أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد السراي - اين اثار الانبياء















المزيد.....


اين اثار الانبياء


رشيد السراي

الحوار المتمدن-العدد: 3067 - 2010 / 7 / 18 - 23:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ان آثار الأنبياء لا يمكن نكرانها فلهم في حياة البشرية حتى لو قلنا إنهم –أو بعضهم- شخصيات أسطورية كما يقول البعض أو رفضنا دعواهم بالنبوة ، لهم آثار اجتماعية وسياسية وأخلاقية وأدبية وغيرها.فهذه الشخصيات التي عُرفت باسم الأنبياء وادعت الاتصال بالسماء أثرت في الشعوب بشتى أشكال التأثير، ولسنا هنا بصدد البحث عن مجمل تلك الآثار وإنما نتحدث عن آثار الأنبياء من وجهة نظر علم الآثار (الاركولوجي) ففي حديث مع احد الباحثين الآثاريين العراقيين طُرح هذا السؤال لماذا لم نجد اي لقى آثارية عن تاريخ الأنبياء رغم القول بوجود (124 ألف نبي)؟
حتى صار البعض يتحدث ومنذ فترة طويلة عن وجود تاريخ ديني وآخر واقعي وان التاريخ الديني يكاد يكون أسطورياً.ولسنا بصدد بيان أسباب ذلك لان الحديث يطول عن التاريخ الديني ودعوى أسطوريته ، ولكننا سنتحدث فقط عن الإجابة عن هذا السؤال ضمن عدة مستويات تفيد في تصور قلة أو عدم وجود معلومات آثارية عن تاريخ الأنبياء فنقول:
1-لا بد من معرفة ان علم الآثار ليس هو المصدر الوحيد للمعلومات عن العصور الماضية فالقول بعدم –أو قلة – وجود المعلومات الآثارية التي تذكر تاريخ الأنبياء لا يعني الجزم بعدم وجودهم لإمكان معرفة تاريخهم من المصادر الأخرى.
2-ان اغلب المعلومات الآثارية أُخذت من القصور والمعابد –البنايات الرسمية-وبالتالي فهي تمثل الرأي الرسمي-ان صح التعبير- عن الواقع في ذلك الوقت أما رأي المعارضة بلغة السياسة–الأنبياء- فبالتأكيد سيتم تجاهله وتعمد عدم الإشارة إليه في التوثيق في تلك البنايات الرسمية وهذا هو ديدن الحكومات الظالمة مع معارضيها حيث تحاول محو وجودهم وآثارهم وربما تشويه الحقائق وقراءتها بطريقة أخرى ، فمن الطبيعي ان لا نجد آثار مهمة مثلاً لإبراهيم عليه السلام في المدينة التي واجه طاغيتها وحكم عليه بالحرق ومن ثم التهجير فهل ننتظر ان يُبقي هذا الطاغية اي اثر لإبراهيم عليه السلام أو ان يدون قصته معه في قصوره ومعابده كما حدثت بالفعل!!!
واللقى الآثارية كما هو المعروف قليلة جداً عن باقي معالم المدن –غير القصور والمعابد- وخاصة بيوت الفقراء-واغلب أتباع الأنبياء منهم- التي لا تصمد الكثير منها عادة في مواجهة ظروف البيئة والتخريب ولا تبقى إلا تلك البنايات الضخمة التي تكون مقاومتها لتلك الظروف أكثر.
ونفس الكلام يُقال عن باقي الأنبياء الذين عرفوا بمواجهتهم للانحراف في المجتمع والحكومات المنحرفة وجوبهوا بمعارضة شديدة.
واقرب مثال على ذلك ما فعله أهل مكة ببيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومن معه بعد هجرتهم إلى المدينة.
هذا وان اغلب الأنبياء -كما هو المعلوم- لم يسعوا لبناء دولة أو كانوا جزءاً منها إلا في حالات قليلة كالنبي يوسف والنبي داوود والنبي سليمان والنبي محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فكانوا في الأعم الأغلب يمثلون الرأي المعارض الداعي للإصلاح.
3-ان التدوين في اغلب العصور السابقة لم يكن بالأمر الهين وكان يتطلب إمكانيات كبيرة لم تكن متوفرة للجميع فالكتابة باستخدام الرقم الطينية وباستخدام البردي وعلى جدران البنايات لم يكن أمراً متوفراً للجميع.
4-ان الأنبياء أصحاب رسالة إصلاحية فلم يهتموا بالتدوين وترك الآثار المادية لأسباب كثيرة أهمها تعليم الناس الزهد وتجنيب الناس التعلق بالآثار دون التعلق بالفكرة.
5-ان الكثير من الشخصيات الإصلاحية والسياسية والعلمية والتي لا يمكن نفي وجودها بحال من الأحوال ، والتي ظهرت في عصور مختلفة من تاريخ البشرية يمكن الاستدلال-أو الاحتمال على الأقل- بقرائن كثيرة بكونها لأنبياء تغيرت صورتهم بمرور الزمن فصرنا نراهم بعناوين أخرى غير عنوان النبوة كبوذا وكونفشيوس وزرادشت وأفلاطون وسقراط وأرسطو وغيرهم.
6-ان هناك آثار وذكر للكثير من الأنبياء ولكنها وصلتنا مختلفة لاختلاف اللغات فنوح مثلاً بلغة عصره هو اوتونابشتم أو اتراحسس وإبراهيم بالآرامية إبرام وداود هو الملك ديفيد وسليمان هو شلمانصر-وفقاً لرأي البعض- بالآشورية وهكذا في البقية.
7-ان الأنبياء كانوا أنبياء عند من اقتنع بهم فقط وهذا أمر طبيعي أما عند الآخرين فيظهرون بعناوين أخرى حسب قناعة هذا الآخر فتارة هم سحرة وتارة هم كهنة وتارة هم قادة عساكر أو رؤساء تمرد وغيرها من النعوت، فتجد ان موسى عليه السلام مثلاً يتحول إلى قائد عسكري مصري يقود حملة على الحبشة لصالح فرعون ثم يقود مجموعة من البقية الباقية من أتباع الدين التوحيدي الذي دعا إليه اخناتون –والذي يتحول هو الآخر إلى صاحب دعوة لتوحيد-أو تفريد بتعبير علماء الآثار- عبادة الآلهة في اله واحد هو الشمس والتخلص من عبادة آمون وغيره من أصنام مصر المتعددة-ويتحول سليمان عليه السلام إلى شلمانصر الحاكم المنصوب من قبل الآشوريين لحكم بلاد الكنعانيين ويتحول النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم إلى تاجر صاحب عقلية فذة يقود العرب ساكني الصحراء إلى مقارعة الإمبراطورية الفارسية والرومانية ويحولهم إلى صناع حضارة، وهكذا يتحول النبي في نظر من لا يؤمن به إلى شخص آخر تصنعه القراءة الانتقائية أو الناقصة.
8-كانت أولى عمليات التنقيب الآثارية في العراق ومصر وفلسطين تجري لإثبات ما جاء في كتاب العهد القديم وغيره من النصوص المقدسة لدى اليهود والمسيحيين ولما كانت تلك النصوص وخاصة نصوص التوراة اليهودية هي عبارة عن نتاج لأشخاص كتبوا الأحداث من وجهة نظرهم ولفقوا ما شاءوا لإثبات وجهات النظر التي يريدونها ، فكان من الطبيعي ان تتداخل الأحداث وان تضاف أسماء وأحداث وقراءات ومبالغات لا وجود لها في الواقع، وقد قادت هذه النتائج الكثير من الباحثين إلى القول بأسطورية النصوص الدينية عموماً ونفي الواقعية عنها –أو على ألطف الآراء القول برمزيتها- وهذا تعميم غير مبرر فالتوراة ليست نصاً دينياً بالمعنى الدقيق للكلمة. ومما يأسف له ان الكثير من الكتاب والمؤرخين الإسلاميين حاولوا ملأ الثغرات الموجودة في تاريخ الأنبياء من نفس المصادر –الإسرائيليات- فاتت الكثير من القراءات لذلك التاريخ ناقصة وربما أسطورية في بعض جوانبها ،في حين كان بالإمكان الاكتفاء بما ورد في القران الكريم والأحاديث المعتبرة وترك باقي التفاصيل لمصادر أخرى أوثق من التوراة ومنها نتائج البحوث الآثارية المنصفة.
وبالتأكيد هناك تقصير كبير في محاولة تتبع آثار الأنبياء فقد جرت محاولات قليلة –قياساً بالجوانب الأخرى- لدراسة المواقع الآثارية التي يحتمل ان يوجد فيها آثار للأنبياء وأتباعهم وما يفيد في تصديق دعواهم وتاريخهم.
9-البحث الآثاري لم ينتهي بعد فلازالت هناك الكثير من المواقع لم يتم التنقيب فيها ولازالت هناك الكثير من المناطق من المرجح ان تكون فيها مدن أو قرى كاملة قد تغير الكثير من وجهات النظر ، ولا زلنا نسمع بين الحين والآخر عن كشف آثاري يقود إلى تغيير في وجهات النظر تجاه موضوع معين.
10-ان الكثير من اللقى الآثارية دمرت بالكامل والبعض منها تم تشويهه –لأسباب دينية وسياسية وغيرها كما في حادثة حرق احد القساوسة للآلاف من لفائف البردي وكما في حرق مكتبة الإسكندرية-والبعض الآخر وصلنا ناقصاً مما يعني ضياع الكثير من الحقائق.
11-ان الحروب والكوارث الطبيعية دمرت الكثير من الحضارات والمدن والقرى مما أدى إلى ضياع الكثير من الآثار.
12-وأخيراً ان الكلام عن عدم وجود معلومات عن تاريخ الأنبياء من نتاج علم الآثار غير صحيح فهناك معلومات عن هذا التاريخ يمكن الحديث عنها ضمن التسلسل التالي:
أ-فترة أنبياء ما قبل الطوفان:
لازالت المعلومات عن هذه الفترة قليلة فاللقى الآثارية لا تزودنا بالكثير من المعلومات عن هذه الفترة وعن الوضع الاجتماعي والسياسي والثقافي وليست قلة المعلومات منحصرة بموضوع تاريخ الأنبياء فقط ، وربما لو أجريت بعض التنقيبات في جنوب العراق لامكن الوصول للكثير من المعلومات عن هذه الفترة. ومع ذلك فان هناك بعض الموجودات الآثارية تتحدث عن بعض أحداث ما قبل الطوفان لها علاقة بالأنبياء كقصة خلق الإنسان وقصة قابيل وهابيل .....
ب-فترة الطوفان:
اعتبر الطوفان من أهم الأحداث في العالم القديم ولا مجال لنكران حدوثه لوجود الكثير من المعلومات الآثارية التي تتحدث عنه رغم الاختلاف في التفاصيل ، ولأهمية هذا الحدث اعتبر الحد الفاصل مابين فترتين اعتبرت الثانية منهما تمثل بداية الحضارة، فقد وردت مثلاً الكثير من تفاصيل هذا الطوفان في ملحمة كلكامش وغيرها وقد جاء اسم بطل هذا الحدث بعدة أسماء أهمها اتراحسس اوتونابشتم ،وقد عبرت عنه بعض النصوص على انه رجل دين أو قائد مجموعة دينية وانه هو وجماعته الناجون من هذا الحدث العظيم والغريب ان هاذين الاسمين يترجمان إلى الرجل الخالد أو قريب من ذلك والمعروف في النصوص الدينية ان النبي نوح عليه السلام صاحب حدث الطوفان عاش ما يقرب من ثلاثة آلاف سنة وهي أطول فترة عاشها إنسان –في الأغلب-فمن الطبيعي ان يتم تسميته بالخالد ، وتذكر بعض المعلومات الآثارية ان اوتونابشتم-أو اتراحسس- كان كثير البكاء وتقول بعض النصوص الدينية إنما سمي نوح بهذا الاسم لكثرة بكائه ونواحه!!
وقد كتبت الكثير من الكتب حول هذا الحدث وحول بعض تفصيلاته وجرت الكثير من المحاولات لتحديد مكان رسو سفينة بطل الطوفان الخالد.

ج-فترة ما بعد الطوفان:
سنذكر أمثلة فقط لان الحديث عن فترة ما بعد الطوفان يطول ،ولعل أشهر أنبياء ما بعد الطوفان ممن يمكن الاستدلال بالمعلومات الآثارية على تاريخهم هو إبراهيم عليه السلام حيث يمكن الاستدلال على الكثير من تفاصيل حياته من خلال تلك المعلومات بدءاً من مكان ولادته في أور جنوب العراق أو كوثا في بابل ومروراً بهجرته إلى حران حيث موضع الآراميين قومه الذين ينتمي لهم ومن ثم مجاورته للكنعانيين وبناءه للكعبة المشرفة وغيرها من التفاصيل، وتفيد بعض المعلومات الآثارية في ان دعوة إبراهيم عليه السلام التوحيدية ظهرت في الفترة (1900-1850ق.م) وهناك تواريخ تقريبية يمكن استنتاجها للكثير من تواريخ الأنبياء.
وكذلك تاريخ النبي يوسف عليه السلام ومعاصرته لصاحب دعوى التوحيد الشهير اخناتون، وكذلك تاريخ النبي موسى عليه السلام في مصر ومن ثم هجرته منها حيث تذكر بعض المصادر الآثارية وجود قائد عسكري مصري أو كاهن تحت اسم موسى هاجر مع مجموعة من الموحدين وعبروا سيناء وحاولوا دخول أراضي الكنعانيين ، ومن لطيف ما يذكر ان اسم موسى بالهيروغليفية يعني الطفل وهذا ما يشير بوضوح إلى أصل قصة موسى عليه السلام وعلاقته بفرعون والتي يذكرها القران الكريم.
وكذلك هناك بعض الآثار تشير إلى تاريخ مجموعة من أنبياء بني إسرائيل وأشهرهم النبي داوود عليه السلام والنبي سليمان عليه السلام.
ولا يخفى بالتأكيد تاريخ النبي عيسى عليه السلام والأنبياء المعاصرين له يحيى وزكريا عليهم السلام حيث لازالت الكثير من الآثار تشير لبعض تفاصيل تاريخهم.
أما نبي الإسلام محمد صلى الله عليه واله وسلم فآثاره أوضح من ان تذكر.
هذه خلاصة لا ادعي إنها تعطي الموضوع حقه من البحث والتدقيق ولكنها ربما تعطي بعض الإشارات المفيدة حول الموضوع.



#رشيد_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاكل الاعمار في العراق وخطوات الحل


المزيد.....




- استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان ...
- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...
- ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر ...
- ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين ...
- قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم ...
- مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط ...
- وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد السراي - اين اثار الانبياء