|
السلطة بين التقليد والحداثة
حميد المصباحي
الحوار المتمدن-العدد: 3063 - 2010 / 7 / 14 - 19:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السلطة بين التقلي Texte du message indéchiffrable ? hamid elmesbahy à khaderhas1 afficher les détails 27/06/09
السلطة بين التقليد والحداثة 1سلطة العقل تعتبر العقلانية إحدى مقومات الحداثة،التي تفترض قدرة العقل على إنتاج المعرفة،واهتداء به تشكلت المؤسسات المنظمة للمجتمع،وأهمهما أخلاقيا ومصلحيا الدولة،كجهاز غايته حماية المواطن،وحسن تدبير شؤونه،اعتمادا على ما يسنه من قوانين يحتكم إليها ويمتثل لها،لأنه مصدرها،إذ السلطة نفسها ليست إلا تجسيدا لإرادة عامة،تعاقدية المنشأ،بحيث لايمكن لأية سلطة تنفيذ ما يتعارض مع أخلاق المجتمع،أو يضر بمصالح كل أفراده،فالمجتمع بوثيرة تطوره يؤثر في الدولة،التي لها إمكانات التأثير فيه،دون أن تتصادم معه،وقد ساهم فكر الحداثة في إبداع وسائل تأثير الدولة على المجتمع،بالتربية والتعليم،وكل مؤسسات الإعلام والتوجيه السياسي،دون أن تجعل المواطنين مشابهين لبعضهم،بل مجدت الإختلاف والتنافس بطرق حضارية،خالية من الوحشية والنرجسية،والتعصب لفكرة أو دين أو عرق،وصارت السلطة السياسية أداة في يد المنتخبين،تنفذ بها برامج الأغلبيات،سواء كانت أحزابا أو تحالفات سياسية،حتى لا يفكر المتضررون في السيطرة على الدولة أو السطو على مؤسسات الحكم أو الإنقلاب عليها،لأنها رهن إشارة الكل،لاتتحرك خارج القوانين أو ضدها،هي روح كل المؤسسات الأخرى،لاتصير الدولة حزبا أو دينا،ولاتسمح لأي حزب بالهيمنة المطلقة عليها،كما تعمل على خلق مسافات معقولة بين المؤسسات العسكرية والأمنية ورهانات السياسة وتجاذباتها،حماية للوطن والمواطنين. إن سلطة الحداثة،لاسلطة لأحد فيها على الآخر،إلا سلطة العقل بما هو في السياسة قوانين منظمة لعلاقات الحكومة بالمحكومين،ولذلك فهو يبدع الحرية لا القهر،فتبدو الدولة محررة للإنسان،وداعمة له في وجوده الطبيعي والحضاري،برفاهية المجتمع تحقق مجدها،وتخلق تاريخها،منصهرة في الوطن الذي تحميه،ليس من المعتدين فقط،،بل من براثن التخلف باعتباره انحطاطا حضاريا،مهدد للوجود ومشوه له تاريخيا،هذه هي دولة وسلطة الحداثة،ما عداها فليس إلا متاهات سياسية،تدعو لاستخدام العقل في دعم التقاليد السياسية المعيقة للتقدم والمهدد للوجود المشرق للحضارة. 2سلطة التقليد تقليدية السلطة ليست إلا سطوة على المجتمع والتماهي معه بعنف التشابه،المناقض كليا لقيم العقل،ويبدو أن هذه المشكلة لا تعانيها إلا الدول الإسلامية،لسببين،فإذا كانت اروبا تخلصت من الأنظمة التيوقراطية لصالح التعاقد والديمقراطية فيما بعد،فإن الدول الإسلامية اعتبرت اتيوقراطيتها خلافة إسلامية تحن إليها،وتعتبرها النموذج الأمثل،اجتماعيا وحتى سياسيا،السبب الثاني أن كل دولنا الإسلامية تستمد شرعيتها أو جزءا منها من الشريعة الإسلامية،أو انتسابها لأهل البيت النبوي،رغم أن حضارتنا الإسلامية لم تشيد دولة جديدة اعتمادا على محددات فكرية،بل استفادت من تجربة الفرس والرومان وتجارب باقي الشعوب الأخرى،ومع ذلك يمكن اعتبار دولها ذات أبعاد سلطانية بمسحات دينية،سوف يتم النزاع على طلائها لزمن طويل،الدول الإسلامية تستشعر هذا الثقل،وتقرأ تجارب بعض الدول العربية التي حاولت خلق نماذج لسلطة علمانية،لكنها فشلت في خلق الديمقراطية فانهار كل شيء،وعادت السلفية السياسية بقوة مهددة المجتمع برمته والدولة،.لذلك فإن مجتمعاتنا العربية عانت كثيرا من ثقل التقليد السياسي،ولم تجد نموذجا آخر،غير الغربي الأروبي،أي مستعمرها،مما أضعف خطاب التحديث،خصوصا في مجال السياسة،وورثت دولنا هذا الوضع،وتكيفت معه بكسل،كل هذه السنين،زاوجت بين مشروعين متناقضين،معتقدة أنها ابتدعت نمط حكم جديد،أصيل لكنه حديث،أو حداثة خاصة،مستمدة من تجارب أسلافنا،أو ماعرف بخصوصية إدماج الحداثة في تراثنا السياسي،كأن يصير التصويت واجبا دينيا،وطاعة السلطة حماية دينية،أو أمن روحي لجماعة المسلمين،والمنتخب يحمل أمانة عليها إيصالها لأهلها،هكذا تتكيف جل نظم الحكم مع الحداثة،كما تفهمها هي،بعيدا عن العلمانية كعمق ديمقراطي،قريبا من الخلافة كإرث تيوقراطي. إن تجديد السلطة لا يتحدد خارج سياق تاريخي ثقافي واقتصادي وحتى اجتماعي،لتكون الدولة تتويجا لتحول بإمكانها هي نفسها التمهيد له بدعم ثقافة التنوير،ودعم استراتيجيي المعرفة ومدهم بكل وسائل التواصل والإتصال دون ضجة سياسية،فشلها يثير من الإحباط أكثر مما يثير من الحماس.
#حميد_المصباحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلطة الملكيات
-
الديمقراطية ثقافة أم تقنية
-
العلمانية والدين والسياسة
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|