أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - توفيق الحاج - ماذا فعلنا لكم














المزيد.....

ماذا فعلنا لكم


توفيق الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 935 - 2004 / 8 / 24 - 08:48
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


" إلى الأمعاء الخاوية في صيام الحرية "

وصلتني رسالته عبر صحراء النقب ، ومن وراء الأسلاك الشائكة ..
نسمة منعشة ( ترفع المعنويات ) وتلفح جبيني الملتهب بحمى الأحداث المحبطة من نابلس المجتاحة الى النجف المحاصرة.
يدٌ حانية تربت على الكتف المهدود من فرط ما مرت فوقه الحوافر المتسلقة إلى نجوم النحاس ‍!!
كان شبلا صغيراً … بريئاً ..
وكنت أشفق عليه جداً من العيون .. والشاباك .. وإغراء البندقية .
قلائل هم الذين حرصوا على طهارة الرصاص أمام شهوة أو بريق أو غنيمة كثيرون هم الذين بدءوا ثواراً … وانتهوا تجاراً على طريق الإثراء السريع ..
كان صورة طبق الأصل من تلميذي المقاتل الجميل الذي حلم وأحب وحاول أن يكون كفا تناطح المخرز..!! فقضى بصاروخ دبابات في بيت مهجور …
تذكرت أن تلميذي الشهيد كان قد حلفني أن أكتب نعيه بنفسي وذلك قبل أن تثكله رفح بأسبوع …ضحكت وتصورته يمزح ولكني عرفت للأسف أنه أكثر قدرة على الكشف مني.
تذكرت كيف كان يحب الحياة والناس .. وكيف كان يحلم ببيت وزوجة وأطفال .. وكيف نجا أكثر من مرة من مداهمات الاحتلال بفضل أرملة عجوز تحب الوطن بصمت في وقت هرب فيه أكثر المناضلين ثرثرة وتنظيراً ..
… تذكرت .. كيف قضى … وكيف بيع !! .. أذهلتني جمجمته المهشمة والتوقيت..!!
بعد أسبوع فقط من سقوطه .. كنا نحتفل بتوقيع اتفاق أوسلو على الهواء مباشرة !!
لو انتظر الموت قليلاً
ربما عاش بيننا وتزوج وأنجب بلابل صغيرة .. جريئة جميلة تعشق حكايا الجدات.. وربما مات بيننا من هول المسافة بين ما قالت زرقاء اليمامة وما نحياه من عبث الزمن ..
أعادتني همسة ابني الصغير بجواري .. إلى الرسالة الحاكيةاللون بمثلثها الأحمر .. وقبلتها مرتين .. وطويتها بحرص .. هتفت بكل القيم الذابلة في خزّان المرحلة !! وصوت المغني المكلوم "من سجن عكا طلعت جنازة..محمد جمجوم وفؤادحجازي.."يضفي مسحة أخرى من ألكآبة وديمومة الألم .
قلبي على رفاقي الذين يدفعون وحدهم … يغنون وحدهم … يحملون وحدهم …ويرفضون وحدهم …
السجن هذا الصدق ما بعد الشهادة …
السجن هذا العشق تحمله الإرادة …
السجن أغنية التحدي حين تكتمل العبادة ..
انتحبت خجلاً ..لأني لا أملك أن أقدم لصعاليك القيد والأمعاء الخاوية سوى كلماتٍ عاجزة وأشجان ذاكرة ممزقة على ترس الحياة المتجهمة ..
انتحبت خجلاً..
باسم كل الفقراء الذين لا زال للخجل في وجوههم علاقة !!
باسم كل الذين لم يكذبوا على البسطاء وأنفسهم، ولم يمارسوا رقصة الحمائم المفجعة ..
أيها الأسرى …
انتحبنا خجلاً من الأرض التي لا تزال تهتف بنا وتفجر السؤال تلو السؤال في ضمائرنا
ماذا فعلنا لكم … ؟! قدمنا علبة حلوى .. معطفاً … قارورة زيت ..
وقفنا ساعتين تضامناً .. امتنعنا عن تناول الشطائر والعصائر ساعةً .. تناقشنا من أجلكم في قاعة مكيفة … تغنينا بتجلدكم في ندوة لم يحضرها إلا أهلوكم …
ماذا فعلنا لكم .. ؟!
غزة تسهر على شاطئ البحر حتى الصباح .. انتظاراً لعودتكم !!
الجهود المستميتة تتوسع وتتعمق وتتكثف من أجل الإفراج عنكم … ؟!
التصريحات منذ أعوام تؤكد بشدة أن تحرير كل السجناء قريب … قريب …وعلى مرمى حجر..!!
ماذا فعلنا لكم …؟!
يا ذلك الوجع الذي لا يسكنه هروب أو شعار أو فذلكة …
يا ذلك الملح الممنوع الذي تذره الحقيقة في عيون الواهمين ..
الأب .. والأم .. والزوجة … والأبناء الذين يتجهون بأنظارهم إلى النقب وعسقلان و … و … …بدموع الفراق … ومعاناة الزيارة … ووحشة أن يأتي العيد مع حسرة الغياب .. يعرفون معنى ما أقول
من فكر منا أن يقدم لابن سجين حتى ولو زهرة أو ابتسامة .
من فكر منا أن يواصل الغناء من أجل حرية الأسرى بعيداً عن واجب المناسبة .
من تصور منا كيف تواجه الروح الأسيرة نازية التفتيش العاري والعزل وحفلات الشواء….!!
الأسير في زنزانته أقوى وأصلب منا وجدير بأن نكرم أهله بأكثر من الفتات.. وسيل الشعارات
لو أن هناك عدلا لكان أهل الأسير أحق براتب الوزير
ولو أن هناك صدقا لصام الجميع رحمة من لعنة الضمير..
يا أيها الأسير …
في قلوبنا تحلّق … تصمد وعينا بانفجار الأسئلة …
في عيوننا تعملق البقاء والوطن …
في زماننا .. نحن نهربُ للظهور ..
وأنت تدفع الثمن !



#توفيق_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزف على أوتار مقطوعة
- - قصيدة -هل أنا هذاالوطن؟


المزيد.....




- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - توفيق الحاج - ماذا فعلنا لكم