|
الدساتير العربية واليابان
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 936 - 2004 / 8 / 25 - 12:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اليابان ينص دستوره فى المادة التاسعة على أنه " بلد مسالم لا يساهم فى الحروب ويرفض أستخدام القوة أو التهديد بها لتسوية النزاعات والمشكلات الدولية " . اليابان بلد مسالم بحسب دستوره وهو البلد الكافر فى نظر العرب ، اليابان الذى يدين غالبية أهله بأديان وضعية ينص دستوره على رفض الحرب ويتمسك بأنه بلد مسالم ، فى الوقت الذى نرى الدول العربية التى لها أديان وتنص على تطبيق الشريعة فى دستورها ، نجد الحروب والقتال والصراعات فيما بينها ، بلاد الأديان تشجع نشر الإرهاب والصراعات الطبقية والحروب الدينية وأحتقار الآخرين وأضطهادهم ، بينما اليابان الكافر بتعبير العربى هو بلد دستوره السلام وحل الصراعات والنزاعات بالطرق السلمية دون اللجوء إلى الطرق الحربية. اليابان أستطاعت بعد هزيمتها فى الحرب العالمية أن تكون من الدول الصناعية الكبرى وتغزو بقية دول العالم بأنتاجها التكنولوجى وتصبح ذات أقتصاد عالمى كبير ، بينما العرب بما يملكونه من أديان سماوية وقيم أخلاقية يدعون أنهم الوحيدين الذين يمتلكونها دون خلق الله فشلوا فى التقدم وأستمروا حتى يومنا هذا محتفظين بلقب " دول العالم الثالث " . من السخرية أن يستمر إعلامنا العربى وقادتنا على تشجيع حشر الدين فى السياسة والأقتصاد والعلم ، لذلك يمتلئ إعلامنا بالفتاوى والحكاوى عن النساء ولعن الكفار بنسبة تسعة وتسعين وتسعة من عشرة فى المائة، وبذلك يشغلون أوقات فراغهم بالتفكر فى شئون الله ، بينما اليابانى الأصفر الكافر الملعون مشغول بالعلوم والأبحاث والأختراعات التى تفيد بلاده وبلاد العالم . العربى يقف طويلاً أمام موضوع الإعجاز ويفرد له صفحات طويلة فى الصحف والمجلات والكتب ، أما اليابانى فإنه يقف طويلاً أمام الإنجاز الذى بدونه لا يكون له موضع قدم فى عالم اليوم والغد . أستطاع العربى أو المصرى تحديداً أن يكون صاحب براءة أختراع " تعبئة الشمس فى زجاجات " بالفهلوة طبعاً ، والتى سرعان ما لطش اليابانى الكافر وغيره من بلاد الغرب هذا الأختراع وطوروه وصنعوا ألواح وخلايا تخزن الطاقة الشمسية . العربى من كبار البشر الذين يتحدثون كثيراً بعبارات إنشائية ويوحى لك بأنه صاحب حضارة وشطارة وعمارة لا ينازعه فيها مخلوق ولولاه لما أستطاع اليابانى أو الأمريكى أو الصينى أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه من علم أو كفر تكنولوجى . فالعربى هو الرائد فى علم الأقتصاد والسياسة والإدارة والعلوم والحساب وكل ما يخطر على بالك ، ستجد العربى قد وصل إليه قبل غيره ويكفيك للتحقق من ذلك أن تقرأ الكتب وتتقرب إلى وسائل الإعلام لتجد لغة الكبرياء والتعالى والمجد العربى . ليس عيباً صواباً كان أم خطأً أن يفتخر العربى بأن لغته كانت لغة العلم للجنس البشرى فى العصور الوسطى عندما أزدهرت الحضارة العربية وأستطاع العرب الغزاة " الفاتحين " إدخال الحضارة لكل البلاد التى أستعمروها فى أوربا وغيرها من بلاد العالم الكافر ، إنه كلام كبير لكنه يليق بالعربى المغرم بأشعار الفخر والحماسة والهجاء والتعاسة والشراسة . يؤمن العرب بأنهم أسياد العالم وخير أمة ويعيشون ممجدين أنفسهم فى مؤلفاتهم وتراثهم، فى الوقت الذى يعشعش التخلف والعنصرية والبغض فى المواد التعليمية وفى مؤسساتهم ومجتمعاتهم التى يحكمها الجهل والبكاء على أطلال الماضى . اليابانى يشعر بالحب وبالأنتماء لوطنه لذلك يتفانى فى عمله من أجل نهضة بلاده ، العربى يكره حكوماته ويلعنها فى العلن والخفاء وفاقد أنتماءه الوطنى ، لذلك لا ننتظر كثيراً من بشر ناقمين على بلادهم يهربون من الواقع ليرتدوا إلى ماضيهم وتراثهم ليعيشوا فيه ويحاولون إحياءه بأتباع أساليب القوة الجاهلية وهيمنة الماضى على الحاضر . لا يفكر العرب بمراجعة دساتيرهم العتيقة ، ولا يريدون الأعتراف بأننا فى عصر العلم والمعرفة لأنهم يؤمنون بالحكمة القائلة " الجهل نور " ، إنهم يغيرون بعض مواد الدساتير لتتناسب مع الخلافة والتوريث الحكم والسيطرة أكثر على العباد . الآمال كبيرة فى جيل من الشباب الواعى الذى يستطيع إزالة الغشاوة التى تغطى أفكاره لينطلق إلى رحاب المستقبل بعيون العلم والمعرفة تاركاً وراء ظهره أفكار الجمود والتخلف التى عفى عليها الزمان لينطلق نحو الحرية الحقيقية التى يتحرر فيها العقل والقلب من الأفكار والمشاعر التى أعاقته كل هذه السنين عن التقدم والتأقلم مع الواقع العالمى ، فهل نسمح لأنفسنا بالتأمل فى دستور اليابان السلمى قبل أن يؤثر عليه المارد العالمى ويغيره بالعافية ؟ ويعطيكم العافية .
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بغداد وطبائع الأستبداد
-
دارفور فى ميزان رجال الحكم السودانى
-
قانون الطوارئ بين علاوى السياسى ومبارك
-
إنها الفطرة يا عرب
-
هموم الإصلاح والأفيون المصرى
-
جريمة الفضائيات العربية
-
أحمد نظيف رئيس وزراء لكل المصريين ؟
-
إن الله مع الظالمين
-
كبش الفداء ومسيحيو العالم العربى
-
الله أكبر ... لماذا ؟
-
إلغاء وزارة الإعلام المصرية
-
جمال الله والقبح الدينى
المزيد.....
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|