطنين العامة واحترام الأصول الدستورية والقانونية المرعية.

تلك طائفة من الاستبداد الذى يُمارس من قبل السلطة التنفيذية ضد المواطنين والمثبتة فى أحكام وفتوى قضائية واجبة النفاذ، وقد أكد بعض الحكماء فى وصفهم الاستبداد أنه أصل لكل فساد وخراب للعمران، ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل:90]، وأما الأحاديث النبوية فمنها ما رواه الإمام مسلم عن تميم الدارى رضى الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم"، وفى شرح هذا الحديث وضح الإمام النووى أن نصيحة عامة المسلمين تكون عن طريق إرشادهم لمصالحهم فى آخرتهم ودنياهم. ولا أجد فى هذا المقام أبلغ من أحد مقاطع المفكر والفيلسوف النهضوى عبد الرحمن الكواكبى فى كتابه الرائد "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، والذى يوجد فيه رسالة شديدة البلاغة يمكن توجيهها بشكل عام إلى كل مسئول حكومى يصنع أو يشارك فى ممارسات الظلم والاستبداد المنتشرة فى المجتمع المصري، وذلك حينما أكد فى براعة فائقة أن: "المستبد يجرب أحياناً فى المناصب والمراتب بعض العقلاء الأذكياء، اغتراراً منه بأنه يقوى على تلبين طينتهم وتشكيلهم بالشكل الذى يريد فيكونوا له أعواناً خبثاء ينفعونه بدهائهم، ثم هو بعد التجربة إذا خاب ويئس من إفسادهم يتبادر إبعادهم أو ينكل بهم، ولهذا لا يستقر عند المستبد إلا الجاهل العاجز الذى يعبده من دون الله، أو الخبيث الخائن الذى يرضيه ويغضب الله".



#إسلام_حجازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا أيها المحتجّون ... اتحدوا !!
- ظاهرة البرادعي وخريف المعارضة المصرية
- التعليم والشقاء الاجتماعى فى مصر
- المسلمون والديمقراطية: دراسة ميدانية
- الليبرالية الكوميونية فى الفيس بوك
- المدونات السياسية وسلطة المعلومة فى مصر
- الأتوقراطية المُلبرلة ومشروع التوريث المرتقب


المزيد.....




- فيضانات عارمة في جنوب فرنسا تتسبب في أضرار جسيمة وانقطاع للك ...
- - هو يحيى ليحيا وهم الراحلون-.. هذا ما نشرته الشيخة موزا تزا ...
- بشار جرار يكتب عن تصفية إسرائيل للسنوار و-اليوم التالي- للحر ...
- بوتين يدعو الرئيس الفلسطيني لحضور قمة -بريكس- في قازان
- زيت الزيتون.. -سلاح طبيعي- ضد مرض خطير يصيب كبار السن
- المغرب.. القضاء يدين -نصابي محيط المحاكم- بالسجن والغرامة
- ترامب: ما كان على زيلينسكي -أن يدع الحرب تندلع-
- من هو الخليفة المحتمل ليحيى السنوار؟
- مع بدء مناورات -ايونيز 2024 -.. إيران تستقبل الأسطولين الروس ...
- -يا سنوار، بايعناك-


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إسلام حجازي - إسفكسيا الظلم والاستبداد