أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرضا حمد جاسم - مذكرات جندي احتياط من1981 الى1984/الجزء الثاني















المزيد.....


مذكرات جندي احتياط من1981 الى1984/الجزء الثاني


عبد الرضا حمد جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3086 - 2010 / 8 / 6 - 08:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خانقيـــــــــــــــــــن :

لحد هذه الفترة كان اللواء ومنتسبيه يتمتعون بنعمة عقوبة آمر اللواء علي حمدي مصطفى وبعد عدة أيام أحيل اللواء الركن على التقاعد ونقل اللواء إلى قاطع خانقين ونسب للواء أمر جديد برتبة مقدم ركن وهو المقدم(جاسم) وهو شاب يعتقد أن جزء من رتبته كانت تكريم وبدأت ماسي اللواء مع طموحات المقدم الشاب أستلمت سريتنا المواقع الأمامية على أساس أن أمر السرية ذو خبره ومشارك في معارك سابقه وبقية الضباط هم من ا لاحتياط فقرر النقيب تقسيم القلم إلى خلفي للأعاشه والأمور أللأخرى والمتقدم قلم لأداره وسحبني معه للمتقدم وقال لي(أنت ما تكَدر تعيش وي ذوله بالخلفيات تره يشلعون كَلبك)وبعد عدة أيام كان أمر السرية يتكلم بعصبيه على التلفون ويهدد ويتوعد ووصلت بالقرب منه وهو يقول (أسع ولك راح أسد التلفون وأنزلك للخلفيات وأصعدك بالجلاقات للمتقدم....وبعد برهه...قال(لعد لاتتكلم بالموضوع مره ثانيه) وأغلق الهاتف...وقال لي (يريدونك تنزل...يكَول ممنوع قلم بالمتقدم ..أكَله ماكو شي مهم بس الموجود والراتب يوزعه يكَلي ممنوع....كَتله نقيب مجيد كَال أي ..كَتله وهسه كَال ياكل........)
وبعد أقل من أسبوعين زار السرية وفد أولجنه من حركات اللواء وبعد استطلاع الموقع قررت اللجنة أن تتقدم السرية عدة مئات من الأمتار حيث كنا على قمم تلال تليها أرض منبسطة(دشت) تتوسطها مجموعة تلال أقل ارتفاعا من مواقعنا وكانت حجتهم أنه يمكن أن يتسلل إليها العدوا وفي اليوم التالي تقدمت السرية وتم نقل إل(جينكوا) لبناء مواضع جديده تم رصد تحركنا بسهوله من قبل الإيرانيين لأنهم ليسوا بعيدين وكان إل(جينكوا) الجديد يعكس أشعة الشمس وبعد وقت قصير تعرضنا لقصف كثيف التجأنا إلى شقوق المواصلات وبعد أن توقف القصف اكتشفنا استشهاد أثنين من الجنود هما (صدام سدخان من أهالي ألعماره ومحمد طاهر من أهالي الموصل /حمام عليل وكان عامل في كلية الزراعة قبل التحاقه بخدمة الاحتياط) وقد مزقتهم قذيفة سقطت عليهما مباشرتاً وقمنا بتجميع الأشلاء معتمدين على الاختلاف في لون ألبشره حيث كان الشهيد البريء محمد طاهر ذو بشره بيضاء بالقياس لبشرة الشهيد البريء صدام سدخان
مندلــــــــــــــــــــــــــــي:
أصبح اللواء لايستقر في منطقه لفترة طويلة وكان يتحرك ضمن القاطع الأوسط بعد كل معركة أو تعرض لمسك مواقع اللألويه المتضررة من تلك المعارك,
جاء أمر التحرك من خانقين إلى مندلي قريب منتصف الليل وكان الوقت شتاء والوديان ممتلئة بالمياه وكانت الأوامر تنص على ترك كل شيء من عتاد وأسلحه ثقليه أن وجدت وحتى اللوازم الشخصية واليطغات وفقط الأسلحة الخفيفة ولأعتده الشخصية وكانت السماء قاسيه جداً المطر شديد وريح شديدة وكان التحرك راجلاً من دون عجلات وكان كل جندي يمسك ب(نطاق) الذي قبله وكل مجموعه من هذا القبيل تتكون من خمسه إلى عشرة أشخاص وقد جرفت المياه الكثير من المنتسبين مما اضطرتهم الحالة إلى ترك السلاح والعتاد والنجاة با النفس حتى وصلنا إلى الطريق المعبد الذي يربط خانقين بالسعدية حيث كان التجمع بانتظار العجلات للتحرك إلى مندلي كان الجميع بحاله يرثى لها (الملابس مبلله مطينه والبعض اصيب بجروح وقسم حفات) وقد تخلف عدد من المراتب الذين لم يستطيعوا عبور الوديان أو من ظل الطريق واستمر الحال إلى ظهر اليوم التالي من دون أرزاق أو أفرشه وعند حاولي منتصف النهار تحركت القافلة مع دليل باتجاه قزانيه في قاطع مندلي وقد وقع الدليل في خطاء كان يمكن إن يكلفنا الكثير لأنه قاد القافلة باتجاه مندلي مروراً بمحاذاة النفط خانه وعند الاقتراب من مفرق مندلي قزانيه تعرضنا إلى قصف شديد أدى إلى أن تتوقف القافلة ويترجل الجنود والضباط مذعورين حينها تدخل النقيب سلمان بخبرته العسكرية وذكائه الميداني وأمر القافلة بالتحرك السريع [اتجاه بلد روز مبتعدين بالعمق وبعد توقف القصف وابتعادنا أوقف عجلته الواز وترجل منها بطلاً غاضباً كاد غضبه أن يفتك بالدليل وبحث عن الذي أمر القافلة بالتوقف قائلاً(كان يمكن أن نكون هدف سهل لنيران العدو لوأستمرت القافلة بالوقوف ولكان هناك ضحايا كثر)(بالمناسبه فأن نقيب سلمان من أهالي بلدروز وكان قد اشترك بمعارك القاطع الأوسط كما أسلفنا)
أستقر الفوج في معسكر خلفيات بلدروز وتحركة السرايا إلى مواقعها الأمامية وكان مقر السرية الرابعة في قزانيه ومسكت مواقع المتقدم والحجابات
وبنفس السياق ترك نقيب سلمان جزء من قلم السرية في الخلفيات وأنا معه في المتقدم,لقد سبقتنا كارثة في معركة مندلي حيث كانت لاتزال جثث جنود الطرفين في الوديان وقام كل طرف عندما لم يتمكن من أخلاء الشهداء( وكلهم شهداء لأنهم أبرياء) قام بعل دنيء وهو تلغيم الجثث وبقيت تتفسخ في مكانها,
في أحد الأيام أخبرني النقيب أن ضيفاً قادما ألينا وهو رفيق حزبي تنسب للسرية للقضايا الحزبية وفعلاً مع سيارة الأرزاق وصل الرفيق بدون سلاح ولا (يطغ)....دخل على أمر السرية وبعد دقائق استدعاني أمر السرية وبعد التحية العسكرية سلمني كتاب تنسيب الرفيق وطلب مني نشر ألتحاقه ثم قال (شوفوا للرفيق مكان يمكن يرتاح بيه) خرجنا أنا والرفيق عندها قال لي أنت فلان قلت نعم فقال تشرفنا وقدم نفسه(الرفيق محمد الجبوري عضو عامل بالحزب من أهالي الموصل/البعاج وأنا معلم )رحبت بيه فقال (اكو عدكم سجل معلومات لوجرد بالقلم لأن عند جماعتكم بالخلفيات ماكو وبالفوج ماكو معلومات كافيه حتى عليكم أهل القلم) في هذه الثناء استدعاني النقيب إلى موضعه واستقبلني ضاحكاً (ها أخويه الرفيق شنو أخباره النوبه دزوه وراكم لهنا...كَال شي كَتله والله يسأل عن التنظيم والسجلات ويريد يسوي طلب معلومات جديد عله كل السرية ..كَال ...شوفه شلون نشط خو مو مثل الرفيق ويأشر عله نفسه)
رجعت إلى موضعي وجدت الرفيق (مدوخ المراسل وسائق الأمر وحمايته) قلت له اليوم وين تنام كَال لا انه أنزل للخلفيات وباجر أجيب الاستمارات حته أنطيكياها تمليها وتدزهه الي للخلفيات....قلت له أخي أنت تأتي هنا وتقوم بما تريد و إن أ حتجت للمساعدة أنا موجود) المهم نزل مع سيارة الأرزاق وكعادته ليلاً خرج النقيب (يتمشه) بين مواضعنه وقال لي تعال سولفلي فقلت له ما جرى فقال(زين سويت) فقلت له سيدي (أخاف يحجي يمك زايد فأنا لايمكن أن أكتب أي استماره) قال والله لو لم تقل له هكذا لأزعجتني كثيراً(ومو ابو محمد العرفه لو ما كَتله هلكلام)
تطور موضوع الاستمارات إلى عدم تعاون مع الرفيق في رأي ضابط التوجيه السياسي الذي رد عليه السيد أمر السرية (هم مو كتاب يشتغلون عند الرفيق هذا واجب الرفيق وأنا طلبت من القلم ذلك حتى لايحصل أشكال أو خطأء)
بعد ليلتين عاد الرفيق ومعه الاستمارات ودخل موضع النقيب دون حتى أستأذان ولم ينطق كلمة سيدي من اليوم الأول وكان كلما يخاطب النقيب يقول رفيق في تلك اليله كان النقيب يفكر بشيء لم يخبرني به ولما استدعاني ووجدت الرفيق معه كانت الأمور تختلف قال لي النقيب هذه استمارة طلب المعلومات العائدة لك أملئها لأن السابقات يقول الرفيق تعود ومؤشر عليها مجهول محل السكن ...فقلت تأمر سيدي وأخذت الأستماره لأنجزها في القلم وأديت التحية لأخرج فقال النقيب رفيق محمد (راح يجي وياك يستلم سلاح وعتاد ويذهب إلى الحجابات فقلت تأمر سيدي
أستلم محمد السلاح وقبل تحرك السيارة خرج النقيب ليبلغ جماعة لأعاشه أن يكون المقعد الأمامي (الصدر) للرفيق عاد إلى موضعه وأنا عدت إلى القلم مستغرب الذي يحصل وانتظرت أن يناديني النقيب لكن دون جدوى أقترب منتصف أليل وإذا به (يصيح تعال ولك) عرفت أنه يقصدني فدخلت الموضوع وجدته يضحك وقال(أكَلك أوليدي هسه الرفيق يمكن وصل للحجابات...شتكَول وضحك ضحكه قويه) قلت له سيدي (شنو القضيه..كَال ذوله البلحجابات كلهم موثقه أو مو بعثيه وأحنه بحرب) لأول مره أسمعه يتكلم بهذا الأسلوب وهذه الطريقه....شعر بذلك وقال هذا كلام الرفيق(يعني ذوله موشرفاء ومو وطنيين او موثقه) وقال(تكلمت معه بنفس كلماته وقلت له أريد منك خدمه كَال حاضر رفيق كَتله يعني تسويهه كَال على كَص ركَبتي كَتله ألزم شاربك لزم شاربه كَتله أريدك تروح معايشه للحجابات لأن أنه هم خايف منهم.....وكَلي ها شلون خطه حته يعرف الشرف والوطنيه وين ...شنو رأيك وليدي...وضحك وقال...يمكن الرفيق راح يستفاد خبره نضاليه وقتاليه)
منذ اليوم الثاني (شتغلت التلفونات والواسطات من الفوج من الأستخبارات من اللواء) إلى أن وصل أمر إلغاء تنسيبه ألينا فرفض النقيب وطلب مني أن اكتب كتاب(رنان) وسري وشخصي يؤكد حاجة السرية إلى خدماته وثناء على ما قام به وتطوعه بالذهاب للحجابات لمعايشة رفاقه وتشجيعهم والوقوف على احتياجاتهم....و و و و) ولم يلغى تنسيبه إلى بعد عشرة أيام وعندما عاد من الحجابات استقبله النقيب بأرتياح وثتمين وطلب منه البقاء تلك ألليله (خطار) فكان جوابه بين كلمه وأخرى سيدي (كَلي روح لأن عندي أعمال متراكمة)
وبعد تحرك السيارة قال لي النقيب سوف لن ينسى هذا الدرس ...وهو ليس أشرف من الجنود شفت شلون صاير يشرد من الدفاع عن الوطن هذا رفيق هذا يعني تموت الناس الفقره مو مشكله المهم هو وغيره مرتاحين ثم أردف قائلاً(وليدي أنت شمسويله..كَتله ليش كَال عبالك جاي عله مودك...كَتله من طرفي ماعندي شي ...كَال لا لازم طيحت حظه)
بدره وجصــــــــــــــــــــان:
تحرك اللواء إلى قاطع بدره وجصان وكان واجب السرية في المناطق القريبة من مخفر الشهابي وكان الوضع هادى تقريبا إلى من المنغصات التي كان يثيرها الفوج ومن يسكن الخلفيات حيث كلما كان القاطع هاديء كلما نشط الرفاق ومن معهم وبالذات عندما كان يتمتع آمر السرية بأجازته الدورية حيث منذ فتره ليست بالقصيرة كنا لانذهب معاً بالأجازة وكان هذا اقتراح من م.أول شاكر وكيل آمر السرية لأن ضابط التوجيه السياسي ألنقيب مجيد العبيدي يتكرر شبه يومياً على السرية عسى إن يجد شيء ضد النقيب وفي أحد الأيام ليلاً أتصل طالباً حضوري إلى مقر الفوج غدا صباحاً ومعي سجل
الأجازات الدورية وكان صباح نفس يوم الاتصال أشرف على توزيع ألأجازات الدورية للمراتب وفوجئ بوجود أسم أحد جنود السرية معهم وكان قد سأل عنه في الأسبوع الماضي وأخبرناه أنه مجاز وهو مقاول كان يشرف على بناء بيت نقيب سلمان في بلدروز ولكنه (بالهجه العاميه كلاوجي يعني يحصل على أجازه لمدة شهر لايخدم منها يومين أوثلاثه يعني مرتب حاله وأسمه(محمد نعيس) من أهالي الناصريه.
عرفت القصد فقمت بتبدليل سجل الأجازات الدوريه لسنه كامله تلك الليله بحيث تكون أجازة محمد نعيس ومعه جندي اسمه(غني) من أهالي الناصرية أيضا كان عمله الأصلي(خلفة بناء)
المهم ذهبت بالموعد ووجدت قلم السرية الأولى وسرية الإسناد أيضا وعندما دخلت وأديت التحية قال أهلاً بقلم البطل أبا خلود ويقصد نقيب سلمان الذي رزق قبل أشهر بمولودة البكر وكانت بنت أسماها خلود أخذ الدفتر وبدأ يقلب وفؤجيء أن محمد نعيس يستحق الأجازة هذا الأسبوع فقال كان مجاز الأسبوع الماضي قلت له سيدي هذا السجل وإذا تريد أن تدققه
تفضل وهذا توقيع نقيب سلمان على السجل(كان يوصييني النقيب في حالة التعرض لأي شيْ في غيابه نقول نقيب سلمان قال هذا أو أسالوا النقيب عندما يعود)
لقد تعرض النقيب إلى مضايقات كثيرة خلال هذه الفترة وأهمها أن كان كل من ثلاثة ليالي ألي أربعة ليالي يكلف بواجب الدورية الليلية قرب خطوط التماس أو في الحجابات وهولم يعترض لأن القصد منها أنهم يريدونه إن يعترض ليحاسب أو يتوسل ليذل وهو كان واعي للأثنين وينفذ الواجب بكل بطوله وإخلاص وفي أحدى المرات كان الواجب ليلة أجازته الدورية.
خلال هذه الفترة وصل السرية الجندي (كريم) منقولاً من خارج اللواء ومعه توصيه بعدم تسليمه سلاح وعدم تكليفه بأي واجب لأنه مريض عقلياً (يعني طباكَات كما يقال) وكريم شاب وسيم جداً (راهي) الطول رشيق ذو شعر أسود فاحم منسدل طويل خريج ثانوية زراعه ومن أهالي ألعماره ويسكن مدينة الثورة ومعاقب بواسطة مجلس تحقيقي لمحاولته استخدام سلاحه الكلاشنكوف في ساحة العرضات وتهديده للضباط في تلك أللحظه
ترك كريم في مقر السرية يتحرك كما يريد دون أي واجبات وأصبح من الذين يرتاح لهم النقيب لأنه ذو نكته (وسوالف تخرب ضحك يمزج بها مايريد من شتم للقياده والحزب والجيش مع حركات بهلوانيه) وكان يقول له النقيب كل مره(أبو حاتم ولك أحنه المخابيل موأنت ولك خوش جاي تضحك علينه روح بفالك)
في أحد الأيام قبل المغرب نادى أمر السرية باسمي بصوت عالي فهرعت إلى موضعه وجدت هناك (كريم) يقف في حالة الاستعداد ويعتمر ألخوذه الفولاذية وبادرني النقيب قائلاً ولك هذا المخبل يريد يروح للمتقدم فقلت له(ها أبو حاتم منو مضوجك تريد أجازه كَال انه موجبان لازم تنطوني سلاح وأروح للحجابات وأذا ما تقبلون اليله أروح مشي) هدئت من حالته وقبلته وأنا أعرف أنه يحبني ويحترمني و(يريد خاطري) فأصر على تهديده بالذهاب مشياً حينها أخبره النقيب بموافقته فتقدم من النقيب ليقبله فمنعته وقبلته وخرجنا وكان فرحاً جداً فعدت للنقيب الذي طلب مني الانتباه من أن لايسرق سلاح أحد المراتب وطلب مني عدم تسليمه سلاح والبقاء معه حتى يصعد سيارة الأرزاق وأن أبلغهم توخي الحذر إثناء الطريق وترك لي أقناعة بخصوص السلاح خرجت إلى كريم وجدته قد (لف يطغه) ويسأل عن السلاح فأخبرته سيجد السلاح هناك وسيستلم سلام الجندي الذي سيحل محله فاقتنع
تحركت ألعجله وكريم يرفع علامة النصر وماهي إلا نصف ساعة حتى حصل قصف معادي وعند الاستفسار علمنا أن عجلة الأرزاق تعرضت للقصف ولم تصب وعند توقف القصف لم يلتحق كريم إلى ألعجله وهو مفقود فكلف أم السرية جنود لأعاشه الذين وصلوا إلى مواضع توزيع الأرزاق بالبحث عنه فوجدوه ممزق الجزء الأسفل من جسمه بالكامل.
كان يقول المسكين البريء أنه مستعد أن يفقد أطرافه العليا أو السفلى ولايصاب وجهه بخدوش وفعلاً وجدوه قد دفع برأسه داخل حفره
لم أرى نقيب سلمان باكياً قبل هذه أللحظه وكان يحاول التماسك ولم يقترب من أحد وكلفني شخصيا بمرافقة جثمان كريم ألي أهله فرفضت بشده وقلت له الم أفعلها ولن أفعلها
زرباطيـــــــــــــــــــــــــه:
تم تشكيل سرية مغاوير اللواء وكان مقرها زرباطيه ونسب آمراً لها النقيب سلمان ومنح صلاحية سحب ما يحتاج اليه من كل تشكيلات اللواء على أساس أنها القوه الضاربة للواء
فقام وهذا طبيعي بسحب كل قلم السرية الرابعة وسائقه وحمايته وكان مقر السرية في زرباطيه وكان ذلك قبل اشهر من معركة شرق زرباطيه تكاملة السرية مع تواصل نقل المراتب إليها وكان الأغلبية الساحقة من منتسبيها من أهالي البصره ومن القرنه
وفي احدى اليالي تعرضت السريه الى قصف لعدة دقائق وبعد توقف القصف تم إحصاء الموجود فتخلف أحد الجنود الذي وجد مستشهداً على فراشه حيث تعود إن ينام فوق الموضع وتبين أن شضيه صغيره اخترقت مؤخرة رأسه وقتلته وكان من أهالي القرنه ويدعى (طارق حيال)
كان هناك مايثير خلال هذه الفترة التي سبقت معركة شرق زرباطيه المعروفه والتي حدثت يوم 29/07/1983 وأستمرت حتى يوم 01/08/1983
في ليلة 28 على29 تموز تعرض القاطع إلى هجوم كاسح من القوات الإيرانية التي استطاعة اختراق مواقعنا ليلاً وتمكنت من إدامة زخم هجومها حتى الفجر إلى إن وصلت قوات الحرس الجمهوري صباح يوم 30/07 حيث استطاعت أن تتعامل مع الموقف ولكن الملفت فيما جرى هي حكمة هذا الضابط الشاب نقيب سلمان إسماعيل فرحان وكان المكلف ليلة التعرض بصفته أمر القوه الضاربة للواء فقد أمر السرية بالبقاء في مواضعها وأخبرني أن غداً يوم توزيع الرواتب هل أنت مستعد للقيام بذلك وتسلم الرواتب للمقاتلين في المتقدم فقلت له نعم سيدي فقال هذا ليس أمر عسكري فقلت له هوامر عسكري أنا مسئول عن تنفيذه وأنت تعرفني
كان امتحان عصيب وذو قيم هل إنا كما هو يعرفني كل تلك الفترة أم لا هل أنا إنسان أثمن الثقة أم لا وفعلاً وجدني في الحجابات اسلم الرواتب عندما وصل مع آمر اللواء وقيادة طيران الجيش فقبلني من راسي وقال (أبرئك الذمة وأرجو أن تبريني الذمة كنت كما توقعتك إلى اللقاء....طفرت من عيني دمعه الأعرف عليه أم على نفسي) وأنا هناك شاهدت ما لا يمكن أن ينسى شاهدت شخص إيراني من شق المواصلات أستطاع أن يدمر ثلاثة دبابات من الحرس الجمهوري قبل إن تتم معالجته وأسره فكان رجل مسن مدني تم أسره وسلم ألينا لنقله للخلفيات ورغم حرارة الجو وحرارة المعركة قدمنا له الماء ليشرب فبصق في وجهنا وكان له من العمر ما يفوق السبعين عام
ولا أزال أتذكر جيداً عندما نقيب سلمان أعطاني منظاره وقال لي انظر فنظرت ورميت المنظار وقلت هل نحن هنا لهذا الشئ الموت والجراح وفقدان الأحباء و الأصدقاء ومن تعايشنا معه هل في ذلك وسام لنجاح هل نفرح غداً لو هزمناهم وفقدنا أحبه وهل هم بدون أحبه وأهل ينتظرونهم
انتهت معركة زرباطيه وانتهى معها موقفها ولم تنتهي المهزلة التي نصفق لها مجبرين.
لم تمس السرية بمكروه بفضل قائدها الصغير الكبير النقيب سلمان إسماعيل فرحان المياحي الذي يكبر في عيون معيته كلما اشتدت المعارك.
أستمرت السرية في مواقعها بعد انسحاب الحرس الجمهوري وتم تعزيزها لوضوح أهميتها وأهميه قائدها في حماية اللواء وتجنيبه المشاكل في ساحة المعركة ومع القيادة العليا
سارت الأمور بهدوء ويسر وسهوله فكانت الأجواء تدعو للارتياح النسبي الذي يزيده النقيب سلمان اطمئناناً فالكل يثق فيه ويرتاح له يقابل ذلك ارتياح النقيب من أن الأمور تسير بهدوء ويسرو بما يرتاح له
وكان هناك ما يثير أمر السرية ويعجب له ويتابعه ولايعلق عليه ولا يعارضه ولا يجهر باستحسانه أو تأييده وكان يسرح معه ويغيب معه ومع نفسه ولايسر أحد بمشاعره
كان مسئول ألبداله عريف احتياط من أهالي ألبصره لاأتذكر أسمه شاب هادئ صلب جريء مؤمن لا يغادر موضعه من الأجازة إلى الأجازة قليل الكلام منضبط كان كل يوم وقت العشاء يعتلي موضعه ليؤذن بصوت رخيم عالي واثق وعندما يصل إلى(أشهد أن علياً.....) يلحن ويضيف ويطيل وكان آمر السرية وقت الأذان يخرج من موضعه ليتابع ألأذان وعند الانتهاء يدخل الموضع
لم يكلمني في ما يشعر وما يعني له ذلك ولماذا يحرص على متابعة ذلك ....لقد كنت أشعر وأنا القريب إليه أنه يرتاح جداً ولم يحاول مره إن يتكلم مع مسئول ألبداله في ذلك ولم يتقرب إليه لأنه كان يعرف أنه جريْ ولايجا مل وشعرت مرات أنه كان يتعلم شيْ منه
وقد شعرت دائماً انه معجب بشجاعة العريف ورباطة جأشه وإخلاصه لعمله ولما يؤمن به ولم يتطرق الشك إلى قلب النقيب أبداً
افترقنا ولم أسأله عن هذا الموضوع ولكني كنت أشعر أنه يبادل العريف الإعجاب والتقدير والاحترام
في نهاية الشهر الثالث من عام 1984 وعندما كنت أتمتع بأجازتي الدوريه راجعت مدينة الطب في بغداد وبعد الفحص والأشعة تبين إنني مصاب بحاله صعبه في العمود الفقري ناتج عن مرض أصبت به في طفولتي وبعد عودتي إلى المعسكر أخبرت السيد النقيب بذلك فطلب تنظيم كتاب إرسال إلى مستشفى الرشيد العسكري وطلب الذهاب في اليوم التالي
وفعلاً تم ذلك ومنحت أجازه مرضيه لمدة 45يوم أعرض خلالها على اللجنه الطبية وتم تحديد الموعد وعرضت على اللجنه التي أوصت بعدم إصلاحيتي للخدمة العسكرية المسلحة وغير المسلح وسيتم أعلام وحدتي بكتاب رسمي
أنتهت مدة الأجازة والتحقت بوحدتي دخلت على السيد آمر السرية لأداء واجب التحية والسلام بادرني قائلاً (ها أخويه خلصت ال45 يوم عبالك ما تخلص عبالك تخلص منه ماتكَدر) وعند محاولتي الرد على كلامه المتواصل قال(أكَعد أخويه أكَعد يا مهندس زراعي) أستغربت لهذا الطرح الجديد وانأ في تلك أللحظه من التيهان قال(الليله نظل نسولف للصبح شتكَول أخويه.....لو تعبان) قلت له العفو سيدي (بس شنو القضيه)قال :
وبداء يتكلم وكأنه يودعني الوداع الأخير وبدء بذاكره طريه يعيد ما مر من أول وصوله إلى السرية في معسكر الصويره حتى هذه أللحظه بحلوها القليل ومرها الكثير وعرج على احترام الإنسان لنفسه وقيمه ومبادئه واحترام الآخرين وذكرني بحاله أو حادثه قد نسيتها وتعمدت أن لا اسردها لعدم أهميتها ولكن فوجئت بأنها عالقه في ذهن السيد النقيب رغم مرور فتره طويلة حيث قال(تتذكر ليلة الشجرة الخبيثة)
الشجرة الخبيثة:
في إحدى أمسيات عام 1983 وكعاته كان السيد آمر السرية يجلس خارج موضعه ونتحلق حوله (جماعة القلم والحماية والسائق والمراسل ومن موجود في مقر السرية) وكان كثير ما يكون الحديث لأغراض ألتسليه وكان محورها انثنين الأول حمايته (محمد) ومن أهالي الموصل وهو طويل رشيق وذو شوارب متميزة جداً وكان(يسميه النقيب الطويل أبو شوارب)
والثاني أسمه(محمد مكَطوف) من أهالي البطحاء/الناصرية وهو كما قلنا سابقا طيب وفقير حد البلادة كان يستغلها أبو شوارب لإثارة الضحك..تطور الحديث في تلك ألليله بأن سأل أبو شوارب بخبث للضحك (ليش يكَولون الشجره الخبيثه)
موجه كلامه إلى(محمد مكَطوف) الذي لايعرف أن يرد حتى لو سؤل عن أسمه فتردد كعادته ولم يجاوب سوى (هسه سيدي النقيب موجود وراها أنه لك) ضحك الجميع ثم بطيبه ولأجل الضحك أيضا وجهه السيد النقيب كلامه لي (ها أخويه شتكَول) فوجدتها فرصه كبيره قد لاتتكررفقلت:
الشجرة الخبيثة عبارة أطلقها القائد البريطاني عندما كبده الثوار الأبطال عند تقدم الجيش البريطاني لاستكمال احتلال العراق عام 1914حيث حصلت معركة في منطقة(اللحيس) بين الناصرية وسوق الشيوخ تكبد فيها البريطانيين خسائر لم يتوقعوها وقد تمترس بعض الثوار خلف شجرة سدر(سدره) ضخمه فأمر قائد الحمله البريطانية بأزالت هذه الشجرة التي سماها بالخبيثة
أثار هذا الطرح الجميع ثم قلت أن من يطلقها هو حفيد من أطلقها أول مره وكانت هذه العبارة انتشرت بكثرة في تلك ألسنه وكان يقال أن ورائها كان صدام حسين فقلت للسيد النقيب :
أن من أطلقها وأنت تعرفه هو الخبيث لأنه يطلق مثل هذه العبارة على أبناء مدينه قدمت الكثير للحضارة الأنسانيه ثم سألته هل كل أهل تكريت أو الرمادي أوالبصره كلهم طيبين وهل أن سريتك كل منتسيبها طيبين
وهل تعلم أنك ونحن كلنا خبثاء لأن الجيش العراقي خبيث فهو يتشكل من أبناء تلك المدينه بنسبه لا تقل عن 70%
وأن أبو الأنبياء خبيث لأنه عاش فيها وبيته لازال هناك ومعه كل الأنبياء ومن علم الأنسانيه ألكتابه خبيث ومن يتعلم ألكتابه خبيث وكل كتاب خبيث بما فيها الكتب ألمقدسه.
هنا قام النقيب وصاح أحنست أستاذ (بس خلصنه يا معود أحنه دنضحك)
أعود لليلة الوداع ......أقترب الفجر وأنا لاأعلم ماذا هناك غالبني النعاس ....قال النقيب (كَوم أدي التحية وأوكَف بالاستعداد...فامتثلت لذلك وأعطاني مجموعة أوراق قال قدمها للتوقيع فقدمتها ...فتبين أنها معاملة تسريحي حيث كان كتاب اللجنة الطبية قد وصل قبل التحاقي وأكمل النقيب كل معاملة التسريح وطلب من القلم عدم أخباري حينما ألتحق
والمفاجأه تعقد لساني والنعاس الذي تركني...لم أعرف ما أقول أو كيف أتصرف أو كيف أودع فقال السيد النقيب مع أول الضياء سينقلك سائقي إلى الخلفيات وتغادر اليوم حتماً فحضنته وبكيت وهو يضحك وقال أتمنى أن نلتقي
لم أراه بعد ذلك حيث تحرك اللواء ليزج في مذبحة (نهر جاســــم) حيث فقد النقيب سلمان إسماعيل فرحان المياحي(أباخلود)
كان رجلاً أكبر من عمره ...شجاعاً...صادقاً.....أميناً.....مخلصاً لوطنه ومهنته
قال نحن في معركة وكلنا أبرياء وألأخلاص والوطنية ليست بالانتماء الحزبي ...كان لايفرق بين معيته لا على أساس العشيرة أو القومية أو المدينة أو الدين..كنا العربي والكردي والتركماني ولشبك ...كنا معاً المسلم السني والشيعي وكان المسيحي بأنتماأتهم وكان اليزيدي
كنا عبد الرضا وعبد القهار وحسين وعمر ومحمد وأوديشو وكاكه خالد و عمو....كنا من ديالى وكربلاء والبصرة والموصل والرمادي والناصرية والعمارة ودهوك وأربيل.....كنا العراق
ألرحمه لكل من كان بريئاً ومات بريئاً
(أتمنى من الذوات الذين وردت أسمائهم أو من يعرفون عنهم أن يكتبوا ما يعرفون)
عبد الرضا حمد جاسم/فرنسا
14 تمـــــــــوز 2010



#عبد_الرضا_حمد_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراجعه وتذكر/بمناسبة الحرب مع إيران
- مذكرات جندي أحتياط من 1981 الى1984/ الجزء الأول
- الأسلام ليس الحل....الأسلام ليس المشكله
- كيف أحتلت الولايات المتحده الأمريكيه الجزء الرابع
- كيف أحتلت الولايات المتحده الأمريكيه الخليج/الجزء الثا لث
- كيف احتلت الولايات المتحده الأمريكيه الخليج/الجزء الثاني
- كيف أحتلت الولايات المتحده الأمريكيه الخليج/الجزء الثاني
- كيف احتلت الولايات المتحده الأمريكيه الخليج


المزيد.....




- وزير إسرائيلي يضع خطة لمنع الضفة الغربية من أن تصبح جزءا من ...
- -الطلبة يصلون مدارسهم خلال الحرّ، لكن المشكلة تكمن ببقائهم ه ...
- بعضهم مصاب بـ-اضطراب ما بعد الصدمة-.. إسرائيل تستدعي جنودها ...
- فيديو: في مشهد خلاب وحفل استثنائي.. 20 زفافا في يوم واحد على ...
- نيبينزيا: السلام في أفغانستان مستحيل بدون التعامل مع -طالبان ...
- قنابل حائمة روسية تدمر وحدات القوات الأوكرانية
- بلا أسرى أو الضيف أو السنوار.. - البث الإسرائيلية- تقول إن إ ...
- هولندا تعتزم تقديم منظومة -باتريوت- لأوكرانيا
- بوتين في كوريا الشمالية: المعلن والمخفي
- اتحاد المصريين بالسعودية يكشف مصير جثامين الحجاج المصريين ال ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرضا حمد جاسم - مذكرات جندي احتياط من1981 الى1984/الجزء الثاني