أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - ماهية العقل














المزيد.....

ماهية العقل


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 18:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العقل آلة صماء، خزان فارغ، مساحة شاسعة جرداء لا يمكنها أن تعمل من دون شحنها بالأفكار والآراء لتخزنها وتزاوجها مع بعض لانتاج الأفكار الجديدة، فالشحن الفكري ليس أفكاراً متداولة على الصعيد الاجتماعي أو قيم وآراء غير متداولة على نطاق واسع لكنها إرث معرفي للمجتمع.
كما يعدّ العقل أداة تحكم بطرح الأفكار والسلوكيات الواعية وضبط عدم تعارضها مع القيم الاجتماعية وأعرافها السائدة ولربما المفروضة قسراً من أنظمة اجتماعية وتابوات معينة، فهو يختزن ما هو سائداً وغير سائد، وما هو مسموح أو غير مسموح... لكنه في أكثر الأحيان يستخدم ضوابطه المختلفة لمنع انسياب الأفكار المتعارضة المضرة بالكائن ذاته لكن في حالات معينة تنهار الضوابط فتنساب الأفكار المتعارضة مع قيم المجتمع فيتعرض الفرد للعقوبات الاجتماعية أما نتيجة لفعله الواعي وأما لضعف ضوابطه العقلية.
ويعرف الكلام العقلاني أنه الكلام المقبول اجتماعياً أو ما يدركه العقل الجمعي أو المسموح به زمانياً، فعلى الرغم من أن العقل آلة طبيعية في الكائن البشري لكنها غير فعالة من دون شحنها لتقوم بوظائفها التي لا تقتصر على خزن الأفكار والقيم الاجتماعية العامة وحسب، بل فرزها عبر مرشحات العقل وتنقيتها لتنساب عبر الكلام إلى المجتمع شريطة أن تكون متوافقة مع الثقافة الاجتماعية ليجري الاعتراف بالكائن البشري كونه صالحاً للعيش بين أقرانه البشر وإلا يعدّ إنساناً غير اجتماعي يعاني ضعفاً في ضوابطه العقلية فيصنف أما مجنون وأما ناقص عقل.
يقول (( هيردو )) : " إن العقل وحده لا يفكر ولا يفرض إرادته بمعزل عن الكائن الإنساني ولا يجري ذلك إلا خلال مجتمع ثقافي محدد. ولا يمكن أن تكون الإرادة حرة بمعزل عن الكائن الإنساني كله أو خلاف ذلك، فالعقل يستمد قدرته من الطبيعة وليس من خارجها لذا جذره وطرق عمله مرتبط بالتقاليد الاجتماعية ".
فالعقل جزء من طبيعة الخلق الإنساني وشأنه شأن أي جزء من الكائن الإنساني لا يشتغل من دون تفعيل والمرتبط أساساً بالمنظمومة العقلية ككل، فالعقل ينمو زمنياً كسائر الأعضاء الأخرى في الجسد لكن على الرغم من أهمية نموه الطبيعي لا يمنحه الخاصية الكاملة على الإدراك والفهم بدليل عدم تساوي كل البشر في الذكاء والتفكير فمن دون شحن خزان العقل بالأفكار والرؤى المختلفة لا يمكن أن يشتغل لوحده ويُفعل ضوابطه المتعددة. ومن ثم فإن المنظمومة العقلية ليست منفصلة عن المنظومة الطبيعية وإنما تمثل جزءاً منها تشتغل آلياتها وفقاً لضوابط محددة، ومع ذلك فمازال عسيراً على العقل سبر كامل مجاهيل الطبيعة.
يعتقد (( سبيتوزا )) " أن العقل الإنساني جزء من الطبيعة وهو فكرة لا متناهية تعبر عن الطبيعة كلها، قدراته خارقة في إنسياب الأفكار وتخضع للنظام ذاته الذي يحكم الطبيعة بعدّه مرآة لعكس الحقيقة ".
يعدّ الخلل العقلي تشوهاً في نمو العقل بصورة طبيعية فتختل وظائفه في الضبط والتحكم لانسياب الأفكار أو التحكم بالسلوكيات لتتوافق مع أعراف المجتمع ليجري الاعتراف بالكائن الإنساني كونه كائناً اجتماعياً وصالحاً للعيش كذات سوية، وهذا لا ينفي وجود كائنات بشرية غير سوية في المجتمع تعاني نقصاً في نموه عقلها الطبيعي وخللاً في نظام تحكمه وضبطه فتصنف أما كائنات غير سوية يعمل القانون على ضبط سلوكها وتصرفها لحماية المجتمع، وأما كائنات مريضة فتصنف كائنات ناقصة بحاجة إلى رعاية طبية أو كائنات مختلة عقليا تودع في مصحات لعلاجها سريرياً وحماية المجتمع منها.
إن النمو الطبيعي للعقل هام لكنه ليس دالة على سوية السلوك ولا التمتع بالذكاء والتفكير السليم فقد يتساوى البشر في حجم النمو العقلي لكنهم يختلفون بقدرتهم على استخدامه لخلوه من المعرفة والعلوم اللذان يشعان الضوء في فضاء ظلام العقل. فكلما زاد الضوء في خلايا العقل المظلمة يشع نورها المعرفي، وكلما زادت قابلية الاكتساب المعرفي للفرد تقلصت مساحة الظلام في فضاء العقل. وعلى الضد من ذلك كلما ضعف الاكتساب المعرفي للفرد زادت مساحة الظلام في فضاء العقل فتضعف آليات التحكم والضبط العقلي للفرد فيوصم بالجنون.
يرى (( ميشيل فوكو )) " أن عقل الإنسان في نهاية الأمر لا يمثل بؤرة للنور العظيم، وإنما هو بؤرة ظلام وذكاؤه المحدود لا يكشف الحقيقة الجزئية والعرضية وجنونه لا يمثل سوى الوجه الآخر للأشياء بجوانبها المظلمة والمتناقضة مع حقيقتها ".
لذلك لا يمكن التعويل على العقل وحده لفهم الأشياء وإدراكها وتفسير الظواهر الطبيعية لأنه جزءاً من منظومة أكبر تدرك الجزئيات لا الكليات، فليس كل ما يدركه العقل صحيحاً تماماً لكنه مقبولاً عقلياً في زمانه، ويصبح مرفوضاً عقلياً في زمان آخر لتوسع المدارك العقلية بالعلوم والمعرفة الحديثة.
إن المنظومة العقلية بآلياتها المتعددة ثابتة النمو نسبياً لكن العلوم والمعرفة دائمة النمو والتطور خاصتها الأساس تفعيل آليات العقل بالشحن المعرفي لتصبح قادرة على أداء وظائفها بفعالية كاملة في الحياة، ومع ذلك فمازال غير متاحاً للفرد استخدام كامل منظومة عقله للتفاعل الكامل مع المنظومة الأرضية والكونية على نحو أشمل.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلطة الدين في الخير والشر
- دور قيم الفضيلة والرذيلة في تعزيز النظام الاجتماعي
- اكتساب قيم الفضيلة والرذيلة من المجتمع
- معيار الفضيلة والرذيلة في المجتمع
- القيم الأخلاقية في المجتمع
- التعامل مع الأشرار
- كتاب جديد صدر في دمشق للكاتب صاحب الربيعي
- كتاب جديد للكاتب صاحب الربيعي
- ثنائية الخير والشر الكامنة في الذات
- ضرورة الشر
- صدر كتاب جديد للباحث صاحب الربيعي
- رحل شيخ المنافي إلى منفاه الأخير ( رحيل الشاعر كاظم السماوي ...
- آلية صناعة وإتخاذ القرار السياسي‏
- ديمقراطية الاحتلال والدفاع عن الوطن‏
- من قواعد اللعبة السياسية.... الكذب، السرقة، والاختلاس !‏
- من قواعد اللعبة السياسية ... !.‏
- محاولة لتحليل بنية النظام السياسي العربي‏‎* ‎
- المؤسسات السياسية والكيانات الحزبية
- معايير التنافس الحر في النظام الديمقراطي
- مهزلة الديمقراطية الأمريكية في العراق


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - ماهية العقل