|
أخلاف 8 شباط يتجمعون من جديد
سيد علي الطبطبائي
الحوار المتمدن-العدد: 3078 - 2010 / 7 / 29 - 23:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كشف الصراع الجاري المحموم على الكرسي بعد الانتخابات عن الكثير من الخفايا والخطط المبيتة للعراقيين. لقد توجه العراقيون إلى صناديق الانتخابات يدفعهم الطموح لإرساء وبناء دولة ديمقراطية في البلاد، ولكن ما يشهده العراقيون بعد الانتخابات على وجه الخصوص يشير إلى بوادر وأفعال خطيرة ترتكبها تلك القوى التي انتخبها العراقيون وائتمنها كي يصلحوا ما أفسده الدهر. وكانت النتيجة هي في الواقع وللأسف على خلاف ما انتظره وتمناه الشعب العراقي. ولربما إن أهم ما لوحظ في الأيام الأخيرة هي بوادر عودة لتجمع تلك القوى التي ساهمت في اسقاط حلم العراقيين في الاستقرار والتنمية في 8 شباط عام 1963. ولكي لا يكون توقعنا ضرب من الخيال والطعن، نطرح على القارئ الكريم جملة من الحقائق التالية. فانقلاب 8 شباط عام 1963 لم يكن له أن ينجح إلاّ بفضل عداء دول الجوار للحكم الوطني الذي قاده الزعيم الشهيد عبد الكريم القاسم، ودعم هذه الدول للقوى العراقية التي تضررت مصالحها جراء ثورة تموز. ويتكرر هذا المشهد الآن حيث تمد دول الجوار يدها في الشأن العراقي وبطلب واستجداء من قبل قوى سياسية عراقية لا تحاور العراقيين الذين انتخبوهم لحل أزمة تشكيل الحكومة الجديدة بقدر ما تستقوي بدول الجوار المعادية للعملية السياسية الجارية في بلادنا. وعلى هذا المنوال يتسابق أياد علاوي وجماعته والصدر وتياره وعمار الحكيم ومجلسه في دق أبواب دول الجوار. فنراهم تارة في طهران وتارة أخرى في دمشق ثم إلى الرياض والكويت وصنعاء وأنقرة بهدف واحد هو الاستقواء بحكام دول الجوار وحثهم على المزيد من التدخل في الشأن العراقي كي يزداد تعقيداً دون أدنى احترام لإرادة العراقيين في تقرير مصير البلد. تماماً كما فعل أسلاف هؤلاء في عهد الحكم الوطني لعبد الكريم قاسم عندما استنجدوا بحكام إيران والكويت والعربية المتحدة وغيرهم من أجل الإطاحة بالحكم الوطني. ويتبارى جميع هؤلاء الحلفاء القدامى - الجدد الآن في تشويه الحقائق وإلقاء اللوم على رئيس الوزراء الحالي فقط جراء السلبيات الخطيرة التي يعاني منها العراقيون، وكأن وزارة المالكي لم تضم وزراء ذوي نفوذ من المجلس الأعلى أو من بعض أطراف القائمة العراقية وبضمنهم نائب رئيس الوزراء الحالي. وتحول هذا الهجوم في الآونة الأخيرة إلى ممارسة مريبة محمومة يومية خاصة من قبل قادة المجلس الأعلى وفي حديث صريح لكل من عمار الحكيم وعادل عبد المهدي إلى وسائل الإعلام، وكأن عادل عبد المهدي لم يحتل منصب نائب رئيس الجمهورية وهو الذي عبر عن مساندته للمالكي في الزمن الفائت وقبل التوجه لإعادة تجميع أسلاف انقلاب شباط. وينظم إلى هذه الجوقة التيار الصدري صاحب كل المواجهات والمضاربات العنفية وأطراف في القائمة العراقية ممن يضع بعضهم رجل في العملية السياسية ورجل أخرى في شلة زمر الإرهاب على شاكلة محمد الدايني المطلوب للعدالة. إن الذاكرة العراقية لا تنس موقف كل هؤلاء الذين "انتخبهم " الشعب في عرقلة عمل مجلس النواب وتشريع القوانين التي تمس حياة المواطنين أو تلك التي يحتاجها العراق للخروج من أزمته سواء عن طريق مقاطعة جلسات المجلس أو تأجيل التشريعات وصولاً إلى تجرأ بعض النواب منهم إلى تفجير حتى مجلس النواب. ومما يلفت الأنظار هو أن جميع هذه التيارات تحتضن فلول حزب البعث وتطالب وبشكل متفاوت برفع "المظلومية" عن البعثيين. وتطالب الضحية بالمصالحة معمسببي نكبتها دون أن تطلب من الجناة الاعتذار لكل المحن التي سييوها للعراقيين. فأياد علاوي وحلفائه من صالح المطلك وعدنان الدليمي وغيرهم لا يهمهم إلاً العودة إلى الوراء حيث لا يكفون ولو لحظة عن مطالبتهم بإعادة البعثيين إلى الحكم بذريعة المصالحة الوطنية. ولا يتخلف عمار الحكيم عن هذا المطلب خاصة في أثناء الانتخابات حيث عبر عن ضرورة انصاف البعثيين. هذا الميل لا يأتي من فراغ بل من خلفية تاريخية. فإن غالبية هذه التيارات تضم في صفوفها رموز من حزب البعث وحلفاء لهم ساهموا في إلحاق الأذى بالعراق والعراقيين. فالعراقيون ما زالوا يتذكرون فتاوى التكفير والعداء والقتل للسيد الحكيم لكل من ناصر ثورة تموز، تلك الفتاوى التي ساهمت في كارثة شباط. كما أن كل من أياد علاوي وعادل عبد المهدي كانا من رموز الحرس القومي الذي ساهم بنشاط بملاحقة وقتل أنصار الحكم الوطني لثورة تموز في 8 شباط 1963. ويضم المجلس الأعلى ومنظمة بدر حشداً من التوابين البعثيين الذين تم أسرهم أثناء الحرب العراقية الاإيرانية المشؤومة من قبل القوات الإيرانية وأطلق سراحهم بعد توبتهم في الأسر ليشاركوا من جديد في إدامة هذه العراقية الإيرانية القذرة. أما التيار الصدري فغالبية من ناشطيه هم من فلول البعث ومخبري الأمن ممن ساهموا بإيذاء أبناء جلدتهم في مدينة الثورة وغيرها وقاموا بعملية الحرق والسطو ضمن الحواسم بعد التاسع من نيسان واستمروا بنشر الفوضى ودعم الإرهابيين في الأنبار ومدن العراق الجنوبية واذكاء العنف الطائفي بهدف زعزعة الاستقرار على خلفية شعارهم المريب"كلا كلا أمريكا"، وهم الذين لم يسلطوا إرهابهم إلاّ على العراقيين ويتحالفون الآن مع من كان عوناً لغزو الولايات المتحدة سواء من رموز "العراقية" أو من رموز "الائتلاف الوطني". وينظم إلى هذه الجوقة، كما حدث في انقلاب شباط، بعض من رموز الحركة القومية الكردية التي ناصبت العداء لثورة تموز وزعيمها رغم ما قدمته الثورة من خدمات للحركة القومية الكردية وزعيمها المرحوم الملا مصطفى البارزاني. هذا الخطأ الذي سرعان ما انقلب إلى كارثة على المواطنين العراقيين وعلى الكرد على شكل مجازر وعودة القصف الدموي للمناطق الآهلة بالسكان والاستعانة بقوات من انقلابيي 8 آذار في سوريا لكبح تطلعات العراقيين للتحرر من كوارث انقلابهم المشؤوم. هذه البوادر الخطيرة لعودة هذا التجمع الشباطي ستضع العراق من جديد في دائرة الفوضى وسلب العراقيين حقهم في تقرير مصيرهم والارتهان للقوى الإقليمية وتناقضاتها وتناحراتها، وفي دائرة التناحر مع القوى الدولية. وستعود بالعراق من جديد إلى دائرة الهدم والقتل والتشرذم الذي تسعى إليه دوائر العسف والإرهاب والاستبداد في عالمنا العربي والإسلامي الغارق في الركود. لا نشير هنا إلى مثالب وأخطاء وممارسات سياسية وإدارية خطيرة أرتكبها المالكي وأنصاره في المحافظات، وعلى رأسها إطلاق راح العديد من المحكومين والمتهمين بالعنف وعدم مصارحته الشعب بخطط المتآمرين والارهابيين والمجرمين ودول الجوار التي تسعى إلى الغدر بحلم العراقيين على غرار ما حدث في شباط عام 1963. كما لا نشير إلى مدى آهلية هذا أو ذاك لتولي المسؤولية وهي أمور تستحق التوقف، بل نشير هنا إلى خطط محمومة تدبرها أشد الدوائر رجعية واستبداداً في المنطقة وبالاستناد إلى قوى عراقية معروفة تستخدم كحصان طروادة لعودة الحصان العراقي الجامح إلى سجنه الذي شيده النظام السابق المقبور. فهل سيعي الناخب العراقي حجم هذا التآمر؟ وهل سيطالب بإعادة الانتخابات بموجب المادة 64 من الدستور العراقي كحل للخروج من الأزمة السياسية المستعصية والتفتيش عن نواب جدد يهمهم الحوار مع ناخبيهم وليس مع قوى التآمر الإقليمي لحل مشاكلنا الكبير، نواب كل همهم تجميع العراقيين وليس تكريس شرذمتهم، نواب لا يخاطبون ظائفة أو عشيرة أو محافظة ويتنكرون للعراق كله، خاصة بعد فشل هؤلاء النواب وبعد أشهر من الخروقات في القوانين والدستور العراقي في قيادة العراق إلى بر الأمان؟.
#سيد_علي_الطبطبائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|