|
أوضاع أقلياتنا تنسف مشروع دولة واحدة من النهر للبحر
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 13:08
المحور:
حقوق الانسان
لا أعلم مدى الصدق في ما قرأته في موقع البي بي سي العربي عن تزايد عدد المواطنين الإسرائيليين القابلين بحل دولة واحدة ، تضم أهالي الضفة الغربية ، و قطاع غزة ، و إسرائيل . شكوكي في مصداقية الخبر ليس مرجعها فقط إهتزاز مصداقية البي بي سي العربية في نظري ، بعد التجربة الشخصية التي مررت بها معها في إبريل من عام 2008 ، بعد أحداث المحلة الكبرى ، و الإضراب الشهير ، حين تمت دعوتي للمشاركة في حلقة عنوانها : إلى أين تتجه مصر ، و أثناء إنتظاري لدوري في الحديث تم إظهار شقيق لي على الشاشة الكبيرة التي كانت تظهر خلف مقدم الحلقة ، و لكن بدون إظهار صوته ، في ما بدا بجلاء على إنه رسالة أمنية ، أُستخدمت فيها البي بي سي العربية ، و دليل على وجود إختراق للبي بي سي العربية على يد إستخبارات آل مبارك . بعيدا عن تلك التجربة الشخصية ، فإن المنطق يثير شكوكي حول صحة ذلك الخبر ، خاصة أن الخبر المعني بالحديث نقل إلينا أن حل الدولة الواحدة يلقى قبول متزايد بين أوساط اليمين الإسرائيلي ، و القراء جميعهم يعلمون ماذا يعني اليمين الإسرائيلي اليهودي . إنه الطرف الأكثر تمسكاً بمبدأ يهودية إسرائيل ، و حل الدولة الواحدة يقوض تلك الهوية ، لأنه من المؤكد أن إسرائيل ستخسر أي سباق سكاني ، و معظم اليهود من مواطني إسرائيل يعلمون حاليا جيدا ما يعني الوجود العربي الحالي في إسرائيل من تهديد مستقبلي ليهودية إسرائيل ، فكيف سيكون الحال بعد ضم سكان الضفة الغربية ، و قطاع غزة ؟ إنهم ليسوا بغافلين عن وضعهم الديموغرافي الهش . و لكن لندع اليمين الإسرائيلي اليهودي جانبا ، و لنتعامل مع اليسار الإسرائيلي ، و المواطن الإسرائيلي العلماني ، المنتمي للديانة اليهودية ، و لو إسميا . أيضا ذلك المواطن ليس أقل وعيا من المواطن الإسرائيلي اليهودي اليميني بالمشكلة الديموغرافية التي تواجهها إسرائيل ، و لكن لنفترض - مجرد إفتراض - إنه لا يرى - من حيث المبدأ - مانع في أن تعيش الأجيال القادمة من يهود إسرائيل كأقلية في دولة واحدة من النهر إلى البحر ، و لكن ما الذي يجعله يطمئن بأن الدولة القادمة ستكون في المستقبل دولة مدنية ، تحترم حقوق كافة مواطنيها ، بما في ذلك الأقليات ، و تماثل دول العالم الحر الحقيقية في كافة المناحي ؟ ما الذي يجعله يطمئن ، بأن الدولة الموحدة من النهر إلى البحر لن تصبح مثل بقية الدول العربية الأخرى ، القائمة حاليا ؟ يكفي المواطن الإسرائيلي اليهودي ، يميني كان ، أم يساري ، متدين ، أو علماني ، أن ينظر إلى حال الأقليات الدينية ، و العرقية ، لدينا ، ليخاف على ذريته نفس المصير الذي تعيشه معظم الأقليات في العالم العربي في الوقت الحاضر ، من وضع أقله التهميش ، و الحرمان من المناصب القيادية العليا ، و الأمنية الحساسة ، و الإتهام الدائم بالعمالة للخارج ، إلى الإفقار المتعمد ، و التشريد ، و التهجير ، و الإعتداءات البدنية ، و الإعتقال ، و الإغتصاب ، و القتل ، و الأنماط التي المذكورة في هذه العبارة توجد عليها أدلة حية معاصرة في كافة أركان العالم العربي . لم أتحدث عن غياب الديمقراطية ، و حرب الأنظمة العربية على العراق لتحطيم ديمقراطيته الوليدة ، و حرية التعبير الغائبة ، و الفساد المستشري ، و التخلف التكنولوجي الرهيب ، لأنها تأتي في مراتب أقل من حقوق الإنسان الأساسية ، و التي تعاني معظم الأقليات في العالم العربي من غيابها ، بدرجة ، أو أخرى ، بما في ذلك أقليات تنتمي للإسلام ، و تعترف بإسلاميتها وثيقة عمان الشهيرة . حتى الإنتماء للأغلبية دينيا ، و مذهبيا ، لا يمنع إضطهاد الأقليات العرقية ، فلم يشفع للفوريين إسلامهم ، و سنيتهم ، عند النظام البشيري ، و تعامل الأنظمة الحاكمة المتتالية في مصر مع النوبيين دليل أخر على التعامل المجحف مع الأقليات و إن إنتمت للأغلبية دينيا ، و مذهبيا . أما المثال الأهم في هذا الميدان ، و الذي ربما ينظر له المواطن الإسرائيلي اليهودي ، فهو تاريخ الفلسطينيين المسيحيين ، و بخاصة في الضفة الغربية ، و قطاع غزة . إنني أؤمن بأن حل الدولة الواحدة ، من النهر للبحر ، تضم كل القاطنين حاليا في تلك البقعة ، هو حل في مصلحة الطرف الفلسطيني حاليا ، و في المستقبل ، بالنظر لعامل النمو الديموغرافي ، و لكني واقعي ، و أرى إنه حل بعيد المنال ، لأن المواطن الإسرائيلي اليهودي العادي لن يقبل به لأسباب نفسية تاريخية ، و لأن ليس هناك في أحوالنا ما يشجع حتى من هو على إستعداد لأن يحيا كأقلية على القبول بأن يصبح أقلية في دولة على النمط العربي الحالي . قبل أن نحلم بحل دولة واحدة ، و نروجه ، علينا أن نكون أولاً نموذج مقبول .
02-08-2010
في هذا الشأن يمكن مراجعة مقال : في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟ و مقال : ما أتفق فيه مع القرضاوي .
ملحوظة دائمة : برجاء تجاهل أي تشويه أمني للمقالات ، ذلك التشويه الذي يشمل تغيير طريقة كتابة بعض الكلمات ، و بالحذف و / أو الإضافة ، و ليكن التركيز دائما على صلب المقالات .
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السفر بدون جواز سفر
-
حماس ليست أعز عليه من أوجلان
-
أخرجوا للطبيعة ، أخرجوا للحرية
-
هل هي عادة أمريكية ؟
-
الأسد يمكن قلبه إلى فأر
-
الحبكة يلزمها فارسي و يهودي ، الأفريقي لا ينفع
-
السنن السورية السياسية السيئة
-
التكنوقراط من الأقليات هم الحل في هذا الموقف
-
الأمل يمنع إستخدام القوة ضد إيران
-
وزير الري القائد الأعلى للقوات المسلحة
-
عار على النوبي إن رفض العودة
-
يا أهل النوبة الغارقة : يمكنكم أن تعدوا أنفسكم للعودة
-
خطوات صائبة من البرادعي ، و لكن
-
المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي
-
التنوير ، كلمة يملكها المؤمن أيضاً
-
و مغارات اللصوص تشجع على المزيد من السرقة ، حول الحسابات الم
...
-
إنحدرنا حتى أصبحنا نطالب بالأساسيات
-
لماذا لا تقبض حماس ثمن ما تقوم به بالفعل ؟
-
الفرصة لم تضع لمبادرة مباشرة من حماس
-
غزة ، إنضمام مؤقت ، كحل مؤقت
المزيد.....
-
لبنان يتقدم بشكوى ضد إسرائيل إلى الأمم المتحدة بسبب تشويشها
...
-
بعثة إيران لدى الأمم المتحدة لـ -CNN-: اتهام طهران بمؤامرة ض
...
-
إسرائيل استهدفت 70% من مدارس الأونروا في غزة
-
منتدى الحوار الإقليمي حول حقوق الإنسان يوصي بضرورة تعزيز الو
...
-
غارة إسرائيلية استهدفت منطقة مكتظة بالنازحين في مواصي خان يو
...
-
تقرير عبري: خلافات بين نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية بسبب صف
...
-
شاهد.. متطوعون بولاية القضارف في خدمة النازحين من سنجة وسنار
...
-
الهند تقدم 2.5 مليون دولار للأونروا من أجل رعاية اللاجئين ال
...
-
الأمم المتحدة: نزوح 10 ملايين سوداني والجوع يهدد نصف السكان
...
-
فرنسا تستنكر لاستهداف الاحتلال مدارس النازحين في قطاع غزة
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|