أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال شاكر البيابي - شخصنة الاختلاف














المزيد.....

شخصنة الاختلاف


نضال شاكر البيابي

الحوار المتمدن-العدد: 3063 - 2010 / 7 / 14 - 15:15
المحور: المجتمع المدني
    


لا شك أن الحوار ضرورة ملحة في المجتمع بين الأطراف المتباعدة ، لكي تتلاشى الهواجس التي تولدت كنتيجة طبيعية للعزلة والانغلاق على الذات، وبطبيعة الحال إن موانع التقارب لن تقوض إلا من خلال حوار جاد ، أي تعلم فن الإصغاء للآخر على أساس نسبية الحقيقة.
بعبارة أخرى، الحوار الجاد مع الآخر المغاير يتطلب بالضرورة، سلفا ، الاعتراف بأحقيته في الاختلاف والمغايرة ،والحوار ليس إلا محاولة لفهم الآخر ومد جسور التواصل معه ،وإيمانا بأن الاختلاف هو إثراء للساحة الثقافية والفكرية للمجتمع ودليل على أن الساحة الثقافية تنبض بالحراك الفكري لاحتضانها مختلف الأطياف المعرفية دون سيادة رأي أحادي الرؤية يفرض بالقسر على مختلف الأطياف.
ويتقهقر الحوار وتتداعى بنيانه ،عندما يتخذ سمة تبشيرية ، كـنحو وضع شروط تعسفية مسبقة للآخر المغاير حتى يحظى بشرف الاعتراف به ، ولن يقبل ضمن نسيج الجماعة إلا بعد نزع جلده،أو على الأقل، بعض جلده، وهنا الفارق الجوهري بين الحوار والتبشير، وهذه هي معضلة الحوار مع محتكري الحقيقة..!
لذلك، لا يوجد مسوغ للدهشة والاستغراب من نزعة الأصوليين لتقسيم المجتمع إلى قسمين لا ثالث لهما، المؤمنون والكفرة. لأن جذور الوصاية متأصلة في البنية الأصولية، لهذا يعد الحوار وفقا للذهنية السلفية الأصولية وسيلة للتبشير الصرف للآخر الكافر والضال .
وفي ظل هذه الثقافة ذات النزعة التكفيرية لا يمكن إطلاقا بلورة مفهوم حرية المعتقد والفكر كحق أصيل للإنسان، وكقيمة يمكن الاتفاق عليها بين التيارات الأصولية .
وبطبيعة الحال تكاد تخلو الساحة الفكرية الأصولية التقليدية ( إن كانت شيعية أو سنية) من قراءات ناقدة للأنا من داخل الدائرة الأصولية، لأن المحيط الداخلي مسكون بهاجس الهوية، ولذا ينتج وقائيا مناخا طاردا لأية محاولة جادة للتجديد وتحريك الآسن ، كالتي تستهدف غربلة التراث من خلال نزع القداسة المختلقة عن النصوص والرموز، ومؤدى قراءة من هذا النوع،تداع لأعمدة رئيسة لبنيان الهوية ذات القالب الجامد التي تتوارث جيلا بعد جيل ، والتي تشكلت في أزمنة سالفة على أنها امتداد للعقيدة النقية الخالصة من شوائب الابتداع.
لهذا حوربا الراحلان الفقيه السيد فضل الله والمفكر حامد أبو زيد من قبل طائفتيهما من خلال التيارات التقليدية ، لأنهما قدما قراءة مغايرة لحراس النسق التقليدي الذين يتعاملون مع المعرفة الدينية كإرث خاص بهم ولا يحق لأحد منازعتهم إياه .
وما يحسب في هذا السياق لسماحة الشيخ الصفار كرمز ديني ، انفتاحه على مختلفي الأطياف في مجتمعه ، وسعيه الحثيث لتقريب وجهات النظر حتى مع رموز التيارات السلفية التي تتخذ موقفا عقديا تكفيريا من طائفته، إيمانا منه بأن الحوار هو الوسيلة الأنجع لتجاوز الهواجس والعوائق التي تقف سدا منيعا في وجه تطلعات الوحدة ،وسماحته لم يحاول فرض خياره على أحد، ولم يدعِ أن مشروعه بمنأى عن النقد ،وعندما انتقدنا الداعية الطائفي البريك ،لم يكن نقدنا موجها ضمنيا للشيخ الصفار، وإن حاول البعض الاصطياد في الماء العكر وتحوير الحقائق .
مع الاعتراف أن سماحة الصفار وضع في موقف لايحسد عليه، ،وذلك لاستقباله البريك بعيد محاضرته المتقيحة طائفيا ، والتي حصلت بعد فترة قصيرة من حادثة "تكريم القاضيين المتشددين" الحادثة التي ساهمت في اشعال فتيل ثورة غضب عارمة لشريحة كبيرة من المجتمع،ضمت أطياف متباينة، وبالخصوص إن المجتمع محتقن ،سلفا ، ومتحفز للمزيد من الاحتقان ، مما أفرز ردود فعل متفاوتة ، منها دعوات للمقاطعة، وتلاها بيانات شجب واستنكار من مشايخ بعضهم عاش طويلا في الظل ،ويبدو أن الحدث كان محفزا للخروج لفضاءات الضوء، وتماهيا مع الحدثين ضجت الساحة الثقافية بمقالات لمختلف التيارات ، من ذلك تساءل البعض عن أسباب عدم التواصل مع التيار "اللبرالي السعودي" كـخيار بديل عن التواصل مع التيارات المتشددة ،التي عبر عنهم أحد الكتاب السعوديين بأنهم - أي التيارات المتشددة – عندما يخلون بجماهيرهم يركلون كل شعارات الوحدة!
وللحق ،إن أغلب ردود الفعل اتسمت بالتشنج والانفعالية ، ويمكن فهم المبرر لذلك، لكن بعض المثقفين، ويا للأسف، وبدلا من قراءة الحادثة قراءة موضوعية،أو محاولة امتصاص غضب الجماهير، أسرفوا في التنكيل والتجريح لأبناء مجتمعهم ، كـنحو خلع صفة السذاجة على من طرح رأيا متضادا مع قناعاتهم، واتخاذ هذه المناسبة وسيلة للمز والتجريح ، واختطاف المعرفة والفهم ، وشخصنة القضية كما حدث في كثير من القضايا المختلف عليها ، وكأن أبناء المجتمع غير معنيين بقضاياهم ، ولا يحق لهم طرح خيارات مغايرة ،أو لنقل تعبيرهم على أقل تقدير عن رفضهم بالوسائل المتاحة حتى لا نستفز صاحبنا بكلمة "خيارات"، ولستُ أدري لماذا يفترض بعض الكتاب الجهل وعدمية المعرفة في القراء، وكأن القراء لولا تفضله عليهم بــ"مقالاته" لما أشرقت في سمائهم شمس المعرفة. تعلمنا من أساتذتنا - جزاهم الله خيرا - بأن المثقف يفترض به حينما يتناول خطابا ما يختلف معه، ينبغي عليه لكي يتحرى الموضوعية أن يبدأ بتفكيك الخطاب وتحليله ، ويدحض الفكرة بالفكرة، لا أن يتخذ من الخلاف ذريعة للتشهير والتجريح والامتهان لكرامة مخالفه وشخصنة الخلاف ، فذلك مؤشر صارخ لنكوص الفكر، علما أن الثقافة من المفترض أن تكون امتدادا للنزعات الإنسانية النبيلة لا وسيلة للتعالي على الناس والتحقير من شأنهم، وكيف يمكننا أن نثق في تنظيرات مثقف يدعو للتسامح والانفتاح على الآخر المغاير وهو يضيق ذرعا بأي نقد يوجه لفكره ؟! ولله في خلقه شؤون .
ياسيدي تواضع قليلا ولا تشخصن القضايا فلسنا هنا نختلق الجدل من العدم ، وكفانا قمعا باسم الثقافة ،والقضية ببساطة ، فعل وردة فعل وليس أكثر من ذلك، وكفانا عويل الثكالى..!



#نضال_شاكر_البيابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتحول المثقف إلى روزخون ..!
- مجتمعنا السعودي وبعبع الحرية
- البريك والرغاء الطائفي وتأصيل الكراهية..!
- الكارثة الأخلاقية..تكريم الجلادين..!
- انتظار المخلص..وأسئلة حائرة
- شات القنوات الفضائية والحب المحرم
- (المرأة ومجتمع التناقضات)


المزيد.....




- الرئيس الإسرائيلي: إصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق ...
- فلسطين تعلق على إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ...
- أول تعليق من جالانت على قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار ...
- فلسطين ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقا ...
- الرئيس الكولومبي: قرار الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو منطق ...
- الأمم المتحدة تعلق على مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة ا ...
- نشرة خاصة.. أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت من الجنائية الد ...
- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال شاكر البيابي - شخصنة الاختلاف