أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - احمد ابوحسين - الاقتصاد العربي في إسرائيل بين الاندماج والدفاع عن المستقبل















المزيد.....

الاقتصاد العربي في إسرائيل بين الاندماج والدفاع عن المستقبل


احمد ابوحسين

الحوار المتمدن-العدد: 197 - 2002 / 7 / 22 - 08:13
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


  
 
من السهل ان يتلمس الانسان بداية الطريق ولكن من الصعب ان يحدد المعالم الكاملة لنهاية طريقه فالحاضر معلوم ولكن المستقبل مجهول وكثير من قرارات رجال السياسة او الاقتصاد او الاستثمار ما يحظى بالفشل لسوء التنبؤ وعدم الاحتياط وادارة الاخطار المحدقة بصورة سليمة.
ولا يؤثر عنصر عدم التأكد على اتخاذ القرار للأفراد فقط بل انه موجود في كل مجالات حياتنا اليومية سواء في مجالات السياسة او الاقتصاد او الاستثمار والاستهلاك وغير ذلك، ويظل شبح الخطر قائما ومحسوبا حسابه طالما كان عنصر عدم التأكد موجودا ومسيطرا، من هنا يمكن الاستنتاج انه من الضروري ادارة الخطر الذي يهددنا كأفراد ومجتمع بشكل علمي ومدروس وذلك لمواجهة معضلات المستقبل.
تحاول المجتمعات الليبرالية والمدنية الحديثة ان تستعين بعلم المستقبليات وادارة مواجهة الاخطار السياسية والاجتماعية والاقتصادية وذلك لتفادي الخسائر المادية المحتملة او التقليل من حجمها حفاظا على سلامة وتطور المجتمعات. امثلة على هذه الاشارة، مشاكل السكن في الدول التي تشهد تزايدا سريعا في النمو السكاني، حل مشكلة البطالة وايجاد فرص العمل، تقليل الديون والمستحقات المستقبلية، التعامل مع <<القلاقل>> المستقبلية، في اسرائيل مثلا ينشغل بعض الباحثين في البحث عن سبل لحل معضلة <<الخطر الديموغرافي العربي>> والبحث عن سبل وكيفية تهجيره والخلاص منه.
 
 
واذا كان المجتمع العربي الفلسطيني في اسرائيل يبحث عن ادارة ذاتية او تنظيم نفسه في مؤسسات قومية يجب ان يضع امامه ما أسلفنا اعلاه ضمن استراتيجية مشروعه السياسي، فقد كشفت انتفاضة المواطنين العرب في اكتوبر الماضي اكثر من اي وقت مضى ارتباط الفلسطينيين في اسرائيل بعجلتها الاقتصادية وانكشفت العلاقة الارتباطية بالتبعية الكاملة، وبرهنت على وضوح غياب اقتصاد عربي.
عبارات الاندماج، التبعية، الاستقلال الذاتي، متغيرات تبدو كيفية لكن يمكن قياسها من خلال <<أساليب وطرق البحث>> حيث ان الاندماج ترادفه التبعية والركود، والاستقلال الذاتي يرادفه الانفصال والتنمية. ففي استطلاع اكاديمي أجراه مؤخرا الباحث الاسرائيلي سامي سموحة في اوساط العرب في اسرائيل اشارت نتائجه الى <<تراجع ظاهرة الاسرلة وازدياد الوعي القومي>>، تشكل هذه النتائج في سياق موضوعنا مصدر قلق للمؤسسة الاسرائيلية لان المجتمع العربي <<مندمجا اقتصاديا>> ربما بسبب الحقوق المدنية المحدودة التي يحظى بها المواطنون العرب، يمكن القول ان العلاقة الاقتصادية بين العرب والدولة اليهودية ومؤسساتها المختلفة هي علاقة تبعية، ولو فحصنا عامل التناسق بين نتائج استطلاع سموحة والتبعية الاقتصادية لوجدناها سلبية وقد يلعب هذا العامل دورا هاما في تعطيل الحياة الاقتصادية في اسرائيل ولو لفترة قصيرة في المستقبل، وقد يؤثر ايضا على سلامة مجتمعنا وحياته وأمنه الاجتماعي والقومي، فما حدث مباشرة بعد هبة اكتوبر من مقاطعة عقابية مؤسساتية وخدماتية يؤكد صحة ذلك.
 
 
ما يميز المجتمع العربي الفلسطيني في اسرائيل انه يطمح فقط لان يكون مدنيا وحديثا لكن الطموح غير كافي بدون خطط التنمية والاستثمار والتخطيط الاستراتيجي، فالثقافة الاقتصادية لهذا المجتمع متدنية وسطحية والمعرفة الاقتصادية اذا كانت موجودة مكتسبة من خلال المشاهد الفاضحة لاقتصاد السوق ومن خلال المعاملات مع العملة والبطالة وأخبار الاقتصاد الساخنة، والتجربة الشخصية والخوف من القادم (القرش الابيض لليوم الاسود)، الثقافة الاقتصادية لأفراد هذا المجتمع لا تخرج من حدود ما يسمى <<باقتصاد العائلة>> المتأثر بالاقتصاد الاستهلاكي.
هذه ثقافة مجتمع يعيش على هامش الاقتصاد الاسرائيلي وخارج عملية الانتاج لاقتصاده الجديد (الكمبتره والالكترونيات)، ثقافة مجتمع معاق اقتصاديا ومتطفل رغما عنه، ثقافة مجتمع منكوب تدهور وهدم اقتصاده منذ العام 1948 حيث فقد أرضه مصدر رزقه، ومنذ النكبة حتى يومنا هذا تلخصت العلاقة الاقتصادية بين العرب ودولة اسرائيل القائمة على ارض العرب بمزيد من الاندماج والتبعية لدرجة يمكن القول انه <<لا يوجد اقتصاد عربي قائم بذاته داخل اسرائيل>>، وهذا ما أكدته احداث اكتوبر فتبين ان عملية الدمج تكاد تكون مطلقة في بنية الاقتصاد الاسرائيلي من قوى عاملة ومقاولين وأصحاب المهن الحرة الى الحاجيات الاساسية (كهرباء، مياه، مواصلات وطرق، خدمات طبية، وقود، ضمانات اجتماعية تأمينات للأولاد والمعاقين والمتقاعدين، ارتباطات وتعهدات مالية مختلفة، قروض ومستحقات، ديون وتوفيرات، مستقبليات مالية للمتقاعدين والقوى العاملة في القطاع العام والخاص).
 
 
الهبة الاخيرة التي يمكن اعتبارها بروفا لانتفاضة المواطنة جعلت البعض يفكر مليا في مستقبلنا على ضوء مطلب تنظيم الاقلية العربية والدعوة لمأسسة مجتمعنا اقتصاديا وثقافيا، مع الاخذ بالحسبان مسبقا عدم امكانية استقلال الاقلية العربية في اسرائيل اقتصاديا بشكل كامل العمل على <<الانسحاب الى الداخل>> والبحث عن سبل للتوصل لما يسمى <<شبه فك ارتباط>> مع الحفاظ على <<نقاط تقاطع>> مع الاقتصاد الاسرائيلي كي نستطيع ان ننهض بمستقبلنا.
لا تعنينا هنا مخاسر اسرائيل التي سببتها مظاهر <<العصيان المدني>> الناجمة عن غضب فجرته انتفاضة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس العربية. ما يعنينا هنا، هل يمكن تقليص التبعية والاندماج للاقتصاد الاسرائيلي، هل نستطيع ان نبني <<اقتصاد عربي قائم بحد ذاته>>، هل نضع خطط للتنمية، هل نتخلص من خوف المستقبل ونوسع المبادرات الجماعية ونستثمر جماعيا!
للاجابة على الاسئلة المذكورة أعلاه لا بد من مسح المعطيات الاساسية للنشاط الاقتصادي العربي واجراء دراسة للسوق العربي في اسرائيل كما هو في الحال وهذا يتطلب اقامة مركز معلومات يقوم على جمع المعلومات واجراء الاستطلاعات وأبحاث الاسواق المختلفة وتقديم خطط التنمية والتخطيط الاستراتيجي.
نقطة الانطلاق بالغة الاهمية والصعوبة، والامر يحتاج الى خبراء ومختصين. لقد تطور الاقتصاد الاسرائيلي بشكل رهيب وملحوظ خلال العقود الاخيرة مع انه اتبع في سنواته الاولى نموذج الاستزراع الاقتصادي واقصد النموذج الذي يستوطن ارض الغير ويصادر ثرواته ومصادر رزقه. فقد تطورت الصناعات الاسرائيلية في مجالات التكنولوجيا والالكترونيكا وكلها تتصف بمستويات عالية في مستوى الانتاج. مما ساعدت في سرعة عملية التنمية وتقليل نسبة التضخم المالي وارتفاع مستوى المعيشة للفرد وخاصة في السنوات العشرة الاخيرة.
 
 
بدون شك استفاد العرب كونهم مواطنون في دولة ليست دولتهم، من التحديث وسرعة التنمية الا انهم يعيشون على هامش التنمية والتحديث والاقتصاد وخارج اطار الصناعات الثقيلة كونهم يرفضون المشاركة في الصناعة الحربية ولا تقبلهم اصلا الدولة فالكثير من الوظائف تتطلب خدمة في الجيش الاسرائيلي ان النمو والتزايد الطبيعي السريع للأقلية العربية الفلسطينية التي وصل تعدادها اكثر من مليون ومئتي ألف نسمة اضافة الى زيادة الكوادر الاكاديمية والمتعلمة ونشوء فئة ميسورة الحال من الاطباء والمحامين، المهندسين والمقاولين واصحاب المصانع الصغيرة والورشات والمحال التجارية، اضافة ايضا الى الطموحات التي لا يمكن الاستهانة بها تجعل اسرائيل تعرقل اي محاولة للتنمية، فليس صدفة انها لا توافق على اقامة جامعة عربية (الموضوع هام جدا في الجانب الاقتصادي)، ولم تبن منذ قيامها مستشفى عربي، ولم تمنح ترخيصا لإقامة بنك او شركة تأمين او صندوق تقاعد لرؤوس اموال عربية.
وتغيب التشريعات الليبرالية وقرارات المحكمة العليا بشأن منح المساواة بمفهومها الصهيوني الليبرالي ويغيب قانون تشجيع الاستثمار، والتسهيلات الضريبية عند محاولة بناء قاعدة صناعية عربية مستقلة، هنا نتوقف عند السؤال، كيف نوفر التسهيلات اللازمة لعملية التنمية والنهوض بالمجتمع لبناء اقتصاد عربي، هنا يدخل دور مركز المعلومات والتخطيط الاستراتيجي الخاص بالاقلية العربية في الداخل، والذي يتطلب ان يعمل على التوعية الاقتصادية ورفض قبول العيش على هامش وفتات الاقتصاد الاسرائيلي، وتشجيع المبادرات الاقتصادية الجماعية. هنا يدخل ايضا الدور الفاعل والاهم للقوى العربية الفاعلة في الشارع العربي والمناهضة للدمج في اتباع اساليب جديدة في النضال من اجل المساواة الاجتماعية والاقتصادية وكجزء من النضال من اجل المواطنة الكاملة.
 
 
أمام تقليص ميزانيات التطوير ومحاولات <<احتجاز التطور>> التي تفرضه الدولة اليهودية على المجتمع العربي وارتفاع نسبة البطالة واستعمال العرب جيش احتياط واستبدالهم في فروع البناء والصيانة بأيد عاملة اجنبية ورخيصة وتقوم بتحييدهم من فروع اقتصادية جديدة الكمبترة والالكترونيكا. لا بد من احداث تغيير في الاقتصاد العربي لتحقيق التنمية من خلال <<الانسحاب الى الداخل>> وتشجيع الاستثمار والمبادرات الاقتصادية، هذه المحاولة ستواجه معارضة اسرائيلية وربما عربية داخلية يمكن كسرها من خلال عدة انشطة اهمها ترتيب واعادة بناء المؤسسات القومية القيادية على الأقل، ومن ثم اعداد الخطط الاستراتيجية وبناء شبكات اتصال التي من شأنها تكثيف العلاقات التفاعلية مع العالم العربي وتوسيع حلقة المصادر التموينية.
ليست هذه الدعوة مطلبا انعزاليا، انها تهدف لبناء وتطوير مجتمعنا كرد على محاولات <<احتجاز التطور>> انها محاولة للتخلص من الاندماج والتبعية والحفاظ على هوية المجتمع العربي وشخصية الانسان العربي.
هناك مهارات اكاديمية ومتعلمة وصاحبة تجربة، وموارد ذاتية وبشرية يمكن استغلالها لبناء اقتصاد عربي. لا نستطيع الاستمرار في الحياة على هامش المدينة اليهودية زيادة على الخوف والعيش في ظروف مجهولة لا نعرف ما يخبئ لنا المستقبل المجهول.
 



#احمد_ابوحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يشكل مستقبل التجارة الدولية؟
- أبرز 7 دول و7 شركات عربية تصنع الدواء وتصدره للعالم
- في يوم استقلال لبنان: حضرت الحرب والأزمة الاقتصادية الخانقة، ...
- دعوى في هولندا لوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل
- هنغاريا: العقوبات على -غازبروم بنك- ستخلق صعوبات لدول أوروبا ...
- أردوغان: نجحنا بنسبة كبيرة في التخلص من التبعية الخارجية في ...
- بلومبيرغ: تعليق الطيران العالمي يترك إسرائيل في عزلة تجارية ...
- موسكو: سوق النفط متوازنة بفضل -أوبك+-
- سيل الغاز الروسي يبلغ شواطئ شنغهاي جنوب شرقي الصين
- بيسكوف العقوبات الأمريكية على -غازبروم بنك- محاولة لعرقلة إم ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - احمد ابوحسين - الاقتصاد العربي في إسرائيل بين الاندماج والدفاع عن المستقبل