أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حمادي بلخشين - كيف أوقعنا البخاريّ في مخرأة حقيقيّة( قصة بالمناسبة)















المزيد.....

كيف أوقعنا البخاريّ في مخرأة حقيقيّة( قصة بالمناسبة)


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3071 - 2010 / 7 / 22 - 11:01
المحور: حقوق الانسان
    


إنفجار


كنت مستمتعا بصوت عبد الهادي بالخياط" اشتدي أزمة تنفرج" حين تناول جدّي فردة حذاء ثم هوى بها على الراديو كاسيت حتى أسقطه أرضا. لم يكفه ذلك، بل أخذ يوسع شظايا المذياع الكسير رفسا و ركلا. كل ذلك وهو يصيح بين كلّ لهاثين:
ـــ في كل أمّة حيّة
ـــ ....؟!
ـــ تؤدّي إشتداد الأزمات
ـــ ...؟!
إلى إنفجارات سياسية
ـــ ...؟!
ـــ وثورات شعبية
ـــ ...؟!
ـــ تسقط عروش الظلمة
ـــ ...؟!
ـــ و تودي بهم الى مزابل التاريخ
ـــ ...؟!
ـــ و أودية الإهمال و النسيان
ـــ ...؟!
ـــ إلا أمتنا الخاضعة المستسلمة
ـــ ...؟!
ـــ فان اشتداد أزماتها
ـــ...؟!
ـــ و تتابع نكباتها
ـــ ...
ـــ يعقبه انفراج سحريّ
ـــ ...؟!
ـــ لا يسيل دما و لا عرقا
ــ ...؟!
ـــ و لا يستهدف فاسدا ولا مجرما

كنت أراقب جدّي بدهشة ممزوجة برضى فقد ضقت ذرعا بمذياعي السيئ الأداء، حين أخذ ينشد( من شعره كما علمت فيما بعد)
ـــ يا جموع المسلمين.
يا جموع المسلمين
بولوا على قبري
اذا ما جاءكم نصر من الله
مع الفتح المبين.
من قبل أن تغلـّقوا
معاهد الكهنة
و الأزهر المهين.
و تبغضوا بن حنبل
في الله مخلصين!!
طوّح جدّي بفردة الحذاء، جلس أرضا ثم شرع ينشد متذمرا:
ــ ضجر ضجر.
ضجر ضجر.
ما أقبح اليوم الذي نحيا
و ألعن ما ننتظر.
ضجر ضجر
ضجر ضجر.
لمّا معاوية فجر.
دين الإله تقهقر
ثم تلاشى و أندثر.
من بعد عين ما تبقّي عندنا
إلا " الأثر" !
فالوضع في الحضيض مستقر
من ساعة نكبنا ابن حنبل
و نحن "ثابتون" في الحفر.
هذي شعوب توسع فقرا
مع ذلّ و قهر مستمرّ .
فكأن القوم من ضنك
وضيق و هوان
قد تردّوا في سقر.
و ملوك تافهون
لا تساوي حزمة منهم
لدى الغرب المهيمن
ساعة عقد المحافل
وزنها روث بقر!
أخذ جدي يقهقه بطريقة شككتني في سلامة مداركه العقلية، أشار باصبعه الي حيث لم أر شيئا ثم أردف يقول:
ــ هذا القريد قائد
و ذلك المسخ زعيم.
تكفيك رؤيته لكي
تلقي بنفسك في الجحيم!
هذا كتاب الله لم يبق مبينا
كي يكون المرجع
في دحر طلاّب العروش الطامعينا
لم يعد يكفي، كما قال البخاريّ و أحمد.
كان لا بدّ لنا من" سنة"
سنّت البغي لكي تجعله دينا.

سكت جدي طويلا .. تلا قوله تعالى ((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)) ثم استمر يقول:
ـــ من غيرنا أسترعى الذئاب؟!
هذا غراب قد تعمّم فأبشري
.... يا أمتى
ما دام حاديك الغراب!!
ــ ...؟!
جلّ المصاب
جل المصاب
يا رب قد جل المصاب
رحماك هل كتب علينا
عبء تسديد خطايا
كل أبناء القحاب
ـــ ....؟!
ـــ هل تصدق يا ولدي ان علي جمعة مفتي مصر الذي أفتي كما اعلمتك قبل شهر بشرب بول الرسول قد أجاب وقد سئل عن الإحتلال الأمريكي للعراق: انا لا أهتم بالسياسة !!
ـــ ...؟!
سكت جدي طويلا ثم اندفع منشدا:
ــ أأمّة أم أمة أرى
رافعة الرجلين
مفتوحة الشفرين للورى

كنت أعجب من إباحية جدي حين ضرب كفا بكف ثم صاح فيّ:
ـــ هل تصدق يا بني أن ابن حنبل لم يكن يأكل البطيخ؟
صحت لفرط دهشتي:
ـــ هل كان يحرّم لمسها لأنها أنثى. كما حرم زعيم أحباش لبنان نوم المرأة بجانب جدار لأن الجدار ذكر، أم كان يحرّم دمها رغم أنه قد قيل عنها: حلوة الريق حلال دمها في كل ملّة / نصفها بدر و إن قسّمتها كانت أهـلّة!؟
ضحك جدي ثم قال:
ــ لا .. لا بل لأنه لم يصح لديه كيف كان الرسول يأكله؟!!
كنت أضحك من زعيم أمة غبية حين طفق مواصلا :
ـــ هل تصدق يا ولدي أن ابن حنبل الذي يجلّه المسلمون كآية قرآنية قد صحح حديث قيام الأرض على قرني وعل!!
صكّ جدي جبهته المغضنة ثم صاح:
ــ يا الهي يا الهي
كيف ترجّى أمّة تمجّد الغباء
و تضع آمالها في بطة عرجاء؟!
ـــ .....!
ركل جدي مخدة كانت أمامه ثم أنشد:
ــ سأم سأم
قد صرنا مزبلة الأمم
من غيرنا أحرى بذمّ ؟!!
سكت قليلا ثم أضاف:
ــ قرف قرف
قرف قرف.
من غيرنا أسترعي الذئاب
من غيرنا أعتمد الصدف؟!
ـــ ...؟!
ـــ اعلم يا بني أن مصابنا من عمائم السّوء أتباع بن حنبل و الشافعيّ.
ثم أنشد:
تبت أياديكم و تبّ.
من عدّكم من غير أصحاب الحوافر و الذنب.
(ثم وهو يبصق في الهواء)
أسلمتمونا لقمة
لكل من هبّ و دبّ.
من يشاء منهم فليثب.
ليمتطي ظهورنا.
و يقطع نحورنا.
لأقبح سبب.
ما دام للدين انتسب.
حتى و إن أخفى لنا
وراء كل شعرة من جسمه
و قطرة من دمه

ألف أبا لهب.
حين هدأ جدي قليلا أضاف قائلا:
ــ اسمع يا بني ما كتب البخاري في باب الفتن.
ـــ ...
ـــ والفتن في عرف أئمة السلف هي الثورات الشعبية التي تستهدف الحكام
المفسدين!. قال النبي‏" ستــرون بعدي أمورا تنكرونها‏ "أي سترون منكرا
من الفعل من قبل الحكام. أما العلاج فكالآتي‏ "‏ أصبروا حتى تلقوني على الحوض " أي فاصبروا على الظلم حتى يوم القيامة. وهذه التوصية تذكرنا بمن سأل متطببا عن علاج وخزة عقرب فاجابه عليك بالصياح حتى الصباح!
قلت معلقا:
ــ ولكن ما جاء به البخاري يعارض تعاليم القرآن الذي أثني على من واجه الظلمة عند قوله تعالى(( و الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون... و جزاء سيئة سيئة مثلها))
قال جدي بعد أن أثنى بدوره على فطنتي:
ـــ و في توصية أمنية أخرى‏ قال البخاري رواية عن النبي"‏ أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ ‏" أي أدوا الي الحكام حقهم من الطاعة و الزكاة و تكميم الأفواه و كف الأيدي و سلوا الله حقكم بمعنى أن حق الحكام معجّل و حق المحكومين مؤجل الي يوم يبعثون!‏‏
ــــ ....
ـــ كل ذلك تحت طائلة الطرد من الإسلام و الإخراج من الملّة .. كتب البخاري رواية عن بن عباس عن النبي" من كره من اميره شيئا فليصبر فانه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية" أما ذلك الصبر الذي يحرمه في حقيقة الأمر دين محمد فلسببين اثنين.
ـــ ...!
ــ أولهما لأن الخروج على أهل المنكر يخرج المرء من دائرة الإسلام لقول الرسول" من حمل علينا السلاح فليس منا" و ثانيهما لأن حكم الناس حقّ خص الله به قوما دون قوم آخرين. حقّ لا يجوز منازعته " أهله" قال البخاري رواية عن عبادة بن الصامت بَايَعَنَا[ النبي] عَلَى السمع و الطاعة في منشطنا و مكرهنا في عسرنا و يسرنا و أثرة علينا و أن لا ننازع الأمر أهله ألا أن تروا كفرا بواحا".
قلت معاجزا جدي:
ـــ ولكن نص البخاري قد أباح الخروج عند الكفر البواح!
ضحك جدي أدار هامته الشيباء يمينا وشمالا ثم قال آسفا:
ـــ ان الكفر عند المدرسة السلفية موضعه النية و القلب و ليس دليله الفعل والترك لأن العمل عندهم لا يدخل في مسمىّ الإيمان، وما دام يستحيل الإطلاع على نوايا الحكام و خبايا قلوبهم، فلا يسع الأمّة الأمة( و التعبير الأخير للرائع عبد الكريم مطيع الحمداوي) الا إرجاء حسابهم الى يوم الحساب حتى لو سجدوا لصنم أو بدلوا شرع الله و بالغوا في ذبحنا و سلخنا وهذا لبّ عقيدة الإرجاء التي بلغت أخيرا أسفل دركاتها في قول المدرسة الوهابية ان الحاكمية ليست شرطا للتوحيد! كل ذلك حماية للحاكم و تأبيدا لبقائه .
ـــ....!
ــ أما اذا أضفنا إلى ما تقدم من حواجز بخارية إعتقاد البخاري الرهيب( خصوصا وهو مؤلف كتاب" خلق افعال العباد") بأن يد الحاكم وهي تذبحنا إنما هي يد الله نفسه باعتبار أن اعمالنا مخلوقة من قبله تعالى، تبيّن لك يا بنيّ أننا ازاء نظرية أمنية محكمة الصياغة متقنة السبك.
قلت ضائق الصدر:
ـــ و ان كانت تلك النظرية السلفية الوهابية أعرى من إبرة، و أقبح من مؤخّرة شامبونزي لمخالفتها صريح قوله تعالي (( و لا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) و قوله تعالي(( ولا تركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار)) ثم أخبار الحق تعالي بان مصير الساكتين عن ظلم الحكام الفجار هو جهنم و بئس القرار عند قوله ((إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم و ساءت مصيرا).
ــــــــــــــــــ 2 ـــــــــــــــــ
قبل أن يغادرني جدي نفحني ثمن راديو كاسيت جديد مع تعويض سخيّ بسبب ترويعي و دفعي ثمن ضيقه بأوضاع أمتنا المزريّة، بعد أن عاهدته في المقابل على عدم إسماعه أيّة ترهات ما دام على قيد الحياة!
أوسلو 13جويلية2010



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول ضعف وهشاشة دولنا العربية( قصة بالمناسبة)
- عن ظاهرة انتحار أصحاب الشهادات العليا( قصة بالمناسبة)
- عن تمجيد الذكر واحتقار الأنثى(قصة بالمناسبة)
- ما كان سيّد قطب إخوانيّا قطّ ( قصة بالمناسبة)
- على هامش ظهور القائم في العراق( قصة بالمناسبة)
- عن النصير الإيراني !( قصة بالمناسبة)
- لا مكان للمثليين في مجتمعاتنا( قصة بالمناسبة)
- مراودة ! ( قصة قصيرة)
- حول سقوط حماس الوهابية (قصة)
- العرب يتفرجون و الجزائر تواجه امريكا و بريطانيا منفردة
- أردوغان عدوّ الحريّة يسيّر سفينة الحريّة!
- فساد ( قصة قصيرة)
- انقلاب ( قصة قصيرة)
- رد على مقال زوبعة د. طارق حجي
- نجاسة ( قصة قصيرة)
- غباء ! ( قصة قصيرة)
- نقاب !( ومضة ادبية على هامش حظر النقاب في بلجيكا)
- كفى عملا بقاعدة يا ابن الكلب تعال أنوّرك!(على هامش مقال ادبي ...
- هجوم القرضاوي على سيد قطب أوقراءة متأنية في رسالة عشق إخواني ...
- هجوم القرضاوي على سيد قطب أوقراءة متأنية في رسالة عشق إخواني ...


المزيد.....




- -اليونيسف- تحذر من خطر يهدد الأطفال في غرب ووسط إفريقيا
- الحركة الشعبية لتحرير السودان تعلن المجاعة في ولاية النيل ال ...
- ترامب يتحدث عن انتشار -وباء الجريمة- في الولايات المتحدة وخر ...
- تطوان ليس للاستبداد عليها سلطان
- جولة جديدة من مفاوضات تبادل الأسرى بالدوحة الخميس.. هل ستشار ...
- مصر.. القبض على 4 مسنات حاولن تهريب شحنة مخدرات داخل كراسي م ...
- محكمة أوغندية تدين قياديا في جيش الرب بجرائم حرب
- منظمة العفو الدولية: قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن أدا ...
- إصابة 7 أشخاص بهجوم طعن بمركز للاجئين في برلين
- اعتقالات وصدامات في احتجاجات للحريديم الرافضين لتجنيدهم


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حمادي بلخشين - كيف أوقعنا البخاريّ في مخرأة حقيقيّة( قصة بالمناسبة)