سقوط الحضارة الامريكية: من الملوم؟

خالد عبد القادر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 3079 - 2010 / 7 / 30 - 12:43
المحور: حقوق الانسان
    

من المؤسف, ان مسار التطور الحضاري في الولايات المتحدة الامريكية, انتهى الى حالة فقدان مشعل النور الفكري الفلسفي الذي اوقدته الثورة الامريكية الانسانية في فترة التحرر من الاستعمار الخارجي, تماما كما فقده من قبله ايضا المسار الحضاري الفرنسي الذي كان يطرح مقولة التحرر الاجتماعي من الظلم اداخلي, فنحن في المجتمعات النامية او المتخلفة بات همنا ينحصر في العمل على والتساؤل حول كيفية التخلص من الاستعمار الاجنبي الذي باتت الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا الى جانب بريطانيا وغيرها تمثله.
لقد تحولت انسانية الفلسفة في هذه البلدان الى حالة نفاق ورشوة سياسية, كان لا بد لانسان المجتمعات النامية, ان يلاحظها مهما كان مستواه الثقافي, فقد باتت الادارات السياسية في هذه البلدان ( المتحضرة ) ترشو مجتمعاتها بتغذية رفاهيتها من لحم والم المجتمعات الاخرى, لقد حولت مجتمعاتها الى نسخة عن المجتمع النازي الالماني, الذي تمثلته الى درجة ان العقول البسيطة باتت ترفض دعايتها حول النازية الالمانية القومية الشوفونية.
فلقد بات مؤلما جدا لنا نحن الفلسطينيين, مثلا, ان يتساوق الى هذه الدرجة من الانسجام والتناغم الرؤية الامريكية التي ولدت من رحم عملية تحرر, مع الرؤية الصهيونية التي فرضتها علينا حالة زنا سياسي بين القوة الاستعمارية البريطانية وقوى عرقية اوروبية رجعية دينية, ولا نجد تفسيرا لوراثة الولاايات المتحدة لهذه المهمة, التي تقوم على اعتبار ان دم ومصير وبقاء القومية الفلسطينية كاملا ووجودها الطبيعي التاريخي, لا يرتقي في اهميته الى مستوى اهمية ورفاهية المجتمع الامريكي, لذلك لم يعد يهم الشعوب المظلومة ومنها شعبنا هذا التقدم التقني الامريكي الذي يخترق الفضَاء حتى لو رؤا الله, فقد بتنا على يقين ان كل التطور التقني المعرفي الادواتي الذي تحققه الحضارة الامريكية تحوله مؤسساتهم الى قوة عسكرية عدوانية غاشمة ضدنا وتلحق الاذى بانسانيتنا,
كيف يمكن لانسانية ما ان تقبل مقولة الديموقراطية الامريكية التي شرعت ونفذت واقعة ابادة مجتمعات هيروشيما وناجازاكي, ومررتها دون حساب او عقاب, الا اذا كان هناك في هذه المقولة تصنيف يضع الانسانية في مستويين, احدهما يجب الحفاظ عليه والاخر يمكن الاستغناء عنه؟
كيف يمكن تقبل نظام ( المؤسسة ) كصيغة ادارية تجسد الى الواقع المقولة الديموقراطية في الولايات المتحدة الامريكية ومثيلاتها, التشريعي منها يعلن عدائه للشعوب الاخرى ويشرع الاعتداء عليها, والتنفيذي منها يجسد عمليا هذه التشريعات بصورة دموية. في حين يلجأ القضائي للصمت وادعاء العمى.
لقد سقطت المثل الانسانية العليا من مكون الحضارة الامريكية, ولم يبقى للمجتمع منها سوى نطاق جيوسياسي عالمي يسمونه امن المصالح القومية يحددونه ببولهم. ولم يعد لهم سوى الناب والمخلب ادوات وقنوات للاتصال بغيرهم. ورفاق سوء يتحالفون معهم.
في المقابل تسلحت المجتمعات الاخرى بنظرة ازدراء لكل ما هو امريكي ماديا كان او معنويا, وابتسامة صفراء منافقة تنبع من حالة خوف, واحساس تشفي مع كل مصيبة تصيب الولايات المتحدة الامريكية, وحالة انتظار لانهيارها, ان العالم ينتظر سقوط الولايات المتحدة سياسيا بعد ان سقطت حضاريا. فمن الملوم؟
هذا هو السؤال الذي على الديموقراطية الامريكية ونخبتها ان تقف امامه وتحاول الاجابة عليه, هل هو الشعب الفلسطيني الاعزل الذي يناصبه جبروت التفوق الامريكي العداء الهائل. ومحاولة اجباره على الانتحار كمبرر للحفاظ على امن المصالح الامريكية الخاصة, اليس ذلك سببا يدعوا الفلسطينيين لان يترحموا على نازية هتلر. التي كانت لهم ارحم من نازية دول مجلس الامن الخمسة التي تدعي الديموقراطية, ونازية النظامين الراسمالي والاشتراكي. ام المسئول شعوب هذه الدول ومنها الشعب الامريكي الذي يغض البصر عن كون فراشه مليء بجثث الاحلام الانسانية ولم يعد يهمه فيه سوى متعة الاضطجاع.
كيف يفسر رب الاسرة الامريكي ( الحنون ) لطفله ان ثمن لعبته المفضلة دفع من دم طفل اخر؟

#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات