أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي بندق - هنيئاً لأهل القاهرة الأذان الموحد














المزيد.....

هنيئاً لأهل القاهرة الأذان الموحد


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 3057 - 2010 / 7 / 8 - 21:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في خمسينيات القرن الفائت ، علمني الموسيقار السكندري محمود درويش عزف العود وقراءة النوتة الموسيقية، ومنه عرفت أن فايزة أحمد تغني "أنا قلبي إليك ميال" من مقام الرست، وأن لعبد الوهاب مقطوعة من مقام النهاوند هي " ليالي القاهرة "، وأن فريد يشدو داخل أغنية " الربيع " بموال من مقام "الصبا" المترقرق حزنا ً شفيفا ً وألما ً نبيلا ً.
ومن معرفتي بهذه المقامات ، وكشفي لبعض أسرارها ( أقول لبعض وليس كل ) تعلمتُ كيف أرفع أذان الفجر بمئذنة مسجد حارتنا بحي الأنفوشي، ولم يكن للميكروفون وجود في ذلك الوقت، فكان الناس يستحسنون أدائي، وكان مثلي الأعلى بلال مؤذن الرسول.
عدنا من الجهاد الأصغر (الحرب) إلى الجهاد الأكبر، فما الجهاد الأكبر يا رسول الله؟ قال: جهاد النفس. بلال بن رباح كان يجاهد نفسه ليصعد المئذنة - عذبَ الصوت شجيّ الأداء – خمس مرات كل يوم، ولأجل هذا اختاره الرسول الكريم مؤذناً. لكن أناساً كثراً ظهروا في بلادنا بداية من السبعينيات، متأثرين بشكلانية نفطية وافدة، يستخدمون الدين لا يخدمونه، فهم يصرون ولو كانوا من ذوي الأصوات النشاز المنفرة، على "إطلاق" الأذان إطلاقهم للمدافع المضادة للدبابات ، والأسوأ أن ترى غالبيتهم من الجاهلين بقواعد اللغة العربية، وكم وددت لو أنني صرخت في المارة : كيف تسكتون على من يهتف قائلاً "الله َ أكبرا"؟! ألا تحسون الكارثة ؟!
ولقد كنت حرياً بأن أفعلها لولا خشية مرتعبة في أعماقي من أن يردوا علىّ قائلين : وأين الخطأ في هذا يا هذا؟! وهذا الذي هو أنا لابد ساعتها من أن يفتح فمه كالعبيط الذي فاته قطار التغير اللغوي المندفع بركابه إلى الهاوية . المؤذن ينصب المبتدأ والخبر ؟ ليكن . ما فائدة الرفع ؟ ألم يستقر في ضميرنا الثقافي أن "النصب" في اللغة هو الأجدر بالشيوع ، انعكاساً للنصب الاقتصادي والسياسي والفني والأدبي المنتشر في حياتنا البائسة الشقية؟
كان للصحابي الجليل أبي الأسود الدؤلي ابنة ، وكان بها معجبا ً فخورا ً ، رآها ذات ليلة تتأمل الفضاء منبهرة ً ، فوقف بجانبها يشاركها تأملاتها ، لكنه فجأة ً سمعها تهمس : ما أجمل ُ السماء .. فقال من فوره : نجومُها ، فعقبت الفتاة : إني لا أسأل بل أتعجب . فكان أن بادرها ملتاعا ً : تتعجبين ؟! إذن فقولي ما أجمل َ السماء . وانطلق من فوره لملاقاة الإمام علي بن أبي طالب يشكو ويحذر وينذر ، فالأمة لا مشاحة سائرة لحتفها إذا لم تلتفت إلى حقيقة أن اللغة إنما هي الوعاء الذي يحتوي العقل ، فإذا فسد الوعاء فسد العقل بالتبعية . فما كان من الإمام عالم علماء عصره سوى أن تخذ قراراً رئاسيا ً بتأجيل كافة مهام الخلافة لساعات كي يجلس مع أبي الأسود مقننا ً كتابة قواعد اللغة قائلا ً له بعد أن وضع الأساس : وسر على هذا النحو . هكذا عرف علم قواعد اللغة العربية باسم "علم النحو " . فهل كان للعرب – فيما بعد - أن يتسنموا كل تلك القمم الحضارية دون هذا الوعي المؤسسي للغة لا بحسبانها مجرد وسيلة للتواصل الإنساني ، بل باعتبارها تمثيلا ً للكون تعكس حقائقه وتنعكس عليه برؤى متكلميها وعلمائها وشعرائها وفلاسفتها ؟
وعودة منا إلى مبدأ الجهاد الأكبر الذي أكد عليه نبينا المصطفى، نقول إنه ما من شك في أن كل المؤذنين بغير استثناء لا غرو يؤثرون راحة أجسامهم على ثواب مجاهدتها، إذ يتجنبون صعود المآذن العالية، رأفة بأنفسهم ! ولماذا الصعود وقد كفاهم مشقته " استيراد ُ " الأمة العربية ( وهي خير المستوردين) لهذا الاختراع الغربي البشع "الميكروفون" الذي ينتفض لهديره الرضعُ والمرضى والمسنون؟! فما بالك به لو كان مصحوباً في شارع واحد بميكروفونات أخر ، تتنافس جميعاً على لقب "بطل الترويع القومي"؟! والحصاد الأخير لهذا النبت غير الطيب يؤكد أن معظم الناس أصيبوا بخلل في أجهزتهم السمعية، بل وأمسى بعضهم صماً بالفعل، ومن ظل منهم "سميعاً" تقلب بين العصاب النفسي وبين التبلد، فهل كانت هذه غاية نبي الإسلام الذي ما أرسل إلا رحمة ً للعالمين؟
اليوم وبعد قرار وزارة الأوقاف المصرية بتوحيد الأذان تعود لسماء بلادنا الأصوات ُ العذبة المثقفة: محمد رفعت، عبد الباسط عبد الصمد، الشعشاعي، النقشبندي .. الخ فهنيئاً لأهل القاهرة بهذه النعمة القادمة مع شهر رمضان الكريم، والعقبى للإسكندرية، وسائر مدن وقرى المحروسة .. وعسى أن تنكشف الغمة عن بصيرة الأمة.





#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى أين المصير؟
- هل يطلب البابا دولة قبطية في مصر؟
- أمازونية متوحشة تعذب طفليها بالإسكندرية
- تحولات برج بابل في مصر
- تحولات اٌسكندرية عبر العصور
- التراث الفرعوني هو الأساس التاريخي لأسطورة المهدي المنتظر
- ثورة في مصر أم بعث لأسطورة المخلص ؟
- عن الإسكندرية
- المثقفون بالاسكندرية يتضامنون مع شيخ النقاد العرب د. جابر عص ...
- هل تصبح سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين ؟
- مغامرة الكتابة مع نجيب محفوظ
- المتشددون المسلمون يرقصون على موسيقي العدو و يهددون بحرب صلي ...
- هل يمكن للشعب أن يتنازل - بحريته - عن حريته ؟
- الشعر سفيرا ً فوق العادة
- لماذا يرتعب المتدينون من كلمة الحرية
- متى يعتذر الغرب للشعب المصري
- المرأة العربية في المخيال الجمعي
- مقاربة مصرية لرباعية الإسكندرية
- رواية أن ترى الآن لمنتصر القفاش
- النقد الذاتي قطار المصريين إلي الديمقراطية


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي بندق - هنيئاً لأهل القاهرة الأذان الموحد