سلمان محمد شناوة
الحوار المتمدن-العدد: 3059 - 2010 / 7 / 10 - 00:03
المحور:
المجتمع المدني
في طريقي اليومي مابين البيت والعمل , التقى بفئات كثيرة من المجتمع , العامل في الطريق , عامل النظافة , سائق الحافلة ( الكيا أو التاكسي ) , صاحب البقالة , موظف الحكومة , المعلم في المدرسة , المرأة في الشارع , الرجل في الشارع , عمال اليومية , والذين يفترشون الأرض , بانتظار من يأتي إليهم بعمل يومي , ومنهم من يحصل على عمل , يسد رمقه ذاك اليوم , ومنهم يعود إلى بيته على أمل الحصول على عمل في اليوم التالي ....
أحاول دائما اجري معهم حوار أحاول قدر الإمكان إن استطلع رأي الشارع حول الذي يحدث , سؤالي الدائم عن تشكيل الحكومة , متى وكيف , ورأيهم الشخصي بالذي يحدث ...
" هذه الحكومة لن تتشكل إلا بقرار ألهي " ..هذا ما قاله لي متهكما احد البسطاء من الشارع العراقي ... وقال الأخر لا افهم لغاية ألان لماذا لم تتشكل الحكومة ... حقيقة نحن لا نفرق بين إياد علاوي ونوري المالكي ....فقط نريد الرجل المناسب في المكان المناسب ...وقالت لي امرأة جاءت تبيع وجبتها الغذائية ...أريد من أي منهم إن يوفر لي الستر .. يؤلمني بل يقتلني خروجي هذا المستمر لبيع ما تبقى من الوجبة الغذائية ..ونبقى إلى أخر الشهر على صدقات المحسنين ...وتقول " إني احتاج إلى دولة تقضي على عوزي وحاجتي للناس " ... وقال لي أخر كلهم مستفيدين , سواء بقوا في الحكومة أو خرجوا منها ..أربع سنوات بنت لهم قصورا خارج العراق .. وقال أخر " حكومة أي حكومة تسال عنها ... كلهم فاسدون أو يحمون الفساد ...بربك هل سمعت يوما عن وزير تم محاكمته ..هو زير واحد وتم تهريبه إلى خارج العراق ... وآخرون هربوا بمليارات من أموال العراقيين ,,وهم هناك ينعمون بخيرات العراق ...وها نحن مضطرين حتى نسايرهم ...نعلم أنهم يضحكون علينا ..ولكن ماذا نفعل ...هل نأتي برجال من خارج العراق ويحكموا العراق ربما بنزاهة ....سيقولون ساعتها احتلال ...ماذا نفعل الغريب محتل يريد القضاء على كرامتنا ...والقريب فاسد ...قضى على البقية الباقية من كرامتنا ....
هناك استياء عام حقيقي بالذي يحدث , وهناك قلق وخوف مستتر في أحاديث رجل الشارع , الخوف من إن تتدهور الأمور وتؤدي إلى مالا يحمد عقباه , وهناك تشاؤم بالذي يحدث , اليوم ونحن في 10/7/2010 لنا ما يقارب من أربعة أشهر من الوقت الذي خرج فيه كل العراق لينتخب الرجل المناسب في المكان المناسب , أو ما اعتقده انه الرجل المناسب في المكان المناسب , إلا إن النتيجة الأولية لنتائج الانتخابات أظهرت نتيجة أذهلت المراقب , فلقد تقدم السيد أياد علاوي بنتيجة ربما هو لم يتصورها يوما ما , في الانتخابات الأولى لم يكن نصيبه سوى 25 مقعدا وألان نال 92 مقعدا , النتيجة أذهلت كل معارضيه وأولهم السيد نوري المالكي , والذي لم يحصد سوى 89 مقعدا , أدت بالسيد نوري المالكي إن يطالب بإعادة الفرز واللجوء إلى الفرز اليدوي , وكانت نتيجته تثبيت النتيجة الأولى من الفرز , في عرض دولي وعالمي اثبت مدى نزاهة الانتخابات والقائمين عليها ....
إلا إن تطور الأمور وتمسك كل من السيد نوري المالكي وأياد علاوي بأحقية كل منهم في تشكيل الحكومة , أوصل البلد إلى أزمة حقيقة , لم نستطيع إن نتجاوزها لغاية اليوم , الاستحقاق الانتخابي لمن ومن هو صاحب الحق بتشكيل الحكومة ...
وانعقدت أول جلسة برلمانية بظل هذه الأزمة , تحت رئاسة فؤاد معصوم ورفض السيد حسن العلوي إن تكون تحت رئاسته , وادي كل الحاضرين اليمين الدستورية ماعدا نوري المالكي وأياد علاوي ألد الخصوم ...
بعض اللاعبين اعتقدوا إن الوضع يسمح لهم بان يكونون لاعبين كبار في الأزمة السياسية في العراق , فالائتلاف الوطني بقيادة عمار الحكيم اعتقاد في لحظة إن له كلمة بتشكيل الحكومة , ويستطيع إن يفرض لاءاته .. واعتقد في لحظة أخرى التيار الصدري انه أصبح صاحب القرار لأنه حاز أربعين مقعدا من مقاعد الائتلاف السبعون , وتقاسم المجلس الأعلى وتيار الإصلاح المقاعد الثلاثون الباقية .... فكانت له جولات وجولات , ومنها عرض الأزمة للاستفتاء الشعبي ..والتحرك لفرض فيتو ضد السيد نوري المالكي ....ولكننا ها نحن لا نسمع له صوتا بالضجيج والتطاحن بين السيد نوري المالكي وأياد علاوي ...
السيد عمار الحكيم قال , أصبح تحالفنا مع نوري المالكي معضلة , بعدما كان في لحظة حل لازمة , لان دولة القانون تمسكت بالمرشح الوحيد " الأوحد " , والتحالف الوطني تمسك بالمرشحين المتعددون ... ومن ضمن الأسماء المطروحة (( إبراهيم الجعفري , عادل عبد المهدي , جعفر الصدر وغيرهم ..ولكن تمسك دولة القانون بالمرشح الأوحد , أدى إلى تهافت هذا التحالف ......وادي إلى وضع الائتلاف الوطني في وضع حرج واحتراق كل الأوراق التي كان يلعب بها الائتلاف الوطني ...
أنها لعبة سياسية ولعبة صبر , يفوز بها من يضحك أخيرا , والذي يضحك أخيرا , هو أكثر الأطراف صبرا وقدرة على تمالك النفس واللعب في المكان الصحيح ..قطعة شطرنج بين محترفين في اللعبة السياسية .... وثبت لغاية ألان إن السيد نوري المالكي وأياد علاوي أكثر الخصوم قدرة على المناورة واللعب في الوقت الضائع ....
أخر فصول اللعبة , هي توجه الاعبين الأساسين وهما نوري المالكي وأياد علاوي للتحالف فيما بينهما , وهو تحالف إن حدث , سوف يذهل صواب كل اللاعبين الآخرين , لأنهم ساعتها سوف يكونون خارج الملعب ...ينظرون للعبة كما يراها الآخرون ... ويكون لهم اقل نصيب في مائدة الفائزون ....
السيناريو المتوقع هو تقاسم السلطة بين السيد نوري المالكي وأياد علاوي بحيث ينال السيد نوري المالكي رئاسة الوزراء وأياد علاوي رئاسة الجمهورية ولكن بسلطات أوسع , والبرلمان للجانب الكردي ....أو العكس إن ينال السيد أياد علاوي رئاسة الوزراء والمالكي رئاسة الجمهورية والأكراد رئاسة البرلمان وأيضا بتعديل أوسع لصلاحيات رئيس الجمهورية .....
ومن هذا ربما سمعنا من تصريحات للسيد نوري المالكي من بيروت , انه بالإمكان إن ينال السيد إياد علاوي منصب رئاسة الوزراء ....والتي جعلت طارق الهاشمي يبارك هذه الخطوة من السيد نوري المالكي ...هذا التغير اغضب الأكراد , لان الأكراد منذ بداية الأزمة اخذوا جانب الحياد , والسبب إن منصب رئاسة الجمهورية كانت مضمونة لمام جلال , وأصبحت ألان في مهب الريح بالنسبة لهم ....
قيل إن اللعبة السياسية في العراق هي لعبة برغماتية , وهذا يعني أنها لعبة الشركاء الخصوم , أو لعبة خذ وهات , أو بعبارة عراقية (( أعطيني وأعطيك )) ....فلا مبادئ بقت , ولا برامج مثالية بعيدة المدى , او المصلحة البعيدة للمواطن والعراق ...إنما الذي حدث مثلما قلنا سابقا " حكومة تنازلات ومحاصصات " ولكن الذي يحدث إن هناك كثير من الوجوه سوف تختفي ...لان الشارع رفضها بصورة مطلقة , وسقطت بشكل مدوي وأصبحت محل تندر الشارع , إما الباقون فيمثلون الحد الادني من الاستحقاق الانتخابي , وسيبقى الحال على ما هو عليه لمدة أربع سنوات أخرى ...لا تجديد ولا تحديث ... ولكن على الأقل لا تراجع ولكن لا ضمانة في ذلك ...لان الاتفاق الذي سوف يحدث بين أياد علاوي ونوري المالكي سيكون تحالف هش ..معرض في أي لحظة للتمزق ..ولكن الذي يخفف من هذه الحدة أن للسيد أياد علاوي اداواته , وللسيد نوري المالكي ادوته ... ستطيعون في لحظة ما تحريكها تجاه الأخر .....
هوشار زيباري في مؤتمره الصحفي وكذلك مسعود برزاني , والحقيقية كل المسئولين العراقيين باتوا يشعرون بالحرج لتعطل تشكيل الحكومة العراقية ...حرج شعر وقلق شعر به المواطن العراقي منذ زمن طويل ... ولكن القائمين على الأمر مصالحهم غطت أبصارهم ولا يرون ما يراه الآخرون ...يقول احد البسطاء انه بريق الكرسي ووهج المنصب ....ويقول أخر انه النفوذ والمال ...ما يغشى لها الأبصار ....
عودة للمواطن , المواطن يريد أي تحالف أو إتلاف يؤدي إلى تشكيل الحكومة , لان كل الحياة الإنسانية من كهرباء وتعيينات ووظائف , وتقرير ميزانية ...حتى الواقع المعيشي البسيط متعلق بتشكيل هذه الحكومة , بغض النظر عن رئيس الحكومة من يكون .... العراق يريد من يضع عنبا في سلته الخالية منذ عهد صدام , ففي عهد صدام باع كل ما يملك حتى يتمكن ويكون قادر على الحياة ....يريد مسئولا حقيقيا يساعده على الحياة ...وخصوصا إن التزامات الحياة أصبحت اغلي واكبر مما يستطيع والسبب الحقيقي , المسئول , لان المسئول يريد رضا المحتل الأجنبي , أو يريد رضاء دول الجوار أو الجانب الإيراني أو العربي أو الأمريكي ... ولكن أخر اهتماماته الجانب الوطني والمواطن ... المواطن أضطر إلي انتفاضة كهرباء حتى تشعر الحكومة باحتياجاته البسيطة... وبسبب انتفاضة الكهرباء تحسنت الكهرباء قليلا ..ولكن الأرصاد الجوية تتوعد العراقيون بأيام نحسات تشتدد بها الحرارة كأيام عاد وثمود ...بهذه الأيام سوف يحتاجون الناس إلى الكهرباء ...ونحن نعلم إن الأغنياء والميسورون يستطيعون إن يقوا أنفسهم وأهاليهم شدة الحر ... وانأ اعلم إن هناك من التجار وأبناء المسئولين لا يقضون الصيف في العراق ...إنما يقضونه في لبنان أو سوريا أو شمال إيران .... ولكن من للفقير وأصحاب الدخول المحدودة ... قال الإمام علي ذات يوم " إن الله يحاسبني عن كل الفقراء والمتحاجون يوم القيامة " أو مثلما قالها عمر " لو تعثرت بقرة في وادي الفرات لخشيت إن يسألني الله عنها يوم القيامة " ... ولا نحن ولا الفقراء ولا أصحاب الدخول البسيطة سوف نحاسب او نسأل...... فقط لو وفرتم لنا اقل القليل من الخدمات للمواطن العراقي ....لذلك لا يهم المواطن العراقي إن يكون رئاسة الوزراء في العراق مالكية أو علاوية ...المهم توفر اقل القليل في برامجها الانتخابية المكتوبة والمطبوعة بشكل جيد جدا .... يرفعها في وجه المواطن كأنها كتاب مقدس ....
#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟