|
سيرة ذاتية للمفاوضات العربية الاسرائيلية !!
بشير زعبيه
الحوار المتمدن-العدد: 3058 - 2010 / 7 / 9 - 21:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل أكثر من اثني عشر سنة كتبت مقالا تتبعت فيه سيرة المفاوضات العربية بين الاسرائيليين وبعض الأطراف العربية بعد أربع سنوات على انعقاد مؤتمر (مدريد) الشهير ، وها أنا اليوم أستطيع اعادة نشر هذا المقال مع شيء قليل من التنقيح ، وربما ينشر مرة أخرى بعد سنوات لنكتشف كم من الوقت أهدره العرب من أجل (اللاشيء) وقدرتهم التي لا تظاهى على المشي ولكن بطريقة ((محلك سر)) : من أجل استمرار المفاوضات انعقد مؤتمر (أنا بوليس) .. هكذا قال الذين رتبوا المائدة ودعوا الى الالتقاء حولها .. وحين انفض المؤتمر دعيا الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي الى الشروع في المفاوضات ، وهي مفاوضات جديدة أستؤنفت ويفترض أنها تستكمل مفاوضات قديمة توقفت .. قبل ذلك نشطت أخبار مباشرة وأخرى مسربة تتحدث عن دعوة من هنا و أخرى من هناك لاستئناف المفاوضات السورية الاسرائيلية ، وهو ما يعني عقد جولة جديدة لمفاوضات قديمة كانت خرجت من السر لتظهر الى العلن في مؤتمر مدريد في شهر الحرث(نوفمبر)عام 1991 ..وقد نجحت تلك المفاوضات المتعددة الأطراف في تفكيك مبدأ التفاوض الجماعي في الجانب العربي والانتقال به الى شكل من المفاوضات الثنائية ، سرية في (أوسلو) و معلنة في أماكن أخرى لتنجب اتفاق واشنطن (غزة – أريحا ، أولا) الذي ربط عمليا أي تجسيد لذلك الاتفاق على الأرض باستمرار المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينيه .. في ذلك الوقت ارتبك المفاوضون العرب الآخرون الذين رؤوا في في مفاوضات(أوسلو) خروجا عن روح مفاوضات مدريد ، فتعثرت المفاوضات العربية الاسرائيلية ، ولم يكن التفاوض على المسار الفلسطيني فيما بعد أفضل حالا ، اذ اتهم المفاوض الفلسطيني نظيره الاسرائيلي بالتراجع عن روح مفاوضات (أوسلو) ، فتعثرت المفاوضات على هذا المسار ، وهو نفسه حال المفاوضات على المسار السوري ، فالاسرائيليون يصرون على اختراق فكرة توحيد مسارات التفاوض وكسرها ،لذلك طرحوا وبدؤوا يسوقون مقولة (لبنان أولا) لفصل المسار السوري عن المسار اللبناني .. وسط هذه اللأجواء وما سادها من اتهامات متبادلة بين الأطراف المعنية بالمفاوضات بتحميل كل الآخر مسؤولية هذا التعثر ، ولم يكن أمام المسؤولين العرب المعنيين بالمفاوضات كالعادة سوى ركوب طائراتهم والتقاء بعضهم البعض ليتفاوضوا في سبل اعادة المفاوض الاسرائيلي الى مائدة المفاوضات واخراج (عملية السلام ) من جمودها .. لكن هذه المساعي –كالعادة- تؤول الى فشل ، فيبقى مصير المفاوضات معلقا ،فيحذر بعضهم من أن هذا الفشل قد يؤدي الى " تدهور الأوضاع" وهو تعبير يطلقه المتفاوضون على انتفاضة الشعب الفلسطيني كلما تجددت وهذا ما يخشاه الجميع ..وحين تنسد السبل تتدخل أمريكا (راعي ) السلام أو راعي (اسرائيل) وتدعو (الجميع) الى واشنطن للتفاوض حول سبل دفع المفاوضات الى الأمام ،ويعود ذلك (الجميع) من هناك متفقين على جولة جديدة من المفاوضات .. ومن مفاوضات ( اوسلو) الى مفاوضات (خارطة الطريق) وفي كل مرة يواجه المفاوض الفلسطيني مناورة من قبل المفاوض الاسرائيلي للعودة من جديد الى نقطة الصفر ، فيصر الأول على ضرورة أن تبدأ المفاوضات الجديدة من حيث انتهت مفاوضات أوسلو ، بينما تتسرب أخبار عن استعداد المفاوض العربي الآخر(سوريا) للتفاوض مع الاسرائيلي استنادا الى مرجعية مفاوضات مؤتمر مدريد في وقت يجد فيه المفاوض السوري نفسه وقد أختطفت منه الورقتان الفلسطينية ثم اللبنانية التي كانت مصدر قوة وتعزيز لموقفه التفاوضي في المفاوضات حتى قبيل (أوسلو) والانسحاب السوري من لبنان لتتفكك بذلك وحدة المسارات التفاوضية مع الاسرائيليين ، وكنا قبل ذلك رأينا كيف انفك المسار الأردني بمعاهدة وادي عربة عام 1994 وقبله فكّت معاهدة (كامب ديفيد عام 1978 المسار التفاوضي المصري ليبقى المسار السوري المستهدف الرئيس في استراتيجية التفاوض المقبلة .. واذ يتهم البعض في كل مرّة المفاوض الاسرائيلي بالخداع والتلاعب بخط سير المفاوضات ، فان الحقيقة تقول أن المفاوض العربي هو الذي خدع نفسه وتلاعب بثوابته حين دخل متاهة المفاوضات التي حدد الاسرائيليون منها موقفا ثابتا لم يتغير (التفاوض للتفاوض) وهو المبدأ الذي ذهبوا من أجله الى مؤتمر مدريد ثم مؤتمر أنا بوليس بعد أكثر من ثمانية عشر عاما ، وهو المؤتمر الذي أجمع من حضروه على أنهم لم يذهبوا الى هناك الا لهدف واحد هو عودة المفاوضات .. وخلال ذلك كله لم يضيّع الاسرائيليون وقتهم ليستمروا في هضم ما احتلوه وتستمر آلة القتل الاسرائيلية في اصطياد الفلسطينيين وحصد رؤوسهم بالطائرات والدبابات والصواريخ وما تيسر من الرصاص المحرم ، ولا يتوقف برنامج التسلح الاسرائيلي صناعة وتطويرا وتخزينا ، ولم تتوقف سياسة بناء المستوطنات وتوسيعها لاستيعاب دفعات جديدة من المهاجرين اليهود ، وفرض أمر واقع جديد على المفاوضين العرب تبدأ منه مفاوضات جديدة لتتعثر وتتوقف ثم تعود الى ومن حيث بدأت مفاوضاتهم الأولى.
#بشير_زعبيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة : الهاتف
-
السّلام الأخير
-
اللهمّ أرزق الصومال بنفط من عندك !!
-
-القتل رميا بالشائعات-
-
سؤال الصحفى ورد الرئيس
-
قصة قصيرة : اش ..
-
سباق مغاربي مقلق: التسلح يتقدم والتنمية الى الخلف
-
ايران الثورة .. كنت هناك : ( 2 ) ذلك الثوري صاحب قاموس الممك
...
-
ايران الثورة.. كنت هناك: (1) حكاية الرجل الثاني
-
مليارات القلق
-
قصة قصيرة : سيجارة
-
الأشجار لا تموت دائما واقفة
-
العرب وايران..صناعة العداوة
-
الخيبة.. أو (رياضة الكراهية)
-
الرهان علي الوقت الضائع
-
- صناعة الجوع -
-
كان هذا هو الموجز
-
كم يلزم من الوقت ليتغيروا ؟!
-
أنظر حولك وتفاءل !
-
أبعد من اختلاف .. أقرب الى فتنة
المزيد.....
-
إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط
...
-
إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
-
حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا
...
-
جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم
...
-
اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا
...
-
الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي
...
-
مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن
...
-
إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|