|
المغرب محطةعبور واستقرار فيما بعد .. الجزائر مصدر رئيس لتصدير الهجرة الافريقية
عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 3060 - 2010 / 7 / 11 - 17:57
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
يعتبر المغرب محطة عبور ثم استقرار فيما بعد لعدد من المهاجرين السريين القادمين من بلدان جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى.. بعضهم يتحقق حلمه عابرا نحو الشمال ، فيما الكثير منهم يسقط فريسة سهلة للغربة والفقر والتسول.. معدل بقائهم بالمغرب –حسب دراسة انجزت - هو سنتان ونصف، ثلاثة أرباعهم أفصحوا عن رغبتهم في السفر نحو أوروبا، وينوي 72.6% تحقيق مشاريعهم، بينما لا يريد العودة إلى بلادهم سوى 10.6% فيما يرغب 2.3% في البقاء بالمغرب . من المظاهر الملفتة بمدينة فاس المغربية في الوقت الراهن تسول من طراز خاص برز على سطح الأحداث منذ قرابة عقد من الزمن ، أعداد هائلة من رجال ونساء قدموا من جنوب الصحراء يسربلهم البؤس وترسم النظرة إليهم أزمنة من القهر المخدوم جراء تكالب حرمان الطبيعة وهيمنة أنظمة الحكم المستبدة ، إن النظرة المتفحصة العميقة في ظاهرة ما بات يعرف بالتسول الإفريقي وجع إنساني ضارب في أدغال العبث العولمي الجارف ، وتعتبر-ممنتيا- نموذجا صارخا للظاهرة ، سيدة افريقية في حوالي الثلاثين من العمر مفتولة العضلات قوية البنية ذات عينان مشعتان زائغتان ، متأهبة للمسح وللإصغاء كما لو أعدت لذلك ، تجرجر صبيا لا يتجاوز عمره السنتين اوثلاث على أبعد تقدير ، وإذا كان لابد من استحضار ظروف نشأة هذا الصبي ونموه ، فإن الأمر سيغدو صاعقة بلا جدال .
فالذاكرة قد لا تسعف أحيانا على التقاط بشاعة المرحلة ، لكنها ترغم على التفكير آنيا في توفير ما تسد به الرمق ، أي الحد الأدنى للعيش موازاة مع درجة الإرهاق نتيجة أعراض الجوع الماثلة للعيان. واذكر انه مما استوقفني أثناء الحديث معها بروز بطنها ..لقد سبب لي ذلك الانتفاخ حرجا كبيرا ، وتعمدت أن أخوض حواري معها بغير مبالاة النظر إلى بطنها الذي يحكي جراحات لا حد لها ولا حصر. –
ممنتيا- افريقية من ليبيريا ، تحكي ظروف سفرها إلى المغرب فتعبر بفرنسية قوية " كيف أستطيع أن أصف ما حدث خلال رحلة امتدت عشرات الآلاف من الكيلومترات ، رحلة كلها سفر وجوع وتسول ، تسبقها دمعة توغلت في الجرف الأسفل من عين مثل بئر غزير، تعرضت لاغتصاب جماعي على الحدود مع أنغولا تضيف ، لكن الفاعل هذه المرة لم يكن سوى 6 شبان من أبناء جلدتي" - ممنتيا- هنا لا تقو على الحكي، فتنهار ، تركوها ليلا تنزف وانسحبوا كما الذئاب في الأدغال ، كابرت وكابرت تضيف – ممنتيا- لكن الظروف لم تسعفها كي تبسط معاناتها بالكامل يلزم ساعات وساعت من الاستماع الفاجع ،
كان كل همها أن تسكت طفلها المشاغب الصامت ، وبين الفينة والأخرى وكما لو تسكت فما آخر ، ترسل بعضا من ريقها إلى من في بطنها ، بعد رحلة حفت بها كل المخاطر ،وصلت - ممنتيا - إلى شمال إفريقيا أو ما بات يعرف لدى مهاجرين جنوب الصحراء بمشارف الأمل والحلم الأبيض، حيث الإطلالة على أوروبا، ولم يكن هذا الأمل سوى المغرب نقطة اللاعودة ، البلد الإسلامي العربي المضياف والكريم وفقا لرواية أغلب المهاجرين من دول جنوب الصحراء ، بوابة أوروبا عبر إفريقيا .
خلال رحلتها التي دامت قرابة 4 أشهر ، استقلت -ممنتيا - عشرات الشاحنات والحافلات، وافترشت الربيع والعشب والحديد وروث البهائم نامت نهارا وسارت ليلا، سارت ليلا ونامت نهارا ، وتكبدت مشاقا يعجز اللسان عن وصفها ، ولما وصلت إلى نقطة الاعودة ، شعرت بنوع من الأمان، حرصت على دخول المنزل من أوسع أبوابه ، فتعلمت النطق بثلاث جمل عربية هي" السلام عليكم " في سبيل الله يامسلمين" ..شكرا " - ممنتيا- ممتنة في ذلك للصدفة الرائعة، فالقدر قادها ذات صباح إلى مدرسة نائية بضواحي فاس ، حيث تعرفت على أستاذة ارتبطت بها اشد الارتباط وشاركتها الماء والحليب والعدس ، ولم تغادر المكان إلا وقد حفظت سورة الفاتحة ورطنت أكثر من قاعدة عربية وعشرات من جمل الأدب والحديث ، لا تنكر-ممنتيا- أن ابنها - ولدي - هكذا تناديه مجهول الأب، إنها تصرح بذلك كما لو كان واجبا وطنيا ، لكنها بالمقابل تفصح عن والد من يوجد ببطنها ، إنها حامل في الشهر الثالث تقريبا ، تتذكر الواقعة كما لو بالأمس القريب ، حدث ذلك في قريتها الصغيرة في ضواحي العاصمة الليبيرية .
كانت جائعة حتى أنها لم تأكل ليومين تقريبا ، وحينما وصلت قرية بجنوب مالي ، وكانت في غاية التعب والإرهاق ، استوقفتها سيارة على متنها شابين عليهما آثار الطبقة الميسورة ، فادعت ببديهة ملفتة إنها باحثة في علم الآثار، قدمت من ليبيريا بناء على دعوة من إحدى الجامعات وهي تقيم في فندق بالعاصمة ، إلا أنها تعرضت للسرقة وضاع منها كل شيء ، جرأتها دفعت بها إلى تلبية طلب أحدهما بمرافقته إلى غرفته ، وكان متهورا ، وكانت بحاجة لدفئ ما ، قضت الليلة معه، وخلال ذات الأمسية ، حدث فيها ما جعلها تعيش وتحيا بعد فقدت الأمل في الحياة ،
- ممتنيبا- انتفخ بطنها مرتين ، الانتفاخ الأول كان بما لذ وطاب ، والثاني بمن شب وخاب ، هي الآن حامل في شهرها الثالث تعمل على توفير الطعام لفردين علاوة على نفسها ، إنها تبحث عن رمق العيش لها ولطفل بلا اسم وبلا هوية ، في وطن بلا أفق ، الأمر باقتضاب ، آفة ، ثلاثة أجيال خائبة ، جيلها المغامر الجريء الفاقد لبوصلة الحياة بوطنه الذي يعبر المسافات من اجل المستقبل الموعود ، والجيل الثاني وقد تشبع و سيقتفي الأثر حتما ، خلال العقود الثلاث القادمة ليعيد إنتاج نفس الخيبة ، فيما الجيل الثالث في بطنها حيث ترتسم الدهشة في أفق يصعب ارتياد تفاصيله المؤلمة.
وتناولت عدد من الدراسات التحليلية المنجزة المشاكل التي تعرضوا لها في سفرهم، وتبين أن 80% اعتبروا الوقاية الصحية والتعب والعطش والجوع أهم المتاعب، ونحو الثلثين سقطوا مرضى، في حين تعرضت 36% من النساء للاغتصاب". حسب ذات الدراسة .
ويصل معظم هؤلاء إلى المغرب عن طريق الحدود الجزائرية (75.5%) تنقل 13.2% منهم جوا ويسافر 7.2% بحرا، في حين جاء 5.7% برا عبر موريتانيا." لكن 59.4% من هؤلاء صرحوا بأن لا دخل لهم، في حين اعترف 18.8% بالتسول مصدرا لمداخيلهم، و11.5% من المهن الصغيرة، و7.9% يتلقون مساعدات من جمعيات خيرية، و2.3% لهم عمل خاص في أشغال البناء والتجارة الصغيرة والأعمال المنزلية." . عزيز باكوش
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوتفليقة يا مسؤول غدا أمام الله أش تقول-
-
فاس.... والكل في فاس14
-
فاس.... والكل في فاس13
-
على هامش مهرجان كناوة بمدينة الصويرة المغربية بيان الى الراي
...
-
ابتداء من فاتح يوليوز2010 نفايات اروربا وقمامتها في شوارع وأ
...
-
كان سيدوم
-
فاس.... والكل في فاس12
-
فاس.... والكل في فاس11
-
الأكاديمية عازمة على استعادة السكنيات المحتلة ومن حق المتضرر
...
-
مركز الاتصال ويب هلب webhelp fesالرهانات والتحديات
-
مكتسبات النساء المغربيات في العهد الجديد
-
باكالوريا نيابة مولاي يعقوب برسم دورة يونيو 2010
-
جندوبا / من صميم الواقع
-
حوارات إلكترونية عربية..عزيز باكو ش إعلامي وكاتب من المغرب
-
شكيب بوهلال البطل المغربي يواصل تألقه في البطولة الايطالية ل
...
-
فاس.... والكل في فاس10
-
المخرجة السينمائية المغربية بشرى راشدي في حوار صحفي
-
ندوة الباكالوريا دورة يونيو 2010
-
فاس.... والكل في فاس 9
-
محمد قنيبو فنان مغربي بمشروع جسدي هلامي نراه ولا نراه
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|