أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - الحكومات العربية والرأي العام














المزيد.....

الحكومات العربية والرأي العام


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 14:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتطلب الحقل السياسي من الفاعلين السياسيين تقديراً صائباً للموقف، وتحديداً للأخطار، ورسماً للخطط، وبناءاً للتحالفات، ويبدو أنّ هذا كله شبه غائب عن حياتنا السياسية العربية، إذ أنّ أغلب الحكومات العربية ترفع قضية الأمن إلى رأس سلم القيم والمبادئ والاعتبارات، بينما تخفّض قيمة الحرية ومفهومها إلى أدنى المراتب.
وتتقاسم العقل السياسي العربي نظرات ثلاث، حسب توصيف الأستاذ ميشيل كيلو: أولاها، ترى أنّ القوة هي سند الحاكم الرئيس. وثانيتها، تعتقد أنّ السياسة هي فن الممكن. وثالثتها، تدعو إلى التوفيق بين هاتين المدرستين وتقول باستخدام القوة والسياسة، بالتناوب والتبادل، حسب الأحوال والظروف.
وفي الواقع تهتم قلة من النظم القائمة في بلداننا العربية بالنظرة الثالثة، وتحصر معظمها اهتمامها بالأولى، التي ترى في القوة وسيلة التعامل الأفضل في الحقل السياسي الداخلي والخارجي. ويرجع ذلك الاختيار إلى رفضها الاعتراف بالاختلاف السياسي وبوجود تعبيرات تجسده، ورفضها ما يتوجب على وجودها من توازنات تتولى ضبط حركتها وعلاقاتها بوسائل سلمية وطرق حوارية تحل محل القوة وتكفل إدارة تناقضات وخلافات السياسة بطريقة هادئة. عندئذ، يصير دخول أي مواطن أو حزب أو تجمع إلى حقل السياسة " خطراً " تجب إزالته بالقوة. بالإضافة إلى هذا، تبقي السلطة المواطن بعيداً عن السياسة عبر استخدام القوة بطريقة وقائية، وممارستها كعنف منظم ودائم.
وتبقى الأسئلة الجوهرية: ألا تحمل القوة معها خطر إصابة النظام الذي تحميه بضعف لا شفاء منه، يجسده ضياع توازنات العمل العام، وسيطرة قهر يفتقر إلى القدرة على التعاطي المجدي مع المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبنيوية والروحية ؟ ألا تغري القوة من يستخدمها بعدم التخلي عنها، وبلعب دور أكبر في العمل العام، على حساب مكوناته السياسية الرسمية ؟
وفي المحصلة التزييف يمس كل شيء: أصل النظام وآليات عمله وأوضاع السكان في ظله ومواقفهم منه، إذ تضعف ملكاتهم الفكرية والروحية والأخلاقية والسياسية، وتتدنى قدرتهم على الابتكار والتجديد، كما تتدهور صورتهم في عين أنفسهم، فتتولد في دواخلهم عواطف سلبية سامة تجاه أنفسهم وتجاه غيرهم. خاصة أنّ حكماً خياره القوة ضد مجتمعه، تحكمه رغبة الخلود، يجنح إلى تعميم الوشاية في المجتمع ويقدم جوائز للأشد ولاء له، ويروّع بخصومه. فيؤلب الناس ضد بعضهم، ويعمم مبدأ أنّ في الوشاية السلامة وفي الأمانة الندامة وفقدان الأمان، وعلى هذا النحو ينتج هذا الحكم التفكك الاجتماعي وأزمة الثقة بين الناس، ويتسبب في انقلاب سلم القيم لمصلحة قيم السلطة والولاء. وعلى هذا النحو يظهر قانون تطور غريب في ظل هذه الحكومات: يترقى اجتماعياً الأقل استقلالاً والأدنى كفاءة، مما يشجع الخراب الأخلاقي ويفسد أمانة الناس.
فحتى تتحول ديار العرب إلى " مدن فاضلة "، من منظور الأنظمة الحاكمة، فلابد أن يتحول الفرد العربي إلى " مواطن صالح "، لذا أقيمت المؤسسات الخاصة لتنشئة هذا المواطن الصالح، ووضعت له معايير للسلوك إن تجاوزها فقد أهليته كمواطن صالح، ولم تثقل السلطة على المواطن، فكل ما طلب منه هو " الطاعة " ويا حبذا لو كانت هذه الطاعة عمياء ليريح ويستريح، وقد سهلت السلطات الحاكمة مسار المواطن على طريق الطاعة بوضع الكثير من العلامات المرشدة على هذا الطريق، فهناك القوانين الاعتباطية التي يسهل على واضعيها إعفائها من الخدمة في معظم الأحيان، وهناك الإعلام الموجه وطواقم المهرجين التي تجعل من العلقم شهداً، ومن الظلم عدلاً، ومن الهزيمة نصراً. وهناك مناهج التربية الوطنية في المدارس التي تطفح بالنفاق، وهناك النصائح الملزمة للمواطن كالابتعاد عن حرية الرأي، والأهم من ذلك هو الامتناع عن التعبير عنه. أما المشاركة في السلطة فقد خُففت أعباؤها إلى أدنى حد ممكن، ففي الانتخابات قد يتم الاختيار بـ " نعم " أو " لا " للمرشح الأوحد، أو بالانتقاء من قائمة مرضي عنها من قبل أجهزة الأمن.
لقد أضحت البنية الاستبدادية لأغلب هذه الحكومات كامنة بحيث أصبحت تسأل عن استمرارها وبقائها دون السؤال عن شرعيتها وحاجتها إلى التعبير عن رغبات مجتمعها، وهذا ما جعل مستقبل البلاد العربية يكاد ينتهي إلى آفاق مسدودة لاسيما في غياب آفاق التغيير والتحديث في ضوء الواقع العربي الراهن.
إنّ الحالة بين أغلب الحكومات العربية والرأي العام تحتاج إلى عقد اجتماعي جديد‏,‏ بعد أن فقد العقد الاجتماعي القديم أسانيده‏,‏ وفقد قانونيته ومشروعيته‏,‏ ولم يعد توكيل الشعوب للحكومات بالتصرف ساري المفعول.‏



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تضخم دور سلطة الدولة العربية وضعف دور المجتمع المدني
- تركيا والمشهد الإقليمي في الشرق الأوسط
- تدهور الحياة الثقافية العربية
- أهم معوّقات التقدم العربي
- الاقتصاد العربي .. الموارد استُنزفت والإرادة استُلبت
- افتقاد الأنموذج في العالم العربي
- العالم العربي من الفقر إلى استبداد الأنظمة
- قمة سرت ومأزق العمل العربي المشترك
- في الحاجة العربية إلى عقد اجتماعي جديد
- مآلات الدولة العربية الحديثة
- العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس في العالم العربي
- عن استقلال السياسة وواقعيتها
- العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس واستراتيجيات منعه
- بعض القضايا المؤجلة للنهضة العربية الحديثة
- استلاب الماضوية ونظرية المؤامرة
- حظر المآذن يمتحن التنوّع الثقافي
- الخلل الرئيسي في المشروع العربي
- في الحاجة العربية إلى إصلاح حقيقي
- بعض مظاهر محنة الأمة
- في ضرورة التغيير


المزيد.....




- بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط ...
- بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا ...
- مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا ...
- كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف ...
- ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن ...
- معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان ...
- المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ...
- إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه ...
- في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو ...
- السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - الحكومات العربية والرأي العام